إدارة الموارد البشرية في الإسلام

بالرغم من أن مفهوم إدارة الموارد البشرية مفهوم حديث نسبياً، ألا إن فحوى هذا المفهوم جاءت في الإسلام منذ أربعة عشر قرناً من الزمان. فقد وضح الإسلام أهمية الإنسان كنواة للموارد البشرية فقال تعالى في كتابه الكريم "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً" صدق الله العظيم، سورة الإسراء الآية 70. ومعنى هذه الآية أن الله فضل هذا الإنسان على كثير من مخلوقاته، وبذلك فعندما نتكلم عن الموارد البشرية فإننا نتكلم عن أهم وأكثر المخلوقات تكريما في كوننا هذا بعد الأنبياء.

وقد اهتم الاسلام أيضاً بمفهوم العمل، فعن أنس أن رجلا من الأنصار أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله، فقال: " أما في بيتك شيء ؟ "، فقال: بلى حلس نلبس بعضه، ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء، قال: " ائتني بهما " فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، وقال: " من يشتري هذين ؟ " . قال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: " من يزيد على درهم ؟ " مرتين أو ثلاثا، قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، فأخذ الدرهمين، فأعطاهما الأنصاري، وقال: " اشتر بأحدهما طعاما، فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوما، فائتني به، فأتاه به، فشد فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عودا بيده، ثم قال: " اذهب، فاحتطب، وبع، ولا أرينك خمسة عشر يوما " فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاءه، وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع " . رواه أبو داود، وروى [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]إلى قوله: " يوم القيامة ."


وقد وضح الإسلام أهمية اختيار العنصر البشري، فقد روي القرآن الكريم قصة النبي موسى عليه السلام، عندما ذهب إلى بئر في قرية مدين، ووجد جماعة من الناس يسقون مواشيهم، ووجد أبنتي شعيب عليه السلام تقفان بعيداً حتى ينتهي الرعاء، فسقى موسى لأبنتي شعيب عليه السلام، وبعدما رجعتا وقصت إحداهما ذلك على أبيها، وقالت كما يقص علينا القرآن الكريم: "قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ" سورة القصص، آية 26. وقد حددت ابنة شعيب عليه السلام، بهذا صفات من يتم اختياره للعمل بصفتين أساسيتين هما القوة والأمانة.

وقد أهتم الإسلام بأن يتم توظيف الشخص المناسب في المكان المناسب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا ولي الأمرُ لغير أهله فانتظر الساعة" أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وجاء في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، أن أبا ذر قال يا رسول الله ألا تستعملني قال "فضرب بيده على منكبي ثم قال يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها".

وقد أهتم الإسلام بالعدل، وهو ما يمكن استنباطه لأجل عملية تقييم الأداء واعتبر الموضوعية والعدل أهم أسس عملية تقييم الأداء، فهذه الموضوعية التي تضمن أن يأخذ كل ذي حق حقه، وهى التي تضمن أن يوضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

ويقول تعالى في كتابه الكريم: ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ“ صدق الله العظيم – المائدة 8
ويقصد بقوله تعالى " وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ" أي لا يحملنكم بغض قوم على ألا تعدلوا، بمعنى ألا تجعلوا عداوتكم لأحد تصرفكم عن العدل، واعدلوا في العدو والولي.

وذلك اهتم الإسلام بتطوير العنصر البشري، والعمل على قوته، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير".

وكذلك اهتم الإسلام بالجودة وإتقان العمل كثوابت للعمل في الإسلام حيث يقول تعالى "إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً" وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه".


كذلك أهتم الاسلام بحاجات الإنسان الرئيسية، فقال تعالى "[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ][مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ][مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ][مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]" وكذلك قاَل رسَوُل الله صلَّى اللَّهُ علَيَهْ وسَلَّم: "منَ أصَبْحَ منِكْمُ آمنِاً فيِ سرِبْهِ، معُاَفىً فيِ جسَدَهِ، عنِدْهَ قوُت يوَمْهِ، فكَأَنَّماَ حيِزتَ لهَ الدُّنيْاَ" رواه البخاري.

وبهذا أوضح الاسلام أن الحاجات الرئيسية للإنسان هي الطعام والصحة ثم الأمن، وتتفق نظرية ماسلو في التحفيز مع هذه المفاهيم.

وتوضح هذه النظرية أن لكل إنسان حاجات متعددة كالسلم، كلما أشبع درجة منها تطلع إلى الدرجة الأعلى، وهذه الحاجات تتدرج من أسفل لأعلى كما يلي:

  • حاجات فسيولوجية Physiological Needs مثل الطعام والكساء والحاجة إلى العلاج والدواء.
  • حاجات الأمن Safety Needs.
  • حاجات الانتماء والحب Belonging Needs.
  • حاجات الشعور بالإنجاز والتقدير Esteem Needs.
  • حاجات تحقيق الذات Self Actualization.


وهكذا نجد الإسلام قد كرم العنصر البشري وحث على العمل وحدد كيفية اختيار الأفضل للتوظيف، واهتم بالعدل في تقييم الأداء واهتم بتطوير العنصر البشري ووضع الجودة والإتقان كأسس وثوابت للعمل، وحدد الحاجات الأساسية للإنسان.

محمد يسري علام
مجيستير إدارة أعمال