موفق وسدد الله خطاك ؛ وعندي اضافة متواضعة اتمنى ان تنال اعجاب الجميع
القيــــادة
Leader ship
الأستاذ : وائل محمد جبريل
1 - المقدمة:
تعتبر القيادة إحدى وسائل التوجيه و كذلك الاتصال و الدافعية - فلو نظرنا إلي الوظيفة الأولى و الثانية للإدارة لوجدناهما التخطيط و التنظيم ، أي ان الأمر يتطلب وجود خطة و تنظيم ملائم , و لكي تبدأ عملية التنفيذ لابد من وجود قيادات للأفراد - و توزيعه للأدوار ثم التعليم و التدريب للمبادئ و الأسس - حيث يجب ان يعرف الأفراد ما هو المطلوب منهم ، و ما الأدوات المطلوبة للانجاز و توفيرها ، و يأتي ذلك دور الحفز و التوجيه لانجاز المهام المخصصة للأفراد - و يشكل هذا وظيفة القيادة في التنظيم .
فالقيادة ضرورية في كل المنظمات أياً كان قطاع النشاط الذي تمارسه ، و أيضاً في كل المجالات الإدارية - كالتخطيط , و التنظيم , و الحفز , و الرقابة و لكنها أكثر ضرورة و ارتباطاً بجوانب الحفز الرقابة ، ففي مجال الإشراف و ممارسة بعض أشكال من الإجراءات التصحيحية فان الأمر يتطلب القيادة و بصورة واضحة - و في مثل هذه الأحوال تكون القيادة موضع اختبار حقيقي .
نجد في منظمات الأعمال و غيرها ان القيادة ما هي إلا نتيجة التعلم و الإعداد و يتم هذا من خلال التجربة و الممارسة . فالقادة في المنظمات الصناعية لا يولدن قادة - و إنما تم إعدادهم و تهيئتهم لهذه الأدوار ، أي ان فن القيادة يتم اكتسابه فقط من خلال سنوات الممارسة و التطبيق للمبادئ لانجاز الأهداف بمشاركة الأفراد.
يتطلب الأمر للتعرف علي القادة و تقييم مداخلهم في التفكير و التصرف كما يقومون بها - لذلك لا يجب الافتراض أو الاعتقاد بان القيادة هي لفظ مرادف للإدارة . فالمدير الناجح هو قائد ناجح ، و ذلك القائد الناجح لا يشترط ان يكون مديراً ناجحاً في كل الأحوال ، و لا يشترط وجود القادة في الهيراركية الإدارية فقط و إنما تتواجد أيضاً في التنظيمات غير الرسمية .







2- مفهوم و أهمية القيادة و الإشراف :
يعمل كل رئيس إداري علي تحقيق الأهداف المقررة عن طريق الآخرين و بالشكل الذي تتواءم به مصالحهم الشخصية مع مصالح المنظمة ، فعليه تقع مسئولية الحصول علي تعاون أفراد القوى العاملة و ترسيخ روح الفريق بينهم و بعث شعور الرضا و الطمأنينة فيهم ، فإذا ما فشل في الحصول علي هذا التعاون و خلق ذلك الشعور ، فانه يعجز في الواقع عن تحقيق الأهداف المقررة ، معنى ذلك انه من الضروري ان يقنع الآخرين بضرورة التعاون معه و فيما بينهم و بأهمية أدائهم لواجباتهم و تنفيذهم المهام التي كلفوا بأدائها ، و هو لن يتمكن من تحقيق ذلك إلا إذا استطاع ان يؤثر عليهم بطريقة من الطرق تجعلهم يقبلون بوجوده و يحترمون أوامره و يتسابقون علي طاعتها.
فالقيادة هي عملية تفاعل فرد مع أفراد آخرين و بالشكل الذي تمكنه ان يمارس تأثيراً علي سلوك و مشاعر هؤلاء الآخرين و توجيه هذا السلوك بالاتجاه المرغوب فيه .

