ما هي المفاوضة:
المفاوضة هي طريقة متحفِّزة للوصول إلى حل مقبول لحاجة ما بين طرفين أو أكثر؛ سواء أكانت هذه الحاجة على شكل صعوبات أو شروط، وهي تمكِّن الشخص من محاولة الحصول على ما يريده وإعطاء الآخرين فرصة ليفعلوا الشيء ذاته.
وغالباً ما يفضي التفاوض إلى نتيجة ترضي كل الأطراف المعنية له وبنسب مختلفة، وهو عادة لا يوجد مقياساً محدَّداً لهذه النسبة، ولكن باتباع خطوات التفاوض الأساسية تصل إلى ما يرضيك ويرضي غيرك.
هذه الخطوات المهمة متمثلة في المهارات والمقاربات الأساسية التي يستخدمها المفاوضون المتمرسون والتي تساعد على إنجاز صفقات أفضل لكل الفرقاء.
نجمل هذه الخطوات في المراحل التالية:
1 ـ الحاجة إلى المفاوضات.
2 ـ فهم أصول المفاوضة.
3 ـ دراسة الأهداف والغايات.
4 ـ على طاولة المفاوضات.
5 ـ الاتصالات.
6 ـ لغة الجسد.
7 ـ الاستراتيجيات والخطط.
8 ـ انجاز الصفقة وتأكيدها.
9 ـ تقييم الآداء ومتابعة النمو.
ـ الحاجة إلى المفاوضات :
قد لا نحتاج إلى كثير من التفصيل لمعرفة مدى الحاجة إلى المفاوضات في أي مجال تجاري كان.
لا لشيء، إلا أن التفاوض يهدف أولاً وأخيراً للتوصل إلى نتائج مشتركة ترضي أطراف التفاوض، وعليه سوف نركز على أمور أساسية فقط، أول هذه الأمور هو ماذا نعني بالتفاوض؟ تعود كلمة «تفاوض» إلى أصل لاتيني، وتعني العمل.
وهي تذكرنا باكتشاف السوق، حيث يشكل الشراء وعقد الصفقات جزءاً يومياً من العيش، أما كلمة «صفقة» فتعود إلى أصل أنغلوسكسوني وتعني حصة أو جزءاً.
وهي تدل على التسوية لأن الأشخاص كانوا يتشاركون غالباً في الغنيمة.
والتفاوض الناجح عملية قاسية جداً.
وتتجلى النتيجة النهائية للمفاوضات الناجحة في الاتفاق.
فمن دونه لا توجد صفقة، لكن اتباع طريقة القسوة تجعل العلاقات محفوفة بالمخاطر.
فتخفف بالتالي كل الصفقات التي كان يفترض الاتفاق عليها.
الأمر الثاني الذي يجب أن نعرفه هو ما علاقة التفاوض بالتجارة؟
إن التفاوض كله يتمحور حول التجارة، إنه نوع من التبادل الذي يجب أن يكون ثنائي الاتجاه ليصبح تفاوضاً.
فطلب خدمة ما من أحد الأشخاص أو تهديده لا يدخل في شأن التفاوض.
في هذه التجارة ليس من الضروري أن يخسر فريق ما ليكسب الفريق الآخر، فقد يكون للفريقين اهتمامات مختلفة غير متعارضة أو لديهما فرص للاستفادة المتبادلة.
وبما أن نتيجة التفاوض هي في النهاية عبارة عن اتفاق، وبما أنه يفترض أن يرى الفريقان فائدة تذكر في الاتفاق، يجدر بالتفاوض تحقيق أهداف الجميع.
أما الأمر الثالث والأخير لمعرفة حاجتنا للتفاوض هو محصلة الفوائد المشتركة، حيث إن اكتشاف وتوليد وتطوير علاقة «فوز مقابل فوز» وأين يخرج الطرفان من التفاوض متراضيين، هو صلب التفاوض الجيد.
والواقع أن التقنيات المستخدمة لبلوغ فوائد مشتركة، هي نفسها في كل أساليب التفاوض الفعَّال.
إنها تشمل الاتصال الجيد والاصغاء والتحضير والتصميم.
والأهم أنها موقف عقلي يؤدي إلى تفادي الأمور السلبية.
2 ـ فهم أصول المفاوضة:
إن الصفقة الجيدة تكون كذلك عندما يشعر كل أطرافها بأنها جيدة.
وهكذا فإن المفاوضة الناجحة هي عملية الحصول على ما تريده من الآخرين، وفي الوقت ذاته تمكينهم من الحصول على ما يريدونه هم.
ما هي أهداف المفاوضة؟
الهدف الإجمالي للمفاوضة هو الحصول على حل مفيد للجميع ومتبادل، مما يعطي الطرفين درجة من الرضى والقبول بها ثم الاتفاق عليها.
ـ والهدف الأول المهم في المفاوضة هو الشعور بالعدل والانصاف.
ـ أما الهدف الثاني فهو الوصول إلى اتفاق ينظر إليه كصفقة عادلة.
ما هي ظروف المفاوضة؟
نقصد بظروف المفاوضة، الحالات التي تكون عليها وأنت طرف مفاوض، حيث هناك ثلاثة أوضاع للمفاوضة قد تجد نفسك ضمنها هي:
1 ـ الوضع الأول: عندما تكون المفاوضة في صالحك.
في هذه الحالة تريد أنت شيئاً يمكن للآخر تقديمه ويملك السلطة لذلك مثل طلب زيادة في الأجور.
2 ـ الوضع الثاني: عندما تكون المفاوضة في مصلحة الآخرين.
في هذه الحالة يريد الآخرون شيئاً يمكنك إعطاؤه مثل عقد عمل أو عقد توفير أدوات معينة أو بضائع.
3 ـ الوضع الثالث: عندما تكون المفاوضة في مصلحة الطرفين؛ هنا يريد كلا الطرفين شيئاً له منافع متبادلة، ولكل منهما مصلحة في الحصول عليه؟ مثل اتفاقية مشروع مشترك يوفِّر الطرفان فيه المهارات المطلوبة.
وفي كل الأوضاع الثلاثة يلعب فهم العلاقة التي يمكن أن توجد بين الأطراف دوراً مهماً في القدرة على المفاوضة بنجاح.
