الفصل الثالث: أساليب ومناهج ناجحة في الإدارة
أولاً- الإدارة بالأهداف Management By Objectives

يعد أسلوب الإدارة بالأهداف MBO من الأساليب الإدارية الحديثة التي تحظى بدرجة عالية من الاهتمام من جانب الأكاديميين والتطبيقيين، ويرجع السبب فيما يحظى به هذا الأسلوب من قوة دفع مستمرة و بقائه وتطوره كنظام للإدارة إلى اهتمامه بالناحية العلمية التطبيقية، حيث يشكل هذا الأسلوب منهجاً واضحاً للتطبيق العملي يعتمد على الكثير من مبادئ ونظريات الإدارة الناجحة.
يكمن جوهر الإدارة بالأهداف في إمكانية وضع الأهداف الممكنة الإنجاز والتحقيق. وعلى ذلك يمكن القول أن منهج الإدارة بالأهداف المؤكدة والصحيحة والثابتة ما هو إلا انعكاس لهدف ممارسة الإدارة ذاتها. فبدون الأهداف الواضحة الممكنة التطبيق والقياس تصبح الإدارة عشوائية ويزيد بذلك احتمال فشل المنشأة أو انعدام فعاليتها. فالهدف الرئيسي لهذا الأسلوب في الإدارة هو مساعدة المنشأة أو جزء منها على تحقيق الأهداف والنتائج التي تضعها لنفسها، معتمدة بصفة رئيسية على الأهداف كوسيلة للوصول إلى النتائج التي ترغب في تحقيقها.
وتعتمد الإدارة بالأهداف على التشارك بين الرئيس والمرؤوس في كافة المستويات الإدارية في المنشأة في تحديد الأهداف التي ينبغي لكل وحدة إدارية تحقيقها مستفيدة استفادة كاملة وفعالة من جميع الموارد المادية والبشرية المتاحة، بالإضافة إلى تحديد مسؤولية كل موظف على شكل نتائج متوقعة مطلوب تحقيقها عن طريق الاتصال الفعال والربط بين أفراد التنظيم والتفاعل مع البيئة المحيطة بأنواعها الداخلية والخارجية، ثم دمج هذه الأهداف والنتائج المتوقعة في خطة واحدة متكاملة وتفصيلية لتحقيق النتائج المرجوة على مستوى المنشأة.

1- نشوء مفهوم الإدارة بالأهداف:
يعتبر بيتر دركر P.Drucker، وهو الأستاذ رئيس قسم إدارة الأعمال في جامعة نيويورك، أول من نادى بأسلوب الإدارة بالأهداف في كتابه "ممارسة الإدارة The practice of management". لم يذكر داركر بالتحديد تعبير الإدارة بالأهداف بل أسماه "الإدارة بالأهداف والرقابة الذاتية".
كان دركر يعمل عند طرحه لهذه المفهوم كمستشار إداري لمؤسسة "جنرال إلكتريك" وحاول إدخال هذا المفهوم لنظام مطبق في داخل المؤسسة يدعى Management letter. هذا النظام كان عبارة عن رسالة تكتب من قبل مديري الدوائر المختلفة في المؤسسة يتحدثون بها عن النتائج التي حققت والمشاكل التي واجهتهم في فترة زمنية منصرمة ومحددة. على أن يكون قد سبق هذا تحديد واتفاق بين كل مدير من مديري الدوائر والمدير العام على الأهداف المراد تحقيقها في فترة محددة من الزمن.
وقد استخدم داركر هذا المصطلح للتركيز على فكرة السماح للمديرين بالتحكم بأدائهم الشخصي ومراقبته، حيث تعني الرقابة الذاتية تحفيز أكبر وقناعة أكثر، بالإضافة إلى الرغبة في أداء "الأفضل" بدلاً من أداء "ما يكفي".
وبالتالي فإنه يجب على الموظف أن يمارس رقابة على ذاته طبقاً لما توصل إليه سوياً مع المدير من خلال تبادل وجهات النظر، ويجب على المدير أن يقدم المساعدة الكاملة ويهيئ الظروف المناسبة للمرؤوس لتنفيذ عمله المطلوب.

2- تعريف نظام الإدارة بالأهداف:
هناك تعاريف متعدد لمفهوم الإدارة بالأهداف منها:
تعريف قسم الإدارة العامة، التابع لدائرة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة، والذي يعرف مفهوم (الإدارة بالأهداف) بأنه: "ممارسة الإدارة الواحدة عملها، على جميع موارد التنظيم المطلوبة، لتحقيق أهداف محددة".
ويعرفه (أولسون- Olson) بأنها أسلوب يركز الاهتمام على الإنجاز وتحقيق المهمات، ويزودنا بإطار منطقي لذلك الإنجاز. وتساعد تلك الفلسفة على تطوير الدوافع لدى الأفراد، وتحسين القيادات في التنظيم.
ويعتبر (شيروود- Sherwood) الإدارة بالأهداف، بإنها محاولة من أجل تحقيق أهداف التنظيم، من خلال زيادة التزام العاملين فيه، ومشاركتهم الفعلية في نشاطاته.
تتعدد التعاريف التي أعطيت لمبدأ الإدارة بالأهداف، وكلها تتمحور حول اعتباره "نظام عمل يعتمد بالدرجة الأولى على الجوانب السلوكية وتحقيق أكبر قدر من الأهداف التي تسعى إليها المنظمة".
السلوك هو في الواقع أي شيء يقوله الفرد ويفعله أو يفكر فيه أو يشعر به أو أي نشاط يقوم به الفرد. وقد أثبتت دراسات المدرسة السلوكية في الإدارة أن أفضل الطرق لإنجاز العمل وتحقيق أهداف التنظيم، هي الطرق التي يتم من خلالها دراسة الإدارة العليا لسلوك الفرد داخل التنظيم والتأثير على هذا السلوك ليساير مصالح التنظيم. وفي سبيل تحقيق غاية بناء سلوك فردي جيد ومن ثم سلوك جماعي ممتاز لجماعة المرؤوسين، على المدير أن يهيئ المناخ الدائم لنمو المرؤوس ونضوجه وكذلك التعامل بأسلوب التفاعل مع المرؤوسين حيث يتجه إلى قبول مبدأ المشاركة وقبول رضا جماعة العمل كل وفق شخصيته وقدراته وطموحاته.


3- تطور الإدارة بالأهداف:
يمكن النظر إلى الإدارة بالأهداف من عدة زوايا، كما يمكن استخدامها لتحقيق عدة أغراض تعبر في حد ذاتها عن مراحل التطور الذي مر به هذا الأسلوب خلال الخمسين سنة الماضية وتشمل هذه المراحل ما يلي:

المرحلة الأولى: تقييم الأداء
تعد الجذور الأولى لنشأة الإدارة بالأهداف هي مساعدة الإدارة في الوصول إلى تقييم موضوعي ودقيق وواقعي لأداء الأفراد يضمن حصولهم على حقوقهم وتحقيق زيادة الإنتاجية في نفس الوقت، وبالتالي فإن الإدارة بالأهداف تعبرعن نظام لتقييم الأداء يعتمد على التحديد الدقيق للأهداف والاتفاق عليها بين الرؤساء والمرؤوسين، وكذلك الاتفاق على المعايير التي تقيس الوصول إلى هذه الأهداف، مما يجعل عملية تقييم الأداء تقوم على أساس موضوعي لا مجال فيه للتحيز الشخصي أو الأخطاء الإنسانية.

المرحلة الثانية: مرحلة الاهتمام بالتخطيط والرقابة
تركز الاهتمام في هذه المرحلة على تحقيق التكامل بين أهداف المنظمة والأهداف الشخصية المديرين، كما أصبح الأفراد في كافة المستويات الإدارية قادرين على المشاركة في نجاح المنظمة. كان التركيز في هذه المرحلة على التخطيط والرقابة للمستقبل القريب (سنة أو أقل)، حيث يقوم الرئيس والمرؤوس بوضع أهداف محددة لفترة زمنية مقبلة، تحدد طرق تحقيقها، تحديد معايير قياس النتائج، الوقوف على مدى التقدم الذي يحدث اتجاه الأهداف المحددة، وقياس مساهمة كل من الطرفين في الوصول إلى النتائج الحاصلة فعلياً. وبالتالي فإن الإدارة بالأهداف تحاول أن تجيب على عدة أسئلة محددة تخطيطية ورقابية، فأما الأسئلة التخطيطية فهي: ما الذي يجب عمله؟ وكيف؟ ومتى؟ وما هي تكلفته؟. وأما الأسئلة الرقابية فتشمل المستوى المرضي للنتائج، والتقدم الذي يجب تحقيقه، ونواحي العلاج المطلوبة لتصحيح الأخطاء التي حدثت.

المرحلة الثالثة: التخطيط طويل الأجل والتخطيط الاستراتيجي
لم تعد الأهداف في هذه المرحلة قاصرة على المستقبل القريب (سنة أو أقل) كما كان في السابق وإنما امتد الاهتمام إلى المستقبل البعيد، وبدأ التفكير في وضع أهداف طويلة الأجل والتركيز على التخطيط طويل الأجل والتخطيط الاستراتيجي وجعله حقيقة واقعة. فأصبحت الإدارة بالأهداف عملية إدارية متكاملة تشمل وظائف الإدارة كافة من تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة.
ويتمثل التركيز في هذه المرحلة من التطور على مايلي:
- ضرورة التكامل بين الأهداف طويلة الأجل مع الأهداف متوسطة وقصيرة الأجل.
- الاهتمام بمشاركة الإدارة العليا في تبني وتطبيق الإدارة بالأهداف بعد أن كانت تطبق في المرحلة الأولى بواسطة إدارة الأفراد، وفي المرحلة الثانية بواسطة الإدارة الوسطى.
- ضرورة الربط بين جهود المديرين على كافة المستويات داخل المنظمة.




4- فلسفة الإدارة بالأهداف:
تستند فلسفة الإدارة بالأهداف على مجموعة من الدعائم والقيم والتي من أهمها ما يلي:

1- الاعتراف بأهمية العنصر الإنساني:
في حين تصف النظرية التقليدية عن الطبيعة الإنسانية (نظرية X) الإنسان بالكسل والسلبية، وكره العمل وضعف الطموح، وأنه يحب السيطرة على الأفراد وتوجيههم وتدريبهم من خلال تخطيط العمل ورقابته بشكل محكم. فإن النظرية المتفائلة أو الحديثة (نظريةY) ترى الإنسان مخلوق نشيط، إيجابي، محب للعمل، وراغب فيه، متنوع الدوافع، وقادر على ممارسة التوجيه والانضباط الذاتي، لا يقبل فقط المسؤولية ولكن يسعى إليها أيضاً.
وبالتالي نجد أن الإدارة التي تعتنق (نظرية Y) هي الإدارة المؤهلة لتطبيق أسلوب الإدارة بالأهداف، نظراً لأن هذا الأسلوب يتطلب درجة كبيرة من الانضباط والتوجيه والتحفيز الذاتي، والقبول التطوعي للمس/ؤولية.

2- الاتصال الفعال:
إن فلسفة الإدارة بالأهداف تنبع أساساً من الأهمية القصوى للاتصالات الجيدة بين كافة المستويات التنظيمية، وبشكل مستمر ومتجاوب مع استمرار تغير الظروف الداخلية والخارجية في التنظيم، فلكي يقوم أفراد التنظيم بأداء ملتزم فإن ذلك يستلزم أن يعرف كل فرد في المنظمة ما هو متوقع منه، ومتى وكيف يحصل على التعاون اللازم من أجهزة المنظمة بما يمكنه من الوفاء بهذه التوقعات ثم الطريقة التي ستتم بها مكافأته وتقدير عمله، بالإضافة إلى ذلك فإن أهمية الاتصال الفعال تزداد في أوقات التغيير والتطوير أو عدم الاستقرار للقضاء على التشكك وتحقيق التكيف السليم مع هذه الظروف من خلال التفاعل الإيجابي بين الأفراد والوحدات الإدارية في التنظيم. فالاتصال الفعال في ظل أسلوب الإدارة بالأهداف قادر على توضيح المفاهيم، وتوثيق الروابط، وتعميق التفاهم، وإزالة الغموض وسوء الفهم، كما يسمح بتبادل وجهات النظر، وتوجيه طاقات الأفراد نحو تحقيق الهدف المطلوب.

3- الاتفاق على أهداف واضحة ومحددة:
تعد الأهداف هي أحد الأركان الأساسية التي تستند عليها فلسفة الإدارة بالأهداف، حيث أن الهدف هو الرباط النفسي الذي يجمع الأفراد ويوحد جهودهم، ويوجه أفكارهم لبلوغه، ويعد الهدف بمثابة الغاية أو النتيجة التي يراد الوصول إليها خلال فترة زمنية محددة وبمواصفات وكميات معينة، كما تشمل الأهداف أربعة أنواع هي:
- الهدف الكلي للمنظمة: وهو الركيزة أو المنطلق العام لجميع الوحدات والأفراد.
- الأهداف بعيدة المدى: وهي التي تغطى فترة زمنية طويلة (5 سنوات أو أكثر).
- الأهداف اليومية للأفراد والوحدات: وهي تكمل بعضها البعض ويساعد تحقيق إحداهما على تحقيق الآخر.
بالإضافة للأهداف السابقة توجد الأهداف الشخصية والابتكارية وأهداف حل المشاكل.

