ابتكرت كلمة جوجل في منتصف القرن العشرين، وفي اختيار مؤسسيي جوجل سيرجي برين ولاري بيج لكلمة Google تلاعب بكلمة Googol التي اخترعها ملتون سيروتا Milton Sirotta، ابن أخت عالم الرياضيات الأمريكي إدوارد كاسنر Edward Kasner للدلالة على رقم 1 وأمامه مائة صفر.
وقد رأى سيرجي برين ولاري بيج ان يطلقا هذا الاسم على موقعهما، الذي يجري الآن أكثر من مائتي مليون عملية بحث يومياً في فهرسه الذي يحتوي على أكثر من ثمانية مليارات صفحه، إصرار منهما على تنظيم الكمية الهائلة من المعلومات المتوفرة على شبكة الانترنت وفي العالم.
تم تأسيس شركة جوجل في سبتمبر عام 1998 بثلاثة موظفين هم مؤسساها وأول موظف عمل معهما سيلفر ستين الذي يشغل الآن موقعا في مجلس الإدارة كمدير للتقنية في جراج في منطقة منلو بارك التي تقع على بعد ميل واحد من مساكن طلاب جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا.
ومنذ ذلك الوقت زادت الطلبات التي تتلقاها جوجل لتصل مبدئيا إلى 100 ألف طلب بحث يوميا. وساعدهم على ذلك تدهور نوعية الخدمات التي تقدمها شركات البحث الأخرى مثل ياهو.
اضطرا مالكو جوجل تحت الطلبات المتزايدة إلى البحث عن مكان اكبر وتأجير مكتب في بالو التو. غير أن الأموال التي كانت بحوزتهما أوشكت على النفاذ عام 1999 في الوقت الذي وصلت فيه طلبات البحث إلى نصف مليون طلب يوميا مما تطلب زيادة عدد ماكينات البحث المستخدمة.
في هذا الوقت من ربيع عام 1999 أدرك كل من جون دوير من مؤسسة كلينر بركينز التي كانت مسئولة عن تمويل سان مايكروسيستموز وأمازون ومايكل مورتيز من مؤسسة سكوايا التي مولت ياهو أهمية مشروع مؤسسة جوجل.
وبعد مداولات ومقابلات مع سيرجي ولاري اتفقت المؤسستان على تمويل جوجل بمبلغ 25 مليون دولار مناصفة مشترطة تعيين مدير تنفيذي على دراية بتحويل جوجل إلى مشروع يحقق أرباحا.
في السابع من يونيو من العام ذاته تم الإعلان عن الاتفاق الذي أكد فيه سيرجي ولاري أن جوجل ستشكل القواعد الأسس القياسية الذهبية للبحث على شبكة الانترنت حسب تعبيره.
وتواصلت نجاحات المؤسسة وزاد معدل نموها ليصل الى 50 بالمائة شهريا.
وفي الوقت الذي خسرت فيه مايكروسوفت قضية احتكارها لسوق البرمجيات عام 2000، صنفت جوجل على أنها رائدة البحث على الانترنت.
ووصفتها مجلة نيويوركر بماكينة البحث عن المعلومات في الزحام و قالت مجلة تايم ديجيتل أن جوجل بالنسبة لمنافسيها كشعاع الليزر بالنسبة للسكين.
ووصل عدد طلبات البحث التي يتلقاها موقع الشركة إلى 100 مليون طلب يوميا عام 2001 ودخل الفعل Google فی القاموس الأمريكي.
تطورشركة جوجل ونموها
وبدأت الشركة بضم إداريين جدد فالتحق بها اوميد كردستاني بعد أن ترك مؤسسة نسكيب ليعمل نائب رئيس الشركة في مجال المبيعات ثم اوروس هورتزل ليشغل نائب رئيس المجال الهندسي فيها. ولم يعد هناك متسع في مكاتب الشركة لموظفين جدد فانتقلت الشركة إلى ما يعرف جوجل بلكس وهو مقرها الرئيسي في ماونت فيو.
واستمر تطور الشركة حتى اليوم وأضافتها لخدمات جديدة لموقعها مثل تخزين 250 مليون صورة وترتيبها وإعدادها للبحث.
وتم تعيين اريك شميدت الحاصل على الدكتوراه في علوم الكمبيوتر من جامعة بيركلي كاليفورنيا والبكالوريوس في الهندسة الكهربية و الذي كان قد عمل مديرا تنفيذيا في السابق مؤسسة نوفل لأنظمة الشبكات مديرا تنفيذيا لجوجل.
واستعانت أمريكا اونلاين بماكينة البحث الخاصة بجوجل عام 2002 في الوقت الذي كانت تهدد مايكروسوفت بمسح أمريكا اونلاين من على خريطة الانترنت بتوفير خدمة ام اس ان مجانا.
