شهد العالم خلال السنوات القليلة الماضية –ولا يزال- عدداً من المتغيرات الأساسية والتي طالت مختلف جوانب الحياة المعاصرة، ومست كافة المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في دول العالم على اختلاف درجاتها في التقدم والنمو. كذلك أثرت تلك المتغيرات على هيكل القيم ونسق العلاقات المجتمعية في كثير من دول العالم إلى الحد الذي يبرر القول بأننا نعيش الآن "عالم جديد" يختلف كل الاختلاف عن سابقه والذي ساد عبر القرون السابقة وحتى بدايات الثمانينات من هذا القرن.
وتتركز أهم عوامل ومسببات التغيير الذي ساد- ولا يزال- العالم فيما يلي:
-الثورة العلمية التي أسهمت في تحرير الطاقات البشرية واستثمار مصادر الطبيعة وتكوين القدرات الأعلى لاستغلال الثروات الكامنة إلى أبعد مدى يمكن للعقل الإنساني تصوره.
-الطفرات والإنجازات التقنية غير المسبوقة والتي مكنت الإنسان من زيادة الإنتاج وتحسين الكفاءة والفعالية في مختلف العمليات الإنتاجية، وحققت للإنسان قدرات غير محدودة لابتكار وتطوير أساليب إنتاجية متفوقة من حيث الكم والكيف.
-الثورة الهائلة في مجالات الاتصالات وما حققته من ربط وتواصل بين أجزاء العالم وكرست فعلياً مفهوم أن العالم قرية صغيرة.
-الطفرات الهائلة في تقنيات الحاسبات الآلية والتراكمات المتوالية في القدرات الحسابية وحجم الذاكرة وسرعة العمليات التي تؤديها الحاسبات الآلية من الأجيال الحالية والتي تتفوق بمراحل شاسعة على أحلام وتوقعات أكثر المتفائلين بقدرات الحاسبات منذ سنوات قليلة فقط، ناهيك عن السهولة الفائقة والتيسير المتواصل في أساليب التعامل مع الحاسبات واستخدامها لغير المتخصصين، وتطوير البرمجيات لفتح آفاق الاستخدام غير المحدود الذي لا يتطلب خبرة سابقة من جانب المستخدم العادي. إضافة إلى كل هذا فإن الانخفاض المتواصل في أسعار الحاسبات يجعلها باستمرار في متناول أعداد غفيرة من المستخدمين في مختلف مجالات الحياة.
التكامل والاندماج بين تقنيات الحاسبات الآلية والاتصالات والإلكترونيات لتشكيل التقنية الأفعل والأخطر في عصرنا الجديد وهي تقنية المعلومات بكل ما تعنيه من إمكانيات وآفاق لا محدودة وآثار عميقة في إعادة تشكيل المنظمات ونظم العمل وعلاقات البشر وتفاعلهم مع الآلة في مواقع الإنتاج والخدمات المعاصرة.