3- دور إدارة الأفراد في القيادة :

تقع علي عاتق إدارة الأفراد مسئولية كبيرة في تحسين مستوى القيادة و الإشراف و في تصميم نماذج و أنماط تتلاءم مع خصائص العمل و طبيعة التنظيم و حجم الأهداف و قدرات العاملين في المنظمة و مساهمة إدارة الأفراد في ذلك إما ان تكون مباشرة عن طريق اختيار أفراد القيادة و العمل علي تنمية قدراتهم و مواهبهم في قيادة الآخرين ، أو قد تكون بصورة غير مباشرة عن طريق إجراء الدراسات و البحوث العلمية و الاستفادة مما تتوصل إليه الآخرون أيضاً لترويج الأساليب و الأنماط الأكثر فاعلية في تحقيق الأهداف .
4- اختيار أفراد القيادة :
لا تعتمد المنظمات أسلوباً واحداً لاختيار القادة الإداريين ، فكثيراً ما يخلف هذا و الأسلوب نتيجة اختلاف الشكل القانوني للمنظمة و حجمها و طبيعة أعمالها و مستواها الفني و القدرات البشرية فيها .
5- تدريب القادة :
تتميز العملية القيادة بديناميكيتها لتكون قادرة علي التكيف مع كل الأوضاع و الظروف الجديدة المتغيرة ، و يقتضي إعداد البرنامج التدريبي السليم للقادة القيام بما يلي :
1) تحديد المهارات المطلوبة في كل مستوى من المستويات الإدارية و تدريب القائد للوصول إليها
2) تحديد الجهات التي تقوم بمهام التدريب بحيث يتوفر فيها الكفاءة و القدرة حتى تتمكن من توصيل المعلومات و المعارف و المهارات نظرياً و عملياً للقادة .
3) ان يكون التدريب مستمراً باستخدام الوسائل و الأساليب الحديثة لضمان تحقيق أهدافه .
4) وضع الحوافز المناسبة و التي من شانها ان تثير دوافع القادة في المعرفة و التعلم .
5) استخدام مختلف أساليب التدريب المعروفة بفعالياتها سواء أكان ذلك داخل العمل أم خارجه .

تعتبر إدارة الأفراد مسئولة قبل غيرها عن اقتراح السياسات الملائمة لاختيار أفراد القيادة و في تعريفهم علي واجباتهم و متابعة إعدادهم و تنمية مهاراتهم و قدراتهم القيادية ، و خاصة في المجالات التالية :
- الجوانب الفنية للعمل .
- البرمجة و التخطيط .
- نظم المعلومات و اتخاذ القرارات .
- العلاقات الإنسانية .
- الأسس السلوكية للأفراد .
- الإنتاجية و محدداتها .
- الحوافز و الروح المعنوية .
- الاتصالات .
- تقييم الأداء .
6- العوامل التي تؤثر في اختيار أسلوب القيادة:
ان من أهم العوامل التي تؤثر في اختيار النموذج القيادي عوامل تخص القائد ، و أخرى تخص المرؤوسين أنفسهم ، و ثالثة تخص المواقف و البيئة ، و فيما يلي توضيحها :

6-1 العوامل التي تخص القائد :

· ان من الأمور التي علي أي قائد ان يأخذها بالاعتبار هو مدى ثقته بالآخرين ، و مدى تحملهم المسؤولية ، و مدى إمكان الاعتماد عليهم في مواجهة الموقف .
· القيم التي يؤمن بها القائد إذ هناك من يؤمن بمشاركة المرؤوسين في اتخاذ القرارات الإدارية التي تحكم تصرفاتهم ، و آخرون لا يؤمنون بالدور الذي يلعبه المرؤوسين في المشاركة .
· و أخيراً يعتمد تبني القائد لأسلوب قيادي معين علي ميله لفلسفة قيادية معينة يشعر بالراحة في إتباعها ، فقد يهوي القيادة بأسلوبها المتسلط و قد يهوي المشاركة مع الجماعة في الكثير من أعماله .