4- المشاركة:
تتضمن فلسفة الإدارة بالأهداف قيام المديرين في مختلف المستويات التنظيمية بالاشتراك في تحديد الأهداف التي يمكن لإدارتهم أو أقسامهم تحقيقها خلال فترة زمنية معينة، بجانب مشاركتهم في ترتيب الأولويات بالنسبة للأهداف والنتائج المتوقعة، وفي تقويم الإنجازات ومراحل التقدم نحو الأهداف المحددة. تشجع الإدارة بالأهداف المديرين على أن يحددوا مقدار المساهمة التي يمكن أن يقدموها لتحقيق الأهداف الكلية للمنظمة، بجانب تحديد أهدافهم الشخصية التي يمكنهم تحقيقها من خلال أهداف المنظمة، ومن ثم فإن هذا الأسلوب يتضمن استراتيجية تحفيزية تدفع الأفراد إلى التضامن مع أهداف المنظمة التي يعملون بها، والمساهمة الجادة في تحقيق النتائج التي تسعى لتحقيقها.
إن هذا الأسلوب يساعد المديرين على أن يعيشوا في مشكلات الغد ويخططون لحلها لأن كل مدير أصبح يعرف النتائج المتوقعة من منصبه، كما يعرف دور النتائج التي يحققها في النتائج الكلية للمنظمة.

5- قيادة فريق العمل:
إن فلسفة الإدارة بالأهداف حول القيادة تختلف عنها في ظل النظريات والممارسات الإدارية الأخرى، فالقائد في طل الإدارة بالأهداف هو أولاً عضو في فريق متكامل، يتكون منه ومن جماعة العمل التي يقودها، وهو يوجه ويرشد ويقود بالمشاركة، والعلاقة بينه وبين جماعة العمل هي علاقة أخذ وعطاء، إرشاد واسترشاد، وتوجيه ومقترحات، تعليم وتعلم. يحيط كل ذلك اتفاق عام هو توجيه كافة الجهود لتحقيق الأهداف المشتركة، فالقائد لا يعمل وحده، ولا يستطيع أن ينجح بدون العاملين معه، ودون تعاونهم وإخلاصهم. وبالتالي فإن القيادة الإدارية ليست مجموعة من الصفات، ولكنها مهارات يمكن اكتسابها وصقلها وتعميقها، وينطبق ذلك على كافة المستويات التنظيمية.

6- ديناميكية الإدارة:
فالمنطق الذي تسير فيه الإدارة متحرك ومتجدد، حيث يتجدد تحديد الأهداف كل فترة زمنية معينة مما يرشد الإدارة إلى انسب السبل والإمكانات لتحقيق أهدافها وتحسين نتائجها. فقد ترى الإدارة أن تغير أهدافاً معينة وتطورها، أو تدمج بعضها أو تؤجل هدفاً لوقت معين، أو تؤخر هدفاً وتقدم آخر، كما قد ترى تغيير أسلوب أو أكثر من أساليب العمل. إن هذه العملية الفكرية المستمرة تجعل الإدارة تمارس وظائفها بمنطق الوعي بالظروف المحيطة والإمكانات المتاحة، وأنسب الطرق للتكيف مع هذه الظروف.
كما أن الإدارة الواعية المتحركة تستطيع أن تنشئ التغيير فنياً أو تنظيمياً أو إنسانياً وتتحكم في حجمه وتوجه مساره، تماماً كما تتعرض له وتتأثر به، فالإدارة إذاً تضع في اعتبارها العلاقات المتداخلة بينها وبين ما يحيط بها من ظروف بيئة مختلفة.

5- مراحل تطبيق الإدارة بالأهداف:
يمكن توضيح منهجية تطبيق الإدارة بالأهداف من خلال المراحل التالية:

المرحلة الأولى: وضع وتحديد وصياغة الأهداف العامة للمنشأة
يتم في هذه المرحلة تحديد وصياغة الأهداف العامة للمنشأة من قبل الإدارة العليا مباشرة أو بالتشاور مع استشاريين متخصصين من داخل او خارج الشركة، والأفضل أيضاَ أن يتم التشاور بين الرؤساء مع المرؤوسين لضمان تعبير هذه الأهداف بدقة ووضوح عن واقع المستويات الإدارية المختلفة وما يمكنها تحقيقه.
ويتوجب على المنشاة في هذه المرحلة دراسة البيئة الداخلية والبيئة الخارجية للمؤسسة والأخذ بعين الاعتبار لتأثيرهما على أهدافها وإمكانية تحقيقها.
تتكون عادة البيئة الخارجية من البيئة الخارجية العامة (متغيرات البيئة الاجتماعية والتكنولوجية والاقتصادية والسياسية والقانونية والدولية) ومن البيئة الخارجية الخاصة (متغيرات المنشآت المماثلة، الفئات المستهدفة، الجهات الحكومية، الموردين...).
أما البيئة الداخلية للمنشأة فهي كل ما يوجد داخل المنشأة من مجالات وظيفية كوظيفة المالية، وإدارة الموارد البشرية وغيرها. ونظرا لأنه من المستحيل أن تكون المنشاة ذات قوة نسبية متساوية في جميع مجالاتها الوظيفية، فإنه يكون لزاماً على المنشأة أن تحدد ما هي جوانب القوة والضعف ودرجاتها في أدائها الإداري والوظيفي مما يساعدها على تطوير عدد من الاستراتيجيات البديلة التي تمكنها من استثمار الفرص وتجنب التهديدات.
وتتضمن الأهداف النتائج العامة والرئيسة التي ترجو الإدارة العليا والأقسام المختلفة مجتمعة تحقيقها، وعلى سبيل المثال:
1- زيادة إجمالي الإيرادات العامة بنسبة 15% عن العام السابق.
2- زيادة المبيعات إلى 200% خلال الأعوام الخمس القادمة.
وفي هذه المرحلة يجب الانتباه إلى أن تكون الأهداف واقعية، قابلة للقياس، محددة بتواريخ ومواعيد بداية ونهاية.
وتعبر الأهداف بالنسبة لمنشأة إنتاجية عن:
- الربحية المتوقعة،
- حجم أعمال المنشأة والحصة السوقية المستهدفة،
- عائد الاستثمار المتوقع،
- درجة الجودة المطلوبة للمنتج أو الساعة المقدمة لضمان المنافسة والحصة السوقية،
- الصورة النفسية والمعنوية في البيئة الداخلية والخارجية للمنشأة.

المرحلة الثانية: إعداد الخطط التفصيلية على مستوى الإدارات والأقسام
تتناول هذه المرحلة مجموعة من النقاط:
- يقوم المديرون المسؤولون عن تنفيذ الأهداف الرئيسية داخل كل إدارة بإعداد الخطط التفصيلية والتي تشتمل على الأهداف الخاصة بالإدارات والأقسام الفرعية وتوزيع السلطات والمسئوليات على المعنيين بالتنفيذ. وكما في المرحلة السابقة يتوجب وضع مقاييس تعبر عن مدى تحقيق الأهداف. وتعتبر مشاركة المرؤوسين في هذه المرحلة هامة جداً ويتوجب أن تكون مشاركة حقيقية وفعالة. وعلى الإدارة تفهم هذه النقطة جيداً، حيث يتوجب على الإدارة العليا في هذه المرحلة أن تخلق للمرؤوسين الدوافع اللازمة للالتزام بتحقيق ما تم الاتفاق عليه من أهداف، مع ضمان التوجيه الذاتي والرقابة الذاتية النابعة من اقتناع المرؤوس بما بقوم به.
- يقوم الرئيس مع المرؤوسين بعملية المطابقة بين الإمكانات المتاحة مع المستلزمات الواجب توافرها لتحقيق الأهداف الموضوعة، ودراسة البدائل الممكنة حول كيفية استكمال المستلزمات المطلوبة أو إدخال بعض التعديلات على الأهداف. ولذلك فإنه يعتبر من أهم نتائج هذه المرحلة هو اتفاق الرئيس مع المرؤوس حول النتائج والأهداف ومستلزمات التنفيذ. ويصبح التعاقد بين الرئيس والمرؤوس قائماً على التزام المرؤوس بتحقيق الأهداف المحددة المتفق عليها وفقاً لمعايير القياس المنتقاة، وبتعهد الرئيس بتوفير المستلزمات المطلوبة والموارد اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.

المرحلة الثالثة: تحديد أهداف الوحدات التنفيذية
في هذه المرحلة يتسلم كل مدير تنفيذي نسخاً من أهداف مديري الإدارات والأقسام الأخرى للمراجعة. ويكلف المدير هذه المجموعة من المديرين التنفيذيين بالعمل معاَ في المجالات التي ترتبط نتائجها بأكثر من إدارة او قسم وذلك لتحديد الأهداف المتصلة والمرتبطة بكل وحدة متخصصة مع توضيح درجة مساهمة أهداف المجالات الفرعية في تحقيق الأهداف الرئيسية الموضوعة في المرحلة الأولى. وهنا أيضاً يجب أن تخضع هذه الأهداف لمعايير قياس مع كون هذه المعايير فقابلة للقياس.

المرحلة الرابعة: تحديد أهداف المرؤوسين
يستعرض المرؤوس تحت إشراف رئيسه الأهداف الرئيسية وأيضاً الأهداف الفرعية للإدارات والأقسام المختلفة، وذلك تمهيداً لقيامه بدوره في صياغة أهدافه على المستوى الشخصي والوظيفي. وتشتمل هذه المرحلة عدة خطوات يمكن إيجازها فيما يلي:
الخطوة الأولى:
يبدأ الأفراد أو المرؤوسين في كتابة المسؤوليات الوظيفية لوظائفهم كما يتصورونها وذلك باستخدام مواصفات العمل والوظيفة والوصف الوظيفي. وفيها يقوم كل مرؤوس بتحليل دوره في الوحدة التي يعمل بها وذلك على ضوء أهداف الإدارة أو القسم الذي يعمل به ومسترشداً أيضاً بالهدف الرئيسي وللمنشأة.
الخطوة الثانية:
بعد استكمال المرؤوس لقائمة المسؤوليات الوظيفية ومراجعتها لضمان قابلية القياس، يقوم المرؤوس بعرض هذه القائمة على الرئيس المباشر حيث من المهم جداَ في هذه المرحلة الاتفاق بين الرئيس والمرؤوس على الأولويات والمعايير اللازمة.
الخطوة الثالثة:
إعداد المرؤوس قائمة بالمعايير اللازمة لقياس كل مسؤولية (بالاتفاق مع الرئيس) والاتفاق على طريقة تنفيذ المسؤوليات استرشاداً بهذه المعايير، وتحديد قائمة بالأهداف المبدئية.
وعموماً يجب مراعاة أن يكون لكل مسؤولية وظيفية رئيسية هدف واحد أو أكثر وأن تمثل هذه الأهداف تقدماً في الأداء والنشاط يفوق الفترة التي تسبقها.
والمثال التالي (الجدول-1) يوضح ما يجب أن تكون عليه الأنشطة والمسؤوليات والأهداف الخاصة بالمعايير.
الجدول (1)
الأنشطة/المسؤوليات الأهداف
1 استخدام قوة العمل والماكينات 1- زيادة سرعة المكبس رقم 9 بمقدار 25 وحدة في الساعة اعتبارً من 30 أغسطس
2 تخطيط الإنتاج وإجراءات التوريد 1- إنشاء إدارة رقابة الإنتاج اعتباراً من 15 نيسان
2- خفض الشكاوى من تأخر الشحن اعتباراً من 15 أيلول بنسبة 10%
3 العاملين 1- خفض عدد تصاريح الخروج لمدة ساعة بنسبة 50% اعتباراً من أول حزيران
2- إنشاء برنامج للتوجيه الشامل على مستوى المصنع للعاملين الجدد والقدامى اعتباراً من أول حزيران
4 التطوير المهني الذاتي 1- حضور حلقة دراسية عن الإدارة بالأهداف في 4 نيسان بالجامعة الأمريكية
2- تخصيص ساعة على الأقل كل يوم لقراءة المجلات المتخصصة ويبدأ تنفيذ هذا الهدف في موعد أقصاه أول أيار يستمر بعد ذلك على الدوام


الخطوة الرابعة:
يقوم الطرفان بتحديد الأهمية النسبية لكل هدف بإعطائه الوزن المناسب لقيمته و أهميته.
الخطوة الخامسة:
يتم الاتفاق النهائي على القائمة الخاصة بالأهداف مع تحديد الموارد اللازمة لتنفيذ كل منها وأيضاَ خطة التنفيذ وطرق قياس النتائج وتواريخ التنفيذ ومواعيد مراجعة سير العمل.

