لا يقتصر الفساد على سرقة واختلاس المال العام والخاص، فكل فعل مخالف للقانون هو عمل فاسد يؤدي إلى توسيع رقعة الفساد وزيادة معدل الإفساد؛ فالفساد يتجسد في استغلال السلطة في تحقيق المنفعة الخاصة، وتعطيل معيارية الكفاءة والأهلية في الاختيار والترقي، ويؤدي إلى قتل روح القانون وتقدير حقوق الآخرين.


أخطر ما في سيادة روح الفساد أنه يدفع بعض الناس دفعا إلى دوامة الإفساد، فعندما يحاصر الإنسان في زاوية ضيقة يجرد فيها من أبسط حقوقه في العدالة والمساواة تموت لديه روح المبادرة والتنافس الشريف، وتحل محلها روح الانتهازية.
في العالم الأول وجدوا أن أنسب وسيلة لمواجهة الفساد هو تعزيز سيادة القانون كمحور للعدالة القضائية، وبث روح النظام كمحور للعدالة الاجتماعية، وتعزيز معيارية الكفاءة كمحور للمساواة في فرص العمل والارتقاء.


ولم يكن ذلك ليتحقق دون إصلاحات تعزز دور المؤسسات المدنية في حماية سيادة الأنظمة وترسيخ قيمها في وجدان المجتمع، حيث عزز دور المجالس البرلمانية المنتخبة في الرقابة والمحاسبة من رسوخ مبادئ سيادة القانون، وحماية الأنظمة، وصيانة الحقوق الفردية والجماعية.
إذاً تبدأ مهمة محاربة الفساد من
إصلاح المؤسسات وتطوير أدائها لتكون سلاحا في مواجهة الفساد بدلا من أن تكون في بعض زواياها بيئة حاضنة له، وبالإمكان أن الخطوة الأولى على طريق الإصلاح تطوير وتعزيز دور مجلس الشورى كمؤسسة تشريعية ليلعب دورا أكثر فاعلية وأهمية في المراقبة والمحاسبة .. وخاصة المحاسبة.




*عن صحيفة"عكاظ" السعودية