هذه البرامج مقننة وخاضعة لمعايير ثابتة يسهل التلاعب فيها. فكل منا هو نتاج للمقاييس التي يخضع لها ويتم تقييمه على ضوئها. نحن نغير سلوكنا طبقًا للمصفوفات التي تقيس أداءنا والمكافآت التي نحصل عليها. يحدث هذا في كل المسابقات والمنافسات التي تنفذ وفقًا لمعايير مبرمجة ومقاييس ثابتة؛ حيث يتحول الهدف من تفكير استراتيجي بالتطوير، إلى تفكير تكتيكي بالأساليب التي تحقق جائزة التميز، لا التميز ذاته.
مثلما هناك شهادات بدون علم أو تعليم، ومثلما هناك ارتفاع في الأسهم دون ارتفاع في إنتاجية الشركات، هناك أيضًا جوائز تميز دون متميزين، وخبراء تميز دون خبرة. هنا يصبح المقياس أهم مما يقاس، والجائزة أهم من الفائز، والشهادة أهم من الشاهد.
في إحدى المقاطعات الأمريكية التي تطبق معايير مقننة لتقييم أداء المدارس، حصل الطلاب على درجات عالية لأنهم تدربوا على أداء الاختبارات دون فهم محتواها. لكنهم فشلوا في تطبيق معارفهم وتوظيف مهاراتهم على أرض الواقع، ولم يحققوا النتائج المنتظرة منهم إحصائيًا عندما التحقوا بالجامعات! أحضرت تلك المقاطعة مستشارًا يساعدها على رفع نسبة نجاح طلابها في الامتحانات الفيدرالية المقننة، فجاءت توصياته كما يلي:
- إهمال الطلاب المتميزين الذين سيجتازون الامتحانات دون مساعدة.
- إهمال الطلاب الذين لن ينجحوا مهما استثمرنا فيهم ومهما ساعدناهم.
- إهمال الطلاب المنتقلين إلى مدارس المقاطعة لأن نتائجهم تحسب للمدارس التي انتقلوا منها.
- التركيز على الطلاب المتوسطين لأن تدريبهم على اجتياز الاختبارات سيرفع نسب مدارس المقاطعة ويأتيها بمكافآت وميزانيات تعليم أعلى.
هذا المستشار ينصح بإهمال التعليم والاهتمام بالميزانية؛ ينصح بالتدمير لا بالتطوير. حدث مثل هذا في أحد برامج التميز التربوي. هناك مدارس في دولة عربية متقدمة نسبيًا، اشتركت في خلاصات وموقع إدارة.كوم عندما كانت الاشتراكات تحسب كنقاط في مسابقات التميز. وألغت اشتراكاتها عندما خرجت اشتراكات المجلات من حسبة التميز.
في تسعينات القرن الماضي سادت صرعة شهادات الآيزو 9000 التي بدأت لأهداف سامية ونفذت بطرق مهنية محترمة في البداية، ثم تحولت إلى تجارة ومزادات وشهادات وتعويذات. كانت المؤسسات تحصل على شهادات الآيزو مقابل الفلوس. واليوم تأتي المؤسسات الحكومية بشركات من القطاع الخاص، تؤهلها للمنافسة والحصول على جوائز التميز، وفق معايير مستوردة من بيئات غريبة وغربية. ثم يأتي مقيمون واستشاريون ليقيموا الإدارات الحكومية التي تم تدريبها وتهذيبها لتفوز بالجائزة دون أدنى اعتبار للتطوير والتغيير وتحسين الأداء، أو حتى معايشة فكرة التميز وأخذها على محمل الجد. فما هو العيب في هذا؟ العيب هو في بيع وشراء التميز معلبًا مثل الوجبات الجاهزة، وملفوفًا بأوراق وعلب ملونة بطريقة "الدليفري".
تعرضت الشهر الماضي لموقف مؤلم في إحدى الوزارات الفائزة بجائزة تميز. طلبت من موظفة تخدم الجمهور خدمتي كغيري من المواطنين، لكنها لم تأبه بي ورفضت مساعدتي. وعندما اتصلت برئيسها الذي أعرفه ويعرفني جيدًا، تطوع لمساعدتي وعنفها على سلبيتها، ولم ينس أن يذكرها بأنني خبير إداري، وأنه عليها أن تهتم برفع مستوى خدمة الجمهور لكي تحافظ الوزارة على جائزة التميز. والحقيقة أن نصيحته آلمتني. فهو يرى أن الجائزة أهم من الخدمة، وأن الخدمة أهم من الإنسان، وربما كان يظنني متسوقًا سريًا جئته متسللاً لأكتب تقريرًا عن خدمات إدارته.