المرحلة الخامسة: وضع خطة عمل المرؤوسين
يقوم المرؤوس بوضع خطة حول الكيفية التي سينجز بها أهدافه. ويعرف الهدف المبدئي الذي يضعه المرؤوس بالاشتراك مع رئيسه "بالهدف الأساسي". ويمكن للهدف الأساسي أن يتناول على سبيل المثال: تطور خطة خمسية للتسويق، أو كيفية الحصول على موارد مالية لزيادة حجم الخطة، أو كيفية تسويق منتج جديد. وفي كثير من الأحيان قد يكون الهدف الرئيسي واسع بحيث يصعب قياسه مثل" رفع معنويات العاملين". وهنا نلجأ لوضع مجموعة من الأهداف المساندة التي بتحقيقها يتحقق الهدف الأساسي، ويوضح الجدول التالي نموذجاً لأهداف رئيسية وأهداف مساندة.
الهدف الرئيسي الأهداف المساندة
منع مساعدي (X) من ترك الشركة والعمل لدى أكبر المنافسين لنا. 1- سألتقي مع (X) لمناقشة مستقبله في تلك الشركة واستمالته بالمزايا.
2- ابتداءً من الاثنين الموافق 23 تموز سأمضي مع (X) ساعتين على الأقل كل أسبوع كي أفوض له (وفق اختياره) بعضاً من صلاحياتي.
3- سأقرأ كتاب بعنوان تكوين فرق العمل، اعتباراً من 31 تموز لمساعدتي في التعامل مع الزميل (X) وغيره.


وتكون سلسلة الأهداف المساندة المشتملة على ماذا؟ وأين؟ ومن؟ وكيف؟- أجزاء التخطيط في العملية. ويجب مراجعة الخطط بين المدير والمرؤوس مما يساعد على توحيد الأفكار وتحديد فرص النجاح، ومراجعة الموارد، وتحليل المشكلات المحتملة، ودراسة الحلول البديلة.

المرحلة السادسة: المراجعة الدورية لإنجاز الأهداف
من أهم مراحل نظام الإدارة بالأهداف مرحلة المراجعة الدورية للأهداف ووسائل التنفيذ. ويمكن عقد هذه المراجعات بصورة شهرية، ربع سنوية، نصف سنوية،سنوية، أو في أي وقت يقره الرئيس والمرؤوس. حيث يقوم المرؤوس بإعداد تقرير لرئيسه عن مدى تقدم العمل وذلك قبل اجتماع المراجعة.
تناقش في هذه الاجتماعات الأهداف والخطط والمعايير ووسائل القياس والتقدم الذي تم إحرازه في سبيل تحقيق هذه الأهداف. وتتوجه هذه المرحلة نحو حل المشكلات التي تكون قد ظهرت وتتناول أسئلة من قبيل: أين تقف النتائج الفعلية من النتائج المخططة؟ كيف نفسر الاختلافات والتجاوزات؟ لماذا تقدم إنجاز أحد الأهداف بينما لم يتم إنجاز أهداف أخرى؟ كيف يمكن تحسين خطة العمل؟ هل يجب مراجعة الهدف أم إعادة النظر فيه كلية؟
ونلاحظ أن المرونة هي من أهم ميزات الإدارة بالأهداف حيث يمكن أن تقتضي الأهداف أو الخطة تعديلاً في أي مرحلة من المراحل، مما يتوجب على الإدارة استيعاب ضرورة إحداث التغيير ومعرفة كيف سيتم إجراؤه.

المرحلة السابعة: تقويم الإنجاز
تتم عملية التقويم في نهاية العام او في نهاية فترة زمنية محددة أو بعد استكمال الأهداف. وينبغي على المرؤوس أن بقدم لرئيسه قبل موعد الاجتماع تقريراً مختصراً عن الانجازات يوضح فيه الأهداف الموضوعة والنتائج المحققة، ومدى ما تشكله كنسبة إنجاز من الأهداف الموضوعة باستخدام المقاييس التي تم الاتفاق عليها في المراجل السابقة.
ويجب التركيز في هذه المرحلة على الثغرات أو القصور في نتائج الإنجاز تركيزاً إيجابياً لا يقتصر على إبراز الأخطاء بل يحجب أن يكون مصحوباً بتحليل موضوعي، وذلك بأن يبرز العوامل والأسباب وراء هذا القصور وأن يقدم المساعدة عن طريق اقتراح الحلول وسبل العلاج لهذه العوامل والأسباب. ويمكن تلخيص أسباب القصور إلى:
- الأهداف المحددة أعلى من مستوى الإمكانات المادية أو البشرية المتاحة،
- عدم توافر المستلزمات المطلوبة لتحقيق الأهداف بالشكل والنوعية والكمية المناسبة،
- قصور نظام المعلومات وشبكة الاتصالات بالمنشأة،
- حدوث تغيير سلبي في مناخ وبيئة العمل.

ولا بد لنا من الإشارة إلى ضرورة ووجوب الربط، في هذه المرحلة، بين نتائج القياس لإنجاز أي مرؤوس او رئيس في المنشأة و نظم التحفيز المطبقة من أجور ومكافآت تشجيعية وعلاوات استثنائية وحوافز وأرباح وترقيات بحيث يكون هناك ارتباط وثيق بين الحافز والإنجاز والنتائج.

6- الأنماط القيادية اللازمة لتطبيق النظام بنجاح:
يعتبر القائد الإداري عنصراً أساسياً وهاماً في كل مراحل العملية الإدارية بشكل عام وعملية الإدارة بالأهداف بشكل خاص. حيث أنه بدون المساهمة الفعالة للإدارة العليا الممثلة في المدير، لا يمكن تطبيق النظام بشكل فعال.
اهتمت الدراسات العلمية بتحديد سلوك القائد وصلاحياته للقيام بالمهام المختلفة التي يتطلبها التطبيق الصحيح للنظم الإدارية مثل نظام الإدارة بالأهداف. من هذه الدراسات نظريتي "X" و "Y" التي قدمها ماكجريجور، والشبكة الإدارية التي قدمها بليك وموتون، والتي سنقدم شرحاُ تفصيلياً لها.

الشبكة الإدارية:
تعمل هذه الشبكة على تصنيف السلوك الإداري في إطار بعدين أساسيين هما "الأفراد" و "العمل" ويمثل كل منهما مقياساً من تسعة درجات. ويوجد في إطار الشبكة عدد غير محدود من أنماط السلوك الإداري يتحدد كل منهما بدرجة على كل من البعدين.
ع+ن+ ع- ن+ 9 الاهتمام بالأفراد (ن)
8
7
6
ع ن 5
4
3
2
ع+ ن- ع- ن- 1
9 8 7 6 5 4 3 2 1
الاهتمام بالعمل/الإنتاج (ع)


أما الخمس أنماط الرئيسية والتي تقع في زوايا الشبكة وفي منتصفها الجدول (2) هي:
1- نمط ع+ ن- (9/1): المدير المهتم بالعمل على حساب اهتمامه بالأفراد ويطلق عليه لقب "المدير المتفاني" أو "المدير الديكتاتور".
2- نمط ع- ن- (1/1): ويطلق عليه لقب "المدير السلبي" أو "المدير البيروقراطي"، والذي ليس لديه اهتمام بالعنصرين معاً (العمل والأفراد).
3- نمط ع- ن+ (1/9): المدير المهتم بالأفراد أكثر من اهتمامه بالعمل، وهو ما يطلق عليه لقب "المدير المتعاطف" أو المدير المجامل ".
4- نمط ع+ ن+ (9/9): وهو نمط المدير المهتم بالعمل والأفراد معاً، ويطلق عليه لقب "المدير المتكامل" أو "المدير النموذجي".
5- نمط ع ن (5/5): وهو نمط "المدير الزئبقي" أو "المدير المتأرجح"، حيث يكون اهتمامه بالأفراد وبالعمل بدرجة متوسطة أو حسب الظروف.
الجدول (2)
الأنماط الأساسية الأنماط الأكثر فعالية الأنماط الأقل فعالية
اهتمام مرتفع بالعمل
اهتمام محدود بالعلاقات
(ع+ ن-)
التوجيه: يحدد أساليب موحدة ومقننة لأداء العمل بهدف زيادة قدرات المرؤوس وتنمية مهاراته ورفع مستوى أدائه. يفرض على المرؤوسين أداء العمل بالأسلوب الذي يحدده هو، بجانب اهتمامه الأساسي بتحقيق النتائج الفورية قصيرة الأجل.
اهتمامه مرتفع بالعمل
اهتمام مرتفع بالعلاقات
(ع+ ن+)
الإقناع: يعمل على تنمية قدرات المرؤوسين وإشباع حاجاتهم، ويهتم بتحديد الأهداف وتنظيم العمل دون إهمال للجانب الاجتماعي وتدعيم علاقاته بالمرؤوسين. يفرط في اهتمامه بتنظيم وتحديد أساليب العمل وإجراءاته على حساب علاقاته الاجتماعية والسلوكية مع المرؤوسين والتي غالباً ما يفشل في تدعينها وتوثيقها.
اهتمام محدود بالعمل
اهتمام مرتفع بالعلاقات
(ع- ن+)
المشاركة: يشترك المرؤوسين في اتخاذ القرارات ويركز على تدعيم سلوكهم وتشجيعهم وتيسير أدائهم لأعمالهم. نتيجة لتركيزه الشديد على تحقيق الانسجام بين المرؤوسين، قد يتردد في اتخاذ أي قرار يؤثر على علاقاته بهم.
اهتمام محدود بالعمل
اهتمام محدود بالعلاقات
(ع- ن-)
التفويض: ينعكس هذا النمط في تفويض المرؤوسين في اتخاذ القرارات المتعلقة بالعمل ويثق في قدرتهم على الإنجاز دون الحاجة للتشجيع أو الدعم المستمر. لا يستطيع أن يتنبأ بحاجات المرؤوسين، ونادراً ما يتدخل لإشباع هذه الحاجات في الوقت المناسب.


ويعتبر نمط المدير ع+ ن+ هو أنسب نمط من أنماط القيادة لتطبيق نظام الإدارة بالأهداف.

7- مزايا تطبيق نظام الإدارة بالأهداف:
ينتج عن التطبيق الجيد لنظام بالأهداف مزايا واضحة لكل من المنشاة التي يتم فيها التطبيق وللعاملين فيها من رؤساء ومرؤوسين، من هذه المزايا:
- تنمية القدرة التخطيطية لكل من الرؤساء والمرؤوسين.
- تسهيل مهمة الإشراف والتوجيه.
- المساعدة على التعرف على المشكلات الفعلية للعمل الحالية والمستقبلية.
- زيادة الإنتاجية.
- تقوية عملية الاتصالات بين الإدارة والعاملين.
- المساعدة على رفع درجة رضا العاملين وروحهم المعنوية.
- المساعدة على اكتشاف المهارات الصالحة للترقية.
- تخفيف الروتين وتحقيق المرونة التي يتطلبها العمل.
- إعطاء صورة كاملة عن المنظمة والشركة وعن العمل مما يسهل عملية الرقابة وتقويم الأداء الكلي لها.

8- مشكلات تطبيق نظام الإدارة بالأهداف:
عموماً انحصرت مشكلات ونقاط ضعف تطبيق مبدأ الإدارة بالأهداف وطبقاً للبحوث في هذا المجال في:
1. زيادة الأعمال الورقية نتيجة التفصيل في وضع الأهداف وما يستتبعها من إجراءات لتحقيق هذه الأهداف في صورة يمكن قياسها كمياً.
2. عدم مساهمة أو رغبة الإدارة العليا في المساهمة في المجهود.
3. تفويض السلطات فقط بغرض عدم التورط بصورة مباشرة في النظام.
4. عدم الالتزام بالأهداف.
5. عدم جودة عملية التغذية العكسية أو المرتدة.
6. غياب المعلومات الدقيقة وخاصة عن الصفات الشخصية للأفراد المساهمين في المجهود.
7. التركيز على وضع وصياغة الأهداف على حساب تنفيذ خطة تحقيق هذه الأهداف.
8. لم يعنى تطبيق النظام في الكثير من الأحيان بأهمية الاستجابة لعوائق التنفيذ ووضع الأهداف القابلة للقياس والتطبيق.

ثانياُ- الإدارة اليابانية
مقدمة:
منذ أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات بدأت الإدارة اليابانية تظهر كمنافس للإدارة الأميركية التي ظلت مسيطرة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى كنمط إداري ينهل منه الكثير من الباحثين الإداريين, فالإدارة اليابانية أصبحت تحقق إنجازات هائلة دعت المراقبين في الغرب إلى البحث والتنقيب عن ملامح الإدارة والتنظيمات في المنظمات اليابانية, مدفوعين بإحساس من التحدي وصل إلى أن أصبح التعبير السائد في الولايات المتحدة الأمريكية الآن هو عن (التحدي الجديد) أو (المنافس الجديد) باعتبارها مرادفات للإدارة والتنظيمات اليابانية.
تبلور مدخل الإدارة اليابانية كمحصلة إسهامات مشتركة لبعض علماء الفكر الإداري الحديث، حيث حاول كل من ريتشارد باسكال و وزميله أنطوني أثوس من خلال كتابهم في فن الإدارة اليابانية، و وليم أوتشي الأستاذ بجامعة كاليفورنيا الأمريكية منظر نظرية Z، إيجاد علاقة بين النجاح في مجال الأعمال وبين النمط الفريد للمارسات الإدارية اليابانية.
وقد اسفرت تلك المحاولات الحثيثة عن التوصل إلى عدد من المبادئ المستمدة من بيئة الأعمال اليابانية اعتبرت بمثابة المنهج الإداري الواجب اتباعه من قبل المنظمات لتحقيق النجاح في مجال الأعمال.

