الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين باسم مكتبة الملك عبدالعزيز العامة نرحب بهذه الكوكبة، وبهذا الحضور المتميز للقاء الشهري الثالث عشر لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة، وعنوانه: «البطالة في المملكة العربية السعودية»، كما نرحب بالأخوات الحاضرات التي تنقل لهن هذه المحاضرة عبر الشبكة التلفزيونية. محاضرنا في هذا المساء هو الدكتور إحسان أبو حليقة، وهو: ــ من خريجي جامعة ويسكانسن ميلواكي عام 1987م، في تخصص نظم المعلومات الإدارية. ــ ويحمل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، وشهادة البكالوريوس في الإدارة الصناعية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران. ــ عمل أستاذا في جامعة الملك فهد. ــ وهو حاليا عضو في مجلس الشورى. ــ شارك في عدد من اللجان المتخصصة في مجال المعلوماتية والمجال الاقتصادي. ــ له إسهامات ومشاركات علمية متعددة من خلال المقالات والكتب والدراسات المتخصصة. نشير فيما يلي إلى بعض النقاط السريعة: مدة المحاضرة 45 دقيقة تقريبا، يتلوها مداخلات ونقاش وحوار متعدد لفترة مماثلة، ونعدكم بأن لا نطيل وبأن ننهي اللقاء قبل الساعة التاسعة والنصف، ونؤكد على عدم الإطالة في المداخلات الشفوية والاختصار قدر المستطاع. باسمكم جميعا نتقدم بالشكر لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة على تنظيمها لهذا اللقاء، وننقل لكم تحيات مشرفها العام الأستاذ فيصل بن معمر، الذي أضطر للسفر إلى المدينة هذا المساء، كما نشكر القائمين على المكتبة والقائمين على تنظيم هذا اللقاء، وباسمكم جميعا نتوجه إلى د. إحسان ونطلب منه البدء في هذا اللقاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. د. إحسان بن علي بو حليقه : الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسعد الله مساءكم بكل خير. في البدء أود أن أعرب عن خالص التقدير لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ممثلة في الأخ العزيز فيصل بن عبدالرحمن المعمر، وأخي وزميلي في جامعة ويسكانسن الدكتور عبدالكريم الزيد، وزملائهم في المكتبة، الذين يحاولون أن تكون هذه المكتبة صرحا أكثر من كونها مجرد مكتبة، والحقيقة أن لها إسهامات عديدة في أكثر من موقع، ويشرفني أن أكون جزءا من أي نشاط تقيمه هذه المكتبة لمصلحة الوطن واهتمامات المجتمع السعودي. لعل من حسن الطالع ــ وأمسيتنا تتحدث عن البطالة ــ أنه قد صدر اليوم قرار، أعتقد أنه قرار تاريخي، وهو ما صدر عن مقام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بخصوص استيعاب خريجي الثانوية العامة، ممن لم تستوعبهم الجهات الأخرى، استيعابهم في القطاعات العسكرية والأمنية، مع أن استيعابا من هذا النوع من الناحية الاقتصادية البحتة فيه تكلفة على المالية العامة، وهي تعاني في الأصل من ضغوط، ولكنه يثبت بالتأكيد أنه ليس هناك مكان ــ على الأقل في هذا البلد الكريم وقيادته الحكيمة ــ لدس الرؤوس في الرمال، وتقاذف مستقبل شبابه خريجي الثانوية العامة، فالجامعات تحيله على السوق والسوق تحيله إلى الحكومة، والحكومة تحيله إلى القطاع الخاص، والقطاع الخاص يحيله إلى أهله، وهو شاب أو هي فتاة ليس لهم من الأمر شيء، لأنه انتهى من الثانوية العامة وأصبح لزاما عليه أن يدخل معترك الحياة، سواء من خلال استكماله لتعليمه العالي، أو من خلال مواصلة الدراسة، ولكن علينا التمعن كذلك في هذا القرار وأنه سيكون له انعكاسات كثيرة جدا على موضوع الليلة، وهي أن أكبر