أبرز الجهود العالمية في تطوير أعضاء هيئة التدريس
تختلف أشكال التطوير الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس من بلد إلى آخر، بل ومن جامعة إلى أخرى في بعض الأحيان، ويعود هذا الأختلاف إلى تباين التنظيمات والصلاحيات الممنوحة لهذه الجامعات من جانب واختلاف الموقف من قضية التطوير للأستاذ من جانب آخر.
وسنحاول إلقاء الضوء باختصار على أبرز الجهود العالمية في مجال تطوير عضو هيئة التدريس وذلك على النحو التالي:
الولايات المتحدة الأمريكية :
اعتنت الجامعات الأمريكية منذ السبعينيات بتطوير خبرة أعضاء هيئة التدريس بها حيث زودتهم بكل الوسائل من إجازات وتمويل السفر إلى الاجتماعات المهنية والمؤتمرات وورش وتدعيم الأبحاث التي يجرونها. وتعترف الجامعات الأمريكية بأن التدريس المؤثر عملية تحتاج إلى التعليم والتدريب. وتدافعت الكليات والجامعات لتكوين مراكز تطوير وتنمية أعضاء هيئة التدريس.
وتوالت درجة الاهتمام في الثمانينات وما بعدها بالتركيز على المناهج وتصميمها وتشجيع الترابط المنطقي مع التعليم العام، واشتمال المنهج على كليات الأمور، ومهارات التكفير الناقد، وكان تطوير هيئة التدريس هو الوسيلة الأساسية لتحقيق هذه الأهداف.
لذلك أصبحت رسالة مـراكز التطوير واضحة لكل المعنيين بالعمل الجامعي، وتعددت البرامج وأصبـح الشعـار الأساسي هو التميز في التدريس "Teaching Excellence " وأصبحت القوة الدافعة لهذه المركز هو حاجة أعضاء هيئة التدريس لها وامتدت برامج التطوير لتدخل ضمن مناهج طلبة الـدراسـات العلـيا والجمعيات المهنية ( بركات وزملاؤه 1417هـ: 124- 125 ) ويشير الثبيتي ( 1413هـ 344) إلى أن التجربة الأمريكية بدأت في مراحلها الحديثة في توسيع اهتماماتها بالتركيز على تطوير أعضاء هيئة التدريس كأشخاص وكمهنيين وكأعضاء هيئة تدريس في مجموعة، مما جعل التطوير التعليمي والتنظيمي والشخصي هي المكونات الرئيسية لأي برنامج فعَّال لتطوير أعضاء هيئة التدريس.
وقد تنوعت جهود الجامعات الأمريكية فهذه جامعة جورج واشنطن وفقا لموراي "Murre 1997" تطبق فكرة تطوير وتقويم عضو هيئة التدريس الناجح من خلال المخفظة التدريسية في التعليم العالي .
وفي جامعة مونت كلير تذكر جلوريا " Goloria 1998" أنها أهتمت بتحقيق الأمتياز في هيئة تـدريسها من خلال عدد من المبادرات من أهمها برنامج أعضاء هيئة التدريس الجدد الذي بداء منذ عام ( 1994م ) وعن أسباب التميز في هذا البرنامج تشير ( جلوريا ) إلى أسباب منها :
· أن البرنامج مصمم لأعطاء درجة من المرونة، والزامي لأعضاء هيئة التدريس الجدد.
· الأهداف محددة بوضوح وهي مبنية على قيم تتماشى مع مهمة الجامعة .
· أن قاعدة البرنامج جيدة إذ يركز على التدريس من أجل التفكير.
· تخصيص موارد مادية وبشرية للبرنامج وبدرجة كبيرة.
وفي ويسكونسين يذكر ديك وآخرون " Dakas and other 1998" أن برنامج التطوير لديهم يركز على التطوير الذاتي من أعضاء هيئة التدريس، ويتم تشكيل فريق للتطوير المهني لعضو هيئة التدريس، يقوم بالتخطيط لإيجاد بيئة تعليم تعاونية وبرامج تطوعية ، وتصميم تلك البرامج من قبل أعضاء فريق التطوير ومن لديهم رغبة مستمرة في تطوير قدراتهم ومهاراتهم.
أما جامعة تكساس فقد أنشأت مركزاً خاصاً لتحسين التدريس في الرياضيات والعلوم، ومن البرامج المستخدمة في تحسين قدرات الأستاذ الجامعي برنامج عملية الاستشارة التعليمَّية.
من العرض المؤجز والتلميح لبعض اهتمام الجامعات الأمريكية بتطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس يلاحظ الجدية في تنويع برامجها وفقاً لحاجات عضو هيئة التدريس وبالذات في مجال التدريس.
