الترقية غير المناسبة ظلم للجميع


تقوم بعض الشركات والمؤسسات، وبالذات الحكومية، بترقية الموظفين لمجرد أنهم قد استحقوا الترقية، دون أي اعتبار لوجود شواغر أو احتياجات في المؤسسة. وفي بعض الجهات الحكومية أو شبه الحكومية يتم ترقية شخص ما ونقله من دائرة تخصصه إلى دائرة أخرى لا علاقة له بها لمجرد الحاجة إلى وضعه في منصب أعلى.


هذا هو ما يطلق عليه الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب. وفي هذا ظلم للموقع والمؤسسة والشخص نفسه. فالموقع قد يتطلب شخصاً ذا مؤهلات أو خبرات معينة، وعدم وجودها في الشخص الذي يتسلم هذا الموقع يؤدي إلى إضعاف هذا الموقع أو الدائرة وعدم القدرة على القيام بالأعباء الملقاة على كاهلها على أتم وجه.
أما المؤسسة فتظلم بأنها تقلل من كفاءة العمل لديها وتعطي مناصب أعلى لأناس غير مؤهلين لشغلها أو لا يملكون الخبرة اللازمة لإدارتها.
في حين تحرم الدائرة التي أتى الشخص منها من مؤهلاته وتراكم خبرته التي كانت بلا شك أحد عوامل استحقاقه للترقية والترفيع.
أما الشخص المعين فإنه يوضع في موقف لا يحسد عليه.
فهو مطالب بأن يتصرف في الموقع الجديد بخبرة ومؤهلات شخص عمل في ذلك المجال لسنوات طويلة.
في حين أنه لم يعرف عمل تلك الدائرة أو ذلك التخصص إلا بعد انتقاله للعمل فيها.
وهو مطالب بمعرفة بواطن الموقع الجديد في فترة قصيرة جداً وبأن يشرف على موظفين أقل منه مرتبةً، لكنهم ربما عملوا في هذا المجال أو التخصص لعدة سنوات وهم بالتالي أكثر معرفة وخبرة منه في مجالهم.
فكيف ستكون نظرتهم إلى المسؤول أو المدير الجديد الذي لا يعرف شيئاً عن عملهم؟
هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى فإن الدائرة التي سبق أن عمل الشخص فيها تفقد موظفاً ذا كفاءة وخبرة طويلة، ولولا كفاءته لما استحق الترقية.
فهذا الشخص المتميز في عمله والناجح فيه بشكل لفت فيه أنظار مسؤوليه تكون مكافأته أن ينتقل من مجال يعرفه ويتقنه ويبدع فيه إلى مجال جديد عليه أن يبدأ في تعلمه والتعرف عليه وقد لا يحبه.
هنا تكون خسارة الشركة أو الجهة الحكومية مزدوجة، فهي من جانب تفقد كفاءة متميزة في قسم ما، ومن جانب آخر تضع في موقع المسؤولية شخصاً يفتقر للخبرة ويلزمه مدة كي يلم بتفاصيل العمل الجديد.
إن ترقية الموظفين تهدف، فيما تهدف إليه، إلى تعزيز الثقة بالنفس وتحفيز الموظف على الإخلاص والإبداع في العمل.
ولا شك أن الترقية التي يوضع فيها الشخص في المكان غير المناسب له تكون على العكس من ذلك، فهو قد لا يستطيع إثبات نفسه في المكان الجديد أو قد يحتاج إلى مدة طويلة كي يلم بالعمل الجديد ويتقنه.
ولتلافي مثل هذه الإجراءات الإدارية الخاطئة لا بد أن تكون ترقية الموظفين في نفس مجال تخصصهم وأقسام عملهم، بحيث لا يحصل تدوير للكفاءات يؤدي لتشتيت الخبرات وتوزيعها في أماكن تلغي إمكانية الاستفادة من خبراتهم وعلمهم، كل ذلك لمجرد الرغبة في ترقيتهم.




.