أين تكمن مواقع القوة في المفاوضات؟
إن مواقع القوة في المفاوضات هي شيء لابد من تحديده في بداية أي مفاوضة لمعرفة كيفية التجاوب خلالها بالشكل الملائم.
فأولئك الذين يملكون القوة والسلطة يمكنهم التأثير في الآخرين أو إجبارهم على فعل أشياء قد لا يريدون فعلها.
وهناك أربعة مصادر رئيسية للقوة في المفاوضة والتي تؤثر في عملية سير المفاوضة وهي:
1 ـ شخصية المفاوض
تعد الفصاحة والبيان والثقة بالنفس والشخصية المميزة صفات قوية في شخصية المفاوض.
وإذا كان المفاوض يملك هذه المزايا عندها من المحتمل أن يكون جيداً في إقناع الآخرين بالتوافق.
من ناحية أخرى إذا كان المفاوض يتعامل مع شخص آخر كثير الإقناع وقوي الحجة يحتاج عندها للتركيز على مسائل المفاوضة بدلاً من شخصية المفاوضين حتى لا تهيمن تلك الشخصية على المفاوض الآخر وعلى سير المفاوضات ككل.
2 ـ وضع المفاوض
إنَّ الوضع الجيد أو المكانة الجيدة للمفاوض ضمن الشركة أو أي تنظيم في إدارة الأعمال يُوفِّران مصدر قوة وسلطة لذلك المفاوض.
وإذا كنت كمفاوض تملك هذا النوع من القوة والسلطة بإمكانك استعمالها لإحداث تأثير جيد.
من ناحية أخرى إذا كنت في الجانب الآخر بحيث يكون وضع المفاوض الآخر قوياً من المهم ألاَّ تدع ذلك يرهبك.
3 ـ خبرة المفاوض
إنَّ حيازة خبرة من أي نوع تعطي المفاوض قوة التأثير في أولائك الذين يملكون معرفة أقل.
وحتى الخبرة المحدودة تعني أنه يمكن للأشخاص الآخرين الافتراض بأنك تعرف أكثر مما تعرفه حقاً.
من ناحية أخرى إذا واجهت مفاوضاً آخر يملك خبرة قوية أطلب دائماً تفسير التعابير والمصطلحات التقنية حتى لا تنخدع بواسطتها أو تصاب بالارتباك.
4 ـ غريزة المفاوض
إنَّ القدرة على التقاط فرصة ما عند حصولها أو الشعور بأن الشخص الآخر في موقع ضعيف، يوفِّران للمفاوض فرصة قوية باستغلال الوضع والانطلاق بتميُّز.
ولابد من تخصيص وقت كافٍ لتحديد المصادر المختلفة لمواقع القوة التي يملكها الأشخاص.
فحتى لو كنت تظن أن المفاوض الآخر يتفوَّق عليك في مجال المكانة والموقع العملي بإمكانك التأثير عليه بجوانب أخرى مثل الشخصيَّة والخبرة.
ويعتمد تحديد من سيملك القوة النهائية في الأوضاع الثلاثة لقوة المفاوضات على ظروف المفاوضة كالتالي، مثلاً:
ـ المفاوضة لزيادة أجور العمل: حيث ظاهرياً تبدو أن كلّ القوة والسلطة تكمن مع الطرف القادر على الموافقة على الزيادة.
لكن قد يكون الأمر أن الطرف الآخر يملك قوة مستمدة من معرفة مُكّتسبة من خلال العمل في الشركة لسنوات كثيرة ومعرفة أشياء لا يعرفها الآخرون.
وقد لا يعني هذا أن الطرف الآخر يعرف ويدرك أنك مهم وضروري لشركته ولا يمكن استبدالك بسهولة.
ـ التعامل مع من يوفر البضائع والخدمات: هنا قد يبدو أنك تملك القوة لأنك الشاري لتلك البضائع والخدمات.
لكن يمكن أن يكون الأمر أن البائع يملك شخصية كبيرة وقدرة ماهرة على الاقناع تمكِّنه من بيع «الثلج لسكان الأسكيمو» مثلاً.
ـ المفاوضة على مشروع تنفيذي مشترك: هنا قد تكون أنت الشخص الذي أوجد الفرصة الكبيرة لتطوير أفكار جديدة، بينما يملك شريكك المحتمل القدرة على إجراء الاتصالات اللازمة وسمعة ممتازة، واستقراراً مالياً.
وكذا ينوجد توازن للقوى، لأن كلا الطرفين معه شيء لا يملكه الطرف الآخر وتوجد مصلحة في إقامة تحالف. 3 ـ دراسة الأهداف والغايات:
إن أبرز ما يجب فعله قبل التفاوض هو تخصيص القليل من الوقت الإضافي للأعداد والبحث.
ـ تعتبر كل صفقة استثماراً للمال والمصداقية والفرص، وعليه فإن تخصيص الوقت اللازم مرتبط بقيمة الصفقة.
ـ يعتبر كل اجتماع استثماراً لمصداقيتك وسمعتك مع الزملاء والأصدقاء والشركاء المفاوضين. مما قد يؤثر على مستقبلك المهني.
ـ الوقت والطاقة هما من المصادر النادرة. فالاجتماع بشخصين أو ثلاثة قد يستغرق ساعة واحدة فقط من وقتهم.
فيما تحتاج المتابعة والمناقشة وتسجيل النتائج إلى عدة أضعاف ذلك الوقت.
كيف تحدد الأهداف؟
إبدأ من القمة، وحدد ماذا تريد أنت أو مؤسستك تحديده من هذه المفاوضات؟
هذه «الحاجات» هي الأهداف التي ستؤدي لاحقاً إلى مجموعة من الخطط والاستراتيجيات التي ترى أنها تساعدك في بلوغها.
يجب أن تكون الأهداف:
ـ عقلانية ـ هل الرغبة بكسب نقاط أكثر من الفريق الآخر مهما كلَّف الثمن أمر عقلاني؟
ـ متناغمة ـ هل الأهداف المحددة متناغمة مع اهتماماتك ومع بعضها البعض؟
ـ ممكن بلوغها ـ إن تحديد أهداف لا يمكن بلوغها في المفاوضات هو أمر عادي وهو حقاً مضيعة للوقت.
