بسم الله الرحمن الرحيم

المحن فى حياة الانسان قد تكون دافع للتقدم والنجاح وقد تكون قبر يضع فيه نفسه للابد فحسب نظرة الانسان للمحن والازمات تكون الاستفادة من تلك المحن ، فقد ينظرالإنسان إلى الظواهر ويترك البواطن، فيكون حكمه قاصر وناقص بسبب النظرة السطحية للامر ، فينظر إلى آلام المخاض وينسى فرحة الميلاد، ومجئ الاولاد والاحفاد
إن الذهب حينما يستخرج خاماً لابد أن يوضع في النار حتى ينقى من الشوائب ويصير ذا قيمة كذلك تفعل المحن بالمسلم تنقيه من الذنوب والخطايا فيعود بلا ذنوب ولا آثام يعود الى فطرته التى فطره الله عليها
وفوائد المحن كثيرة منها:
1- أنها تظهر الصديق من العدو وتعرف الإنسان محبيه من مبغضيه فالصديق يظهر وقت الشدة .
2- المحب يقف بجانبك منصفاً ومؤيدا، وأما المبغض فيقف وراءك شامتاً،
والشماتة ليست من خلق المسلم وفي الأثر "لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك"،
وقد قال الشاعر:
جَزى اللهُ الشدائدَ كلَّ خير ......عرَفتُ بها عدوِّى من صدِيقى
3- في المحن يلتمس لك المحبون الأعذار ، والمبغضون يبحثون لك عن عثرة أو ذلة أو سقطة
والمنصفون يوازنون الأمور حتى يحكموا بالعدل... نتمنى ان نكون منهم يا رب
4- في النهاية من المحن تأتى المنح. إن بعد العسر يسر وكلما ضاقت بنا الدنيا جاء فرج المولى عز وجل
5- أنها تؤدى إلى مراجعة النفس ومعرفة مسارها ومن أين أُتيت، فيصحح الإنسان مساره ويقاوم عيوبه فيصبح شخصاً آخر يقر ب الحق ولا يعاند بالباطل، فيقر بخطئه ويعترف بذنبه ويتوب إلى ربه،
وإن هذا المثل كمثل رجل عند ولده فهو يحبه لكنه يجده يخطئ ويضل الطريق ، ويخشى عليه من العثرات ومن شدة حبه له وإشفاقه عليه يقسو عليه ويلزمه بأمور شديدة حتى يصنع منه رجلاً ،
قال الشاعر:
قسا ليزد جروا ومن يك حازماً .....فليقسُ أحياناً على من يرحم
6- أنها تعرف الإنسان قدر النعمة التى هو فيها فيشكر الله عليها ويحافظ عليها، إذ النعم منسيّة فإذا فقدت عُرفت،
فيجتهد بالحفاظ على النعم بطاعة الله وإتقان العمل، وسد الثغرات وإصلاح النية.
قال الشاعر:
إذاكنتَ في نعمةٍ فارعَه.. فإنّ الذنوب تزيل النعم
صُنها بطاعة ربِّ العباد.. فربُّ العباد سريع النقم
7- أنها تخرج الطاقات الكامنة بداخل الانسان فتظهر قدرته الحقيقية، وتعوده الجد والاجتهاد بعد أن تعود الكسل والاتكال والتواكل ،والنشاط بعد الخمول، والعمل لدين الله ، بعد أن أخذت الدنيا مجامع قلبه... فمن المحن تأتى المنح.
8- أنها تعرف الإنسان حقيقة الدنيا، وأنها بين لحظة وأخرى تنقلب على صاحبها،
ألا فليعمل لله فهو ضمان الفوز، ولا يشغل نفسه بالرزق والدنيا فهى آتية لا محالة.
ولقد صدق القائل:

أرى الدّنيا لمن هي في يديهِ عذاباً عند من كثرت لديه
تهين المكرمين لها بصُغر وتكرم كل من هانت عليه
إذا استغنيت عن شيء فدعه وخذ ما أنت محتاجٌ إليه
9- أنها تكفر الذنوب وتقرب من رب العباد ، وفي الحديث: "لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشى على الأرض ولا خطيئة له".
10- أنها تكسر القلب لله، وتزيل الكبر من النفس فيعود العبد ذليلاً بين يدى الله تعالى، وحينئذٍ يعود القلب قريباً من الله، بعيداً عن الشيطان . روى الإمام أحمد في كتاب (الزهد)، أن موسى عليه السلام سأل الله تعالى يوماً فقال:
يارب أين أجدك؟ قال عز وجل: "عند المنكسرة قلوبهم فإنى أدنو منهم كل يوم قيراطاً ولولا ذلك لانصدعوا".
11- أنها تجعل بين الإنسان وبين الخطأ والذلل حاجزاً نفسياًعميقاً، فلا يقع فيه مرة أخرى وتجعله يتخذ بعده سبيلا يرفعه ولا يخفضه، يعزه ولا يذله.
12- أن الإنسان يحب من كان سببا في تنبيهه من غفلته يعشق ناصحه ، فلولا أن الله سخره لبقى التراب على السطح ولظل المعدن مدفوناً في الشوائب . دخل النبى صلى الله عليه وسلم على أم السائب فوجدها تزفزف
(يعني تضطرب وترتعش من الحمى) فقال لها صلى الله عليه وسلم مالك تزفزفين؟ قالت إنها الحمى لا بارك الله فيها،
فقال صلى الله عليه وسلم:"لا تسبي الحمى فإنها تنفي ذنوب ابن آدم".
أحمدك ربي على كل قضائك وجميع قدرك حمد الرضا لحكمك لليقين بحكمتك". والحمد لله أولاً وآخراً