سلم بالحقيقة القائلة إن الحياة ليست مثالية

احدى صديقاتي سألتني اثناء حوارنا عن مظالم الحياة هذا السؤال .. من قال إن الحياة سوف تصبح مثالية او انها كانت مثالية من قبل؟ ولقد كان سؤالها جيدا فقد ذكرني بشئ تعلمته حين كنت صغيرا وهو أن الحياة ليست مثالية انها رديئة ولكنها حقيقة ومن الغريب أن ادراك هذه الحقيقة يعتبر وجهة نظر متحررة جدا .. ومن الاخطاء التي يقع فيها الكثيرون منا اننا نشعر بالحزن والأسى على انفسنا او على الاخرين واضعين في اعتقادنا ان الحياة يجب ان تكون مثالية او انها لابد ان تكون كذلك في يوم من الايام وفي الحقيقة انها لم تكن ولن تكون كذلك ابدا .. وعندما نقع في هذا الخطأ فإننا نقضي الكثير من الوقت نشكو من الحياة ومظالمها ونواسي الاخرين ونتحدث معهم عن هذه المظالم ونردد دائما هذا ظلم .. هذا ظلم ولا ندرك ان ذلك لم يكن ابدا مقصودا.

واحدى فوائد التسليم بحقيقة ان الحياة ليست مثالية اننا لا نشعر دائما بالأسى على انفسنا وذلك بتشجيع انفسنا على بذل اقصى جهد فيما نقوم بعمله ونحن نعلم جيدا انه ليس من وظائف الحياة ان تجعل كل شئ يتسم بالكمال بل إن ذلك هو التحدي الذي نقف امامه والتسليم بهذه الحقيقة يجنبنا ايضا الشعور بالاسى على الاخرين لأننا دائما نتذكر ان كل شخص له قدراته وقواه وتحدياته التي تخصه وهذا التصور ساعدني على التعامل مع المشكلات التي واجهتها في تربيتي لطفلي وفي اتخاذ القرارات الصعبة حول تحديد الاشخاص الذين يجب علي ان اساعدهم وهؤلاء الذين لا يمكنني مساعدتهم كذلك فإن هذا التصور ساعدني في معاناتي في الوقت الذي كنت اشعر فيه انني ضحية او ان البعض لا يعاملوني بطريقة عادلة .. إن هذا التصور طالما وضع عيني على الحقيقة ووضع قدماي على الطريق.

وحقيقة ان الحياة ليست مثالية لا تعني اننا لا يجب علينا ان نبذل قصارى جهدنا لتحسين معيشتنا او تحسين العالم بل على العكس فإن هذه الحقيقة تعني اننا يجب ان نستغل كل قوانا في ذلك وعندما لا نُدرك او نُقر ان الحياة ليست مثالية فإننا بذلك نميل الى الشعور بالشفقة نحو الاخرين ونحو انفسنا ايضا ومما لا شك فيه ان الشفقة عاطفة انهزامية لا تقدم شيئا للفرد منا غير انها تجعلنا نشعر اننا اسوأ حالا عما نحن عليه في الحقيقة ومع ذلك فإننا عندما نعترف بأن الحياة ليست مثالية فإننا نشعر بالعطف نحو أنفسنا ونحو الاخرين والعطف هو شعور قلبي يقدم الحب الى كل فرد يلمسه وعندما تجد نفسك تفكر في مظالم الدنيا مرة اخرى .. حاول ان تذكر نفسك بهذه الحقيقة الاساسيه وقد تندهش عندما تجد ان هذه الحقيقه سوف تخلصك من الشعور بالشفقة وتقودك الى المساعدة بالفعل الايجابي.

.
.
.

مترجم للمؤلف : د. ريتشارد كارلسون