إن وضع حدود بينك وبين الآخرين تحدد من أنت و من تكون. إن الحدود التى لا تسمح لأحد أن يتخطاها هى التى ترسم صوره واضحه لك فى عيون من تتعامل معهم. بالإضافه إلى أن الحدود تساعدنا على تحديد ملكيتنا لذاتنا و حمايتها من تعدى لا نقبله.
كلنا يعرف إن من غير المسموح لأحد أن يدخل بيتك و يفتح ثلاجتك و ياكل و يأخذ ما يريد دون إذن, أو يأخذ سيارتك دون إستئذان, كما نعرف إن ذلك جرم يحاسب عليه القانون. الجميع يعرف ما هى الحدود للأشياء الماديه, ولكننا نجاهد لنحدد ما هى الحدود للجانب العاطفى, و الروحى, و الجسدى, والعقلى للإنسان.
إذا فى لحظه ما شعرت إنه من الصعب وضع حدود واضحه لنفسك, أو شعرت بالذنب لتطبيقك ما تعتبره صح, انت لا تعرف نفسك وماهى الحدود السليمه التى يجب أن تضعها حتى لا يتغلل أحدا لحياتك و يفرض عليك ما يريده هو دون رغبه منك.
المفاهيم الخاطئه من الصغر التى تتسبب فى العجز عن وضع الحدود:
- إذا عانى الشخص فى صغره من إسائه جسديه, أو عاطفيه, أو عقليه, أو روحيه من الوالدين أو الأطفال الآخرين أو من يعتبره المثل الأعلى فإنه يتعلم من سن مبكره إنه من العادى و الطبيعى قبول مثل هذه الإساءات أو الخبرات السيئه التى قد يتعرض لها.
- إذا عانى الشخص من الحرمان من الحب أو الرفض فى الصغر لقوله " لا" لمن حوله ,نجده يتعلم إن عليه أن يقول نعم لأشياء لا يرغب القيام بها لكسب حب و رضا و قبول من حوله.
- إذا عوقبت على قولك لا وشعرت بالذنب لأنك بذلك أغضبت من تحبهم لرفضك عمل شىء طٌلب منك عمله, ستتعلم إنه من العيب أن تقول لا و تستمر فى قول نعم لكل ما يطلب منك دون تفكير فى إذا كان صح أم خطأ.
- إذا أٌجبرت على التنازل عن حق ما أو المشاركه فيه دون رغبتك فى الصغر, فإنك تتعلم قول نعم لتعدى أى شخص على ممتلكاتك الماديه أو المعنويه.
- تظاهرك بالبكاء أو المرض فى صغرك لتحصل على ما تريد ,فإنك تخترق حدود الآخرين عند الكبر دون شعورك بالذنب لحرمانك الآخرين من حقوقهم.
- إذا كانت نشأه الشخص فى مناخ مملوء بالشكوك و عدم الثقه , فإنه من الطبيعى أن لا يثق فى أحد ويغلق الباب فى وجه أى تجربه مفيده أو سعيده قد تظهر فى حياته لشكه فى نتائجها أو من يقدمها له.
- إذا كانت الرساله التى توجه لشخص فى طفولته دائما هى " إنك لا فائده منك" أو "أنت تحتاج المساعده " سيكبر ضعيف الشخصيه و لن يتعلم أبدا قوه وضع الحدود الصحيحه لإيقاف أى شخص عندها, أو إتخاذ قرارات سليمه بمفرده.
- إذا كان أحد الوالدين لا يتحمل المسئوليه, وغير ناضج فى تصرفاته ,ولا يٌظهر مشاعر الحب للعائله, سيصبح من السهل تقبل مثل هذه التصرفات و قول نعم لها وعدم رفضها.
- إذا سمح الوالدين فى الصغرلإبنهم أن يتمرد على أوامرهم أو طلباتهم , ويرفض سيطرتهم أو تحكمهم , سيتعلم التمرد على السلطه أو تحمل المسئوليه أو الإلتزام بالقانون أو تنفيذ التوجيهات فى مراحل حياته المختلفه.
إن الشخص فاقد القدره على وضع حدود لنفسه مع الآخرين نتيجه لما عاناه فى الصغر,لن يتغلب على ذلك إلا إذا واجه نفسه وتخلص من هذه الآثار, وتعرف على السبب الحقيقى وراء تخاذله أمام الآخرين. هذا الشخص يشعر إن لا حق له فى وضع أى حدود تجعله فى مواجهه الآخرين أو إتخاذ أى قرارات و التمسك بها إذا تأكد من صحتها. الآن إسأل نفسك هل أنت هذا الشخص ؟ إذا كانت الإجابه بنعم تابع الآتى:
1. الحق فى وضع الحدود:
أولا يجب أن تدرك إن لك الحق كله فى أن تضع حدودا لا يتخطاها أحد فى تعامله معك. فى البدايه سيكون ذلك صعبا إذا كنت فاقد الثقه فى نفسك و الإحترام لذاتك. ستتردد فى وضع الحدود خشيه أن يكرهك الناس , أو أنك ستجرح شعور الآخرين إذا رفضت طلب منهم . إفهم إنك أنت الذى ستٌجرح وتٌهان إذا لم توقفهم عند حدودهم . ستجد نفسك تقبل عمل شىء تكرهه أو يعطلك عن عملك. ضع الحدود بسرعه وإلا ستجد نفسك لا تقوم بأى عمل يفيدك غير إرضاء الآخرين.