ـ مترابطة ـ يجب أن تكون الأهداف واضحة ما فيه الكفاية لتحويلها إلى خطط عمل.
ـ ممكن قياسها ـ إن كنت لا تستطيع قياس أهدافك كيف ستعرف متى تحققها؟
ما هو المهم بالنسبة إليك غير الثمن؟ ماذا عن الخدمة والنوعية ووقت التسليم؟ حدد وقيم كل واحد من الأهداف الأخرى.
ما هو مستوى الخدمة المقبول وما هو المستوى الذي تود نيله؟ أعثر على طريقة لتحديده.
قد ترغب في معدات موضوعة في الخدمة 97 في المئة من الوقت طوال السنة أو معدات لا تتوقف أبداً عن العمل أكثر من ساعتين.
ومهما كنت مفاوضاً ذا خبرة، من الأفضل تدوين أهدافك باختصار على ورقة
إعرف خصمك أو شريكك:
من العناصر المهمة كذلك في التفاوض هو فهم مع من تتفاوض من خلال معرفة العوامل التالية:
ـ العلاقة.
ـ افتراض سلوك عقلاني.
ـ اهتمامات متنوعة.
ـ الفهم.
ـ ماذا يريد الطرف الآخر؟
العلاقة :
إن إقامة علاقات مع الأشخاص تساعدك على معرفة كيفية التحدث معهم، وإنشاء ثقة متبادلة، وفهم السياسات التنظيمية للآخرين، والعثور على طرق جديدة لانجاز عمل مفيد للفريقين.
ومهما كانت الصفقة قاسية، فإنه يتم الحفاظ على العلاقة بين الفريقين.
هل هي صفقة مستقلة أو علاقة تجارية مستمرة؟ إن كان هناك إجتماع مستقبلي لابد من توفير فرص لإصلاح اتفاق غير متوازن، يجب تذكّر هذا الأمر دوماً حين تدفع حرارة التفاوض.
وفيما يتعلق بالمورَّد فإن العلاقة تعني غالباً:
ـ الجمود ـ يتابع الزبائن الشراء: تقضي «العلاقات» الطويلة غير المتحدية إلى أكبر الأرباح.
ـ الصداقة ـ يصعب جداً أن تكون رهيباً نحو رفيق.
ـ يجب أن تعني «العلاقة» استثماراً للوقت والطاقة في فهم الحاجات المتبادلة بحيث يمكن إشباعها لمصلحة الفريقين.
افتراض سلوك عقلاني:
يفترض بالمفاوض إدراك تلك القيم والمعتقدات الكامنة، وبالتالي فإن الاصغاء والاستفهام عن المهارات هما الأكثر أهمية في مثل هذه الأوضاع.
إبدأ بالافتراض أن شريكك المفاوض عقلاني، وعدّل ذلك لاهتمامات غير تجارية محتملة ونطاق عادي من العواطف.
اهتمامات متنوعة:
عندما نتحدث عن «الفريق الآخر» في التفاوض، فإننا قد نفاوض عدة رؤساء، ومحامين، ومحاسبين، وخبراء ماليين، ولهؤلاء جميعاً طرق ووجهات نظر مختلفة.
ولهذا حاول استنباط الاختلافات في الجهة الأخرى.
واعلم أن طرح الأسئلة قبل الاجتماعات وخلالها مفيد جداً.
راقب من يقول ماذا، وفكِّر في دوافعهم؛ فالصفقة التي تبدو أنها تسير على ما يرام قد تغير اتجاهها فجأة لأن شخصاً ما لم ينطق بكلمة قبلاً قد همس إلى المدير خارجالفهم:
تعج كلمة «خصم» في شتى المجالات بالتحدي.
فقبل الشروع في الصفقة، من المفيد فهم الشخص الآخر من حيث الإجابة عن بعض الأسئلة من قبيل:
ما الذي يدفعه إلى القضية كذا؟
ما الذي يحاول بلوغه؟
ما هي أهم نقاطهم؟
كوّن فكرة عما يحاول نيله من التفاوض وفكر ملياً فيما تريده.
إذا فهمت ما الذي يحاول خصمك أو شريكك بلوغه تكون قد وضعت أساس استراتيجية التفاوض.
هل يريد صفقة؟
لا يرغب الناس دوماً في عقد صفقة.
بعضهم من يرغب فقط في الحصول على معلومات حول عملك.
فالمنافس قد يفاوض لالحاق الضرر بعملك من خلال إرباك الإدارة وتشجيع الإشاعات.
قد يرغب مفاوض آخر في عقد صفقة إن كان السعر زهيداً جداً فقط.
حاول كطرف مفاوض أن تتوغل في الدوافع الحقيقية للفريق الآخر باتباع الخطوات التالية:
ـ إمنح معلومات محددة وأطلب عطاءً دلالياً.
ـ أطلب مقدمة من وسيط مشهور.
ـ أدِرْ مزاداً علنياً.
ـ أطلب إيداع عربون للتأكيد على الجدية.
مكان التفاوض، والتعارض المنقسم هو مشكلتك ومشكلتهم على حد سواء.
4 ـ على طاولة المفاوضات :
بعد فهم أصول المفاوضة ودراسة الأهداف والغايات جيداً بات أطراف التفاوض على قاب قوسين أو أدنى من الجلوس على طاولة المفاوضات.
ولقد عرفنا كيف أن التحضير الجيد ضروري لأي مفاوضات فعّالة، فعلى ماذا تركز أنت على طاولة المفاوضات كي تبقى في المنحى السليم إلى النهاية؟
إن أهم عاملين يجب أن تصب اهتمامك على إدراكهما، هما:
أولاً: إفتتاح الاجتماع.
ثانياً: الكلام والأصغاء.
أولاً: إفتتاح اجتماع المفاوضة:
إن إيجاد الجو الملائم في اجتماع المفاوضة مهم للغاية إذا كان على المراحل اللاحقة منه أن تؤدي إلى اتفاق.
وهنا يمكن تمييز المسائل الصعبة دون الوصول إلى جو جامد منذ البداية، وفي حال لم يعرف الفرقاء بعضهم قد تكون الافتتاحية ملائمة لحصول ذلك التعارف وترسيخ جو من الثقة.
