إن المتصفح لمضامين عناصر نماذج إدارة الجودة الشاملة السابقة دون تمييز أحد منها على حساب النماذج الأخرى، فإنها تؤكد في بناء عناصرها تلك على أسس ومبادئ إدارة الجودة الشاملة التي سبق التعرض لها من خلال هذا البحث، لكن إن الاختلاف يتفاوت من نموذج إلى أخر من حيث نسبة التركيز على هذا المبدأ قياسا بالمبدأ الأخر، ويمكن توضيح هذا الترابط والتناسق من خلال التحليل الموالي:


II.1-بما يتعلق بالمبدأ الأول:


التركيز على العميل الذي يعد في فلسفة إدارة الجودة الشاملة مرتكز مجمل المشاريع داخل المؤسسة، الأساس المتين التي تبنى عليه كافة الأفكار والخطط والممارسات باعتباره المحدد الرئيسي لامتلاك وإدامة الميزة التنافسية الذي يقول عليها (M. Porter) بأنها هدف كل الاستراتيجيات، فمن دون أدنى شك أن تخصص نماذج إدارة الجودة الشاملة السالفة الذكر مكانة بارزة ومتميزة لهذا العنصر، ففي نموذج Deming ضمان الجودة، التحكم في الجودة، نتائج الأداء الإيجابية التي تتحقق في جوهرها على هذا الأساس، أي مدى رضا العميل على منتج المؤسسة. أما النموذجين الأمريكي والأوروبي فيخصصان عناصر واضحة وجلية لهذا العنصر.


II.2-بما يتعلق بمبدأ التحسين المستمر:


الذي يمثل في حقيقته المحور الرئيسي في مفهوم إدارة الجودة الشاملة من خلال تميز مداخله الثلاثة السابقة الذكر، دائرة (P.D.C.A) أو ثلاثية جوران أو Kaizen الياباني، حيث توضح هذه المداخل كلها الكيفية التي تتم بها عمليات التحسين المستمر بالمؤسسة الهادفة إلى تحقيق الجودة باستمرار كما يتوقعها العميل أو ما يفوق توقعاته فإن التركيز على هذا المبدأ نجده واضحا ومتضمنا بقوة لمجمل نماذج TQM السابقة الذكر بل نجد ذلك في كافة عناصر تلك النماذج، أي أن القصد في بناء هذه العناصر يهدف في الأساس إلى التحريض بقوة على التحسين في التصميم والعمليات للمنتجات سواء من السلع أو من الخدمات.


II.3-بما يتعلق بمبدأ التعاون الجماعي يدل من المنافسة:


يعد النموذج الياباني لـ TQM رائد في استخدامات هذا المبدأ وكما رأينا من ضمن الأسباب البارزة في تفوق المجتمع الياباني يعود إلى روح التعاون والتآزر التي يتحلى بها أفراد هذا المجتمع أصلا علاوة على التقبل الفائق لفكرة حلقات الجودة لاشيكاوا. كما إن باقي النماذج الأخرى ركزت على تكريس هذا المبدأ وتضمينه للبرامج التدريبية لتطوير الموارد البشرية.


II.4-بما يتعلق بمبدأ التدريب والتعليم المستمر:


فمن خلال التحليل السابق يبرز الدور المحوري والأساسي للموارد البشرية داخل المؤسسة الذي يصف بأنه أغلا موارد المؤسسة على الإطلاق وما المعدات والآلات سواء وسائل تساعده على تحقيق أهداف المؤسسة لذلك فإن مسألة تنمية وتدريب وتعليم الأفراد داخل المؤسسة وتحفيزهم باستمرار قصد الرفع من مستوى روحهم المعنوية تعد من الأمور الأساسية في فكر إدارة الجودة الشاملة ونجد هذا واضحا من خلال نماذجها الثلاثة السابقة الذكر.


II.5- بما يتعلق بمبدأ الوقاية بدل من التفتيش:


إذ أن هذا المبدأ يفيد في ضرورة التركيز على اكتشاف الانحرافات في أداء العمليات في وقت حدوثها والعمل على تصحيحها في حينها من خلال أعمال الرقابة على الجودة حيث نجد أن مجمل نماذج TQM السابقة الذكر خصصت عنصرا صريحا للتركيز على أداء العمليات والرقابة الدقيقة لها.


II.6-بما يتعلق بمبدأ المشاركة الكاملة:


كما أن مبدأ المشاركة الجماعية الكاملة في اتخاذ القرارات يعد من بين المبادئ البارزة في علم التسيير من خلال الإدارة أو التسيير بالأهداف الذي مفاده إشراك كافة أفراد المؤسسة في وضع أهدافها ليقتنعوا من أن أهداف المؤسسة هي في حقيقة الأمر أهدافهم كلهم وهذا المبدأ كما رأينا أيضا يعد من مرتكزات إدارة الجودة الشاملة ونجده بارزا أيضا في مجمل عناصر نماذجها السابقة، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجده ضمن سياسات الجودة في نموذج Deming الياباني وعنصر القيادة لدى النموذجين الأمريكي والأوروبي.


II.7-بما يتعلق بمبدأ اتخاذ القرارات بناءا على الحقائق:


كما سبقت الإشارة في هذا الصدد أن المؤسسات التي أسست تطبيق مفهوم إدارة الجودة تستند في قراراتها على حقائق وبيانات مدروسة وصحيحة إذ نجد ذلك جليا من خلال النماذج السابقة فهو ضمن عنصري جمع واستخدام معلومات الجودة وكذا التخطيط للمستقبل لدي النموذج الياباني وكذا عنصري التخطيط الاستراتيجي والمعلومات والتحليل لدى النموذج الأمريكي، إضافة إلى السياسة والإستراتيجية لدى النموذج الأوروبي.


II.8-بما يتعلق بمبدأ نظام المعلومات والاتصال:


باعتبار أن عمليات اتخاذ القرار سواء تعلق الأمر بالقرارات الإستراتيجية أم التكتكية أم التنفيذية تستند في أساسها إلى نظام معلومات قوى ودقيق لا على التخمين والتكهنات الشخصية، وإذا أن هذا الجانب يشترك مع المبدأ السابق (أي اتخاذ القرارات بناءا على الحقائق) في كافة العناصر التي تم تحليلها بخصوص النماذج الثلاث.