6-2 عوامل تتعلق بالمرؤوسين :
يمكن ان تتباين القدرة عند المرؤوسين علي مواجهة المواقف و اتخاذ القرارات الإدارية ، فقد يميل البعض إلي الاستقلال و البعض الأخر إلي الاعتماد علي التردد في اتخاذ القرارات ، و فوق كل هذا و ذاك يتباين البعض في درجة تحملهم للمسؤولية .
6-3 ظروف البيئة :
يقصد بذلك بيئة العمل عموماً ، و بيئة المنظمة و القيم و التقاليد التي تسير عليها و تؤمن بها علي وجه الخصوص ، إذ تلعب هذه العوامل أثراً كبيراً في نوع النمط القيادي المتبع ، إذ لا يستطيع القائد ان ينحرف عما اعتادت عليه المنظمة من نمط قيادي ، ولا واجه كثيراً من المتاعب و الصعاب ، و إلي جانب بيئة العمل أو المنظمة يلعب موقع المنظمة الجغرافي دوراً مهما ، إذ ان بعد المنظمة أو طبيعة حجمها يلزم المدير بتفويض جزء صلاحياته و السماح للمرؤوسين بالمشاركة له في اتخاذ القرارات ، و ما دمنا نتكلم عن البيئة و المنظمة ، فان نوع الجماعة يمثل عاملاً مهما في إتباع النمط القيادي ، فكلما استطاعت الجماعة خلق عادات و تقاليد مشجعة علي التعاون و التماسك ، و كلما توافقت بين أعضائها صفات شخصية مثل مستوى التعليم و الخبرة ، كلما تشجع الرؤساء علي الاتجاه لإشراك العاملين في اتخاذ القرارات .
6-4 الموقف :
يؤثر الموقف علي نوع الأسلوب المتبع في القيادة ، إذ لا تشجع المواقف الصعبة القادة علي إتاحة المجال للمشاركة ، و خاصة إذا كانت تلك المواقف خارجة عن نطاق إمكانيات المرؤوسين في تقديم ما يمكن ان يفيد لحلها .
6-5 الضغوط الزمنية :
تلعب الضغوط و الحاجة الملحة لاتخاذ القرار دوراً في ميل الرئيس إلي الانفراد بإصدار القرارات دون الرجوع لمشاركة للجماعة .
7- نظريات القيادة (1) :
7-1 نظرية السمات الشخصية Traits Theory

تقوم هذه النظرية علي الافتراض ، بان هناك مجموعة من الصفات و الخصائص التي تفسر القدرات القيادية عند البعض ، و هي في مجموعها تكون ما يمكن تسميته بالشخص العظيم ، و تتراوح هذه الصفات ، ما بين صفات و مظاهر جسمية فسيولوجية ، تتمثل بالشكل ، و نبرة الصوت ، و الحجم ، و الوسامة ... الخ و صفات نفسية : كالحماس ، و الثقة بالنفس ، و القدرة علي المبادأة ، و النضج الاجتماعي ، أو توفر الحاجات للانجاز Need For Achievement و الخلق الجيد ، و صفات أخرى ذهنية كالذكاء ، و القدرة علي التفكير و التحليل ، و الشجاعة و ما إلي ذلك .
7-2 النظرية السلوكية

ينطلق أصحاب هذا الاتجاه السلوكي في تفسير القيادة من أهمية التدريب في خلق قادة قادرين علي التفاعل مع المرؤوسين و علي استثارة الدافعية لديهم نحو مزيد من العمل ، و قد كانت جهود الباحثين في جامعة أوهايو في الولايات المتحدة الأمريكية في الأربعينيات ، بداية البحث عن العوامل السلوكية في تفسير ظاهرة القيادة .
7-3 النظرية الموقفية Situational Theory