المملكة المتحدة :
يؤكد كل من براون واتكنز " Broun & atkins " إلى أن الأهتمام بتدريب أساتذة الجامعات البريطانية يرجع إلى بداية القرن الماضي ، ومن عام 1955م بدأت عشر جامعات بريطانية بدراسة طرق التدريس الجامعـية، وتـركز برامـج التطويـر لأعضاء هيئة التدريس في جامعة اكسفورد وفقاً لحداد (1416هـ:8-89 )على مهارات التدريس ، وبرامج التقويم، وبرامج تقليد المناصب الأكاديمية، وبرامج المعلومات، وبرامج التقويم، وبرامج مقررات إدارية ، وبرامج الإشراف.
وفي جامعة كامبردج إضافة إلى برامج تطوير التدريس هناك برامج تشمل تنمية فرق العمل، وإدارة الصراع بين الأفراد ، وطرق الإشراف على الطلاب، ودارة الوقت، وتقويم أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم.
أما جامعة ساوث هامبتون فهناك برامج تشمل تصميم المقررات، ومهارات تقويم الذات، ومهارات الإدارة والإشراف، وقيادة جلسات المناقشة، وتقويم نوعية التعلم، وتدريب الصوت، وتنمية قدرات البحث، وتقنية المعلومات والصحة والأمان، والمؤتمرات عن بعد.
ويتناول مواري "Murry, 1997 68-71 " تجربة جامعة ستراثكلايد Strathclyedالتي تقدم برامجها من خلال مركز التطوير التعليمي حول عدد من المهارات يشمل :
- تطوير المهارات الفنية مثل ( عرض الصوت واستخدام الوسائل السمعية والبصرية )
- تطوير المهارات المهنية مثل ( التدريس والأبحاث والإدارة ) .
- تطوير المهارات المرتبطة بالتدريس مثل ( تطوير المنهج والتقويم).
ويؤكد مواري على نموذج الشراكة كطريقة هامة في تطوير قدرات عضو هيئة التدريس على أساس فردي.
المـانــيا :
يذكر بابكر ( 1419هـ : 141 ) أن التجربة الالمانية من التجارب الهامة والأكثر انتشاراً بين دول القادة الأوربية فبجانب المراكز المتخصصة في الجامعات، هناك مركز يعمل على المستوى الوطني والأقليمي والعالمي، وهو مركز التطوير الأكاديمي بجامعة برلين إذ كان لهذا المركز دور في دعم فكرة إنشاء مراكز التطوير الأكاديمي في القارة الأفريقية، خاصة من دول وسط وشرق أفريقيا، كما أن هذا المركز يعتبر المقر الرئيسي للشبكة الأوربية لمراكز تطوير الأداء الأكاديمي.
الدول العربية :
لقد تم بحث موضوع تطوير أعضاء هيئة التدريس بالجامعات العربية خلال عدة مؤتمرات وندوات إقليمية للتنسيق بين الجهود المبذولة في هذا المجال وهناك عدد من الجهود بُذلت في هذا الجانب.
ففي الجامعات المصرية تنص في أنظمتها منذ عام 1972م على وجوب تلقى المدرسين المساعدين تدريباً في أصول التدريس العامة والخاصة، وتعتبر جامعة عين شمس من أولى الجامعات المصرية التي قامت بتنظيم دورات تدريبية لإعداد المعلم والانتقال بالدورات إلى مختلف كليات الجامعة، وإنشاء وحدات متخصصة في كل كليات الجامعة ( أبو حـطب ، 1994م 1 ، 7 ) وكذلك الوضع في جامعة الاسكندرية إلا أنه في الآونة الأخيرة كما يذكر النمر ( 1994م: 3-11 ) أن لدى الجامعة توجه لإنشاء مركز مستقل خاص بالتطوير الأكاديمي وهناك الشبكة العربية للتطوير المهني لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات العربية ومقرها جامعة الاسكندرية.
وفي العراق أولت جامعة البصرة موضوع النمو المهني أهمية كبيرة إذ أنشأت مركز لتطوير طرق التدريس والـتدريب الجامعي ويقـدم هذا المركز دورات متعددة في التدريس والاتصال وتقنية الحاسوب ( بابكر، 1419هـ : 143) وكذلك في جامعة الموصل بدأت الجامعة بتنظيم دورات منذ عام 1987م .