كيف يتم ترسيخ العلاقة بين المفاوضين؟ يترافق لقاء الأشخاص لأول مرة باختيار الكلمات والأفعال الملائمة.
هذا الاختيار هو شيء مهم إذا حسنت الكيفية التي قام على أساسها.
ويشمل ذلك مخاطبة الآخر باسمه ولقبه والتصافح بالأيدي كتعبير عن العلاقة الجيدة.
ونحن عادة نضع بعض الأحكام الخفية استناداً إلى التحية الأولى:
ـ وفقاً لشدة المصافحة باليدين.
ـ مدى اتخاذ التحية طابعاً رسمياً أو ودياً، فهناك فرق كبير بين كلمة «صباح الخير» بكل قوتها وكلمة «أهلاً».
ـ مدى الحرارة والدفء في التعابير الوجهية عند اللقاء.
ـ مدى الاتصال البصري بين الفريقين: اتصال ثابت أو مربك أو غير ثابت.
ـ مظهر كل عضو في الفريق المفاوض، وأهمها الثياب.
والقاعدة الذهبية في مجال المظهر الخارجي لكل عضو في الفريق المفاوض، هي عدم استفزاز الفريق الآخر بنوع من الملابس وعدم خرق أفضلياته...
بالإضافة إلى هذه العوامل يجب توفر أرضية مشتركة بين الطرفين.
فكيف توفّر الأرضية المشتركة؟
إنه من الأسهل دائماً المفاوضة مع شخص تعرفه أو إلتقيته من قبل، لأنه سرعان ما تحصل بعض المعرفة الخاصة بظروفه الحياتية واهتماماته في العمل وخارجه، فضلاً عن دوافع ذلك الشخص والأشياء التي تدفعه إلى التحرك.
والمراحل الباكرة من الاجتماع تعطي فرصة ممتازة للتعويض عن أي معرفة ناقصة عن ظروف حياة ذاك الشخص ونشاطاته الأخيرة في مجال التجارة والأعمال.
وهذه المرحلة الباكرة من اجتماع المفاوضة تساعد كل فريق على بناء أرضية مشتركة مع الفريق الآخر، والتي قد تكون قيِّمة في حال تحول الاجتماع لاحقاً إلى مواجهة الصعوبات.
جدول الأعمال:
غالباً ما يلتقي أطراف التفاوض معاً ـ عند توافر الرغبة في الاجتماع ـ دون أن يكون هناك جدول أعمال مشتركة منذ البداية.
وسبب ذلك هو أن كل مفاوض يميل إلى التفكير بجدول أعماله فقط، ويعطيه أهمية فائقة وربما متفوقة على اهتمامات ومصالح الفريق الآخر.
وإذا كان لابد للاجتماع أن يكون توافقياً، عندها يكون من المهم توفير الفرص لكلا الفريقين المشاركين في الاجتماع لوضع جدول الأعمال الخاص بهما.
ومن المهم أن يراجع كل فريق جدول أعمال الفريق الآخر ويجري مقارنة مع جدول أعماله ليعرف ويتوقع سلفاً ما هي المسائل التي ستثار في اجتماع المفاوضة.
ولكن هذا لا يعني أن كل بند في جدول الأعمال أو كل هدف يجب كشفه منذ بداية الاجتماع.
لكن عدم فعل ذلك، قد يدعو إلى التساؤل عن المغزى من إخفاء بعض البنود وهل حصل ذلك بسبب النسيان أو لاستغلال ميزة معينة.
ثانياً: الاصغاء والكلام:
قبل الدخول في تفصيل طريقتي الاصغاء والكلام في المفاوضات، يجب أن نشير إلى أن عمليتي الإصغاء والكلام تتأثران بعوامل متنوعة على رأسها:
ـ الانضباط الذاتي من حيث الاستعداد للسماح للفريق الآخر ببعض الحرية.
ـ الأسلوب الفعلي الذي نستعمله في الكلام (عدم التحيز أو التمسك بالآراء الشخصية).
ـ نوعية الإصغاء، والتي تتأثر بعوامل كثيرة، مثل الفهم والتعليل والتركيز الفكري.
ـ لغة وإشارات الجسد.
كيف يكون الاصغاء؟
ـ الاصغاء هو بداية كل اتصال.
وإذا قلنا إنه من الضروري الاصغاء لتوليد التفاعل في اجتماعات المفاوضة.
فإن هذا القول هو من البديهيات، ولكن يمكن أن يكون ذلك أصعب مما يبدو عليه.
وفي البداية يمكن أن تكون العملية التفاوضية في أي محادثة صعبة بالنسبة للبعض، وعندما نسعى إلى مساومة تفاوضية تتعقد الأمور بفعل مطالب إضافية.
ولنوضح الأمور نقول إن المفاوض الأول يقدم عرضاً أو اقتراحاً إلى المفاوض الثاني الذي يصغي بانتباه إلى ذلك العرض أو الاقتراح.
ولكن وخلال تقديم العرض أو الاقتراح يسعى المفاوض الثاني إلى فهم ما يتم تقديمه بحيث يقارنه مع معرفته المسبقة وخبراته، ومن خلال الإصغاء جيداً إلى أسلوب الكلام والتعبير.
وعندها يبدأ بصياغة الجواب الملائم بالطريقة الملائمة.
وقد يحصل في كثير من الأحيان تفويت الكثير من النقاط المهمة في ظروف كهذه، ويمكن لجوابنا في بعض الأحيان أن يكون غير ذي صلة بالموضوع أو غير مطابق للواقع.
فيؤدي سوء الفهم الحاصل هذا إلى انحراف مسار المفاوضات لأن الناس عندهم عادة تخفيف إصغائهم للآخرين، خاصة إذا كانوا لا يريدون سماع ما يتم قوله، بينما يلجأ آخرون إلى عدم الإصغاء كلياً وبالتالي لا يحصل أي التزام حقيقي بالتغيير.
ولتفادي ذلك يجب أن تتحلى بمهارات الاصغاء في كل تفاوض. والتي تتمثل في:
ـ مراقبة حركة شفتي الشخص الآخر خلال كلامه، وكذلك مراقبة عينيه وذلك لقياس رد فعله على ما يقال له.
