أثر البيئة الحاضنة في تطوير وتفعيل التدريب

ما من شك إن البيئة الراعية والحاضنة للتدريب سيكون لها بالغ الأثر في بلوغ العملية التدريبية غايتها ، ونماء واستمرار وتدفق مخرجاتها ، بما ينعكس أثره الإيجابي على سلوك وأداء ومهارة أبناء المجتمع، فالإطار الواسع ، والمحيط الشامل لأي عملية تنموية تكمن في نوعية التوجهات والسياسات العامة للدولة ، وخطط التنمية والتطوير التي تتبناها مؤسسات الدولة المختلفة. فكلما ارتفع سقف الاهتمام بالتدريب من قبل صنَّاع القرار والمسئولين في هذه المؤسسات كلما كان المردود أكبر والفائدة أعظم وأشمل .

فإذا نزلنا من المستويات العليا للمستويات الأدنى بهذا المنطلق وهذا التوجه ، ستضمن جودة عالية واهتمام بالغ بعملية التدريب والتطوير.

فإذا أسقطنا الأمر على المؤسسات والهيئات والمنظمات سواء كانت التعليمية أو غيرها ، وبنظرة متعمقة ندرك إن الأهداف الاستراتيجية الموجهة نحو تحقيق الرؤية الاستراتيجية والرسالة تؤثر بشكل مباشر على منظومة التدريب وتتبنى عملياتها وترافق مراحلها مرحلة مرحلة .. لتضمن انعكاس نتائجها على تحقيق أهدافها الاستراتيجية.

وفي ضوء ذلك يصبح من الضروري على المنظمة أن تاخذ بعين الاعتبار هذه الأبعاد والعوامل البيئية إذا أرادت أن تبقى وأن تستمر في مضمار السباق، وفي ضوء هذه الحقيقة فإن من الصعوبة بمكان أن تتمكن إدارة التدريب منفردة من تحقيق المردود والعائد المنشود، فلا تستطيع إدارة التدريب أن تتقمس تنظيماً مغايراً لعوامل بيئتها بأي حال من الأحوال بل هي جزء من منظومة متكاملة ممتدة الأذرع والأطراف.

أضف إلى ذلك ... تسارع عمليات التغيير .. والتعديل الذي ما يلبث أن يتحول من اتجاه إلى آخر ومن مكان إلى آخر ، وعندما يطرأ على بنية منظمة ما تعديل جاد يترتب عليه إعادة تحديد وتوزيع هذه المهام والأدوار ، وعلى هذا يمكن الإشارة إلى أن سرعة تحرك وديناميكية المكونات البيئية المحيطة بالمنظمة قد أثرت على درجة دوامية علاقات الإنسان التنظيمية وجعلتها في تقلص مستمر الأمر الذي يلقي بمسئولية إضافة على جهاز التدريب بالمؤسسة الذي يقع على عاتقه تدعيم عملية التعلم التنظيمي والنمو المستمر وكذلك تدعيم الإحساس بالولاء والانتماء للعاملين بالشركة .

ويتضح تأثير البيئة بأبعادها المختلفة وبطبيعتها السريعة بالتبدل والتغيير في عدة عوامل من بينها .
1- إن تسارع التغيير في البيئة المحيطة قد أوهن من الروابط التنظيمية كما أنه في الوقت نفسه يلقي بأعباء ثقيلة على الأفراد حتى يتمكنوا من تلبية مطالب التكيف مع المتغيرات التنظيمية السريعة المتلاحقة ،ويضيف أدوارا جديدة لإدارة التدريب بما يدعم النضج الوظيفي والنفسي للعاملين بما يزيد من تكيفهم.
2- إن المعدل العالي لسرعة التغيير تقلل بالتأكيد من الوقت المتاح لعملية التخطيط والبحث وتحليل البدائل المتاحة كما أنه يستلزم بالضرورة الاعتماد على نظم معلومات أفضل ، ومجموعة من المستشارين والخبراء وذوي الكفاءة المتميزة ، إلى جانب زيادة الحاجة إلى تفويض بعض الصلاحيات إلى المستويات الأقل لملاحقة التغيرات السريعة في البيئة التنظيمية .
3- احتمال استخدام معايير ومعدلات ومقاييس قديمة لتشخيص المشكلات الحالية أو قياس للأداء الحالي وما يترتب على ذلك من قصور في عملية التشخيص وخلل في الحلول المقترحة لعلاج المواقف الإدارية ، ويتضح ذلك بجلاء في الأدوات التي تستخدمها إدارات التدريب في تحديد الاحتياجات التدريبية والتي يغلب عليها الطابع التقليدي المكتبي أو التاريخي ، بالرغم من التطور الذي شهدته المؤسسات في أهدافها ونظم العمل بها وكفاءات العاملين بها .
4- الضغط المستمر من قبل المتعاملين مع المنظمة لإيجاد حلول سريعة ونجاحات مرئية في الوقت الذي تتطلب فيه هذه الرغبات انتباهاً وعناية تستغرق وقتاً أطول من قبل القائمين على الإدارة بالمنظمة ، ولعل ذلك يفسر سبب نجاح المداخل الإدارية الحديثة والتي تقوم جميعها على سرعة الاستجابة ، والمسئولية الفردية ، مقاييس الأداء ، المواطنة ، فلسفة منع الخلل. مثل
a. مدخل لحظة الصدق Moment of Truth \
b. مدخل التميز Excellence
c. مدخل الجودة الكلية Total Quality Management
d. مدخل إعادة الهندسة Reengineering
5- إن عملية التغيير أو إعادة التنظيم والتعديل في البيئة التنظيمية كثيرا ما يترتب عليها ظهور حالات من المقاومة والشد والجذب بين القائمين على التغيير .
6- زيادة التحديات والتطلعات والرغبات المتلاحقة من أجل الحصول على الموارد والطاقات البشرية المتميزة والموهوبة والمتعددة الاهتمامات والمهارات بما يتناسب مع التغيير السريع في العمل وأساليبه المختلفة.