تمثل سعودة الوظائف أحد الأهداف الاستراتيجية لخطط التنمية المتعاقبة. وقد ركزت خطة التنمية السابعة على سعودة الوظائف كأحد الأهداف الاستراتيجية لتنمية الموارد البشرية فىالمملكة العربية السعودية، و التأكيد كذلك على أهمية دور القطاع الخاص فى توظيف العمالة المواطنة. وتشكل قضية السعودة في الوقت الحاضر محور اهتمام الدولة والقطاعات العامة والخاصة. وفقا للاحصاءات التي تم نشرها فقد شكلت العمالة الوطنية نسبة ضئيلة من أعداد العاملين في القطاع الخاص. فمع ذلك الاهتمام الملحوظ الذي تحظى به عملية السعودة إلا أنة لم يتم التطرق للمعوقات الداخلية لسعودة الوظائف. يا ترى ما هى تلك المعوقات؟
كثر الحديث فى السنوات الماضية عن عملية سعودة الوظائف وقد تم التركيز على معوقات البيئة الخارجية لعملية سعودة الوظائف.
معوقات عملية سعودة الوظائف
تطرقنا سابقا أنة تم التركيز على المعوقات الخارجية لسعودة الوظائف. ما هي يا ترى تلك المعوقات؟
1. إنتاجية العمالة الوطنية
2. تكلفة العمالة المحلية
3. تأهيل العمالة الوطنية
لقد بنيت افتراضات على أن تلك المعوقات ترجع لاسباب خارج نطاق منظمات قطاع الاعمال. بالطبع في أغلب الأحيان تبنى تلك الافتراضات على ملاحظات و اراء شخصية ضيقة وتبعد بعدا كليا عن الاسلوب العلمى لمعالجة الظاهرة ودراستها. وقد شكلت تلك الافتراضات ( سواء فيما يتعلق بقلة إنتاجية العمالة الوطنية، وارتفاع التكلفة، وتدنى مستوى التعليم والتدريب، والافتقاد للخبرة المطلوبة ) عوامل معيقة ليس فقط على مستوى السعودة ولكن على نطاق ادارة الموارد البشرية فى المملكة العربية السعودية. فمن خلال تلك الافتراضات السلبية تم رسم صورة سلبية وقاتمة عن مستوى البيئة السعودية وخاصة العمالة المواطنة. وقد شكلت تلك الافتراضات السلبية عامل طرد للأفراد الراغبين العمل في القطاع الخاص. وتم التعامل مع تلك الافتراضات على أنها أمور مسلم بها مما كان له الأثر الكبير في حدوث الفجوة الحالية بين منظمات القطاع الخاص والبيئة المحيطة بها. و بالطبع تلك الافتراضات تم التعاطي معها وتداولها خلال حقبة السبعينات الميلادية ، الثمانينات، ولازال يتم التعامل معها مع اختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى تمر بها المملكة العربية السعودية.
وتم خلال تلك الحقبات المتعاقبة توجيه الاتهام بعدم فاعلية النظام التعليمي والتدريبي في المملكة العربية السعودية، وعدم قدرته على توفير متطلبات واحتياجات القطاع الخاص من العمالة وفى نفس الوقت منظمات القطاع الخاص لم تقوم بتوفير استراتيجيات وبدائل للنظام التعليمى والتدريبى وظلت تعتمد اعتمادا كليا على استقدام عمالة أجنبية من دول نظامها التعليمي والتدريبي ليس في مستوى نظامنا التعليمي والتدريبي. الأمر الأخر يتعلق بكيفية تعامل منظمات القطاع الخاص مع احتياجاتها من العمالة، وهل قامت بالتخطيط لاحتياجاتها الآنية والمستقبلية من العمالة.
المعوقات الداخلية لعملية سعودة الوظائف
تواجة منظمات قطاع الاعمال فى المملكة العربية السعودية محددات متعلقة بسياسات وممارسات ادارة الموارد البشرية فى ضوء الاهتمام المتزايد بعملية سعودة الوظائف. ومما لاشك فية أن نجاح عملية سعودة الوظائف يتوقف على سياسات وممارسات ادارة الموارد البشرية فى منظمات القطاع الخاص.