تذكر: يجب أن تضع الحدود مع الآخرينلتكتسب عاده الإعتزاز بالنفس, والشعور بقيمتك و يقوى إيمانك بنفسك و إنك تستحق العيش فى هدوء و سلام دون تدخل فى حياتك من أحد يفرض عليك ما لا تحبه و ترضاه لنفسك. تأكد إنك بتنازلك لن تٌنقذ العالم . إفعل ما تستطيع عمله و لا يهينك أو يسىء إليك إذا سمح وقتك بذلك وإن ما تؤديه يشعرك بالسعاده وأنت تنفذه.
2. إبنى الشجاعه فى نفسك :
أن تقول لا قد يشعرك بالخوف فى البدايه, و لكن الأهم أن تصدق إن لديك القوه و الثقه فى أن تسيطر على حياتك و تضع لها حدود يقف عندها الجميع. إن أفضل طريقه لتصبح أكثر شجاعه هى أن تفهم إن لا شىء سيحدث إذا رفضت الإلتزام بعمل شىء طلبه منك أحد. هل سخيب ذلك ظنه؟ محتمل. هل سيغضب منك ويتجنبك ؟ محتمل لا. فى الغالب سيذهب لغيرك وستسير الأمور فى مسارها الطبيعى.على أسوأ الأحوال إذا كان رد فعل هذا الشخص عنيف عند رفضك طلبه, إسأل نفسك هل وجود هذا الشخص فى حياتك يفرق معك؟ إن هذا الشخص يهتم بمصلحته دون النظر لمشاعرك أو مصلحتك. يجب أن تدرك إنه ليس من مهماتك أن تريح الآخرين على حساب مصلحتك, و تؤدى ما يطلبوه بغض النظر عن رغبتك. لذلك وجود حدود توضح ما تستطيعه و ما لا تستطيعه يٌجنبك كل هذه المشاكل قبل أن تبدأ.
3. كن حازما و لكن لطيفا :
أحد أسباب الإمتناع عن وضع الحدود هو خوفك من أن ينظر إليك الآخرون على إنك شخص أنانى وقح. يمكن أن تتجنب ذلك إذا وجدت طريقه مهذبه و لطيفه لتقول " لا " لطلب ما. بدلا من أن تقول بسخافه " لا , لن أساعدك فى هذا العمل", يمكنك أن تقول بلهجه إعتذار" أنا حقا آسف, و لكن لدى الكثير من العمل الذى على إنجازه". الكلسيفهم ذلك ولن يضايق أحدرفضك . و مع ذلك إذا واجهت مقاومه أو إلحاح , هذا هو الوقت أن تكون حازما فى قول " لا لن أستطيع أن أؤدى هذا العمل ".
إن أصعب جزء لوضع الحدود هو تعلم أن تكون حازما مع نفسك. قد تغريك الرغبه فى مساعده الآخرين على حساب نفسك,عند حدوث ذلك عليك أن تفعل ما ترضاه و ليس ما يٌرضى الآخرين ,و يجب أن تلتزم بذلك. أكد لنفسك إن وضعك لحدود واضحه فى مكانها ستعرف أين تقف من الآخرين و تصبح قادرا على إتخاذ القرارات التى تدعم و تغذى عزيمتك لتضع الحدود اللازمه لنجاح حياتك. هذه القرارات قد تشمل رفض إلتزامات لا يوجد لديك وقت لها , أو الرغبه لإنجازها.
العبارات الآتيه تسهل لك وضع الحدود :ــ
- لا آسف
- لا شكرا
- آسف لا أستطيع عمل ذلك
- هذا سلوك سىء لا أقبله
- لا أقبل أن أعامل هكذا
- لا تتكلم معى بهذه الطريقه
- هذه مسأله لا تهمنى
- ليس لدى وقت لعمل ذلك
- أنا لست الشخص المناسب للمشاركه فى ذلك
- علينا الإلتزام بنصوص العقد
إرشــادات :ــ
- كن حازما مهذبا و لكن غير مدافعا أو معتذرا. إن ذلك يعطى إشاره إنك متعاطف مع المتحدث ولكنك لن تغير رأيك تحت أى ضغط.
- إذا قلت لأحد إنك ستعود للمساعده فيما بعد, و كنت غير متأكدا من إنك ستفعل ذلك, لا تعطى إنطباعا واعدا لهذا الشخص و إشعره إنك تجامل فقط.
- إذا طلب منك أحد شرح سبب رفضك , تذكر إنك لست مدينا لأحد قل " آسف لدى أسبابى الخاصه" , هذا الرد سيوقف الشخص عند حده ولن يلح عليك أكثر من ذلك.
- تذكر إن اليوم ساعاته محدوده. هذا يعنى إن أى عمل تقوم به مجامله لأحد سيكون خصما من وقتك الذى تحتاجه لإنجاز أعمالك. إذا كان المطلوب منك يمكنك عمله, إفعل ذلك و لكن فى حدود الوقت المتاح.