ـ محاولة التركيز على الرسالة التي تنوي إيصالها للآخر بدلاً من الغرق في الكثير من الكلام.
ـ تدوين مذكرات تساعد على التركيز الفكري.
ـ تجنب محاولة إعطاء تفسيرات متعددة لأقوال الشخص الآخر.
ـ تصنيف ما يساهم به الشخص أو الفريق الآخر في الاجتماع (هذه المساهمة تشمل الأسئلة، التلخيص أو العروض والمقترحات) وذلك حتى يمكن الوصول إلى الجواب الملائم.
هذه المقاربات تساعدك على التركيز وتمكنك من اصطياد فرص المناقشة والمساومة وإتقان الكلام التفاوضي.
كيف يكون الكلام في المفاوضات؟
قد يكون الفريق «الآخر حساساً جداً للفوارق الدقيقة التي تقصدها أو لا تقصدها ربما.
وقد تفقد موقعك بسبب سوء تفاهم أو إساءة غير مقصودة.
لذا، اختر كلماتك بعناية، وأصغ كذلك بعناية والواقع أن المستمع الذكي يكتشف فوراً الشخص الذي يتحدث ولا يصغي.
ولهذا، لا تتحدث أكثر من بضع دقائق حين يستعد الشخص للإجابة لأن:
ـ الفريق الآخر قد يضجر ويصرف انتباهه، ويتركك تتسلى مع نفسك. أما طرح الأسئلة فيجبره على الانتباه.
ـ يصعب التحدث والمراقبة في الوقت نفسه.
وبما أن الهدف من التحدث هو الاتصال مع الطرف الآخر، استخدم لغةً يفهمها الشخص الآخر وتجنب الرطانة التي تجعل الآخر لا يفهم شيئاً مما تقوله.
كرر ولخص ما قلته، وأطلب من الشخص الآخر أن يكرر لك النقاط الأساسية التي تظن أنك ذكرتها.
وعليه فإن النقاط الأساسية للتحدث (الكلام) هي الوضوح والإيجاز، إضافة إلى:
ـ النبرة، التي تشير إلى التغيرات في مقام الصوت والحركات والوضعية التي تعكس المعنى بقدر الكلمات.
هل نبرتك فعالة؟ هل ترفع صوتك من دون أن تفكر حقاً في ذلك؟: < ـ اللون، الذي هو طريقة ربط ما تقوله باهتمامات الآخرين، وجعله مفهوماً وشخصياً لهم. يمكن مثلاً إعطاء أمثلة مصرفية لرجال المصارف وأمثلة مبيعات لمندوبي المبيعات.
قد يخرج صاحب الشخصية القوية من الاجتماع وقد فاز بكل مقايضة، لكنه خسر الحرب الحوارية أو الكلامية.
ولذا، حاول أن لا تجادل. فالمسألة ليست إن كنت محقاً أم لا؟ وإنما هي جعل أحدهم ينفذ ما تريده منه، وقد لا يكون المنطق هو الطريقة الصحيحة.
عندما تكسب الرهان أوقف المناقشة للأسباب التالية:
ـ حتى بعد اتمام الصفقة، قد تؤدي كلمة حمقاء إلى تدميرها.
ـ حين يكون الفريق الآخر مستعداً للموافقة، قد يؤدي استمرار المناقشة إلى خسران هذه اللحظة.
ـ لا تمنح الفريق الآخر مسألة غير ملائمة لاستغلالها. ففي هذه الحالة، يركز عليها وتخسر المعركة.
ـ لا تذكر ثلاث حجج فيما تكفي واحدة، واذكر الحجة الأقوى أولاً.
ـ الاتصالات:
الاتصالات هي كل ما يتبادله المتفاوضون أثناء مرحلة التفاوض، وهي تضم بالإضافة إلى الإصغاء والكلام ـ وهو ما تطرقنا له أعلاه ـ طرح الأسئلة المتعلقة بالمفاوضات.
فما هي الطريقة المثلى لطرح الأسئلة؟ يكتشف المفاوضون الناجحون أموراً كثيرة عن الفريق الآخر قبل الاجتماعات وخلالها.
يمكنك طرح أسئلة فعَّالة بالتوازي مع الاتفاق، لكن كن حذراً.
فهذا ليس استجواباً. لاحظ أن المفاوضين الناجحين باستمرار يعتمدون الطريقة المذكورة أدناه بطريقة غير واعية غالباً.
إبدأ بالأسئلة الشاملة، وحاول معرفة كل الخلفية المرتبطة بالفريق الآخر.
ثم باشر في الاستعلامات المحددة وناقش المسائل المهمة التي توفر مادة أولية للمقايضة.
الأسئلة المفتوحة:
إبدأ بالأسئلة المفتوحة.
لا تقترح هذه الأسئلة جواباً ولا تسمح بالإجابة بـ نعم أو لا.
يفترض بالشخص الآخر إعطاؤك معلومات، وينسجم في الحديث فيطلعك على أمور لم تكن تفكر في سؤاله عنها.
وهي طريقة جيدة لاستنباط الأخبار والتمهيد لأسئلة أخرى.
ومن الأمثلة على الأسئلة المفتوحة القول مثلاً: «إلى أين تأخذ الأشياء من هنا؟» يدعو هذا السؤال إلى سلسلة من الأجوبة.
الأسئلة المغلقة:
في المقابل، تكون الأسئلة المغلقة بالغة الإيجاز والتحديد، وقد تدعو إلى الإجابة بـ نعم أو لا.
يمكن طرحها في المحادثة عند الحاجة إلى جواب دقيق، مثل: «هل تستطيع إنجاز الأمر الأسبوع المقبل؟» وهنا لن يمنحك الجواب تلميحات لفوائد مشتركة، لكنك لا تسعى إليها في هذه المرحلة.
السياق:
إطرح أسئلة من السياق تتيح لك معرفة شيء عن الشخص أو المؤسسة، وما هي مشاريعهما، ... يفترض أن تكون هذه الأسئلة مفتوحة. «كيف تفكر في التوسيع بعد شراء هذه الشركة؟»
الاهتمامات والمشاكل:
تتيح لك هذه الأسئلة المضي في المسارات التي افتتحتها أجوبة الفريق الآخر لمعرفة الاهتمامات والمشاكل.