1- خصائص الإدارة اليابانية:
يمكن عرض أهم المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها فلسفة الإدارة اليابانية من خلال شقين، الأول هو القيم الاجتماعية والثاني هو الاستراتيجية الإدارية.
2-1- القيم الاجتماعية:
1_الوظيفة مدى الحياة:
يتمتع الاقتصاد الياباني منذ حوالي خمسين عاماً بقدرته على الاحتفاظ بمستوى يقرب لمستوى التوظيف الكامل للعمالة. فمن النادر، وحتى في حالات الانكماش الاقتصادي الشديدة التي حصلت، لم تصل البطالة في اليابان إلى مستوى يزيد عن 3%.
وطبعاً يشمل التوظيف الكامل للعمالة نمطي العمالة الدائمة والمؤقتة. ويكمن سر نجاح الشركات اليابانية في ابتكارها لطريقة السلم أو التدرج للوصول إلى الوظيفة الدائمة، بحيث يلتحق العامل أو الموظف بالعمل براتب متدني ودون حوافز إضافية ( تأمين صحي، تعويض نهاية خدمة، مكافأة تقاعدية،...) حتى مضي عشر سنوات على وجوده في المؤسسة، تستطيع الشركات خلالها تحقيق تكاليف ثابتة متدنية. وبعد مرور عشر سنوات على هذه العمالة المؤقتة ذات التكاليف الثابتة المتدنية تنتقل بالعامل إلى مرحلة الوظيفة الدائمة بمزاياها وحوافزها السنوية الإضافية.
إن هذا الأسلوب في التوظيف لدى الشركات اليابانية هو ما سمح لهذه الشركات بمنافسة الشركات الغربية والتفوق عليها.
وبالتالي فإنه من أهم الخصائص التي تميز المنظمات اليابانية هي توظيف العاملين بها مدى الحياة ولا يعني ذلك استمرار التوظيف حتى الوفاة, فهناك سن للتقاعد، ولكن يعني الاحتفاظ بالعمالة تحت أقصى الظروف مما ينعكس على مناخ العمل في شكل استقرار العمالة وولاء الموظفين وارتباطهم بالشركة كمجتمع أسري ويستدعي ذلك من المنظمات التدقيق في اختيار العمالة التي تلحق بها.
تحرص الإدارة اليابانية على ضمان فرصة عمل مستمرة (بغض النظر عن نمط العقد هل هو عقد عمل دائم أم مؤقت) ومستقرة للموظف الذي تمت الموافقة على تعيينه بالمنظمة، بحيث يعمل دون أن يكون مهدداً بالفصل، وتطبق الإدارة اليابانية تلك السياسة إيماناً منها بآثارها الإيجابية على كل من الإنتاجية والروح المعنوية لقوة العمل، فتطبيق تلك السياسة يساعد على تخفيض معدل دوران العمل، والاقتصاد عن تكاليف التدريب، وتشجيع الفرد على تنمية علاقات الود والصداقة مع زملائه مما يزيد التلاحم التنظيمي ، ويجعل الفرد أكثر ولاءً وارتباطاً بالمنظمة.
إن إتباع سياسة ضمان الوظيفة مدى الحياة تدفع المنظمات الكبرى في اليابان إلى إتباع سياسة دقيقة في الاختيار تضمن لها انتقاء أفضل العناصر التي يمكنها التكيف مع ظروف المنظمة وفلسفتها الخاصة. لذلك فهي تفضل دائماً الخريجين الجدد باعتبارهم أسهل في عمليات الإعداد والتهيئة، ويكون التركيز في عمليات الاختيار لا على مدى تمتع الفرد بمهارات مؤهلة لمنصب معين، وإنما على مدى توافق خصائصه الشخصية، ومستواه التعليمي مع احتياجات المنظمة ومدى قدرته على النمو والاستعداد لاكتساب مهارات جديدة.

2_ عدم التخصص في المهنة:
تؤمن الإدارة اليابانية بأن التخصص الدقيق في مسار وظيفي معين يقلل من الولاء التنظيمي ، ويسهل على الفرد مهمة الانتقال من منظمة لأخرى، أما الإلمام العام وعدم التخصص الدقيق من ناحية معينة يزيد الولاء التنظيمي ، ويجعل مرونة الحركة الوظيفية أسهل داخلياً عنها خارجياً، كما يسهل من مهمة التنسيق والتعاون الداخلي في المنظمة.
ولوضع تلك السياسة موضع التطبيق تأخذ المنظمات اليابانية أسلوب التناوب الوظيفي Job Rotation الذي يتم التخطيط له بعناية كبيرة ، ويكون شاملاً لكل العاملين في المنظمة، مما يثري خبرات الفرد ويكسبه نظرة شمولية لجميع وظائف المنظمة. حيث يتم إلحاق الموظف الياباني منذ دخوله إلى المؤسسة ببرنامج تدريبي إداري للتعرف على ثقافة الشركة والعاملين فيها في جميع الإدارات والدوائر والأقسام والشعب والوحدات. ويبدأ برنامجه التدريبي بالعمل لفترة ما يقارب الشهر في كل إدارة للتعرف على كافة أنشطتها. وبهذا يصبح متعدد الخبرات، ويتمكن من خلال هذه الخبرة من أن يربط أعمال الإدارات كلها مع بعضها حين الحاجة من خلال عمله في مجموعات العمل.
إن تكريس الحياة الوظيفية بهذه التعددية والانتقال إلى عدد كبير من الأنشطة الوظيفية يؤدي إلى تركيز جهود العاملين في خدمة الشركة من خلال المعرفة التي اكتسبوها من خلال التنقل الوظيفي. كما أن الانتقال يؤدي إلى تحقيق الرضا الوظيفي والحيوية والنشاط والإنتاجية.
وفوق ذلك يستطيع العامل من خلال هذه التعددية ومعرفته بالناس والمشكلات الخاصة بالنشاط أن يقدم الخدمة للاختصاصات الأخرى في الشركة لكونه خبيراً بها، كما يسهل عملية إحلال أي موظف مكان موظف آخر من نفس المستوى في حالة المرض أو الغياب. إضافة إلى ذلك فإن الدوران الوظيفي يسمح لاحقاً للعمال بالتعاون في إنجاز المهمات في حالة مواجهة ضغط عمل في أقسام المنظمة.
تتوزع حياة الموظف في اليابان على عدة اختصاصات في شركة واحدة، أما في الغرب فتتمثل الحياة الوظيفية بتعددية ودوران وظيفي بين عدد كبير من الشركات في تخصص واحد.

3_التقييم والترقية البطيئة:
تقوم سياسة المنظمات اليابانية على أساس عدم التعجل في الترقية ، فالموظف العادي يمكن أن يرقى إلى مساعد رئيس قسم في مدة لا تقل عن 8 سنوات. وجوهر هذه السياسة البطيئة في الترقية أن الفرد لا يرقى إلا بعد أن تمر عليه فترة كافية في المنظمة يتمكن من خلالها أن يلم بمختلف جوانب العمل في المنظمة وأن يتشبع بقيمها ، وفلسفتها الفريدة ، وأن تكون الفترة كافية أيضاً لتقييم أدائه ، والحكم على مستوى جدارته على أساس سليم. إن أهم معايير للترقية في اليابان هي: الأداء والانتماء لمدة طويلة للشركة والإخلاص والولاء للشركة. فالأداء يتحقق من توفر المعرفة وتنمية المهارات التنفيذية في اكتساب الخبرة من التنقل بين الأنشطة المختلفة في الشركة. والتي قد تحدث بشكل واضح في اليابان في نقل العامل من نشاط على آخر وتدريبه عليه ، مع أنه قد لا يمت بصلة إلى تخصصه.
كان مبدأ الترقية سابقاُ يعتد على الأقدمية في الشركة أي عدد سنوات العمل فيها، ولكن هذا المبدأ تغير منذ حوالي عقدين من الزمن، بسبب فترات أزمات اقتصادية عاشتها اليابان، فأصبحت الترقية تعتمد على الجدارة والاستحقاق وليس القدم فقط. وفي حال تساوى العاملان في الجدارة فإن تفضيل العامل بالنسبة لهذه الناحية تعطى للعامل الأقدم.
كذلك فإن الانتماء والولاء للعمل يعتبر مطلب أساسي في الشركات اليابانية ويسبق حب العمل، بل يعتبر سبباً رئيسياً لتوليد حب العمل لدى العامل ويشعره بالرضا الوظيفي.

4_فريق العمل:
يعد فريق العمل هو الوحدة الأساسية في تنظيم الشركات اليابانية وليس الفرد، فالهياكل التنظيمية في المنظمات اليابانية تقوم على أساس وحدات عمل جماعي وليس في شكل مراكز وظيفية أو مناصب. ومعنى ذلك أن عضوية الفرد في جماعة ما لا تكون ثابتة طوال الوقت بل تتغير من حين إلى آخر لتوطيد عرى الألفة والتعاون مع أكبر عدد ممكن من العاملين في المنظمة. وفي ذلك استثمار لفعاليات الجماعة في حل المشكلات وفي التطوير والتحدث والابتكار.
إن إنتاجية العامل الياباني تقاس على أساس الجهد الجماعي وليس الجهد الفردي، وتمنح المكافئات التشجيعية للعاملين كنسبة من صافي الأرباح في نهاية العام، وعلى ذلك فإنه من مصلحة كل عامل وكل جماعة أن تبذل قصارى جهدها بغية زيادة الإنتاج وتطويره لأن زيادة الإنتاجية وزيادة الدخل يعودان بالنفع العام على جميع العاملين وليس على فئة محددة منهم.

5_ الاهتمام الشامل بالأفراد (الإدارة الأبوية):
تهتم المنظمات اليابانية بشمولية العناية والاهتمام بالعاملين وتوفير المناخ الذي يشعرهم بأنهم جزء هام من التنظيم أو أنهم أعضاء في أسرة واحدة.
ومن ابرز سمات (الإدارة الأبوية) التعامل الأبوي للمدير مع عماله وموظفيه، فهو يتعامل معهم كما يتعامل الأب مع أبنائه فيشملهم بعطفه، فلا يهتم المدير الياباني بالجانب العملي من حياة الموظف فقط، وإنما يهتم أيضاً بالجانب المتعلق بحياته الخاصة من منطلق أن الإنسان كيان متكامل لا يمكن تجزئته، وأن كلا الجانبيين في حياته يؤثر في الأخر، فالموظف الذي يعانى من بعض المشاكل الخاصة في حياته الأسرية من المتوقع أن ينعكس وبشكل مباشر على عمله من خلال انتظامه في العمل واهتمامه به، وتركيزه على الأداء وعلاقاته بالآخرين. ولذلك فإن المدير الياباني يحرص على الاهتمام بالمشاكل الخاصة لموظفيه قدر اهتمامه بمشاكل العمل ، بل أن الناحية الأولى تعتبر من بين الجوانب الهامة التي تؤخذ في الاعتبار عند تقييم أدائه.
من جانب آخر فإن العلاقة الأبوية الشاملة للعامل الياباني ترتبط بفكرة الوظيفة الدائمة التي عرضناها سابقاً، بشكل يؤكد جو العمل الرسمي والسلطوي إلى حد ما. فلا يمكن للموظف أن يخاف رؤساءه بالتذمر والمواجهة لأنه سيقضي جل حياته في الشركة، لأن الخلاف والرفض لا مكان لهما في جو العمل بناءً على قاعدة الوظيفة الدائمة مما يؤدي إلى الاحتواء الشامل. إلا أن معالجة هذه الخلافات ما بين الرئيس والمرؤوس تتم لا حقاً في الحفلات أو بعد انتهاء الدوام في لقاءات غير رسمية. فالفرد الذي يعرف انه سيعمل مع هذه المجموعة من الأشخاص او في هذه الشركة طوال حياته ليس أمامه إلا أن يكون علاقة حميمة معهم.

6- الرقابة الذاتية:
تعتمد الإدارة اليابانية أسلوب الرقابة الضمنية أو الذاتية بحيث يراقب العامل نفسه بنفسه بدلاً من الرقابة الخارجية المباشرة من قبل الرؤساء. ويعكس هذا الأسلوب الرقابي ثقة الرؤساء بمرؤوسيهم مما يؤدي إلى رفع معنوياتهم وزيادة إنتاجيتهم. ويتعين على المرؤوسين لممارسة هذا النوع من الرقابة فهم فلسفة الإدارة ورسالة المنظمة وثقافتها التنظيمية التي تتضمن القيم والتقاليد والأعراف، وكذلك الإحاطة بالإجراءات المطلوب اتخاذها لتحقيق الأهداف الإستراتيجية والتكتيكية والتشغيلية.

