طلاقا من الوحى الكريم المنزل على رسول الله – كتابا وسنة – واجه نبى الله محمد عليه السلام الأوضاع الجاهلية الفاسدة فى عالم الاقتصاد .. سواء كانت هذة الأوضاع عادات وتقاليد فاسدة ، أم كانت نظما ترسخت وأصبحت قوانين سائدة .

وبينما نجح الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام – بالقول والفعل – فى القضاء على نزعة احتقار الزراعات والمهن والحرف ، واحتقار القائمين بها .. كذلك نجح الرسول بالقول والفعل ومن خلال النظم المقررة فى دولة المدينة ، التى كان الرسول قائضها وقاضيها ومعلمها – فى القضاء على الظواهر التجارية المدمرة للمجتمع - ، التى يلجأ اليها اليهود لامتصاص ثروة المجتمع الاسلامى دون عمل أو كدح أو مغامرة ... وحتى العباس عم النبى كان " صاحب ربا " فى الجاهلية ، فوضعه الرسول ، وقال :
ألا ان كل ربا الجاهلية موضوع ، لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ، وأول ربا موضوع هو ربا عمى العباس ... " كما ورد فى خطبة الوداع " ..

كما أن الرسول حث التجار على التسامح فى قوله : " رحم الله عبدا سمحا اذا باع سمحا اذا اشترى سمحا اذا قضى سمحا اذا اقتضى " وهذا يعن –ضمننا – التجاوز عن المعسرين ، والارجاع فى الدين الى ميسرة وابطال ما كان معروفا عند العرب من أن الدائن يأخذ من المدين عند تعذر قضائه لدينه عبدا ، أو ولدا من أولاده ، حتى يقضى ما عليه ..

وحتى لا تصبح الحركة التجارية عرضة لتقلبات النفوس والأهواء أمر الرسول بكتابة الديون فى صكوك .. وكان الرسول يأمر بأن يكتب ما يبيعه ويشتريه .. ومن ذلك ما ورد فيه صك بيع للنبى ورد فيه : " هذا ما اشترى الغذاء ابن خالد بن هوذا من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى منه عبدا " أو آمة " . " صك من الراوى لا داء ، ولا غائلة ، ولا خبيئة .. بيع المسلم للمسلم " .

كذلك حث الرسول على الصدق فى التجارة ، وبين أن البركة فى هذا الصدق ، فقال : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فان صدق وبينا بورك لهما فى بيعهما ، وان كذبا وكتما محقت بركة بيعهما . وقد نهى الرسول عن الغش ، فقال : " من غشنا فليس منا " ، كما نهى الرسول عن الحلف لترويج السلعة ، فقال : ثلاثة لا ينظر الله اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، وذكر منهم المنفق سلعته بالحلف الكاذب " .

ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم فى بيع البهائم عن " التصرية " فقال صلى الله عليه وسلم " من اشترى شاه مصراة أو لقحة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام فان ردها رد معها صاعا من طعام لاسمراء ، و" التصرية حبس اللبن فيها خداعا للمشترى " كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأداء الأمانة الى أهلها حتى انه أمر المسلم بأداء الأمانة ولو كانت لخائن فقال الرسول " أد الأمانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك ".
-----------------
وفقنا الله باتباع سنته

مع تحياتى
هيثم محمود الملاح