لكي تصبح متصلاً إلكترونياً ناجحاً
يقدم البريد الالكتروني خدمة عظيمة للإنسان حيث يمكنه من خلال هذه الوسيلة السهلة والمجانية أن يبني علاقات عمل جيدة ، وإبرام صفقات ربحية عظيمة عبر القارات ، وهو كذلك يتيح له تكوين أواصر صداقة داعمة ومعززة للجانب الاجتماعي والثقافي في حياته ، هذا في الوقت الذي نجد فيه إن قدر الاهتمام بجودة رسائلنا عبر البريد الالكتروني لا يرقى إلى قدر الخدمة الرائعة التي تقدمها هذه الوسيلة ، فالاهتمام بها والتركيز عليها ما زال متواضعاً رغم أهميتها في حياتنا، فضلاً عن ضعف السلوك الاتصالي العام ، مما يضعف بالنتيجة العلاقة بين أطراف الاتصال ، وقد يؤدي هذا القصور إلى انحراف الرسالة عن معناها المقصود لدى المتلقي فتحدث هوة عميقة بين طرفي الاتصال.
فكما تخبرنا الدراسة البحثية عن حجم تأثير الرسالة في المتلقي، بأن تأثيرها ينفذ إلى عقل وقلب المتلقي بنسبة 56% إذا كان يتم التواصل بالعين فقط باحترافية عالية (تواصل مباشر ورؤية الآخر / لغة الجسد) ، وتتعاظم نسبة التأثير أكثر إذا رافق النظر إلى المتصل سماعه لصوته لتصل النسبة إلى 94% حسب جودة الصوت وقوته وتناغمه وانسجامه مع التواصل البصري ولغة الجسد ، ثم تكتمل النسبة لتصل إلى 100% إذا كانت الكلمات والألفاظ المستخدمة في الحوار منتقاه بعناية كبيرة ، وبوضعها في سياقها الصحيح .
ومن هنا يأتي التركيز على الاهتمام بالرسالة البريدية المكتوبة لأن نجاحها وتأثيرها يرتكز على عنصر واحد فقط وهو (جودة الكلمة ) التي تمثل 6% من تأثير الرسالة ، لذلك فإن التهوين من شأنها أو عدم الاهتمام بمحتواها وعدم التدقيق في ألفاظها وعباراتها وفق السياق المناسب ينسف عملية الاتصال برمتها .
من المعروف بأن الاتصال الناجح يتم في اتجاهين من خلال طرفين (مرسل ومستقبل) ويحاط بهما ما يسمى " التغذية الراجعة " ليتبادل كل طرف في حركة مكوكية موقع الطرف الآخر من مرسل إلى مستقبل والعكس من خلال وسيلة اتصال تتناسب مع كل طرف ، تواجه هذه العملية عدة معوقات أثناء سيرها ، أحد أهم المعوقات لوصول الرسالة في هذا السياق الذي نتحدث فيه (التواصل إلكترونياً) : هو غياب الصوت والصورة عن ساحة التأثير في الرسالة ، فتنفرد الكلمة بالمهمة ، عندها يجب أن تكون الكلمات موحية ومؤثرة ومنتقاه بعناية فائقة لكي تحمل المعنى الذي نقصده فضلاً على أن تجاهل الرد على الرسالة ... التي توجب الرد ، ظناً من الشخص المستقبل للرسالة بأن الأمر لا يعنيه أو إنه للعلم فقط ، أو إن أرجئ النظر في الموضوع والرد عليه لوقت لاحق - دون إشعار المرسل بنواياه تجاه الرسالة- ؛ فهذا يعد خطأ اتصالياً فادحاً (خاصة عندما يكون الأمر متعلقاً بعمل ومصلحة عامة أو أمور شخصية حساسة) . حيث إن دائرة الاتصال ستظل مفتوحة إلى أن يحدث تغذية راجعة للمرسل تحكم وتكمل وتغلق دائرة الاتصال. فالمرسل أرسل برسالة ويريد أن يعرف الرد أو يسمع رأيك فيها أو يسترشد بنصحك حيالها أو على الأقل لكي يعرف انطباعك وشعورك تجاه رسالته. وما لم يتم إغلاق هذه الدائرة ستظل تتسع الفجوة ، وتتسع معها الظنون والتخمينات، وتكون النهاية فتور العلاقة أو قطعها بالكلية.
فعندما تريد أن تؤسس شبكة علاقات عمل أو صداقة ناجحة مع الآخرين من خلال البريد الإلكتروني .. إليك النصائح التالية :
· إذا كنت ممن يتلقى البريد فقط ، ويستمتع بما يتلقاه ، ويمتن لذلك ، فلا تجعل هذا الشعور حبيس نفسك ، أضعف الإيمان أن ترسل للمرسل رسالة تحمل عبارات أو إشارات الشكر والامتنان .أرسل رسالة شكر كل فترة وأخرى ولو من كلمتين فقط .. تحفزه على الاستمرار .. تقول له " شكراً على اهتمامك " .. " جزاك الله خيراً " .. " أنا أستفيد كثيراً من رسائلك " .
