جرت العادة على اختصار مصطلح الجودة على الأحرف الأولى لمفرداته (TQM) وقد حظي هذا المصطلح بتعاريف كثيرة ومتنوعة مما خلق بعض الخلط وعدم التفريق بينها.


فالجودة: يقتصر مفهومها على المواصفات والخصائص المتوقعة في الخدمات وفي العمليات والأنشطة المصاحبة التي من خلالها تتحقق تلك المواصفات.


أما إدارة الجودة الشاملة فتعني جميع الأنشطة التي يبذلها المسئولون عن تسيير شؤون المنظمة والتي تشمل التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقويم, وهي مستمرة لتحسين الجودة والمحافظة عليها.
والسؤال هنا: لماذا نسعى لتحقيق إدارة الجودة الشاملة في منظماتنا ومؤسساتنا العامة والخاصة؟


الجواب: لقد تبين أن كثيرًا من النظريات الإدارية المعاصرة والسائدة في كثير من المنظمات ــ ما هي إلا نماذج يعتريها النقص لا تساعد على استمرارية المؤسسة رغم أنها تضمن لها إنتاجية عالية، وتحقق لها أرباحًا متزايدة إلا أنها غير ملزمة بجودة المنتج أو الخدمة ــ لهذا بدأ تلوح في الأفق بوادر الرفض لما هو متبع، والبحث عن صيغ إدارية وعملية أكثر فاعلية وكفاءة في ضمان الجودة لإمكان المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية - إن زيادة الوعي العلمي والثقافي لدى الأفراد يدفع إلى المطالبة بتوفير خدمات ذات جودة عالية وبصورة مستمرة - وقد أدى الضغط المتزايد من قبل الأفراد إلى أن تعيد المؤسسات حساباتها وتراجع خططها وأساليب العمل فيها ونوعية العاملين بها ــ كما برزت عوامل أخرى أكثر قوة في الدعوة إلى الأخذ بأفكار الجودة الشاملة بظهور اقتصاد عالمي جديد يقوم على اجتياز الحدود وعلى المنافسة القوية في ظل تزايد الطلب على جودة السلع والخدمات وفي ظل المعرفة المتسارعة والتقنيات العالية وثورة نظم الاتصال والمعلومات وانتشار مراكز كبيرة لإنتاج وتطوير العلوم والمعارف والتقنيات.



تعتبر إدارة الجودة الشاملة فلسفة إدارية حديثة ومعاصرة, استمدت جذورها من النظريات والكتابات الإدارية التي سبقتها واستفادت بأحسن ما فيها. وهي فلسفة تركز على جودة المنتج أو الخدمة وعدم التوقف عند حد معين بل الاستمرار بالتحسين طالما هناك من يستفيد منه.


وتعرف كذلك بأنها فلسفة إدارية تعتمد على مبدأ مشاركة جميع العاملين في تحقيق الجودة ويتحمل الجميع مسئولية ذلك. وتأخذ بعين الاعتبار حاجات الجمهور وتحاول تحقيقها أو أبعد مما يتوقع الجمهور. وهي ثقافة تعتمد على إشاعة قيم التعاون من أجل نجاح العمل وتحقيقها أهداف المنظمة. وتساعد على ظهور الأفكار الخلاقة والمبدعة وتعمل على تحقيقها. كما تسعى إلى تحقيق الميزة التنافسية واعتماد مبدأ العائد طويل الأمد. كما أنها فلسفة تؤمن بملاءمة الوسائل مع الغايات، فالجودة لا تتحقق إلا بضمان جودة الطرفين. وتعتبر كذلك نظامًا متكاملًا يضمن للدول والمنظمات من خلال الإنتاج المتميز السمعة والمكانة العالية بين الدول والمنظمات.


وعادة ما تتبع الأساليب العلمية في حل المشكلات، حيث يحكمها دستور أخلاقي يتمثل في توفير الثقة في المنتج وفي مواعيد الإنجاز. كما أنها تتيح قدرة للمنظمة على التأقلم السريع مع مختلف المتغيرات المستجدة على مختلف الأصعدة الداخلية والخارجية وما يتفرع منها من متغيرات إضافية جديدة.