المديرون والموظفون الذين يقودون برامج التميز، يتدربون على مهارات التوافق مع المعايير دون أن يعرفوا لماذا ودون أن يروا الصورة الكاملة. ناهيك عن أن يدركوا أهمية التوافق بين أداء المؤسسة الكلي وبين أداء الموظف، وأن هدف التقييم أهم من أسلوبه، وأن القدرة على التنبؤ بالمشكلات أهم من مهارات إدارة الأزمات، وأن الجائزة تبقى عديمة القيمة ما لم ترتبط بالارتقاء بمستوى الخدمة من منظور أخلاقي وعملي بحت.
تحولت برامج التميز إلى غايات في ذاتها، لأن المقاييس تغير السلوك. فالناس يستجيبون لما يكافئهم الآن، ولا يكترثون بما سيفيدهم غدًا. فلو طبقت معايير جوائز التميز بدون مكافآت معنوية ومادية فلن يهتم بها أحد، رغم أن مثل هذا التطبيق يضع مصلحة المؤسسة قبل مصلحة الفرد؛ لأن الابتكار المؤطر بالمقاييس الثابتة يؤدي إلى تغيير المعايير لتلائم الابتكار، بدلاً من تنمية الابتكار لتطوير المعايير.
الكارثة الحقيقية في منافسات التميز هي أن المؤسسات المتنافسة، لا سيما المتميزة منها فعلاً، تعمد إلى إخفاء تجاربها والتكتم على معلوماتها والاستئثار بأفضل خبراتها، بدلاً من بثها ونشرها بين شقيقاتها من خلال المقارنة المرجعية، أو ما يسمى "مقارنة التميز". فهي تفضل رفع الأسوار وكتمان الأسرار وتدفن عوامل تميزها في ملفاتها؛ فتوأد تجارب التميز في مهدها، وتموت بذور النجاح في أرضها فلا ترى النور، ولا تفيد الجمهور.
تقديم الخدمة والتعامل مع الجمهور في القطاع الحكومي يشوبه السلبية بشكل عام، فليس هناك تقديم للخدمات يلبي طموح الجمهور، حيث يخرج المراجع من المنظمة وهو غير راضي عن ذلك حتى وهو حاصل على هذه الخدمة. وذلك... (مشاركات: 2)
دورة تدريبية لكبار الشخصيات الرياضية تتناول مفهوم دبلوماسية الرياضة واستخداماتها في العلاقات الدولية والسياسة الدولية والمفاهيم الحاكمة للقوة الناعمة للرياضة ودورها في تعزيز التفاهم والتعاون بين الدول وشرح لأهم التجارب العالمية والعربية في مجال الدبلوماسية الرياضية والعلاقات الدولية.
هذه الدورة التدريبية المتطورة تهدف الى اعدادك وتطوير مهاراتك في التحدث امام الجماهير ومن خلال هذه الدورة ستتعلم اساليب التأثير في جمهورك بصورة قوية وبناء خطاب جماهيري مؤثر واستخدام المهارات الجسدية واللفظية في التأثير الجماهيري الناجح.
برنامج تدريبي يهتم بتأهيل المتدربين على فهم قواعد ادارة وتشغيل الاندية الصحية الرياضية وصالات اللياقة البدنية من خلال فهم التنظيم الاداري الداخلي لها وشرح الممارسات الحديثة في ادارة وتشغيل هذا النوع من المرافق الرياضية واسعة الانتشار.
كورس تدريبي حول مفهوم الخدمة في المطاعم والاقسام الداخلية في المطاعم ومهام مدير الاغذية والمشروبات ويستعرض تصنيفات وأنواع المطاعم والتحضييرات اليومية للمطعم والادوات المستخدمة في المطاعم
شهادة دبلوم تدريبي متقدم في ادارة المشتريات وادارة سلاسل الاممداد حيث تؤهل المشاركين لفهم واتقان اجراءات عملية الشراء والعمليات الخاصة بإدارة سلاسل الامداد وطرق اختيار الموردين وقياس وتحسين أداء عملية التوريد واسخدام آليات المناقصة والتفاوض