في ابريل عام 2004 قررت مؤسسة جوجل توفير خدمة البريد الالكتروني على موقعها بعد اعترافها بان استخدام البريد الالكتروني هو النشاط الأول على الشبكة الدولية.
غير أن خطط الشركة بإلحاق إعلانات بالبريد الالكتروني تعتمد على محتوياته مما يعني أنها ستقوم بمسحها أثار جدلا واسعا و انتقادات جمة من قبل جماعات المدافعة عن الحرية الشخصية والخصوصية الفردية. وبدا بعض السياسيين والناشطين في تلك الجماعات في توزيع منشورات ضد جوجل مما هدد صورته وسمعته، كما أرسلت 30 جماعة منها التماسا لجوجل لمنع خدمة GMAIL البريد الالكتروني.
وربما زاد من رعب تلك الجماعات احتفاظ جوجل على قاعدة بيانات تحتوي على أي موقع أجراء أي شخص لبحث ما على موقعها بالإضافة إلى الكلمات والجمل التي احتواها البحث مما يعني إمكانية تحديد شخصية الشخص الذي اجري البحث إذا كان مشترك في خدمة البريد الالكتروني ببساطة وسهولة.
غير أن بيج وبرين لم يعيرا الانتقادات اهتماما على أساس أن إقبال المستخدمين ومتصفحي الانترنت على الخدمة المجانية التي ستوفرها المؤسسة GMAIL سيكون المحك والمعيار الوحيد على نجاحها. كما أن الكثير من شركات وخدمات البريد الالكتروني تقوم بمسح الرسائل لتخليصها من الرسائل غير المرغوب فيها (السبام) أو التي تحتوي على فيروسات أو مواد إباحية.
وأكد خبراء الكمبيوتر في جوجل على أن عملية مسح الرسائل الالكترونية لإلحاق إعلانات تعتمد على محتوياتها هي عملية آلية لا يطلع فيها أي شخص على محتوياتها.
وكان إقبال الكثير من المستخدمين على الخدمة وارتفاع حجم مبيعات البضائع التي تتم عن طريقها اكبر دليل على نجاحها.
تحديد أي موقع في العالم
أطلقت جوجل أوائل العام الحالي خدمة الخرائط واكتشاف الأماكن والعناوين على موقعها وهي الخدمة التي وفرت دخلا بلغ نحو 4.2 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي، مما دفع المؤسسة لتوسيع نشاطاتها فيما وراء ماكينة بحث مواقع شبكة الانترنت الخاصة بها.
في يونيو 2004, فهرس جوجل قد 8.168 بليون صفحة ويب، 880 مليون صورة و845 مليون رسالةuse net — ما مجموعه ستة بليون مادة.
ففي منتصف العام الحالي أطلقت مؤسسة جوجل برنامج جوجل إيرث مجانا على موقعها على الانترنت.
ويظهر البرنامج الجديد الكرة الأرضية والعالم بطريقة جديدة لم تشهدها احد من قبل، حيث يمكن المستخدم من رؤية الكرة الأرضية من الفضاء الخارجي، وبعد طباعة اسم أو عنوان أي موقع على سطح المعمورة يظهره البرنامج بصورة مجسمة ثلاثية الأبعاد.
ولا تقف قدرات البرنامج عند هذا الحد فمع تقريب الصورة أكثر وأكثر على الموقع المرغوب تزداد درجة وضوحها والتفاصيل التي تعرضها.
ويستخدم جوجل ايرث تكنولوجيا متقدمة طورها من صور التقطتها الأقمار الصناعية والطائرات على مدى الأعوام الثلاثة المنصرمة من أجل تقديم صورة للكرة الأرضية وما بها من دول ومدن وبلدان وشوارع وسيارات وغيرها.
وفيما يعد امتدادا لنشاطها فيما وراء أجهزة الكمبيوتر الشخصية، أطلقت مؤسسة جوجل برنامج كمبيوتر جديدا في أكتوبر الماضي صمم خصيصا لكي يسهل من استخدام أجهزة الهواتف المحمولة لماكينة البحث وخدمة الخرائط المتوفرة على موقعها.
وأكبر مكتبة في العالم
وتطمح جوجل حاليا إلى نشر 30 مليون كتاب على الإنترنت في مشروع لإنشاء مكتبة الكترونية افتراضية، تسعى من ورائها إلى جذب المزيد من المتصفحين والمعلنين لتصفح وقراءة الكتب على الإنترنت.
وتوخت دور النشر الحذر من المشروع منذ بدايته، ثم عادت و اقترحت على جوجل تخزين النسخ الرقمية للكتب على وسائطها بدلا عن وسائط جوجل، لكن جوجل رأت أن نسخها الرقمي قانوني ورفضت تلك المقترحات.
