وفي هذه المشاركة أوضح الجانب المضيء والأكثر بياضاً في مسيرة التنمية في المملكة من خلال ما تم تناوله من قبل المختصين (الأكثر تفاؤلاً). فقد نفذت المملكة حتى الآن ثمان خطط تنموية حققت من خلالها تجربة متميزة في برمجة المشروعات الإنمائية بأهدافها وطموحاتها الكبرى مواكبة كافة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية ومتغلبة على ظروف الاقتصاد العالمي المتقلبة. لقد استطاعت المملكة على مدى اثنين وعشرين عاما من مسيرة التنمية تحقيق العديد من المنجزات في سباق حضاري متوازن شملت البنية الأساسية والقطاعات الخدمية والإنتاجية، وقبل ذلك وبعده بناء المواطن.
1. خطة التنمية الأولى: لقد بدأت الانطلاقة الأولى للتنمية بأول خطة خمسية للتنمية (1390 ــ 1395هـ) وكان التركيز في هذه الخطة على بناء التجهيزات الأساسية من خدمات الهاتف والمياه والكهرباء والخدمات الصحية. وقد أنفق على هذه الخطة ما يقارب (78) بليون ريال، 50% من هذا المبلغ أنفق على التجهيزات الأساسية.
2. خطة التنمية الثانية: (1395 ــ 1400هـ) فقد وسعت أهدافها نتيجة لزيادة موارد البلاد من البترول حث بلغت تسعة أضعاف الخطة الأولى. وصرف على هذه الخطة (650) بليون ريال، 49% من هذا المبلغ وجه للتجهيزات الأساسية لاستكمال ما تم في الخطة الأولى. وقد شهدت هذه الخطة إجراء العديد من الدراسات لاحتياجات البلاد والتي تم بناء على نتائجها إنشاء بضع المرافق الحكومية الجديدة، مثل : وزارة الأشغال العامة والإسكان، وصناديق التنمية، والهيئة الملكية العليا للجبيل وينبع التي تعتبر أساساً لصناعة البتروكيماويات السعودية.
3. خطة التنمية الثالثة: ونتيجة لنجاح الخطتين الأولى والثانية في إنشاء البنية الأساسية، بدأ التفكير في الجانب الإنتاجي مع الاستمرار في استكمال تجهيزات البنية الأساسية. ولذلك فقد تضمنت استراتيجية خطة التنمية الثالثة (1400 ــ 1405هـ) التوجه نحو إحداث تغيرات في بنية الاقتصاد الوطني بهدف تنمية القطاعات الإنتاجية غير البترولية وزيادة إسهام المواطنين في التنمية وزيادة الفاعلية الاقتصادية والإدارية. وقد شملت إنجازات هذه الخطة تطوير الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية والبلدية ومرافق تحلية المياه المالحة وإقامة السدود وشق الطرق ومرافق الطيران المدني، إضافة إلى البدء في الإنتاج من مصانع البتروكيماويات. كما شملت الإنجازات التوسع في إنشاء مصافي البترول وصوامع الغلال والصناعات الوطنية ونشاط صناديق التنمية المختلفة. كما بدأت الإستراتيجية الزراعية تعطي ثمارها بارتفاع الإنتاج الزراعي، مما يترتب عليه البدء في تصدير بعض المنتجات الزراعية. وقد بلغ إجمالي الاستثمار في الخطة الثالثة (1200) بليون ريال صرفت للتنمية عامة، خصص منها 37% للقطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة.
4. خطة التنمية الرابعة: وتضمنت الأهداف العامة لخطة التنمية الرابعة أهدافاً جديدة لم ترد في الخطط الثلاثة الماضية، وشملت تنمية القوى البشرية، وتخفيض الاعتماد على إنتاج وتصدير النفط الخام كمصدر رئيسي للدخل القومي، والاستمرار في إحداث تغيير حقيقي في البيئة الاقتصادية بالتحول نحو تنويع القاعدة الإنتاجية بالتركيز على نشاطي الزراعة والصناعة وتنمية مكامن الثروات المعدنية وتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي إضافة إلى استكمال البنية التحتية.وقد خصص لهذه الخطة حوالي (1000) بليون ريال، وحققت جل أهدافها في ظروف بالغة الصعوبة نتيجة لتقلبات أسعار البترول في الأسواق العالمية وانتهاج المملكة سياسة الدولة المرجحة بين الدول المصدرة للبترول (أوبك) لتحقيق التوازن المطلوب، مما ترتب عليه انخفاض عائدات المملكة من البترول إلى الثلث. ولكن المملكة عمدت إلى استخدام الاحتياطي العام لتغطية نفقات الخطة.
5. خطة التنمية الخامسة: (1410 ــ 1415هـ) وقد ولدت في ظروف دولية غير عادية، وجاءت أهدافها العامة ومرتكزاتها الإستراتيجية مستجيبة لكافة المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمملكة. وتضمن أسسها الإستراتيجية العامة مؤثرات اقتصادية أو اجتماعية غير مرغوبة، والتركيز على رفع كفاءة الأداء في الأجهزة الحكومية وبالشكل الذي يؤدي إلى خفض الإنفاق الحكومي دون التأثير على مستوى الخامات العامة، وزيادة دور القطاع الأهلي في الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة وربطها بالاحتياجات السكانية، واتخاذ الوسائل المناسبة لدفع القطاع الأهلي على إتاحة فرص العمل للمواطنين وإحلال القوى العاملة السعودية محل غير السعودية.