«ماذا تقصد إذاً بأنك تتطلع إلى التوزيع الخارجي أيضاً؟ «تحتفظ بالجواب لوقت لاحق أو تواصل على الفور لاظهار اهتمام مشترك أو فائدة متبادلة.
الفوائد:
إن أقوى البيانات في البيع والتفاوط هي تلك التي تظهر أنك قادر على تلبية حاجات الفريق الآخر.
«رغم أننا لا نستطيع القبول بسعرك الأولي، لقد شرحت لنا مدى التزويد المستقبلي بالنسبة إليك ونحن هنا لتلبية حاجاتك».
وكخلاصة لمحور الأسئلة في المفاوضات نقول إن الانتقال من الأسئلة المفصلة يعزى أحياناً إلى تقنية القِمع.
فأنت في هذا، تضيق بؤرة بحثك حتى تركز على حاجة أو مشكلة أو اهتمام محدد.
والمنحنى التالي يوضح كيفية تسلسل الأسئلة للوصول إلى الحل.
6 ـ لغة الجسد:
يشير العديد من الدراسات إلى أن أكثر من 70 في المائة من الرسائل التي نبعث بها تتم بواسطة الحركات والتعابير والوضعية.
هذا بالإضافة إلى الرسائل التي توجه بواسطة نبرة الصوت.
وسواء أكنا نضرب الطاولة بعنف بقبضتنا، أو نوجه نظرة غاضبة أو نبدو مرتبكين، يصعب إنكار أهمية هذا الجانب من الاتصال.
والواقع أن المفاوض الذكي يدرك دوماً أهمية لغة الجسد، لكنه لا يركز عليها كثيراً بحيث لا تنتبه إلى ما قيل فعلاً.
أنظر واسمع وفكر في ما يقوله الشخص الآخر، وكيف يقوله وماذا يفعل.
وأدرك نفسك جيداً أيضاً.
فإذا تعرفت على توقف في المكان الخطأ أو عبارة تدل على الضعف، إبحث فوراً على طريقة لمقاومة الأثر الناتج.
فاللعبة لا تنتهي إلا عند انتهاء الصدام.
واللافت أن العديد من هذه الإشارات لا يتطلب دراسة معمقة لعلم النفس، بل يستلزم الوعي، وبعض الفطرة السليمة لإدراك المعنى، وإضافة إلى الجهوزية لعمل شيء ما بشأن الإشارات المرسلة والمستقبلة.
إن بعض التعابير والحركات تخص ثقافات محددة، فيما البعض الآخر شائع لدى كل الجنس البشري، مثل الابتسام أو الأسنان الكاشفة عن الغضب.
قد تكون الابتسامة زائفة وتخفي الغضب والعدوانية.
إلا أنه يصعب التحكم في طريقة وقوفنا وتحريك أيدينا.
وهناك طبقة أخرى من إشارات الجسد، ذات رقة أكبر، مثل ضيق العينين وشكل الابتسامة وحتى انقباض بؤبؤ العين، يمكنها أيضاً أن تخفي المشاعر الحقيقية للمفاوض المبتسم.
واللافت أن معظم هذه الحركات هي عالمية.
فإن استطعنا تفسير هذا التعليق اللا إرادي، يكون موقفنا التفاوضي أقوى.
يمكننا التعرف على الكذب، سواء أتم القبول بحججنا أو رفضها الفريق الآخر واضطررنا إلى تعديل سلوكنا وفق ذلك.
ـ الاستراتيجيات والخطط
تُعتبر المعضلة الأبدية في العملية التفاوضية، الإشكالية العالقة بين ما إذا كانت تجب المزايدة أو المناقصة.
أولاً: المزايدة:
إن المزايدة الأولى القريبة من حدك الأقصى تهدف إلى إبعاد المنافسين وإجراء المزيد من التفاوض.
مثلاً: «هذا عرضي النهائي وعلينا إنجازه بحلول يوم الجمعة القادم».
لقد قلّصت فرصة إعادة المزايدة وضاعفت خطر خسارة الصفقة.
فالفريق الآخر قد لا يؤمن أن هذا هو حدك الأقصى ويزيد من توقعاته.
لذا، عليك إقناعه بأن هذه هي مزايدتك الأخيرة.
وتحتاج الفرق المشاركة في معظم المفاوضات إلى ارتياح نفسي لتحسين الصفقة، وهذا سبب لافساح بعض المجال أمام المساومة.
تقدم عرضاً ويتم قبوله، فتشك فوراً في أن العرض كان مرتفعاً جداً.
هكذا، حتى لو كان العرض الأول قريباً من الحد الأقصى المتوافر؛ أترك مجالاً للمناورة.
ثانياً: المناقصة:
إن السبب الأساسي الكامن وراء المناقصة هو منحك أفضلية الترقي إلى الأعلى للوصول إلى السعر الأقصى الذي قررت دفعه.
والنظرية هنا هي حصولك على نتيجة أفضل.
لكن حين تريد المناقصة، إجعلها في مستوى يمكن الدفاع عنه.
هكذا، تتوافق المساومة مع تبرير وتصميم لكيفية تسليمها.
قد يشير العرض المتدني إلى علامات محنة لدى الفريق الآخر: لاحق العرض المتدني بهدف الحفاظ على المبادرة.
لكن لا تفقد أعصابك! فالفريق الآخر قد يصرف النظر عن عرضك المتدني.
وهذه الاستجابة سهلة ولا تكلفه شيئاً، وقد تشعرك بالجزع: لا تفعل. فالمناقصة تشتمل على أربعة مراحل هي:
1 ـ تقديم العرض.
2 ـ التفسير: إشرح لما العرض عادل ولمَ الصفقة جيدة بالنسبة إليه.
3 ـ اختبار الاستجابة: حدِّد الأجزاء غير المقبولة (أو المقبولة) من العرض.
أطلب من الفريق الآخر شرح رأيه في عرضك وتحقق من استجابته.
«هل أنا مصيب في الاعتقاد أنك تجد شروط الدفع التي نقترحها جذابة؟»
إشرح كيف توصلت إلى عرضك.
أخبره أن السعر الذي طلبه ليس معقولاً واسأله عن أهدافه الحقيقية.