وفي الأردن أنشأت الجامعة الأردنية مكتب تطوير العلمية التدريسية وحددت له عدد من الوظائف التي يقوم بها وورش العمل التي توجه لأعضاء هيئة التدريس، ويؤكد حضاونه ( 1994م : 145) أن الجامعة تعقد برامج ونشاطات تربوية داخلية في الجامعة وخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي السودان يذكر كل من عبد الرحيم ( 1994م : 3) وبابكر ( 1419هـ: 147) أن جهود جامعة الخرطوم بارزة منذ عام 1970م من خلال إنشاء مركز التطوير التربوي للمهن الصحية تم تلي ذلك إنشاء مركز ترقية أداء أعضاء هيئة التدريس ويقدم برامج في طرق التدريس، وترقية المهارات البحثية، وتنمية القدرات الإدارية والقيادية، وطرق تقديم الاستشارات الفنية، والإدارة الجامعية،وتعريب التعليم العالي.
أما الإمارات العربية فيشير اسكندر ( 1994م: 4-12 ) إلى أن الاتجاهات المعاصرة الحت على جامعة الإمارات إنشاء مركز يهتم بتطوير الأستاذ الجامعية سُمي بمركز استقطاب وتنمية أعضاء هيئة التدريس، ويقدم العديد من البرامج حول تطويرطرق التدريس الفعَّال، واستخدام التدريس المصغّر ، وإصدار نشره دورية تركز على موضوعات تنمية أعضاء هيئة التدريس، وتنظيم برامج تفرغ وشبه تفرغ لأعضاء هيئة التدريس الجدد، وغيرها من الجهود.
وفي جامعة الكويت أنشأت الجامعة مركز التنمية الأكاديمية يقوم بتنظيم ورش عمل لأعضاء هيئة التدريس حديثي التخرج، وتقديم محاضرات تخصصيه، وورش عمل في الأنظمة الأكاديمية.
وفي المملكة العربية السعودية قامت بعض الجامعات السعودية بجهود موجهة لتطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس إذا أن جامعة الملك عبد العزيز أنشأت مركز للتطوير الجامعي منذ عام 1407هـ ليتولى تقديم الخدمات اللازمة لمساعدة أعضاء هيئة التدريس والمحاضرين والمعيدين في كل ماله علاقة بتطوير معارفهم التربوية، وتدريبهم على مهارات وأساليب التدريس.
كما أن جامعة الملك فهد بدأت جهودها واضحة في الاهتمام المميز بتطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس بها إذا أنشأت مركز التطوير الأكاديمي عام 1421هـ يؤكد في أهدافه على الإبداع في التدريس والبحث، وضمان الجودة في البرامج التعليمية والإرشاد الأكاديمي. وفي الآونة الأخيرة تم تعديل المسمى ليصبح عمادة التطوير لأكاديمي تضم ثلاثة مراكز وهي مركز التدريس والتعلم، ومركز تقويم البرامج، ومركز التعلم الإلكتروني.
وظهرت جهود جامعة الملك سعود بالإنطلاق من ضرورة تقويم أداء أعضاء هيئة التدريس،كما أنشأت إدارة للتطوير وأصبحت حالياً وكالة للتطوير، ولعل الاهتمام بتطوير قدرات عضو هيئة التدريس يأخذ بها أشكال متعددة من خلال إجراء بعض الدراسات، والندوات المرتبطة بهذا الجانب، كما أنَّ لكلية التربية دور هام في الاهتمام بهذا الجانب، ولعل ندوة تنمية أعضاء هيئة التدريس في مؤسسات التعليم العالي خير شاهد.
كما أن جامعة الملك خالد ورغم حداثة نشأتها تقوم حالياً بالاهتمام بهذا الجانب، إذ أن كلية التربية بها تقدم جهوداً داخلية على مستوى الكلية من خلال لجنة تسمى لجنة تطوير الأداء المهني لأعضاء هيئة التدريس في قضايا التدريس والبحث وتقنية المعلومات، ويمتد نشاط الكلية لمختلف كليات الجامعة من خلال عقد بعض الندوات والمحاضرات المرتبطة بتطوير الأداء لعضو هيئة التدريس، كما أن هناك اهتمام بالتطوير والتدريب الإلكتروني على مستوى الجامعة فهناك فريق يقوم بهذه المهمة لتطوير قدرات عضو هيئة التدريس ذاتياً.
ولعل هناك جهوداً جزئية في مختلف الجامعات إلا أنها تبرز الحاجة إلى توحيد بعض الجهود المتناثرة، والتخطيط العلمي لبرامج موجهة أصلاً لتطوير قدرات عضو هيئة التدريس، إذ أن مطالب التغير وتحديات العصر وانفجار المعرفة وتقدم التقنية تتطلب الجدية في هذا الموضوع.