تندرج هذه النظرية ضمن الفكر السلوكي ، الذي يرى ان القيادة محصلة عوامل موقفية ، و تتصل بالمواقف التي يتواجد فيها الفرد ، فهي ترى ان أي فرد سوى عادي يمكن ان يصبح قائداً ، إذا ما وجد نفسه في موقف أزمة تستدعي الحل ، و استطاع ان يتعامل معها و يقدم حلولاً مقبولة .
فمن وجهة النظرة هذه ، يعتبر موقف الأمة العربية في الوقت الحاضر و ما تمر به أزمات عصبية اقتصادية ، و سياسة ، و اجتماعية ، موقفاً مهيئاً لظهور قادة ، و ليس بالضرورة ان يكون مثل هؤلاء الأشخاص استثنائيين في قدراتهم ، بل يمكن ان يكونوا أشخاصاً عاديين في ذكائهم و قدراتهم ، و لكنهم يغتنمون الموقف ليكونا عند مستوى التعامل مع هذه المشاكل و يصبحون بذلك قادة .
7-4 النظرية التفاعلية Interaction Theory
يرى أنصار هذه النظرية بان القيادة عملية تفاعل بين الأشخاص و الموقف ، و تفسر القيادة من وجهة النظر هذه ، بأنها محصلة تفاعل بين مواقف تستدعي الابتكار و الإبداع ، و بين مهارات إنسانية ، قادرة علي التفاعل مع هذه المواقف .
بناء على ما تقدم تفسر كل نظرية من نظريات القيادة السابقة و لو جزئياً ، ظاهرة القيادة و التبعية ، و لكن الحقيقة الإضافية انه لا الصفات ، و لا المواقف لوحدها ، و لا التفاعل بين الاثنين تعتبر كافية لتفسير ظاهرة الانقياد و القيادة.
ذلك ان الانقياد من قبل جماعة ما لقائد ما ، لا تتم إلا إذا كان القائد يقدم للتابعين أكثر مما يطلبه منهم .
8- نماذج مختلفة من أساليب القيادة :
هناك عديد من نماذج القيادة و أساليبها , و تحدد هذه الأساليب العوامل الموقفية ، التي تتصل بفلسفة القياديين أنفسهم ، و شخصياتهم و خبراتهم من ناحية ، و بطبيعة الجماعات التي يقودونها و المستوى العلمي لأفرادها و نمط شخصياتهم ، و طبيعة بيئة العمل من وجهة أخرى ، و يمكن التمييز بين أساليب قيادية ثلاثة هي :

8-1 الأسلوب الفردي في القيادة Autocratic Leadership
يعتبر الفرد هنا مركز اتخاذ القرارات ، و لا يعطي اهتماماً كبيراً لأراء غيره من المرؤوسين .

8-2 القيادة الديمقراطية Democratic Leadership

لا يصدر القائد في ظل هذا النمط القيادي الأوامر إلا بعد مناقشة الأمور محل البحث مع ذوي العلاقة ، و عادة تتم القيادة من خلال الترغيب و ليس التخويف ، و من خلال اعتماد المشاركة و ليس احتكار سلطة إصدار القرار .
8-3 الأسلوب المتساهل في القيادة Loose Leadership
يتميز هذا الأسلوب بتنوع السلوك و تذبذبه ، إذ يكتنف أساليب القيادة مظاهر الهزل و التسيب .
إذ لابد من وجود قائد يشعر مرؤوسيه باحترام مقترحاتهم ، و يفوض لهم بعض السلطات ، و إلا فقد القدرة علي التوجيه و التأثير ، و انعدمت الرقابة الفاعلة ، و تعثرت المنظمة ، مما يعني في النهاية انه لا يرى نفسه مديراً ، فكيف يمكن له ان يكون قائداً إدارياً .

قائمة المراجع
§ عبد الغفار حنفي ، السلوك التنظيمي وإدارة الموارد البشرية ، الإسكندرية : الدار الجامعية ، 2007.
§ الصديق منصور بوسنينة وسليمان الفارسي ، الموارد البشرية : أهميتها . تنظيمها . مسؤوليتها . مهامها ، طرابلس : أكاديمية الدراسات العليا ، 2003 .
§ محمد قاسم القريوتي ، مبادئ الإدارة : النظريات والعمليات والوظائف ، عمان : دار وائل ، ط2 ، 2004.
§ محمد قاسم القريوتي ، السلوك التنظيمي : دراسة السلوك الإنساني الفردي والجماعي في المنظمات المختلفة ، عمان : دار وائل ، ط4 ، 2003.