2-2- الاستراتيجية الإدارية:
1_طريقة اتخاذ القرار بشكل جماعي:
تعتمد المنظمات اليابانية على القرار الجماعي المشترك، فعندما يراد اتخاذ قرار هام في منظمة فإن كل الذين سيتأثرون بهذا القرار يتم إشراكهم في اتخاذه.
خلافا لما كان سائدا في الغرب حيت كانت القرارات تتخذ من [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]العليا ويناقشها مجموعة صغيرة من المنفذين, ففي اليابان فان كل الموظفين في الشركة الواحدة يشاركون في صنع القرار حيث يقدم جميع الموظفين دراستهم حول المشروع المطروح دون أن يعرفوا بالضرورة رأي [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]العليا فيه فيبحثون في المشاكل [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]قد تعيق المشروع , ولا تتخذ [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]القرار النهائي بتنفيذ المشروع إلا بعد الإحاطة التامة فيه .
وقد أدركت الشركات [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]أن مفتاح الربح هو جودة المنتج لذلك أوجدت ما يسمى بدوائر الجودة وهي اجتماع لموظفي المنشأة كل فترة زمنية معينة لمناقشة مشكلات الإنتاج وإيجاد الحلول المناسبة لها لإبقاء وزيادة جودة الإنتاج وبهذه العملية كان جميع موظفي المنشأة يشاركون في [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]، وكان لهذه الفكرة الأثر الكبير على نجاح الشركات [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]وتحسين جودة منتجاتها , وبعد النجاح الكبير لهذه الفكرة أخذت الشركات الأمريكية بتطبيقها ولكن لم تنجح فيها بقدر ما نجحت في اليابان , لكن فشل هذه الفكرة في الشركات الأمريكية يعود إلى خلل بتطبيق الفكرة وليس بجوهرها فقد أصبحت هذه الاجتماعات كندوة حوار بين الموظفين ففقدت الفكرة حيويتها , لذلك نجد أن اتخاذ القرارات في الشركات [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]بطيء ولكن تنفيذه سريع أما في الشركات الأمريكية فان اتخاذ القرارات سريع وتنفيذه بطيء .
كما أن الهدف من وراء فكرة اتخاذ القرار بشكل جماعي هو توزيع المسؤولية، فقد لوحظ أن العديد من المدراء يحجمون عن اتخاذ قرار واضح حيال موقف معين خوفاً من المساءلة في حالة الفشل.
2- التعليم والتدريب المستمران:
إن تطبيق سياسة ضمان العمل مدى الحياة للموظف يحتم على المنظمات اليابانية ضرورة العناية بالتدريب المستمر الذي يشمل كل فرد في المنظمة، سواء كان موظفاً أو عاملاُ أو مديراً، من بداية حياته العملية حتى نهايتها . فالتعليم والتدريب المتواصلان سيرفعان من مستوى أداء العامل الياباني والذي سينجم عنه زيادة في الإنتاج وتقدم في نوعية المنتج.
وتستهدف عملية التدريب المستمر تأهيل الفرد ليكون أكثر قدرة على التكيف مع فلسفة المنظمة وقيمها، وأكثر استعداداً ليس للقيام بأعباء وظيفته الحالية فقط ، ولكن بعض الوظائف الأخرى بالمنظمة، وعملية التدريب المستمر مسئولية مشتركة بين الفرد والمنظمة.
3- القيادة الإدارية:
القيادة الإدارية في اليابان جماعية وليست فردية كما في الدول الأخرى لأنها محاكاة نفسية بين القائد ومرؤوسيه بتعهدهم الجماعي لتحقيق الأهداف. القائد الفرد دوره توحيدي وكرمز ومنسق ومتصل. فكرمز توحيدي يتم إرشاده بما يجب عمله مع مرؤوسيه بعكس ما هو متعارف عليه في الدول الأخرى، حتى أنه قيل بأن إحدى علامات الموظف الذكي في اليابان هي معرفته وقدرته على توجيه رئيسه، لأن الأفكار تنطلق من أسفل إلى أعلى.
المدير في اليابان عندما تتم ترقيته على هذا المنصب ينظر إلى هذه الترقية بحزن مقارنة بغيره في العالم، ويردد أمام رئيسه ومرؤوسيه بأنه ليس على ثقة تامة باستطاعته أداء العمل القيادي. ويحاول جاهداً من خلال عمله لكسب ثقة رئيسه ومرؤوسه.
ويعتبر المدير الياباني دقيق في إدارة عمله كونه غير متخصص في نشاط معين، لأنه تنقل بين كافة النشاطات خلال فترة طويلة من حياته الوظيفية ولقضائه فترة طويلة من حياته الوظيفية في العمل الإجرائي والمرؤوس. إن انتقال العامل بين جميع الاختصاصات يؤدي إلى شمولية الموقف، حيث أن التجارب المشتركة بين الأفراد تجعل من الممكن تفهم فلسفة العمل الشاملة للشركة. كما أن العمل في كل الإدارات يجعل مراقبة طرق الاستجابة والتنسيق بين المدراء لحل هذه المشكلات ممكناً وبطريقة منسجمة.
2- نظرية : Z
إن النجاح الاقتصادي الضخم الذي نعمت به العديد من الشركات اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية جلب انتباهاً عالمياً لممارساتها الإدارية. فالعلماء الإداريون درسوا الإدارة اليابانية, وحددوا الخصائص المؤكدة التي تختلف فيها المنظمات اليابانية عن المداخل الأمريكية التقليدية. شجع المديرون اليابانيون المشاركة الأكبر للعمال في اتخاذ القرار وزيادة الاهتمام بالوجود الشخصي للعمال, ووضع تأكيد كبير على جودة سلعهم وخدماتهم. وقد عملت الإدارة العليا كمسهل لاتخاذ القرار أكثر من كونها مصدرة للأوامر. وتم توكيد تدفق المعلومات والمبادرات من الأسفل إلى الأعلى.
ويلخص الشكل(6) مقارنة المنظمات اليابانية والأمريكية التقليدية مع نموذج تنظيم نظرية Z.


التنظيم الأمريكي
1_الاستخدام القصير الآجل
2_اتخاذ القرار الفردي
3_المسؤولية الفردية
4_الترقية والتقييم السريع
5_آليات رقابة ضمنية
6_المسار الوظيفي المتخصص
7_الاهتمام الجزئي بالعمال كأفراد
[IMG]file:///C:/Users/hp/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG]
[IMG]file:///C:/Users/hp/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.gif[/IMG]
نظريةZ
1_الاستخدام الطويل الآجل
2_اتخاذ القرار بالمشاركة والإرجاع
3_المسؤولية الفردية
4_الترقية والتقييم البطيء
5_رقابة مريحة غير رسمية مع مقاس ضمنية رسمية.
6_مسارات وظيفية متخصصة بشكل معتدل
7_الاهتمام بالعمال بما فيهم العائلة والأسرة













خطوات التحول للعمل بأسلوب (Z):
إن أهم الخصائص التي تحتفظ بها النظرية z من نظرية الإدارة اليابانية, هي سيطرة نهج التوظيف الدائم للعاملين, وبطء عملية التقييم والترقية, وتقلب الموظف أو العامل في العديد من الوظائف والأعمال ذات المستوى الإداري أو الفني الواحد, لإطلاعه على جوانب العمل, مما يطور مهاراته الفنية والإدارية وينمي فيه روح التعاون والتآلف في المنشأة.
إن فلسفة نظرية z تقوم على إفهام مجموعة المدراء بأن نجاحهم في تحقيق التعاون فيما بينهم خلال العمل, ينطلق بشكل كبير من قدراتهم على الاتفاق حول مجموعة من الأهداف الأساسية المتعلقة بتسيير أعمال المنظمة, كالاتفاق حول أنواع المنتجات والخدمات التي تقدمها.
وبما أن عملية اتخاذ القرارات في نظرة z تتم في الغالب بالمشاركة والإجماع تبقى المسؤولية النهائية فردية, ولا تعتمد عملية التوجه في منظمة z على السلطة الهرمية والرقابة المباشرة لسلوك العاملين فقط بل على السلطة غير الرسمية وعلى مبدأ الرقابة الجماعية والذاتية, وتشبه المنظمة في النوعz العشائر حيث تمثل تجمعات متآلفة من اليشر تمارس نشاطاً اقتصادياً معيناً تربط بين أفرادها العديد من الصلات.
وبالنسبة لخطوات التحول فيمكن القول أنه حتى الآن لا توجد خطوات متفق علها تماماً بين المنظمات غير اليابانية وخاصة الأمريكية من أجل عملية التحول, وذلك سواء من حيث المضمون أو الترتيب, وهذا بسبب أن ظروف كل بيئة وقناعات العاملين على إدارتها تختلف من منظمة لأخرى, إلا أنه بوجه عام يمكن القول إن عملية التحول تتطلب توفر أرضية معينة تساعد على تطبيق نظرية( z)وإذا لم تكن موجودة فيجب العمل على توفيرها. وتجدر الإشارة إلى إن عملية التحول تستهدف المنظمة بأكملها, ولا تتم دفعة واحدة إنما تتم مرحلياً على دفعات.
وفيما يلي نعرض هذه الخطوات :
أ_تفهم إدارة المنظمة(المديرون) لنظرية الإدارة اليابانية:
تتطلب هذه الخطوة القيام بشرح مفهوم الأسلوب الياباني في الإدارة (j) الذي تعتمد عليه المنظمة اليابانية وما يشتمل عليه من مفاهيم وخصائص, وهذا الشرح يجب أن يكون تحليلياً واضحاً للمديرين, باعتبارهم المسؤولين عن تطبيق أسلوب الإدارة الجديد (z). ويعود السبب في دراسة نظرية(j) إلى أن نظرية (z) نابعة منها, والمفروض أن يفهم المديرون الأصل أولاً ليكونوا أكثر قدرة على الفهم والتطبيق لنظرية (z) في الإدارة.
ب_تحليل وتوضيح فلسفة المنظمة الحالية:
من المهم جداً في هذه الخطوة أن يطلع ويعرف العاملون في المنظمة أهدافها وسياستها ليأخذوا فكرة واضحة عن القيم التي تحكم نشاطها والتي التزموا بها خلال أدائهم لأعمالهم, وكذلك إطلاعهم على تاريخ نشاط مؤسستهم وما حققته من إنجازات سابقة, وقراراتها الناجحة والفاشلة والجديدة والمراد إدخاله للمنظمة وهو أسلوب (z) في الإدارة.
ج_ شرح وتوضيح الفلسفة الجديدة:
في هذه الخطوة توضح للعاملين مضمون ومفهوم فلسفة الأسلوب الجديد, والقيم التي يفترض تبنيها والتقيد بها من أجل تطبيقها بشكل سليم, وما هي الأمور الواجب إتباعها والتي ترشدهم في عملية التطبيق للفلسفة الجديدة وفي تعاملهم مع بعضهم بعضاًَ ومع المجتمع.
د_مقارنة الفلسفة الجديدة مع الفلسفة القديمة:
الغاية من هذه المقارنة إيضاح الفروقات بينهما لكشف سلبيات القيم والمعتقدات القديمة والممارسات غير المناسبة أمام العاملين, من اجل التمييز بين الفلسفتين واستنتاج مزايا وفوائد الفلسفة الجديدة, ولا شك أن هذه الخطوة في غاية الأهمية لأنها تولد مشاعر الثقة بالفلسفة الجديدة وتزيل الشكوك والمخاوف والتساؤلات حولها.
هـ_إعادة تنظيم وتصميم العمل:
تتضمن هذه الخطوة القيام بالعديد من الإجراءات التنظيمية لتعديل الهيكل التنظيمي وطرق وإجراءات العمل داخل المنظمة, بما يتماشى مع تطبيق الفلسفة الجديدة بالتركيز على مبدأ المشاركة والتعاون, والنظرة الكلية للمنظمة وليست النظرة الجزئية. ولخدمة ذلك يجري التأكيد على ضرورة عدم إتباع مبدأ التخصص الضيق بل التخصص الواسع، بحيث يكون لدى الفرد إلمام واسع وليس ضيق, ويشعر بمشاكل الآخرين الذين بنفس الوقت يشعرون بمشاكله, وهذا الأمر يمكن أن يتحقق من خلال دورية أو تبادل الأعمال داخل المنظمة. إذا يجب تصميم العمل وتنظيمه داخل المنظمة على شكل فريق السلة الذي يهاجم ويدافع كجماعة واحدة , انطلاقا من مبدأ العمل الجماعي التعاوني والمشاركة في التخطيط واتخاذ القرارات.
و_ اطلاع الاتحادات والنقابات المعنية على عملية التحول:
تؤكد نظرية(z) على إشراك نقابات واتحادات العمل المعنية فيما تضعه من خطط للمنظمة قبل إدخالها لأية تغييرات رئيسة في شروط وظروف العمل,انطلاقاً من مبدأ المشاركة العريضة في قرارات المنظمة لكسب ثقة العاملين والاتحادات والنقابات التابعين لها, ويتم ذلك عادة من خلال اللقاءات وحوارات فكرية مشتركة.
ز_ توفير نظام خدمة وظيفية مناسب:
يتضمن هذا النظام أموراً معينة هامة يستوجب تبنيها لتتماشى مع فلسفة نظرية(z) في الإدارة وهذه الأمور أهمها ما يلي:
1_ تحقيق الاستقرار الوظيفي:
ويكون عن طريق الاستخدام الطويل الأجل وعدم تهديد العاملين بالتسريح في أي وقت. وعندما تواجه المنظمة بضائقة مالية فبدلاً من أن تلجأ إلى تسريح العاملين, يمكنها أن تخفض أجورهم مؤقتاً ريثما تتخطى الضائقة.
2_إقرار نظام الترقية:
هنا يجب التأكيد على العاملين بأن نتائج تقييم أدائهم وتعويضهم عنه من خلال ترقيتهم لا يأتي في الأمد القريب وعليهم تجاهل المكاسب القصيرة الأجل والتركيز على المكاسب الطويلة الأجل. وللمساعدة في تطبيق ذلك يجب التركيز على الحوافز المعنوية والمشاركة واللجوء إلى أسلوب دوران العمل, الذي يتم بموجبه نقل الموظف أو الفرد من وظيفة لأخرى لاكتساب معارف وخبرات ومهارات متعددة ومتنوعة تفتح له أبواب الترقية في المستقبل وتخفف عنه حدة الانتظار.
3_إقرار نظام المشاركة في الأرباح:
أن المشاركة في الأرباح تنمي من التعاون بين العاملين وتجعلهم يعملون باتجاه واحد تعاون لتحقيق مكاسب تعود بالنفع على الجميع.
4_ التركيز على الحوافز المعنوية:
وذلك من خلال المشاركة في التخطيط واتخاذ القرارات وأسلوب إغناء العمل وجعل عمل الأفراد يتضمن عنصر التحدي، و لا يعتمد على التخصص الدقيق والعمل الروتيني البسيط المتكرر.
ح_تشجيع مجالات المشاركة:
تسعى نظرية (z) إلى البحث عن مجالات مشاركة العاملين، وذلك بتشجيع اقتراحاتهم بصفتهم مجموعة متألقة ومسؤولة عن العمل، ويهدف ذلك إلى تحسين الإنتاج عن طريق معرفة الأسباب التي قد تقف حائلاً دون ذلك.
ط_تنمية العلاقات الشمولية:
وهذا لا يكون عن طريق اللباس الموحد أو الأناشيد والشعارات، بل عن طريق تآلف جماعي بين الرؤساء والمرؤوسين وإيجاد الثقة بينهم ومساعدتهم في تخطي مشاكلهم، بث روح العمل الجماعي والتعاون بينهم، إحداث الانتماء لديهم للمنظمة. فجلسات الحوار بين العاملين ورؤسائهم, وتبادل الرأي ووجهات النظر, وحسم الخلاف بينهم كل ذلك يعزز المشاعر الجماعية والألفة بينهم.
ي_بدء التنفيذ في المستوى الإداري الأعلى:
يعتمد أسلوب(z) على إدخال التعديلات وبدء التنفيذ في المستوى الوظيفي والإداري الأول في الإدارة العليا نظراً لكونها المسؤولة عن إدارة المنظمة ككل, ولتسهيل مبدأ المشاركة وإعطاء القدوة الحسنة للمستويات التنظيمية الأولى التي تليها, فالإصلاح والمبادأة تنطلق من القمة عادة.



