إن في تعلُّمنا لغة أخرى غير لغتنا الأم مَقدِرة على مخاطبة عدد أكبر من الناس. تحتاج إلى خمس دقائق لقراءة هذا المقال، غير أنك إن عزمتَ على العمل بما فيه، فإنك سوف تُتقِن لغة تستطيع من خلالها الحديث مع الكثير من البشر الذين لم يكن في برنامج أفكارك الحديث معهم في يوم من الأيام! هي لغة من غير حروف، من خلالها تُكسَب الصداقات، وتتحسَّن العلاقات، يبوح لك المهموم بأسراره، والحبيب بأشجانه، وتَنجذِب القلوب لرؤية مُحيَّاك. لا تُكلِّفك شيئًا، بينما تُكسِبك الكثير، ولكن قلَّ مَن يستخدم هذا السحرَ في التأثير في النفوس مع أنه حلال! همسة: يقول الأطباء: إن الابتسامة يَلزَمها تحريك 6 عضلات في الوجه، أما العُبُوس والتكشير، فيَلزَمه تحريك 72 عضلة. وها هو مَن شهِد الله له بحُسْن الخُلُق، كان أكثر الناس تبسمًا، وقد روى عبدالله بن الحارث قال: "ما رأيتُ أحدًا أكثر تبسُّمًا من رسول الله"، قال شعيب الأرناؤوط: حديث حسن. كما روى جرير بن عبدالله فقال: "ما حجَبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمتُ، ولا رآني إلا تبسَّم في وجهي"؛ متفق عليه. وكان جُلُّ ضَحِكه التبسم، فإذا تبسَّم يَفتُر عن مِثل حبِّ الغَمام. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((كان لا يُحدِّث حديثًا إلا تبسَّم))، حديث حسن. فهذا خير الخلق - عليه الصلاة والسلام - كم أَسَر قلوبًا بالابتسامة، وكم تجمَّع خلقٌ حوله بسببها! فاقتدِ أيها الصديق به؛ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]. فلا تَحقِرن الابتسامة، ولا تَحسَبن ذلك الأمر هينًا؛ فإن لها أثرًا كبيرًا، وفيها أجرًا عظيمًا؛ فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تَحقِرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق)). ثم إني لأَعجَب ممن فرَّغ وقتَه، وبذل جُهْده للدعوة إلى الإسلام، كيف يبقى مُكفهِرَّ الوجه عبوسه؛ مع أنه ما خرج إلا لنُصرة الإسلام، وتعلُّم سنن خير الأنام فيما نحسبه، فلماذا يغيب عنه هذا الخُلُق، هل يحمل همًّا أكبر من همِّ النبي صلى الله عليه وسلم! ابسط وجهك، وتذكَّر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنكم لن تَسَعوا الناس بأموالكم فليَسَعهم منكم بَسْطُ الوجه وحُسْن الخُلُق))؛ رواه مسلم. وصية: ((تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة))؛ رواه الترمذي.
واسمع إلى هذا الكلام القيم من ابن القيم - رحمه الله تعالى -: ((إن الناس يَنفِرون من الكثيف ولو بلغ في الدين ما بلغ، ولله ما يَجلِب اللطف والظرف من القلوب، فليس الثقلاء بخواصِّ الأولياء، وما ثَقُل أحد على قلوب الصادقين المخلصين إلا من آفة هناك، وإلا فهذه الطريق تكسو العبدَ حلاوةً ولطافة وظرفًا، فترى الصادق فيها مَن أحلى الناس وألطفهم، وقد زالت عنه ثقالةُ النفس وكدورة الطبع)). ويقول الإمام ابن عيينة - رحمه الله تعالى -: "والبشاشة مصيدة المودة، والبِرُّ شيء هين: وجه طليق وكلام لين". وفي المَثَل الصيني: "إن الرجل الذي لا يعرف كيف يَبتسِم لا ينبغي له أن يفتح متجرًا".
هشَّت لك الدنيا فما لك واجمًا تعلم لغة في خمس دقائق
وتبسَّمت فعلام لا تتبسَّمُ تعلم لغة في خمس دقائق
إن كنت مكتئبًا لعزٍّ قد مضى تعلم لغة في خمس دقائق
هيهات يرجِعه إليك تَندُّمُ تعلم لغة في خمس دقائق
وقال أبو حاتم بن حبان - رحمه الله -: "البشاشة إدام العلماء، وسجيَّة الحكماء؛ لأن البِشر يُطفئ نارَ المعاندة ويَحرِق هيجان المباغضة، وفيه تحصين من الباغي ومنجاة من الساعي، ومَن بشَّ للناس وجهًا لم يكن عندهم بدون - بأقل - الباذلِ لهم ما يَملِك".
حكمة: smiling is your way to success” بمعنى: "ابتسامتك هي طريقك للنجاح".
وتقول دراسة حديثة: بأن شعور المرء بالسعادة يُجنِّبه الإصابة بنوبات القلب وأمراضه وبالسكتة الدماغية والإصابة بداء السكري، بل وبالبدانة أيضًا وأمراض العقل باختلاف أنواعها، وأنها تُطيل عمر الإنسان بمقدار 12 سنة بعد مشيئة الله، والسبب وراء ذلك بسيط للغاية؛ فإن السعداء من الناس يُفرِزون كميات قليلة من هرمونين رئيسين للتوتر المضر بالصحة تُسارِع بشيخوخة كل عضو في جسم الإنسان. ولقد أثبت بحث علمي أن تَجهُّم الوجه (التكشير والتقطيب) يؤثِّر بشكل فعَّال في ظهور التجاعيد على الوجه، ولا سيما حول العينين، وأثبتت التجارب أن الابتسامة سلاح فعَّال ضد التجاعيد أو على أقل تقدير تؤثِّر الابتسامة في تأخير ظهور التجاعيد بسبب ارتخاء عضلات الوجه أثناء الابتسامة؛ ولذلك فإن العلماء يُقدِّمون نصيحةً ذهبية للناس ولا سيما النساء، ومن المهم للمرأة أن تكون دائمة الابتسامة حتى تُحقِّق راحة النفس والاستقرار. فلماذا نَزهَد في التبسم وهو خُلُق إسلامي، وقد أدرك بعضُ الغربيين فوائدَه وعمِلوا به، مع أننا أولى بالعمل به منهم؛ لأن ديننا يأمرنا به، يقول فولتير: الابتسامة تُذيب الجليد وتَنشُر الارتياح وتُبلسِم الجراح: إنها مفتاح العلاقات الإنسانية الصافية.
وقال شكسبير: أن تَشُقَّ طريقًا بالابتسامة خير مَن أن تَشُقَّه بالسيف، وفي الحكمة التايلندية: الابتسامة طريقك الأقصر إلى قلوب الآخرين.