6. خطة التنمية السادسة: إن ما تتميز به كل خطط التنمية في أهدافها العامة وأسسها الإستراتيجية يرجع إلى تأثير بالعوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحيطة بها. وخطة التنمية السادسة (1415 ــ 1420هـ) جاءت مستجيبة للمتغيرات السياسية والاقتصادية التي تمر بها بلادنا. فمن ناحية نعرف أن حرب الخليج قد أوجدت ظروفاً سياسية وأمنية متميزة تؤثر تأثيراً واضحاً على كافة دول هذه المنطقة، ومن ناحية أخرى فإن تناقص عائدات النفط منذ منتصف الثمانينيات قد أوجد معطيات اقتصادية جديدة لها تأثيرها على دخل الدول الذي ما زال يعتمد إلى حد كبير على هذا المورد الأساسي. ولكن بانتهاء معظم مشروعات البنية التحتية، فإن الأهداف العامة لهذه الخطة قد تميزت بالتركيز على رفع الكفاءة الاقتصادية والإدارية النوعية لمختلف القطاعات الحكومية والأهلية عن طريق العمل على تحقيق مزيد من الاستفادة من الإمكانات المادية والبشرية المتاحة. بالإضافة إلى ذلك فإن الأهداف العامة تؤكد على أهمية البحث عن مصادر إيرادات مالية أخرى غير عائدات النفط لسد جزء من النقص المتوقع في الإيرادات البترولية. (الشرقاوي،1424هـ: 5-10)
7. خطة التنمية السابعة: ونهجت خطة التنمية السابعة (1420-1425هـ) النهج نفسه، لتحدد توجهات التنمية الوطنية. وقد تضمنت هذه التوجهات ثلاثة محاور رئيسة: محور دعم الخدمات، ومحورتحسين الكفاءة الحكومية، ومحور التعاون في قضايا التطوير الوطني. ففي محور دعم الخدمات،ركزت الخطة على خدمات الدفاع والأمن، والتعليم، والخدمات الاجتـماعية والصحية، والخدمات العلمية والتقنية، بما في ذلك خدمات الاتصالات والمعلومات. وفي محورالكفاءة الحكومية اهتمت الخطة بتحسين أداء الخدمات الحكومية، والترشيد، وخفضالنفقات، وتطوير كفاءة تشغيل التجهيزات وصيانتها، وتحسين الاستفادة منها، وغير ذلكمن الإجراءات. وفي محور التعاون، رأت الخطة ضرورة التعاون في قضايا دعم دور القطاعالخاص في التنمية، والتوجه نحو سعودة الوظائف، وإعادة تأهيل اليد العاملة بما يؤديإلى تحسين كفاءتها. وقد أوردت الخطة الوطنية السابعة ثلاثة أهداف لإعداد خطة وطنية معلوماتية ضمن محور الكفاءات البشرية. يؤكد أول هذه الأهداف على أهمية توظيف الاتصالات وتقنيةالمعلومات لدعم التنمية الاقتصادية، ودعم العلوم والتقنية. ويهتم الهدف الثانيبإعداد البنية الأساسية للاتصالات وتقنية المعلومات، بما فيها شبكات الاتصال والمحتوى المعلوماتي. في حين يرتبط الهدف الثالث بنشر خدمات الاتصالات وتقنيةالمعلومات وجعلها متوفرة للجميع من أجل تعميم الاستفادة منها.
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]
8. خطة التنمية الثامنة: (1425/ 1426ه - 1429/ 1430ه) وركزت على عدد من الأولويات من أهمها رفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة وتوفير فرص العمل للمواطنين والتوسع الكمي والنوعي في الخدمات التعليمية والتدريبية والصحية والاجتماعية، والتوسع في العلوم التطبيقية والتقنية، وتشجيع المبادرات والابتكار، وشمل هذا التركيز أيضا مواكبة التطورات الاقتصادية والتقنية العالمية السريعة، وتنويع القاعدة الاقتصادية، وتحسين إنتاجية الاقتصاد الوطني وتعزيز قدراته التنافسية، والاهتمام بالمجالات الواعدة كالصناعات الإستراتيجية والتحويلية، وخاصة الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة ومشتقاتها، وصناعة الغاز الطبيعي، والتعدين، والسياحة، وتقنية المعلومات، كما أولت الخطة اهتماما بمساهمة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بالاستمرار في تطوير النظم والقواعد والإجراءات ذات العلاقة بالاستثمار، والإسراع بتنفيذ إستراتيجية التخصيص، ومواصلة تحسين كفاءة أداء الخدمات المالية، وتكثيف المعونات الفنية لدعم القدرات التنافسية للمنتجات الوطنية، كما شمل هذا الاهتمام تطوير منظومة العلوم والتقنية والمعلوماتية، ودعم البحث العلمي وتشجيعه، والتوجه نحو اقتصاد المعرفة، باعتبارها من العوامل الأساسية في زيادة الإنتاج والإنتاجية وتوسيع آفاق الاستثمار، وراعت الخطة تحقيق التوسع المستمر في التجهيزات الأساسية وصيانتها بما يتلاءم مع نمو الطلب عليها ويسهم في تعزيز نمو كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية، وتحسين كفاءتها وأعطت الخطة اهتماما خاصا بزيادة مشاركة المرأة، وتعضيد دور الأسرة في المجتمع من خلال تطوير قدرات المرأة السعودية، وإزالة المعوقات أمام توسيع مشاركتها في النشاطات الاقتصادية والإنمائية.
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]