ويقصد بها العمليات المتعلقة باستقطاب الأفراد وتدريبهم وتطوير قدراتهم والمحافظة عليهم بما يحقق أهداف المنشأة والفرد. لقد ظلت تلك الحلقة مفقودة خلال السنوات الماضية في مناقشتنا ودراستنا المتعلقة بعملية السعودة، مما أدى إلى عدم فاعلية الطرح والتطبيق. وتم تناسى العوامل البيئة الداخلية لمنظمات القطاع الخاص والتي أثرت ولا زالت تؤثر على فاعلية توطين الوظائف. وقد أحدث عدم الاهتمام والتركيز الفعلي على تلك العوامل والتي من أهمها ( نظرة وأتجاة ملاك القطاع الخاص نحو العمالة الوطنية، سياسات وممارسات التوظيف، ضعف التهيئة والتدريب، غياب التقويم الموضوعي للأداء، وضعف الرواتب والحوافز) عقبة في سبيل تحقيق سعودة للوظائف.
العوامل التى قد تؤثر على ادارة الموارد البشرية
سوف نتطرق لأهم العوامل التى قد تؤثر على ادارة الموارد البشرية ومن ثما فاعلية عملية السعودة. أوضحت الادبيات المتعلقة بادارة الموارد البشرية أن هناك العديد من المحددات والتى تعيق ممارسات وسياسات ادارة الموارد البشرية، ومن أهمها:
1. فلسفة الادارة العليا نحو الموارد البشرية
تلعب قيم واتجاهات الادارة العليا دورا أساسيا فى التأثير على ممارسات وسياسات ادارة الموارد البشرية.
الفرضية الأولى
وتمثل في وجهة نظري المتواضعة اعتقادات واتجاهات معظم قطاع رجال الأعمال في المملكة العربية السعودية نحو العمالة المواطنة. حيث تقوم فلسفة بعض منظمات الأعمال على أساس أن القوى العاملة الوطنية تتميز بصفات سلبية لا تؤهلها للعمل أو حتى الالتحاق بوظائف فى منظمات قطاع الاعمال. وقد شكلت تلك الفلسفة أهم العقبات الجوهرية للاستفادة من إدارة الموارد البشرية ومن ثم عدم فاعلية السعودة في السنوات الماضية. ويطلق على تلك الفرضية " فرضية x "، وتنظر فرضية x للعنصر البشرى على أساس أنة كسول، لا يحب العمل، غير منتج، يحتاج للتهديد والعقاب لاداء العمل، يفضل أن يتم توجيهة، لايحب تحمل المسئولية، ويجب مراقبتة عندما يؤدى عملة.
وقد تم برمجة العقل الذهني لبعض رجال الأعمال على سلبية القوى العاملة الوطنية، بحيث تقوم اعتقاد تهم على الأسس التالية:
1. أن توظيف أو استقطاب القوى العاملة الوطنية سبب في عدم كفاءة المنظمة وقد يؤدى لتقليل الأرباح أو الخسارة.
2. أن بيئة وطبيعة العمل في القطاع الخاص لاتتلائم مع قدرات وسلوكيات الفرد السعودي.
3. أن مؤهلات وقدرات وخبرات القوى العاملة الوطنية لا تتناسب مع احتياجات القطاع الخاص ومن ثما لا تؤهلها للعمل فى منظمات القطاع الخاص.
وفى حقيقة الآمر عندما نتحدث عن افتراضات فأننا نتحدث عن ملاحظات وتجارب شخصية لبعض رجال الأعمال نحو القوى العاملة الوطنية، أي أنها لا تقوم على أساس علمى وينقصها الدقة والموضوعية، ولكن مع الآسف تم تعميم تلك الافتراضات السلبية على القوى العاملة الوطنية دون أدنى حق. وقد تحمل المجتمع السعودي بصفة عامة والقوى العاملة الوطنية بصفة خاصة أزر نتائج تلك الافتراضات الخاطئة على مدى السنوات الماضية. وبالطبع أنتقل عدوى تلك الافتراضات لمختلف المنظمات الكبيرة، المتوسطة، والصغيرة، وكأنها أثبتت لما يدعى مجالا للشك أن القوى العاملة الوطنية تمثل عالة على اى منظمة تعمل بها وتلك تهمة خطير جدا. آمل أن لا تشكل تلك الافتراضات السلبية والمبنية كما ذكرنا سابقا على تجارب شخصية في الماضي على توجه منظمات قطاع الأعمال في المستقبل.