إذا استجاب لك، تعاود التحرك.
4 ـ المتابعة: يجد الفريق الآخر عرضك سخيفاً. «هل تشعر بالخوف الآن؟»
لا تفعل ذلك إطلاقاً. فالمناقصة كانت متدنية جداً: أنت مستعد لتقديم المزيد، عليك الدخول في مفاوضات للتحرك مجدداً، كيف ذلك؟
ـ قدم تنازلاً فورياً في شكل تفسير: «مثلاً، إذا كنت قادراً على تلبية شروط التسليم الجازمة والدفع في غضون ستين يوماً، يمكننا إذاً مناقشة السعر».
ـ أطلب وقتاً لاستشارة الزملاء. فإن كنت لا تعرف كيف تتابع المهمة وحدك، إمنح نفسك وقتاً أثناء مواصلة الصفقة.
ـ إجعل العرض صارماً وراقب ماذا يحدث: قد تكون مخطئاً، وقد يكون الفريق الآخر مخادعاً.
ـ استسلم: إذا لم يتوافر أمامك خيار، فكر في الانسحاب شرط أن يكون خيارك الأخير.
ـ إنجاز الصفقة وتأكيدها:
لا يوجد داعٍ لاستثمار الوقت في اجتماعات مخصصة للمفاوضات إذا لم نتمكن من ختم هذه المفاوضات وإنهائها باتفاقيات مُرضية.
ولكن هنالك الكثير من الأشخاص في عالم التجارة والأعمال يقدمون العروض رغبة في بيع سلعة أو خدمة، أو شراة يستثمرون الوقت في الاجتماع مع ممثلي مبيعات ولا يصلون إلى نتائج أو توقيع عقود بيع.
والسؤال هنا هو: هل يكتشف هؤلاء، لماذا لم يمكنهم إنجاز صفقة أفضل؟ وهل يمكنهم فعل أي شيء بهذا الخصوص.
في الاجتماعات الخاصة بالعلاقة بين الموظفين والإدارة غالباً ما تكون النتيجة هي التأجيل مع إجراء المزيد من المشاورات بين ممثلي الموظفين أو العمال والمدراء.
لكن هنا يبقى المبدأ ذاته للمفاوضات قائماً وهو أنه إذا كان لابد من استثمار الوقت في الاجتماعات عندها يجب أن يكون الهدف النهائي لهذه الاجتماعات هو الوصول إلى الاتفاق.
ما هي المهارات التي نحتاج إليها لإنجاز اجتماع المفاوضات بنجاح؟
ـ تلخيص التقديم الحاصل في المفاوضات.
ـ إعادة إحياء المسائل التي نوقشت باكراً في الاجتماعات للوصول إلى اتفاق بشأنها.
ـ إستعمال التنازلات لتحسين الاتفاق.
ـ إختيار استراتيجيات ملائمة في الاقناع.
ـ ربط مختلف المسائل التي تمت مناقشتها بإتفاق أو بالإتفاق النهائي.
ـ الإصغاء إلى التنازلات المقدمة.
ـ إستعمال أساليب ملائمة لإنجاز الصفقة وإنهاء المفاوضات.
وللتعرف على كيفية إنجاز الصفقة وتأكيدها نتعرض لها بالتفصيل:
أولاً: إنجاز الصفقة:
غالباً ما يتدرب موظفو المبيعات على إنجاز صفقة البيع بإتباع أساليب كثيرة ومتنوعة تساعد على ذلك.
ولكن إذا كان المفاوضون قد قاموا بمهمتهم جيداً فإن الاجتماع ينتهي تلقائياً إلى نتيجة ما.
وأفضل هذه النتائج تحصل عندما ينجز الفريقان ما إتّفقا على إنجازه (ضمن ثوابت أهدافهم) وكل ما يبقى فعله هو جعل الإتفاق رسمياً.
قد لا يحصل ذلك دائماً وقد يكون من الضروري، في بعض الأحيان، دفع الاجتماع بلطف نحو الخاتمة.
والقائمة التالية تبين بعض الأساليب الشائعة لإنجاز ذلك:
ـ الدعوة إلى فرصة إستراحة.
ـ تحديد مواعيد نهائية.
ـ تهديد بالانسحاب أو طلب تحديد فترة المفاوضات أو تأجيلها.
ـ طلب الوصول إلى إتفاق.
ـ الخلاصة الخاتمة.
لا تنسى أن الفريق الآخر يتمتع بحرية الموافقة، أو عدم الموافقة.
ورغم أنك قد تكون عملت بجهد للوصول إلى صفقة جيدة، يظل الفريق الآخر يعمل لأسباب تتعلق به وليس بك أنت.
ويجب أن تتذكر ذلك إذا كنت تشعر بحماس شديد عند بدء تقييمك للصفقة.
ثانياً: تأكيد الصفقة:
حتى عندما يبدو أن الاجتماع قد اختتم بإتفاق كامل، تبقى هناك مخاطر حصول عيوب في تنفيذ الاتفاق.
ويكمن نجاح المفاوضات في هذه العملية.
وقد يكون من الصعب ـ مع وجود حماس شديد للوصول إلى نتيجة ناجحة ـ معالجة الأخطار التي يمكن أن تحصل لاحقاً مع التنفيذ.
لكن الأمور يمكن أن تسير نحو الخطأ وبدون سبب جدي، وقد يكون تذكُّر الفرقاء لما تم الاتفاق عليه غير كافٍ.
ولكن إذا كان أداء تنفيذ الاتفاق لا يفي بتوقعات أي من الفريقين يصبح ذلك مفهوماً بوضع الدوافع الضمنية موضع تساؤلٍ وشك.
وتشمل حلول تجنب هذه المشاكل النقاط التالية:
ـ تبادل المذكرات.
ـ تدوين الاتفاق أو جعله مكتوباً.
ـ التدقيق بوجود توافق بين محاضر ومذكرات الفريقين الخاصة بالاجتماع.
ويتخذ توكيد الاتفاق الأشكال التالية:
ـ طلبات الشراء.
ـ المذكرات الخاصة بطلبات البيع.
ـ رسائل التوكيد أو تثبيت الصفقة.
ـ العروض المنقّحة (مع رسائل القبول).