بتطبيق إدارة الجودة الشاملة

مقدمة:
مما لاشك فيه أن الجودة تعتبر إحدى العوامل التي تحدد إمكانية المنافسة بين المؤسسات، فجودة المنتجات تعتبر عاملاً من عوامل تسويقها، والدول الصناعية تولي هذا الموضوع اهتماماً متزايداً، وذلك من خلال الأخذ بالأساليب العلمية الحديثة في تخطيط وضبط العمليات الإنتاجية بمصانعها ابتداء من شراء المواد الخام وحتى تسليم المنتج النهائي للمستهلك، ومن هذه الأساليب تطبيق إدارة الجودة الشاملة لما لها من فوائد تعود على كافة الأطراف المعنية بالجودة من منتج، منظمة، مستهلك ...الخ

1- مراحل تطور أساليب الرقابة على الجودة
شهدت أساليب الرقابة على الجودة تطورات مهمة في عملية الإنتاج، إذ مرت أساليب الجودة بمراحل متعددة منذ بداية القرن الماضي نتيجة لتطور عمليات الإنتاج وتعقدها . لذلك يمكن تصنيف التطور الذي مرت به الرقابة على الجودة في أربعة مراحل :

المرحلة الأولى : التفتيش- بداية الثورة الصناعية - 1940
1- كانت بدايات الرقابة على الجودة هي العامل نفسه، إذ كان الحرفي يقوم بنفسه بفحص إنتاجه الذي ينتجه، وبذلك كانت عملية الرقابة على الجودة ملزمة للعمل التصنيعي الحرفي لأن العامل كان مسئولاً عن تصنيع المنتج بأكمله .
2- ومع التطورات التي شهدتها بدايات القرن العشرين وظهور مفهوم المصنع الحديث واسع النطاق والمتضمن العديد من العاملين الذين يؤدون مهام متشابهة ويشكلون مجموعة، فقد أصبح توجيههم من قبل رئيس العمال الذي يتحمل مسؤولية الرقابة على جودة أعمالهم .
3- ومع التطورات الحاصلة في عمليات الإنتاج فقد تطلب الأمر القيام بملاحظة مستمرة للمنتج النهائي ليتحول أسلوب الرقابة على الجودة إلى أسلوب التفتيش. وساد الاعتقاد بان التفتيش هو الطريق الوحيد لضمان الرقابة على عمل عدد كبير من العمال و مقارنة نتائج عملهم مع المعايير الموضوعة والتأكد من تحقيق تطابق خواص المنتج مع الخواص المطلوبة.

المرحلة الثانية : ضبط الجودة إحصائيا 1960- 1940
1- شهدت هذه المرحلة تحولاً حاسماً تمثل باستخدام علم الإحصاء في الرقابة على الجودة ، فقد أدركت الشركات الصناعية بان القيام بنشاط الفحص أصبح غير كاف، وإنما عليها البحث عن أساليب أكثر تأثيراً ليصبح المنتج بمستوى الجودة المرغوب .فكان التغيير باتجاه السيطرة على الجودة إحصائيا وزود الفاحص بأدوات وأساليب إحصائية مثل اختيار عينات القبول بدلاً من الفحص الشامل، لتحليل عملية التشغيل ومخرجاتها, وبذلك تحول الفحص إلى دور مميز أكثر كفاءة.
2 - تميزت هذه الفترة بالاستخدام الواسع والكبير للمخططات الإحصائية في عمليات المنظمة ولاسيما الإنتاج والجودة كمخطط Pareto، ومخطط السبب – التأثير (Cause –Effect) التي أثبتت كفايتها في تشخيص المشاكل . لقد أنصب التركيز في هذه الفترة على العمليات وكيفية إداراتها بكفاية وبالشكل الذي أدى إلى جعل الرقابة على العمليات مسؤولية لكل فرد في المنظمة.

المرحلة الثالثة : ضمان الجودة 1980- 1960
1 - أصبح في هذه المرحلة تحقيق الجودة العالية للمنتجات هو ما تسعى إليه جميع المنظمات الصناعية ، فتحقيق الثقة بأن كل شيء صحيح وخال من العيوب ، هي الميزة التي يتمتع بها أسلوب عمل المنظمات وفق مبدأ التلف الصفريZero Defect الذي أطلقه وأستخدمه بشكل واسع.Crosby
2- دفع هذا الأسلوب المنظمات إلى تحقيق التنسيق بين العاملين والمدراء في حل المشاكل ووضع التحسينات عن طريق برامج مخصصة لهذا الغرض، فضلاً عن جعل هدف كل فرد عامل في المنظمة يتمثل بتحقيق التلف الصفري في عمله عن طريق الصلاحيات الممنوحة له وتشجيعهم بالمكافآت والحوافز بما يحقق الدعم لعمل الأفراد داخل المنظمة من جهة، وتحقيقها للأهداف الاستراتيجية لعملية التخطيط للجودة من جهة أخرى .
3- إن التطور في مفهوم الجودة يضمن الحفاظ على مستوى الجودة المطلوبة الذي نتج عنه تطور جديد في موضوع الجودة أطلق عليه اسم ضمان الجودة Quality Assurance والذي يصف جميع الإجراءات المخططة والمنهجية اللازمة لإعطاء الثقة بأن السلعة أو العملية أو الخدمة المؤداة سوف تستوفي متطلبات الجودة .

المرحلة الرابعة : إدارة الجودة الشاملة - 1980
1- أصبحت الجودة في هذه المرحلة ركنا أساسيا ً من أركان الوظيفة الإدارية للمدراء ، إذ يتطلب الاهتمام بما يمكن المنظمة من إحراز التميز سواء لمنتجاتها أو لعملها وجعلها مسؤولية كل فرد فيها.
2- ظهرت إدارة الجودة الشاملة كمدخل إداري يركز على الجودة التي تعتمد على مساهمة جميع أفراد المنظمة لتحقيق النجاح طويل المدى من خلال تحقيق رضا الزبون وتحقيق المنافع لجميع أفرادها وللمجتمع .
3- إلى جانب الاهتمام الكبير في نمط الإدارة الحديثة، شهدت هذه المرحلة تطور المواصفات العالمية بما يضمن تحقيق أعلى درجات المطابقة للمواصفات المطلوبة للزبون، الأمر الذي وحد المواصفات الوطنية في دول العالم كافة للخروج بمواصفة عالمية موحدة ذات شهادة لضمان الجودة أطلق عليها سلسلة المعايير الدولية ISO 9000 ، فهذه المواصفات أصبحت شرطا مهماً وأساسياً في عمليات التبادل التجاري الدولي وضرورة من ضرورات إبرام العقود التجارية بين المنظمات في كافة دول العالم .

وسنتعرف بشكل تفصيلي على مفهوم إدارة الجودة الشاملة.

2- مفهوم إدارة الجودة الشاملة:
يعتبر أرموند فيجنباو أول من تطرق إلى مفهوم الجودة الشاملة في كتابه Total Quality Control ، حيث عرف الجودة الشاملة بأنها "نظام فعال يهدف إلى تكامل أنشطة تطوير المنتج وإدامة الجودة وتحسين الجودة التي تؤديها المجاميع المختلفة في المنظمة بما يمكن من تحقيق أكثر المستويات الاقتصادية في الإنتاج والخدمات والتي تؤدي إلى رضا الزبون بشكل كامل"
واليابانيون هم أول من بدأ في تطبيق إدارة الجودة الشاملة حيث استعانوا بالدكتور إدوارد ديمنج (Dr. Edwards Deming) الذي قام بإلقاء محاضراته القيمة في موضوعات الجودة ومراقبة العمليات وقام بعرض مزايا إدارة الجودة الشاملة.
ثم بدأت أوربا والولايات المتحدة الأمريكية بالاهتمام بإدارة الجودة الشاملة ولكن في وقت لاحق لاهتمام اليابان بها وتوج هذا الاهتمام بإصدار المواصفة ISO 9000 من قبل المنظمة الدولية للتقييس في سنة 1987 ، التي تتضمن مجموعة من المعايير التي ينبغي توافرها في أية منشأة لتكون جديرة بالتعامل معها.

3- عناصر إدارة الجودة الشاملة :
یتضمن أسلوب إدارة الجودة الشاملة مجموعة من العناصر والمبادئ الواجب التقيد والالتزام بها لتحقيق الأهداف التي یسعى هذا الأسلوب الإداري إلى تحقيقها والمتمثلة في تحسين الأداء الإداري، وتحقيق الرضا لدى الزبائن عن الخدمات أو الإنتاج.

