إن أساس تكوين العلاقات الجيِّدة أو السيِّئة ينبُع من الإدارة، وطريقة تعاملها مع الموظَّفين وأسلوبها في التوجيه والتقييم، فمعاملة المدير العادِلة والمنصِفة للمُجتهِد والكسول ستنعكس على الموظَّف وبالتالي على إنتاجيته وانتمائه لعمله؛ لذلك لا بدَّ من وضع أُطُر قانونية تكفُل حقوق العاملين وتحدِّد أدوارهم وتوفِّر لهم قنوات الاعتراض والاحتجاج على سلوك قد يعتقدون أنه غير عادل في حقهم.


من جِهة أخرى نجد أن ربّ العمل قدوة للموظَّفين في العمل والإنتاجية، فهو المشغل الأساسيّ الذي يدفع بهم إلى التطوُّر والنجاح، من خلال مراقبة أدائهم بطريقة تشاركية بعيدة عن العنف والتمييز في المعاملة، لكن ما يحدث في بعض المؤسَّسات هو العكس، فالمدير يتسلَّط على موظَّفيه لكونه صاحب السُّلْطة العليا، فيُباشِر بإطلاق أوامره على الموظَّفين بشكل حادّ ويُنذِر ويُعاقِب كل موظَّف تخلَّف أو تأخَّر عن عمله دون الأخذ بأي عُذْر.


ومن جانب آخَر نُلاحِظ أن أصل العلاقة بين الموظَّف والمدير أفقية وليست عمودية، قائمة على التعاون ومبنية على أُسُس متينة، لضمان درجة مناسِبة من الإنجاز والفاعلية، ونجد أن التشارُك في العمل موجود في مؤسَّساتنا ولكن بنسب متفاوِتة وهي بحاجة إلى توعية أكبر، ويأتي ذلك من خلال إقامة الندوات التأهيلية للموظَّفين والمديرين على حد سواء، من خلال أدوار محدَّدة وواضحة لكلا الطَّرَفيْن، ولقاء دائم وتعاوُن ومُتابَعة ومُراقَبة مِن قِبَل المدير والأهمّ أن يكون هناك مبدأ الثواب والعقاب لمن يستحقّ من الموظَّفين دون تمييز، ومِن الجدير بالذِّكْر أن المدير لا يستطيع أن يقوم بأعمال المؤسَّسة بمفرده فالعمل مشاركة ومسؤولية وفي حالة الإنجاز والتميُّز يُفترَض أن يعود ذلك بالفائدة على الجميع فلا يوجد مُنشَأة تعمل وتُنتِج بواسطة شخص واحد، ولا بُدّ من اتّباع سياسة الباب المفتوح سواء أكان للموظَّفين أو للمراجِعين لسماع شكوى المظلومين وإنصافهم وإرضاء المستفيدين وتقديم الخدمات لهم.



يمثِّل تمتُّع المديرين بالمهارات الإدارية اللازمة للقيام بأعباء وظائفهم الدعامة الرئيسة نحو تحقيق المنظَّمة لأهدافها، ويَعتمِد نجاح المنظَّمات وتميُّزها على كفاءة أداء المديرين فيها في مختلِف المستويات الإدارية، فالمدير الذي لا يتمتَّع بحسّ إداريّ عالٍ ولا يُراعِي المواقف والظروف التي تحدث في المؤسَّسة فإنه لن يستطيع المضِيّ قُدُماً في ظلّ الظروف الاقتصادية الراهنة واشتداد حالة المنافسة بين الشركات، لذلك لا بُدّ للمدير من شَحْذ هِمَم الموظَّفين في كل الأوقات والوقوف إلى جانبهم؛ لأن الموظَّفين يمثِّلون رأسمال الشركة ومن دون الموظَّفين فإن المدير وحده لن يستطيع أن يقف بوجه التحديات التي تُواجِهه.