مما دفع خمسة من دور النشر الكبرى لرفع دعوة قضائية في المحكمة الفيدرالية في نيويورك ضد شركة جوجل. حيث ترى تلك الدور أن جوجل بإنشائها للمكتبة الالكترونية ترتكب خرقا واضحا لحقوق الطبع. لكن شركة جوجل لا تتفق مع ذلك الرأي وترى أن مشروعها ذو هدف مثالي وهو توفير المعلومة لكل فرد في العالم.
وستكون محصلة القضية مرتبطة بالتفسير القانوني لمسألة ما إذا كان الاستخدام تجاريا أو غير تجاري وإذا ما كان سيلحق خسارة بأسواق حقوق الطبع.
ويشمل مشروع جوجل كذلك نسخ شرائط الفيديو والصور والمواضيع الإخبارية وذلك بغية تضمينها في محرك البحث.
وقامت جوجل ببناء مبنى جديد تبلغ مساحته مليون قدم مربع بالقرب من مبنى أبحاث ناسا NASA، وكالة الطيران والفضاء الأمريكية، في منطقة وادي السليكون. وستقوم جوجل بالكثير من العمل لناسا لتطوير عملياتها في الفضاء. وتضاعف عدد موظفي جوجل في آخر سنتين ليصل إلى 4200 موظف، بمعدل 4 موظفين في اليوم، أي حوالي 2100 موظف في آخر سنتين.
صراع العمالقة جوجل وميكروسوفت
إذا كان ثمة شيء يعكر صفو بيل جيتس اغني رجل في العالم فهما بالطبع برين وبيج اللذان يسعيان بجد اجتهاد لكسر شوكة مايكروسوفت واحتكارها للأسواق لأعوام عدة.
وتبدأ قصة الخلاف بين جوجل ومايكروسوفت بالتحديد عندما اختارت جوجل الرئيس التنفيذي السابق لمايكروسوفت كاي فو لي لقيادة فرع عملياتها في الصين ورئاسة مركز للبحوث والتنمية في بكين مما دفع مايكروسوفت إلى مقاضاة جوجل.
وتزعم مايكروسوفت أن تعيين لي في جوجل يمثل انتهاكا لاتفاق عدم منافسة وقعه عام 2000 كما أنه سيوفر لجوجل معرفة كثير من الأسرار التجارية لمايكروسوفت منها تفاصيل الاجتماع الاستراتيجي الذي عقد على مستوى عال والذي ناقش فيه مديرو مايكروسوفت كيفية هزيمة جوجل.
من جانبها دفعت جوجل في دعوتها القضائية المضادة التي رفعتها بأن قضية مايكروسوفت ما هي إلا (تمثيلية) ترمي من وراءها مايكروسوفت لإرهاب كل من يجرؤ على منافستها.
ولي مجرد واحد من مئات العاملين في مايكروسوفت الذين تركوا الخدمة فيها على مدى العامين الماضيين للانضمام إلى جوجل.
والقضية بكل ما تحتوية هي مؤشر قوي لى التهديد المتزايد الذي تمثله جوجل لسيطرة مايكروسوفت على عالم الكمبيوتر الشخصي.
فهيمنة جوجل على عمليات البحث على الإنترنت أدت لتراجع أدوات البحث التابعة لمايكروسوفت من القائمة المفضلة لمعظم مقدمي الخدمة في الوقت الذي قذفت فيه خدمة البريد الالكتروني لجوجل الذي بلغت سعته اثنين جيجا بايت خدمة هوت ميل لمايكروسوفت في غياهب التاريخ.
وتسعى جوجل إلى أمر اشد خطورة قد يؤدي إلى تدمير مايكروسوفت فمع ارتفاع سرعة الانترنت فائقة السرعة DSL أو Cable يمكن للمستخدم الاتصال المباشر بموقع جوجل دون الحاجة لسطح مكتب و نظام تشغيل النوافذ من مايكروسوفت، ومع توفير حزمة برامج منافسة لحزمة الأوفيس لمعالجة الكلمات والقواعد البيانات والحسابات على الموقع تكون تلك نهاية مايكروسوفت غير الطبيعية، وبالضربة القاضية!
وتستهدف جوجل في المستقبل مجال علم الأحياء والجزئيات و الجينات الوراثية.
حيث تشكل الملايين من الجينات مع الكميات الهائلة من المعلومات البيولوجية بيئة خصبة لماكينة جوجل للبحث التي تحتوي على الملايين من المعلومات المخزنة في قواعد بيانات ذات قوة بحث عملاقة.
وستهدف تلك الأبحاث إحداث طفرة في مجال العوم والطب والصحة وربما يأتي الوقت الذي يستخدم فيه متصفحو الانترنت جوجل للبحث عن الجينات الخاصة بهم.