كتبها محمد كمال خريسات في ‏13‏/07‏/2010 (تم حذف الإيميل لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى)
من عدة أشهر كنت في لقاء مع مجموعة من المهتمين بعلم "إدارة المعرفة"، بدعوة من صديقي المهندس محمد الشوبكي، في لقاء مع أستاذ كبير في هذا المجال اسمه ديفيد جارتين، وكنا بصدد إنشاء فرع لما يسمى "مقهي المعرفة" أو "ديوانية المعرفة" Knowledge Café في العاصمة عمان. وهو أشبه بمنتدى افتراضي يلتقي فيه الناس ليتبادلوا العلوم والمعارف، ويتناقشوا فيما يهمهم من أمور العلم والاقتصاد والسياسة على مستوى العالم.

وكنا بصدد الإعداد ل "وثيقة المباديء" الحاكمة للعمل، وجاء الرجل ومعه مسودة ضمنها خلاصة خبرته الطويلة، فالرجل جاوز السبعين، كما أنه أنشأ من قبل أكثر من مائة نادي من هذا النوع في جميع أنحاء العالم.

وانتهينا إلى أربعة مباديء حاكمة:


الأول:


Knowledge is not about knowing, knowledge is about understanding


المعرفة ليست كي نعرف، المعرفة لكي نتفهم.


والغرض من النص على هذا المبدأ هو ألا نكون عبيداً للمعارف في حد ذاتها، جمعاً وإنشاء وتحريراً وتوزيعاً.. فالمعرفة نفسها لا قيمة لها. القيمة الحقيقية هي في استخدامها. لا قيمة لمجرد أن تحفظ القرآن الكريم، ولا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم (الشيخ محمد عبده رفعوا إليه طفلاً يحفظ صحيح البخاري، فقال: زادت نسخ الصحيح واحدة، علموه أن يعمل بما فيه). وهذا المبدأ ينص على أن المعرفة يجب ألا تستخدم في التباهي أو التفاخر أو الاستعلاء أو الاستقواء.. وإنما للتعرف على الآخر، أو بمعنى أدق لتفهم دوافع الآخر ومنطقه. هذا الآخر قد يكون مديرك في العمل، أو ابنك، أو تلميذك أو جارك أو زوجتك… أو صاحب دين آخر أو مذهب آخر أو مدرسة حياتية أخرى.





Conversation not debate الثاني:


حاور لا تناظر.


هناك فرق كبير جداً بين الحوار والمناظرة. في الحوار يتساوى الطرفان. ولا ينتهي بمنتصر ومهزوم. الغرض منه أن تعرف المزيد من التفاصيل، لا أن تلقي المزيد من الحجج والبراهين. لا مجال في الحوار لحظ النفس أو غلبة الهوى، أو إظهار العلم والذكاء، أو مراءاة للناس أو طلب التقدير والثناء بخلاف ما يحدث في أغلب المناظرات. الحوار غالباً ما يسود في جو ودي بينما تتم المناظرة في جو مشحون أو متوتر أو عدائي.


والثالث:


List all what you agreed upon


أعد قائمة بما اتفقتم عليه


هذا هام جداً، فلابد أن يكون للحوار هدف، ولا بد أن تكون له نهاية. وليس مجرد مسابقة في المعلومات العامة أو القدرة على الاستدلال والتنظير. يجب أن يبدأ أي حوار بما يسميه علماء الأصول: "تحرير محل النزاع"، وينتهي بإعداد قائمة بما اتفق عليه الطرفان.. حتى لو كانت من فقرة واحدة أو فقرتين.. لا أدري لماذا نرى دائما ما اختلفنا فيه ولا تتجه أنظارنا إلى ما اتفقنا عليه، وهذا ما يزيد من جو التحفز بدون مبرر. ما يتفق عليه الناس أكبر بكثير مما اختلفوا فيه. فنتعاون فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه. سواء كان هذا الخلاف سائغاً أو غير سائغ.


والرابع وهو الأخطر:


Don’t exit any conversation unless you change


لا تخرج من أي حوار دون أن تتغير.


والحق أنه لولا ما منحه الله إيانا -محمد الشوبكي وأنا - من الثقة والتوفيق، لشككنا في نواياه، خاصة هذا المبدأ الرابع الخطير، فما معنى أن تدخل حواراً عن العقيدة وفي نيتك أن تتغير؟!! ما معنى أن تدخل حواراً عن الإسلام وليس لديك مشكلة في أن تخرج من هذا الحوار وقد تغيرت قناعاتك عن الإسلام. كان التصويت بالأغلبية. وصوتت الأغلبية مع هذا المبدأ، وكان علينا أن نقبله، فقبلناه على مضض.