يقولونالمستقبل من نصيب أصحاب الأسئلة الصعبة، و لكن الإنسان ـ كما يقول فنس بوسنت ـ أصبحفي هذا العالم مثل النملة التي تركب علي ظهر الفيل‏..‏ تتجه شرقا
بينما هو يتجهغربا‏..‏ فيصبح من المستحيل أن تصل إلى ما تريد‏..‏ لماذا؟ لأن عقل
الإنسانالواعي يفكر بألفين فقط من الخلايا، أما عقله الباطن فيفكر بأربعةملايين
خلية‏.‏
وهكذا يعيش الإنسان معركتين‏..‏ معركة مع نفسه و مع العالمالمتغير المتوحش‏..‏ ولا يستطيع أن يصل إلي سر السعادة أبدا‏.‏

يحكى أن أحدالتجار أرسل ابنه لكي يتعلم سر السعادة لدى أحكم رجل في العالم‏..‏
مشي الفتىأربعين يوما حتي وصل إلى قصر جميل علي قمة جبل‏..‏ و فيه يسكن الحكيم
الذي يسعيإليه‏..‏ و عندما وصل وجد في قصر الحكيم جمعا كبيرا من الناس‏..‏ انتظر
الشابساعتين حين يحين دوره‏..‏ انصت الحكيم بانتباه إلي الشاب ثم قال له‏:‏ الوقت
لايتسع الآن و طلب منه أن يقوم بجولة داخل القصر و يعود لمقابلته بعد ساعتين‏..‏
وأضاف الحكيم و هو يقدم للفتى ملعقة صغيرة فيها نقطتين من الزيت‏:‏ امسكبهذه
الملعقة في يدك طوال جولتك و حاذر أن ينسكب منهاالزيت‏.‏



أخذ الفتى يصعد سلالم القصر و يهبط مثبتا عينيه عليالملعقة‏..‏ ثم رجع لمقابلة
الحكيم الذي سأله‏:‏ هل رأيت السجاد الفارسي في غرفةالطعام؟‏..‏ الحديقة
الجميلة؟‏..‏ و هل استوقفتك المجلدات الجميلة فيمكتبتي؟‏..‏ ارتبك الفتى و اعترف
له بأنه لم ير شيئا، فقد كان همه الأول ألايسكب نقطتي الزيت من الملعقة‏..‏ فقال
الحكيم‏:‏ ارجع وتعرف علي معالم القصر‏..‏فلا يمكنك أن تعتمد علي شخص لا يعرف
البيت الذي يسكن فيه‏..‏ عاد الفتى يتجول فيالقصر منتبها إلي الروائع الفنية
المعلقة علي الجدران‏..‏ شاهد الحديقة و الزهورالجميلة‏..‏ و عندما رجع إلي
الحكيم قص عليه بالتفصيل ما رأي‏..‏ فسألهالحكيم‏:‏ و لكن أين قطرتي الزيت اللتان
عهدت بهما إليك؟‏..‏ نظر الفتى إليالملعقة فلاحظ أنهما انسكبتا‏..‏ فقال له
الحكيم‏:‏



تلك هيالنصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك سر السعادة هو أن تري روائع الدنيا و
تستمتعبها دون أن تسكب أبدا قطرتي الزيت‏.‏


فهم الفتى مغزى القصة فالسعادة هيحاصل ضرب التوازن بين الأشياء، و قطرتا الزيت
هما الستر والصحة‏..‏ فهماالتوليفة الناجحة ضد التعاسة‏.‏


يقول إدوارد دي بونو أفضل تعريف للتعاسةهو انها تمثل الفجوة بين قدراتنا و
توقعاتنا‏..‏