يعتبر التوجيه الاداري للمرؤوسين اكثر من أية وظيفة تنفيذية مباشرة أخرى - العملية التي من خلالها تدب الحياة في المشروع ، قد يقال عن التخطيط والتنظيم والتوظيف انها وظائف تحضيرية ، وقد يقال عن الرقابة انها وسيلة اكتشاف ما يحدث ، ولكن يقع بين هذين النوعين من وجوه النشاط ما يعرف بالتوجيه الإداري الذي يقاد المرؤوسون عن طريقه في اعمالهم ، ويراقبون اثناء قيامهم بها

ولا يقلل هذا من الاطناب اي قدر من اهمية الوظائف الاخرى ، حقاً ان وسائل التوجيه الاداري وكذلك نجحاه يعتمدان على التخطيط الذي يكون قد تم قبل ذلك ، وعلى الطريقة التي بنى بها الهيكل التنظيمي ، وعلى مؤهلات الاشخاص الذين اختيروا للوظائف الفردية ، وعلى كفاية اجراءات الرقابة .

لكن الاهمية الخاصة للتوجيه الاداري من حيث انه يمنح الحياة للمشروع انما تكمن في الصلات المستمرة والمباشرة والشخصية التي يقوم بين الرئيس والمرؤوسين .

ان الطبيعة الدائمة للتوجيه الاداري تميل الى التنويه بالحقيقة الجلية في ان التعليم وملاحظة المرؤوسين مسألة لا يمكن استكمالها ، وتتفرع ضرورة التعليم الدائم من قوى داخلية وخارجية معاً ، وهذه كثيرا ما تتحد لتنتج تعديلات في الخطط القديمة ، وتكوين خطط جديدة ، وكذلك لتنتج تعديلات كثيرة في الهيكل التنظيمي وأيضا تغيير مستمر في الافراد في كل المستويات ، واخيرا تعديلات في المعرفة الجديدة بادوات افضل للرقابة وللتوجيه الاداري ذاته .

وفي الواقع ان السمة المميزة البارزة للمشروع هى التعديل والتغيير ،وهذا العامل غالباً ما يتجاهله الرجل غير المجرب الذي ينظر للشركة كأنها آلة ثابتة .
ولكن ما ان يصبح الفرد داخل الشركة حتى يتأثر غالباً بسماتها المتغيرة كالحرباء ، فهناك تعديلات دائمة ، وفي الوقت نفسه غالبا ما تجري تغيرات في افراد المديرين وفي العطلات وفي الاوقات الاضافية وفي الخطط والمشروعات وفي الاسواق وفي وسائل السيطرة عليها وفي الحوافز .
ان الانسان ليعجب اذ يرى تعريف احدهم للتنظيم الاداري بأنه " بمثابة ان يلعن الانسان شيئاً بعد الآخر " وفي مثل هذه الظروف لا يكن انجاز عملالرئيس اطلاقا .

ومن بيئة التغيير هذه تنبثق عملية تنسيق دائمة للمشاكل الادارية المتصلة بالعلاقات الانسانية ، ونظرا لأن التغيير يفرض التعديلات الفردية فإنه يجابه أولا بمقاومة هادئة ، وهذه ظاهرة اجتماعية عريضة ، ان الناس يخشون من التغيير لانهم عادة يريدون تجنب ادخال قوى مغايرة ، ولن يرضوا عن اتخاذ موقف لهم ازاء التعديلات في الموقف الراهن ما لم يكن في استطاعتهم معرفة جميع العناصر وبما تعنيه لاشخاصهم كأفراد ، وسوف يكون الموقف النهائي على اساس الاثر المحتمل الذي يقدره كل شخص لنفسه ، وما لم يبد التغيير ملائما مع الاهداف الشخصية فإن معظم الافراد سوف يقاومونه .. قد يدعي البعض النظر إلى ضرورة التغيير او لى تقبل نتائجه بإعتبارها شرا أدنى ، لكن البعض الاخر قد يرفض تقبله ويترك المشروع .

ان المعالجة غير البارعة لمثل هذه المواقف يمكنها بسهولة ان تقضي على الكفاية التنافسية للشركة .