والعناصر الأساسية لإدارة الجودة الشاملة هي :
أولاً : تعهد والتزام الإدارة العليا بمبدأ تحسين إدارة الجودة، أي ضرورة اهتمام الإدارة العليا بالعمل على تحسين نوعية وجودة الخدمات المقدمة أو السلع المنتجة، وكذلك ضرورة إدراك الإدارة العليا والعاملين بها لما سوف تحققه عملية تطبيق إدارة الجودة من حيث الترشيد وزیادة الأرباح وتوفير الدعم للمنظمة واستمراریة نجاحها.
ثانياً : وضع الخطط بصورة مستمرة لتحسين مستوى الخدمة : لا تقل أهمية التخطيط المستمر لتحسين جودة ونوعية الخدمات المقدمة عن أهمية أيٍ من وظائف الإدارة الأخرى، إذ یمثل التخطيط الناجح بقاء واستمراریة التنظيمات من خلال عمليات التنبؤ المدروس والمنظم للمستقبل، ووضع التقدیرات والاحتمالات بناءً على أسس علمية، وتحدید البرامج المراد إنجازها بما یتماشى مع قدرات التنظيم واتخاذ القرارات الرشيدة.
ثالثاً: الاهتمام بجمهور الخدمة: إن إدارة الجودة أسلوب إداري تؤكد فلسفته ضرورة تحقيق متطلبات واحتياجات وتوقعات الزبائن، فإدارة الجودة تركز بالدرجة الأولى على الجمهور المستفيد من خلال الالتزام بمتطلباته واحتياجاته، ومحاولة معرفة مدى رضاه عن المنتج أو الخدمة، وكذلك محاولة التعرف على احتياجاته المستقبلية لأن عدم تلبية هذه الحاجات من قبل المنظمات یعني فشلها وعدم نجاحها ومن ثم خسارتها وتلاشيها.
وتستطيع المنظمات تطویر آليات تساعد على تفهم احتياجات العاملين وتساعد على دراسة التغيرات البيئية المحيطة، منها :
أ- اللقاءات المباشرة مع العملاء والتعرف من خلال هذه اللقاءات على معایير الجودة كما یراها العملاء.
ب- استخدام الدراسات التقييمية والاستطلاعية للوقوف على مدى رضا الأفراد عن السلع والخدمات المقدمة.
رابعاً: تدریب العاملين على إدارة الجودة الشاملة: یتطلب نجاح إدارة الجودة الشاملة الاهتمام بتزوید الأفراد العاملين بالمهارات والقدرات اللازمة لتطبيقها ونجاحها عن طریق توفير برامج تدریبية مؤهلة قادرة على إیصال المعلومات والمهارات استناداً إلى أسس علمية قادرة على تحسين مستوى الأداء للأفراد.
وللتدریب مكانة مهمة في إنجاح عملية تطبيق إدارة الجودة حيث یساعد على تحقيق الأهداف التالية:
-1 تزوید الأفراد بمعلومات متجددة عن طبيعة الأعمال والأساليب.
-2 إعطاء الأفراد الفرص الكافية لتطبيق هذه المعلومات والمهارات.
خامساً : مشاركة الأفراد العاملين في عمليات اتخاذ القرارات:
تتطلب إدارة الجودة الشاملة مشاركة ذات مستوى عالٍ من جميع الأفراد العاملين وبمختلف المستویات الإداریة، فالأفراد العاملون لهم تأثير كبير على سير العملية الإنتاجية، فهم الأكثر درایة بمشكلات العمل، والأكثر معرفة في إیجاد الحلول. وقرار المشاركة هو الأقرب لواقع الحال في المنظمة الإداریة، لأنه قرار یتم تصنيعه بشكل جماعي ونتيجة للمناقشات وتبادل الآراء ومن ثم تكون له القدرة على إیجاد الحلول المثالية للمشكلات التنظيمية أو الإداریة.
یجب على الإدارة الاستجابة لاقتراحات وآراء العاملين الإیجابية، لأن مشاركتهم تؤدي إلى رفع الروح المعنویة وتحسين الاتجاهات والعلاقات بشكل ینعكس على الإنتاجية. وقد دلت الأدبيات الإداریة على أن المشاركة من الأفراد العاملين والإدارة تؤدي إلى تحقيق الرضا الوظيفي ومن ثم زیادة مستوى الانتماء والولاء، فالأفراد یتكون لدیهم شعور من خلال مشاركتهم في صنع القرارات بأن لهم اعتباراً وأهمية فترتفع روحهم المعنویة، ویبدون نتيجة لذلك استعداداً كبيراً لقبول وتحمل المسؤولية، والعمل بكل ما لدیهم لتحقيق أهداف التنظيم. وهذا المفهوم هو ما ترغب إدارة الجودة الشاملة بتحقيقه بشكل یعطي الإدارة العليا إشارة إلى أهمية مشاركة العاملين في العمليات التنظيمية، ویولد عند العاملين إحساساً وشعوراً بأنهم جزء لا یتجزأ من البناء التنظيمي القائم.
سادساً: تحديد معايير قياس الجودة : هناك معایير یتم بموجبها قياس جودة ونوعية الخدمة المقدمة، وهذه المعایير هي من أسس ومقومات نجاح إدارة الجودة. ویجب على الأفراد العاملين الالتزام بها حتى یتم ضمان أداء العاملين بشكل أفضل وبالتالي تقدیم خدمات ذات جودة عالية ترضي أذواق ورغبات الجمهور. وتتضمن بعض المعایير مراعاة الدقة والتنظيم والوقت في حالة تقدیم الخدمات، والعمل على ضرورة توفير المعلومات ومعالجة المشكلات الإداریة والصعوبات التي تواجه الجمهور أثناء الحصول على الخدمة . ولكي یتم وضع معایير دقيقة في إدارة الجودة یجب توافر شرطين أساسيين هما :
-1 ضرورة التمييز بين المهام القابلة للقياس والمهام غير القابلة للقياس.
-2 وضع معالجة مختلفة للمهام التي تتطلب عملاً أكثر تعقيداً وذلك من خلال المؤثرات التي تنتج من عملية تحليل المهام.
سابعاً: تشكيل فرق العمل : یعتبر تشكيل فرق العمل داخل التنظيمات الإداریة الحدیثة أحد متطلبات تطبيق إدارة الجودة الرامية إلى حل المشكلات وإیجاد الحلول وذلك باستخدام ما یعرف بفریق العمل، فإدارة الجودة الشاملة تتطلب من الإدارة العليا ضرورة العمل على تكوین فریق عمل من أفراد تتوافر لدیهم المهارات والقدرات اللازمة لمعالجة المشكلات وذلك بهدف تحسين نوعية وجودة الخدمات والسلع المنتجة.
ثامناً : مكافأة العاملين : یتطلب تطبيق إدارة الجودة إعطاء الأفراد حوافز تساعد على إشباع حاجاتهم وتدفعهم لبذل قصارى جهدهم لتحقيق أهداف التنظيم، فأنظمة الحوافز وما یتبعها تعتبر وسائل فعالة لتطویر أداء العاملين وزیادة إنتاجيتهم وتحسين نوعيتها .وللحوافز صور متعددة مثل المكافآت المادیة، والترفيع، والاعتراف، أو العمل على تخصيص نسب حصصية من الأسهم لبعض الأفراد المميزین في حالة تطبيق إدارة الجودة في الشركات الخاصة، أما في تنظيمات القطاع العام فإن الحوافز المادیة والمعنویة ومشاركة الأفراد في اتخاذ القرار تعتبر جميعها أدوات تحفيز فعالة. أضف إلى ذلك أن إعطاء العاملين بعض الامتيازات مثل الضمان الاجتماعي، وصندوق التقاعد، والتأمين الصحي وغير ذلك یؤثر على شخصية الأفراد وسلوكياتهم الوظيفية الأمر الذي یدفعهم للاجتهاد وتحسين الأداء وتحقيق أهداف التنظيم.


4- مراحل تطبيق إدارة الجودة الشاملة:
: 1.4 المرحلة الصفرية: مرحلة الإعداد Preparation
تعتبر هذه المرحلة أهم مراحل تطبيق إدارة الجودة الشاملة، حيث يطلق عليها مرحلة اقتناع وتبني الإدارة والقيادات الإدارية لفلسفة إدارة الجودة الشاملة، وبناء ثقافة تنظيمية تتوافق مع متطلبات تطبيق هذا المدخل، وذلك من خلال إعداد القادة وإظهار التزامهم بالجودة الشاملة.
يتم التركيز في هذه المرحلة على إبراز دور الإدارة القيادي وتغيير الأنماط القيادية القديمة تدريجياً إلى الأنماط الجديدة التي تتلاءم وفلسفة مدخل إدارة الجودة الشاملة. ولنجاح هذه المرحلة يجب اتباع الخطوات التالية:
• دراسة مدى الحاجة إلى مدخل إدارة الجودة الشاملة، وذلك من خلال عرض نجاح المنافسين وتجارب الشركات الرائدة في هذا المجال والفوائد التي حققتها من جراء تطبيق هذا المدخل.
• تدريب كبار المديرين التنفيذيين.
•تحديد سياسة المنظمة الخاصة بالجودة الشاملة.
• التقيد والالتزام بتوفير الموارد اللازمة للتنفيذ.
• نقل الرسالة إلى كافة العاملين.

: 2.4 المرحلة الأولى: مرحلة التخطيط Planning
وفيها يتم وضع الخطط التفصيلية للتنفيذ ويتم تحديد الهيكل الداعم أو فريق الخدمات الداعمة والموارد اللازمة للتطبيق كما يتم اختيار أعضاء مجلس الجودة، وكذلك يتم اختيار منسق يكون مسئولاً عن ربط الأنشطة المتعاونة، ثم يلي ذلك تدريب مجلس الجودة والمنسق على مبادئ ومتطلبات تطبيق إدارة الجودة الشاملة من خلال الخطوات التالية:
• اختيار أعضاء مجلس الجودة.
• اختيار منسق إدارة الجودة الشاملة.
• تدريب مجلس الجودة ومنسق إدارة الجودة الشاملة.
• عقد أول اجتماع للمجلس وإعداد مسودة خطة التنفيذ.
• اعتماد الخطة والتعهد بتوفير الموارد اللازمة.
• تحديد العمليات الأساسية واختيار استراتيجية تنفيذ الخطة.

: 3.4 المرحلة الثانية: مرحلة التقدير والتقويم Assessment
تشتمل هذه المرحلة على أربع خطوات تعتبر مدخلاً لمرحلة تنفيذ إدارة الجودة الشاملة، ومعلومات مرتدة للإدارة وإدارة التدريب، ودعم مباشر للخطة الاستراتيجية للجودة بالمنظمة وهذه الخطوات هي:
:Self-Evaluation •التقويم الذاتي : تبدأ عملية التقويم الذاتي بعدد من التساؤلات المهمة حول ضرورة تطبيق إدارة الجودة الشاملة وأهميتها، والتي يمكن في ضوء الإجابة عليها من المديرين تهيئة المناخ المناسب للبدء في تطبيق مدخل إدارة الجودة الشاملة.
:Organizational Assessment • التقدير التنظيمي : وتهدف هذه العملية إلى توفير أداة ضرورية لفهم المنظمة وجميع العاملين بها، حيث أنه من الضروري أن يتم تقييم الوضع الحالي للمنظمة، وتقييم العوامل المتعددة والتي يمكن أن تقود المنظمة إلى الأفعال الإيجابية التي تركز على التحسين المستمر. وأحد هذه العناصر التي يمكن أن تركز عليها عملية التقويم هي الثقافة التنظيمية، حيث إن النتائج التي تحصل عليها المنظمة من خلال تقويم وتقدير ثقافة المنظمة تؤدي دورًا مهمًا في تطوير الخطة الاستراتيجية للمنظمة الخاصة بإدارة الجودة الشاملة، وكذلك في وضع خطة التدريب المطلوبة للعاملين والمديرين بالمنظمة.
• التعرف على مدى رضا المستهلكين، وعلى ما يقترحونه من مجالات التحسين والتطوير خلال لقاءات العمل أو من خلال الاتصالات بوسائل الاتصال المختلفة.
:Training Feedback • التغذية العكسية لتقييم التدريب : تشكل التغذية العكسية المكتسبة من خلال تقييم التدريب الخطوة الأخيرة لمرحلة التقويم، ويمكن الاستفادة منها في التعرف على ردود أفعال المشاركين في الدورات التدريبية من العاملين والمديرين، أعضاء فريق العمل، وآرائهم، ومقترحاتهم في إمكانية تحسين الأداء ومجالاته.

: 4.4 المرحلة الثالثة: مرحلة التنفيذ Implementation
تبدأ هذه المرحلة باختيار الأفراد الذين سيعهد إليهم بمهمة التنفيذ وهم مسهلو المنظمة، ومن ثم تدريبهم على أحدث وسائل التدريب المتعلقة بإدارة الجودة الشاملة، باعتبارهم جزءاً من الخدمات الداعمة، كما يتم تدريب المديرين والمرؤوسين، وكذلك يتم تدريب فرق العمل على كيفية استخدام الأسلوب العلمي في حل المشاكل وتحسين العمليات باستخدام أدوات وأساليب إدارة الجودة الشاملة. وتمر هذه المرحلة بالخطوات التالية:
• اختيار المسهلين وتدريبهم.
• تدريب الإدارة والعاملين.
• تدريب المشاركين في فرق العمل.

5- فوائد تطبيق إدارة الجودة :
إن استخدام مبادئ ومفاهيم إداریة معينة لا یمكن أن یحظى باهتمام الإدارة العليا إلا إذا ترتب على تطبيق واستخدام هذه المبادئ تحقيق فوائد معينة، وتطبيق مفهوم إدارة الجودة الشاملة یؤدي إلى تحقيق الفوائد التالية :
- العائد الخارجي:
· تحسين نوعية الخدمات والسلع المنتجة
· توجه واضح نحو السوق.
· زيادة رضا العملاء.
· تحسين العلاقات مع العملاء.
· سمعة أفضل للمنظمة.
· زیادة قدرة المنظمات على البقاء والاستمرار.

وهذا يؤدي إلى حجم مبيعات أكبر

-العائد الداخلي:
· تحسين أداء العاملين.
· العمل على تحسين وتطویر إجراءات وأساليب العمل.
· تنمية مهارات العمال من خلال المشاركة في تطویر أساليب وإجراءات العمل.
· القضاء على كل أنواع الفاقد
· زیادة ولاء العاملين للمنظمة.

وهذا يؤدي إلى خفض التكاليف
زيادة حجم المبيعات + خفض التكاليف = زيادة الأرباح.