شريحة عاطلة عن العمل هي شريحة حملة الثانوية العامة، وعند الحديث عن مجتمع من يمسهم هذا القرار فبالنظر إلى من هم خارج العمل من السعوديين الذكور، من حملة الثانوية العامة فإننا نتحدث عن حوالي 20% ممن هم خارج نطاق العمل، هذه الشريحة تمثل بالتناظر الحديث أن ما لا يقل عن الربع ممن هم عاطلون عن العمل يحملون مؤهل الثانوية العامة، نحن نتحدث عن قضية تمس الجميع، ومن خلال شريحة عزيزة على قلوبنا وهي مَن تخرج من الجامعة وبدأ يدخل معترك الحياة وتجربته الحياتية نحو الاستقلال وتحقيق الذات وخدمة المجتمع، وهذا بالتأكيد أمر طيب، وهذا اليوم كما نعلم جميعا يصادف اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، وهو اليوم الذي توحدت فيه هذه المملكة، ولذا وجدنا حول هذه الطاولة، نأتي من مناطق لا أقول مختلفة ولكنها كلها تنتظم في عقد واحد، هو عقد المملكة العربية السعودية الذي يجمعنا جميعا في تحقيق رسالة الإسلام السمحة، كذلك نجتمع جميعا على الخير بما يرضي الله سبحانه وتعالى، ويحقق الهدف من وجود الإنسان على هذه الأرض وهو إعمارها. وإذا انتقلنا إلى هذه المحاضرة وأستميحكم عذرا إن أطلت، وسأسعى في ألا أطيل رغبة في أن تكون الفائدة الأكبر من خلال النقاش، ومن خلال ملاحظاتكم ومداخلاتكم التي ستكون أثمن مما سأقول على كل حال. البطالة في المملكة العربية السعودية قضية تستحق كل اهتمام ولكن لا بد من باب إحقاق الحق والتوازن أن أقول: إن تنمية الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية حظيت بجزء مهم من الإنفاق العام، فما يقارب 40% من الإنفاق العام الفعلي منذ أن بدأ برنامج التنمية في المملكة العربية السعودية قبل أكثر من 30 عاما انصرف إلى تنمية الموارد البشرية السعودية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى هناك حاجة دائمة بالنسبة لمجتمع متزايد السكان وعالي النمو سكانيا مثل المجتمع السعودي، لا بد من ضخ المزيد من الأموال، وهناك وجهات نظر متعددة حول النمو العالي للسكان ليس هذا محله، ولكن هذا تعريج ضروري لإكمال الحلقة والتنويه بعدد من القضايا قبل الدخول في موضوع البطالة، وأنا ممن يتبع وجهة النظر التي تقول: إن النمو البشري العالي للسكان بين السعوديين في المملكة هو شيء إيجابي، المشكلة ليست في التوالد المتعاظم أو المتسارع لكن المشكلة في أنه ليس لدينا قدرة أو معرفة أو لم نضغط بما فيه الكفاية على أنفسنا للاستفادة من هذا المورد البشري، وتنميته واستغلاله واستثماره، وتبرير هذا الرأي بكل بساطة: أنه مازال متوسط الكثافة للكيلومتر المربع هي 10 أفراد للكيلومتر المربع الواحد في المملكة العربية السعودية، وهي نسبة كثافة سكانية منخفضة، هذا من جهة، من جهة أخرى كيف نتحدث عن كثافة السكان ونحن مجتمع يعتمد على عمالة وافدة في أكثر من الثلثين كما سنلاحظ، فالقضية إذن ليست في الحديث عن كثرة السكان، ولكن الحديث عن الاستفادة من هذه الموارد البشرية، وعدم إهدارها وتنميتها، وجعلها بالفعل هي المورد الذي إن شاء الله لن ينضب، بترولنا سينضب في يوم من الأيام، والمملكة لم تقم كمشروع بترولي كما نعلم جميعا، بل قامت كمشروع حضاري، والمشروع الحضاري يرتكز دائما إلى الإنسان وهو من الإنسان وإليه، فإذا كان الأمر كذلك ويجب أن يكون كذلك في تقديرنا، مع احترامنا لوجهات النظر على تعددها وتنوعها، فلا بد أن ترتكز القضية وأن تبدأ وتنتهي إلى تنمية المواطن السعودي حتى يصبح بالفعل قادرا، لأن قوة الدولة لا تأتي من فراغ، بل تأتي من أبنائها أولا وأخيرا.