ـ العقود الرسمية.
ـ البيانات المشتركة أو المعاهدات.
ـ الاتفاقات الإجرائية والمساومات.
ويجب عليك في النهاية أن تحصل على تدقيق نهائي يتعلق بالتغطية القانونية للصفقة في حال خروج الأمور عن مسارها الصحيح.
وكيف يمكن أن تحصل وبحق من؟.
وهذا لا يعني أنك ترغب بالملاحقة القانونية، لأن معظم النزاعات بين موقعي العقود تحل بالمفاوضات.
لكن المفاوضين البارعين لا يضعون أنفسهم في موضعٍ لا يمكن العودة عنه إذا خرق الفريق الآخر الاتفاق.
9 ـ تقييم الآداء ومتابعة النمو:
رغم أنه لا فائدة من البكاء على الماضي، لكن ما من شك أنه لا يمكننا التعلّم من الأخطاء السابقة.
والحق أنه من المحتمل أن يرتكب المفاوضون أخطاء من حين لآخر ـ ولكن ما هو غير قابل للسماح جعل تلك الأخطاء تتكرر.
أُدرس القائمة التالية التي قد تساعدك على إبراز نقاط الضعف والقوة عندك في مجال المفاوضات:
ـ مرحلة التحضير للمفاوضات:
1 ـ هل أُنفق الوقت الكافي في التحضير للمفاوضات؟
2 ـ هل ناقشت القضية مع أشخاص آخرين في شركتي؟
3 ـ هل قمت بالدراسة والبحث في قضية الفريق الآخر؟
4 ـ هل هناك معلومات إضافية قد أكون قادراً على جمعها عن شركة الفريق الآخر؟
5 ـ ما هي الحصيلة التي أريدها حقاً من المفاوضات؟ هل هي: (كسب للفريقين)، (كسب لفريق وخسارة لفريق آخر)، أو (خسارة للفريقين)؟
6 ـ هل عملت على تحضير خطة للمفاوضة أو خلاصة لها؟
7 ـ ما هي قائمة أهدافي وما هي ثوابت كل هدف؟
8 ـ هل وضعت أولويات لأهدافي؟
9 ـ ما هي التنازلات التي يمكنني تقديمها؟
10 ـ أين سيحصل اجتماع المفاوضة؟
11 ـ هل عملت على تحليل مواقع القوة النسبية لشركتينا؟
12 ـ متى يأتي الوقت الأفضل للاجتماع؟
إفتتاح الاجتماع:
1 ـ ما هو مدى براعتي في تسهيل الأمور للآخرين؟
2 ـ ما هي براعتي في مهارات العرض والتقديم؟
3 ـ كيف يمكنني التحكم بإشارات الجسد وقراءتها وفهمها؟
4 ـ ما هي قدرتي على استدراج الآخرين لتقديم المعلومات؟
5 ـ هل يمكنني التجاوب مع حث الآخرين لي دون تقديم شيء قيِّم لهم؟
6 ـ ما هي قدرتي على تطوير جو تعاوني في الاجتماع؟
7 ـ هل وضعنا جدول أعمال مشترك وحددنا الأرضية المشتركة للمفاوضات؟
اجتماع المفاوضة:
1 ـ ما هو مدى قدرتي على حفظ التوازن بين الكلام والإصغاء؟
2 ـ كيف يمكنني جعل الاجتماع يعمل لصالحي؟
3 ـ ما هو مدى جودة مهاراتي في التركيز والإصغاء؟
4 ـ متى تكون الاستراحة مفيدة؟
5 ـ كيف يمكنني استغلال حالات المقاطعة للاجتماع؟
6 ـ من الذي يتحكَّم بالاجتماع؟
7 ـ هل عملت على تحديد أفضل وقت لتقديم العروض؟
8 ـ ما هو مدى جودة تقديمي للعروض التجريبية؟
9 ـ هل يمكنني صياغة عروض مضادة تتغلب على عروض الفريق الآخر؟
10 ـ هل أستعمل الأسئلة الافتراضية بنجاح؟
11 ـ عندما يقف الفريق الآخر بوجه مقترحاتي وعروضي، هل يمكنني إزالة ذلك الإيقاف لاحقاً للعودة إلى العروض ذاتها؟
12 ـ ما مدى قدرتي على إنهاء الاجتماع؟ هل:
ـ بتقديم خلاصة عنه؟
ـ باستعمال التنازلات في اللحظة الأخيرة؟
ـ بالربط بين نقاط النقاش؟
ولا تنس أن الاختيار الحقيقي لاجتماع المفاوضين يكمن في النتائج، ويملك المفاوضون البارعون:
ـ سجلاً بنجاحات مهمة في المفاوضات.
ـ أدنى فشل في تطبيق الاتفاقات التي يتوصلون إليها.
ـ معدلات عالية من الفعالية.
ختاما
متابعة النمو:
المفاوضة هي مهارة تطبيقية، وهي تخضع لنفس مزايا المهارات الأخرى ـ بحيث أنها (تصدأ) إذا لم تُستعمل، وتتحسن وتصبح أفضل بالممارسة المتكررة.
وهكذا يوجد عدد من الخطوات التي يمكن للمفاوض اتخاذها لتقوية تلك المهارات، وهي:
1 ـ إستغلال كل فرصة للمفاوضة.
2 ـ التحدث عن المفاوضة مع أشخاص متمرسين داخل وخارج الشركة.
3 ـ القراءة الخاصة بالمفاوضات في:
ـ المقالات الصحفية.
ـ المجلات التجارية (للمصادر التقنية).
ـ الكتب والمقالات.
4 ـ مراجعة الصفقات بعناية وعمق.
5 ـ حضور درس تدريبي يمكّنك من الحصول على تغذية مرتجعة عن أسلوبك ومهاراتك.
في النهاية نقول: إنه نادراً ما تكون الحقيقة مُرضية للنفس.
ومن غير المفيد اتباع عملية مراجعة إذا كان الشخص ينوي خداع نفسه.
لذلك لابد من التدقيق بالأهداف، خاصة تلك المتعلقة بالفريق الآخر، والتأكد من أنك لن ترتكب الأخطاء ذاتها مرتين.
ونتمنى لك النجاح والسعادة في مفاوضاتك.