6. معوقات تطبيق إدارة الجودة الشاملة في القطاع الحكومي :
تعتبر إدارة الجودة الشاملة أحد المفاهيم الإداریة الحدیثة التي تهدف إلى زیادة الإنتاجية في المنظمات وزیادة قدرتها على مواجهة وحل المشكلات للاستمرار والبقاء، بالإضافة إلى ما یمكن تحقيقه من فوائد تعود على التنظيمات والأفراد بشكل خاص وعلى المجتمع بشكل عام، الأمر الذي ترتب عليه الإسراع بضرورة العمل على تطبيق هذا المفهوم في القطاعين العام والخاص في كل الدول العالم.
وكتطبيق جدید لهذا المفهوم، تناول الكثير من الكتاب والباحثين هذا الموضوع بالدراسة والتحليل وتوصلوا إلى نتيجة مفادها أن تطبيق إدارة الجودة الشاملة في القطاع العام لا یترتب عليه أي آثاراً سلبية، ولا یوجد أي عوائق تمنع تطبيقه، لأن الإدارة الجيدة والدعم الكامل من قبل الإدارة الجيدة والدعم الكامل من قبل الإدارة العليا ومن قبل الأفراد، والعمل على توفير المناخ المناسب تعتبر أدوات كافية لنجاح تطبيق إدارة الجودة الشاملة في القطاع الحكومي.
ولكن تطبيق هذا المفهوم في القطاع الحكومي ليس بالأمر السهل، حيث یتطلب التطبيق الناجح العمل على توفير مجموعة من المتطلبات اللازمة، مع الأخذ بالاعتبار وجود اختلافات بين عملاء القطاع العام والخاص مما قد یعني وجود درجات ومستویات مختلفة لتطبيق إدارة الجودة في كل من القطاعين، ومن هذه الاختلافات تباین الاحتياجات والقدرة على تحقيق الرضا لدى جمهور الناس.
ویقول عبد الرحمن هيجان في هذا الموضوع :
إن المدیرین والأفراد العاملين في القطاع العام غالباً ما یقررون ویحددون الخدمات المطلوبة للجمهور على اعتبار أن القطاع الحكومي هو الجهة الوحيدة التي تتولى تقدیم هذه الخدمات، وليس أمام هذا الجمهور أي خيار في طلب هذه الخدمة من الحكومة. لذلك فإن عدم توافر الاتصالات بين منظمات القطاع العام والعاملين بها وبين جمهور المستفيدین یعتبر من أهم الأسباب في تدني رضى الجمهور العام عن مستوى وجودة الخدمات التي تقدمها تنظيمات القطاع الحكومي.
وبالرغم مما كتب في هذا المجال، إلا أن هناك صعوبات تواجه تطبيق إدارة الجودة الشاملة في القطاع العام هي :
أولاً : عدم وجود المنافسة في القطاع العام :
ونتيجة لهذه الخاصية في انفراد القطاع العام ومؤسساته بتقدیم الخدمات، فإنه لا مجال لحصول المنافسة مع تنظيمات أخرى كما هو الحال في القطاع الخاص، الأمر الذي ینعكس على الإنتاجية فالتنافس یدفع التنظيمات دوماً إلى تقدیم الأفضل لإرضاء الجمهور.
ثانياً : تأثير العوامل السياسية على اتخاذ القرارات :
وهذه إشارة إلى أن معظم القرارات التي تتخذ في القطاع العام تتأثر بأبعاد سياسية واجتماعية مما ینعكس بأثر سلبي على موضوعية القرار.
ثالثاً : تأثير قوانين الخدمة المدنية :
أصبحت الأنظمة والقوانين وإجراءات تنفيذها قيوداً تحد من قدرة المسؤولين في القطاع العام على اتخاذ القرارات المتعلقة بتعيين المرشحين الأكثر كفاءة، وعلاج ذلك یتمثل في تقویم عملية اختيار العاملين وفقاً لآلية السوق.
رابعاً : عدم وضوح الأهداف :
ویلاحظ هنا أن بعض الأهداف في القطاع العام غير قابلة للقياس وغير واضحة مما ینعكس بشكل سلبي على وظائف الإدارة مثل التخطيط والتنسيق والتنفيذ... الخ، ویصبح هناك مجال للتدخل وفقاً للمعایير الشخصية مما یشكل حدوث صراعات وظيفية داخل التنظيم.
خامساً : عدم تطبيق أنظمة العقوبات والمساءلة في حالة التجاوزات :
یؤدي ذلك إلى ظهور ما یعرف بالسلوك غير المتوازن من اللامسؤولية الى اللامبالاة لدى الأفراد العاملين وبشكل یؤثر تأثيراً سلبياً على الأداء، وعلى استمراریة المنظمات الإداریة.
سادساً : عدم إعطاء أي أهمية لعملية قياس وتقييم الأداء :
وتعتبر هذه من الأمور الواجب مراعاتها خاصة فيما یتعلق بتبني أنظمة حوافز جيدة تعمل على دفع الأفراد لبذل المزید من الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف، ولكن یلاحظ أن عملية تقييم الأداء ليس لها أهمية كبيرة في تنظيمات القطاع العام.
سابعاً : الافتقار الى وجود نظام حوافز جيد :
إن عدم وجود أنظمة حوافز جيدة یؤثر بشكل سلبي على الروح المعنویة للأفراد العاملين في القطاع العام وبالتالي انخفاض إنتاجيتهم، أضف إلى ذلك زیادة ظاهرة التسرب الوظيفي إلى التنظيمات التي یتوافر فيها أنظمة حوافز جيدة خاصة تنظيمات القطاع الخاص. ویتسبب في افتقار القطاع العام الى وجود أنظمة حوافز جيدة : عدم وجود نظام قياس وتقييم للأداء یتم بموجبه قياس الأداء وربط ذلك بالمردود المادي، وینعكس الافتقار الى هذه المعایير على شكل عوائق تمنع تطبيق إدارة الجودة الشاملة.
ثامناً : تغلب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة :
یؤدي غياب الفهم الكامل لمعنى العمل المؤسساتي في القطاع العام إلى تغلب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، وهذه من أهم المعوقات التي تمنع تطبيق إدارة الجودة بصورة كاملة.
تاسعاً : عدم توافر الخبرات والمهارات الجيدة :
من المعروف أن تطبيق إدارة الجودة الشاملة یحتاج إلى دراسات تحليلية لتحدید الخيارات المطروحة أو المتوافرة، وایجابيات وعيوب كل بدیل من أجل اتخاذ القرار الذي یساعد في تقليل التكاليف، وتقدیم الخدمة بمستوى مقبول من الجودة والنوعية، لأن عدم توافر مثل هذه الخبرات یؤدي إلى اتخاذ قرارات على أسس عاطفية غير ناجحة، بالإضافة إلى عدم القدرة على وضع دراسات للجدوى الاقتصادیة.
عاشراً : عدم توافر أنظمة تكاليف فعالة :
یعتبر تخفيض التكاليف وتوفير الموارد اللازمة لأي مشروع من أهم مقومات نجاح إدارة الجودة الشاملة، خاصة فيما یتعلق بقدرة المنظمة الإداریة على تقدیم خدمات ضمن مستوى لائق وتكلفة مقبولة للمواطن وللمنظمة وللمجتمع. لكن ما یلاحظ في القطاع العام عدم توافر أنظمة محاسبية للتكاليف الأمر الذي یصعب فيه قياس مدى كفاءة تكاليف الإنفاق مما یؤدي إلى الإرباك والشلل، وعدم وضوح الرؤیة أمام المسؤولين بخصوص اتخاذ القرارات.
إحدى عشر : عدم توافر أنظمة المعلومات :
تعتبر أنظمة المعلومات من أهم متطلبات تطبيق إدارة الجودة الشاملة لأن توافر أنظمة المعلومات یزید من قدرات المنظمة وینعكس بالتالي على نوعية الخدمات والسلع المقدمة، فعدم توافر أنظمة المعلومات یؤدي إلى وجود حالة من عدم التأكد في اتخاذ القرار، ومن ثم ارتفاع مستوى حالة المخاطرة بشكل یؤثر تأثيراً سلبياً على عامل التكلفة والوقت والكفاءة والفعالية.
ثاني عشر : عدم التركيز على تشجيع الإبداع والابتكار :
إن الابتكار والإبداع یعتبران من المتطلبات الأساسية للارتقاء بمستوى الخدمات والسلع المقدمة للجمهور، وهذا ینعكس بشكل إیجابي ویدعم إمكانية تطبيق إدارة الجودة الشاملة، ولكن ما یلاحظ أن القطاع العام لا یعطي أهمية كبيرة لكل من الإبداع والابتكار، بل یتم التركيز فيه على نظام الرقابة والتدقيق بصورة تقليدیة.
هذه هي المعوقات الأساسية التي تواجه تطبيق إدارة الجودة الشاملة، بالإضافة إلى الاتجاه السائد – خاصة في الدول النامية – نحو اعتبار أن الدولة هي وكالة للتوظيف دون الإنتاجية، ودون اعتماد الاعتبارات العلمية في عمليات استقطاب العاملين، وهو ما یؤدي إلى التضخم والترهل وتدني الإنتاجية وارتفاع التكاليف نتيجة لتزوید الإدارات في القطاع العام بكفاءات بشریة غير مؤهلة.كما أن عدم تمتع الأنظمة والقوانين بدرجة عالية من المرونة یجعل من الصعب تطبيق إدارة الجودة، وهناك من یضيف إلى هذه المشكلات مشكلة ندرة الموارد المادیة.


7. المنظمة الدولية للمواصفات و المقاييس) الأیزو(
International Standarization Organization (ISO)
تم تأسيس هذه المنظمة عام 1946 بعد الحرب العالمية الثانية، وكان مقرها في سویسرا. وكانت مهمتها إصدار المواصفات الدولية، وتوحيد المواصفات في المجال الصناعي على مستوى عالمي حتى تساعد على سهولة إجراء التبادل التجاري في السلع والخدمات، وتطویر التعاون بين دول العالم ومنظماته. وتكون المشاركة بهذه المنظمة بمعدل عضو واحد لكل دولة مراعاةً لمصالح جميع الأطراف من منتجين ومستخدمين وحكومات وجهات علمية وغير ذلك، وحتى یتم تحدید الأدنى من جودة السلع والخدمات المنتجة. أما الرقم 9000 فهو معبر عن سلسلة المواصفات التي تختص بإدارة الجودة في التنظيمات المتعددة، وهنا یتم تطبيق هذه المواصفات على العمليات التشغيلية وليس على المنتج أو الخدمة، ویشير تطبيق هذه المواصفات كشهادة على ممارسة نظام ومفهوم إدارة الجودة الشاملة.
وقد نالت هذه السلسلة الكثير من الدعم والاهتمام العالمي، وارتبطت شهرتها بإعلان دول المجموعة الأوروبية لشروط دخول بعض الخدمات والسلع إلى أسواقها بضرورة حصولها على شهادة المطابقة لمواصفات آیزو 9000 مع مراعاة عدم الخلط أو الدمج بين مواصفات آیزو 9000 لنظام إدارة الجودة الشاملة وبين المواصفات الفنية للسلعة أو الخدمة، فقد كان لا بد من إنتاج سلع وخدمات ذات مواصفات عالمية یتطابق مع مواصفات محددة، لذا فإن مواصفات آیزو 9000 هي مكملة وليست بدیلاً للمواصفات الفنية للسلع والخدمات المنتجة.
إن كلمة أیزو لها دلالات ومعان، فهي اختصار لاسم المنظمة الدولية للمواصفات والمقایيس، وهي الهيئة صاحبة الاختصاص بإصدار المواصفات العالمية. ویشير الرقم 9000 إلى سلسلة المواصفات التي تهتم بإدارة الجدوى في الصناعة والخدمات، حيث یعود أصل هذه المواصفات البریطانية BS 5750 والتي أصدرتها هيئة المواصفات البریطانية عام 1987 بهدف رفع مستوى الجودة في الصناعات البریطانية.

الخلاصة:
مما سبق يتضح أن إدارة الجودة الشاملة عبارة عن فلسفة إدارية متكاملة المداخل هدفها تحقيق النجاح طويل الأمد من خلال إرضاء الزبائن وتعتمد على مشاركة جميع أعضاء المنظمة في تحسين العمليات والمنتجات والخدمات وبالتالي فهي تهتم بتكوين ثقافة عميقة للجودة تتشكل محاورها من النظم الفنية والاجتماعية والعمليات الإدارية التي ترتكز على احتياجات الزبائن وباقي الأطراف ذات العلاقة مع المنظمة.
وتفشل العديد من المنظمات في تطوير إدارة الجودة الشاملة لأنها تعتمد على البني التحتية (القيادة،
التخطيط الاستراتيجي) وعدم تهيئة المناخ المناسب وبناء ثقافة تنظيمية تجعل المنظمة أرضًا خصبة صالحة لتطبيق هذه الفلسفة، وبالتالي فإن التطبيق السليم والناجح لإدارة الجودة الشاملة يتطلب تهيئة ثقافة المنظمة أولا ثم بعد ذلك يتم اتباع الخطوات والاستراتيجيات اللازمة للتطبيق لوضع هذه الفلسفة موضع التطبيق الفعلي.