· إذا اعتدت على استلام رسائل ودية من صديق لك ثم انقطع عنك فجأة فمن باب " لا تنسوا الفضل بينكم ".. تفقد أمره ، وحاول أن تسأل عنه ولو برسالة قصيرة تخبره بأنك مفتقد لرسائله ، ولعل مانع الانقطاع يكون خيراً ، وأنك ما زلت تتشوق لتلقي رسائله .
· إذا لم يأتيك رد في خلال ثلاثة أيام .. اسلك طرقاً أخرى للتواصل معه لعل ألمَّ به أمراً عسيراً، ويحتاج إلى من يدعمه . فهذا من باب المروءة والوفاء ، ويدخل على قلبه السعادة ، ويدفعه للاستمرار في العطاء إذا ضعفت همته.
· إذا وصلك بريد سبق أن جاءك من قبل ...تمهل قليلاً.. ولا تحذفه ، فهذا السلوك قد يعني للبعض بأنه إهانة شخصية ، ويفترض بأنك قمت بقذف هديته في وجهه ، أحياناً كثيرة تكون خيارات إرسال رسالة إعلامية بوصول البريد مفعَّلة ، فيصل له رد تلقائي يقول : " تم استلام الرسالة " ، أو "الرسالة لم تقرأ أو تم حذفها" ، تخيل إنك قدمت هدية لشخص ما تحبه وتقدره، ثم أخذها منك ثم وضعها في سلة المهملات!! أو قذفها في وجهك دون أن يراها!! فضلا عن أن يقول لك شكراً ، فماذا يكون شعورك؟ هذا بطبيعة الحال سيهدم العلاقة بينك وبينه ، وربما تحذفه من قائمة حياتك ، وليس من قائمتك البريدية . لتتجنب ذلك كله فالأمر لم يكلفك إلا نقرة واحدة إضافية بالماوس لفتح الملف المكرر ثم قم بحذفه إذا أحببت.
· كن مبادراً بابتداء التواصل حتى ولو كانت على فترات طويلة ، فهذا يعزز ويدعم من عملية التواصل ويجعلها حية ومستمرة .
· كن انتقائياً ، فلا تقوم بمعاودة إرسال كل ما هب ودب إليك إلى قائمتك البريدية ، فهذا يزعجهم ويهدر أوقاتهم، ولكن دقق في البريد الذي ستعاود إرساله ، وتأكد بأنه سيحقق فائدة ولو نسبية للشخص المتلقي ولو بنسبة ، فما يخرج من تحت يديك يفترض أن يمر على عينيك ثم على عقلك وقلبك قبل أن يصل إلى أناملك لتضغط (Send) ، فهو يعكس مستوى نضجك الشخصي ويعبر عن ميولك واتجاهاتك ، فحاول توصيل الرسالة التي تعبر عن شخصيتك ، والتي يغلب على ظنك بأنها ستكون إضافة لغيرك أو تلبي حاجة لديه ، وإلا فعدم الإرسال أولى .
· إذا كانت الرسالة غامضة بالنسبة لك ، وتحتمل أكثر من تأويل ، وجب عليك استخدام الاتصال المباشر مع المرسل لها – من باب سد الذرائع ونفي الشكوك - لاستجلاء الأمر وتحديد المعنى المقصود بدقة من الرسالة ، فكثير من ردود أفعالنا الخاطئة تتشكل نتيجة لفهم خاطئ لمعنى الرسالة.
· عندما تعيد إرسال رسالة جاءتك من مجموعة أو من أحد أصدقائك ، من الأفضل أن تحذف الأسماء التي أرسلت لهم الرسالة من قبل ، فهذه الأسماء لا تهم المتلقي لها ، ولكنها تشوه شكل الرسالة . فالرسائل المتداولة العامة معروف بأنها تصلك من غيرك .
· إذا أتتك رسالة من أحد الأشخاص ، ونسخة إلى فلان وفلان ، من الأفضل أن تقوم بالرد على المرسل الأصلي وإرفاق نسخة لهم أيضاً ، مع عدم إشراك طرف ثالث أو رابع في الرسالة ، فهذا من حق المرسل فقط وليس من حقك ، فيجب الرجوع إليه والتوافق معه على إشراك أطراف جديدة في الموضوع محل النقاش .
· إذا وصلتك رسالة أو مقالة أو تحليل أو معلومة ، ومتأكد من مصدرها من المهم أن تذكر المصدر ، ولا تحذف أسم صاحبها ، فهذا حقه الأدبي . وإذا كنت لا تعلم مصدرها ، فالأفضل كتابة " منقول عن صاحبها ".
· إذا وصلتك رسالة (مثل هذه !!) تدعوك لتقديم مساعدة ما ، أو إبداء رأي في مسألة حوارية ، أو الاستعانة بخبراتك في أمر ما. كن إيجابياً وشارك ولو بالقليل أو اعتذر عن تقديم المساعدة ، فهذا يجعلك في مصاف النخب .
وختاماً إذا كان لديكم إضافة أو تعليق لإثراء الموضوع فهذا من الإيجابية وحسن التواصل .
بقلم : إبراهيم شوقي