رائع واتمنى ان تسمح لي بالاضافة :

تحديد الهدف
1. ما هو الهدف
بداية قبل أن نتكلم عن تحديد الهدف لابد لنا أن نفهم ما هو الهدف ، ففي اللغة أهدف له الشيء واستهدف‏:‏ انتصب وأعرض‏.‏ وقال عبد الرحمن لأبيه أبي بكر رضي الله تعالى عنهما‏:‏ لقد أهدفت لي يوم بدرٍ فصغت عنك‏.‏ وهدف للخمسين وأهدف‏:‏ قارب‏.
والهدف : هي الحصيلة المطلوبة من فعل شيء معين , والهدف يختلف من فرد لفرد حسب طبيعته ونشأته والبيئة المحيطة به فهو نابع من مكنونه ونستطيع أن نقول أن الهدف هو نية الفرد من عمل شيء معين والنية لا يعلم كنهها غير الله لارتباطها بأسرار النفس المتحكم فيها الظروف الخارجية والعوامل النفسية.
2. ما الفرق بين الهدف والوسيلة
وهنا أحب أن أوضح الخلاف بين الأمرين لاعتقاد البعض بأن الهدف والوسيلة بمعنى واحد ولكن الوسيلة هي الطريقة المتبعة في تحصيل شيء معين سواء كانت هذه الطريقة متفقة مع الأعراف أم لا أما الهدف كما أسلفنا فهو المحصلة ، وأحب أن أشير لأهمية تعريف الوسيلة ففي بحثنا هذا تكون القراءة السريعة هي أحد الوسائل الهامة للقراءة .
3. أهمية تحديد الهدف وأثره في تنظيم الوقت
إن الوقت من أهم النعم التي أنعم الله بها علينا. و لأهمية الوقت ورد ذكره عدة مرات في القران الكريم فقد أقسم الله بالوقت قال تعالى ﴿وَالَّليْلِ إِذَا يَغْشَى وَ النَّهَارِ إِذَا تَّجْلَّى﴾ و قال أيضاً ﴿وَاَلعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾, أورد الجريسي قولاً للعلامة يوسف القرضاوي أنه من المعروف لدى المفسرين, أن الله إذا أقسم بشيء من خلقه, فذلك ليلفت أنظارهم إليه و ينبههم على جليل منفعته. و يقول المصطفى عليه الصلاة و السلام (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ), يقول الجريسي "فمن صح بدنه و تفرّغ من الأشغال الشاقة و لم يسعى لاستثمار هذه الصحة و الفراغ لتحقيق أهدافه التي تعينه على الدنيا و الآخرة و ترقى به إلى مدارج الفائزين فهو كالمغبون تماماً". هاتان النعمتان من أعظم نعم الله على عباده أورد رسولنا عليه الصلاة و السلام تقسيماً رائعاً للوقت حيث يقول مما رواه عن صحف إبراهيم عليه السلام (على العاقل –ما لم يكن مغلوباً على أمره-أن تكون له ساعات, ساعة يناجي فيها ربه, و ساعة يحاسب فيها نفسه, و ساعة يتفكر فيها في صنع الله, و ساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم و المشرب), أليس هذا هو تنظيم الوقت الذي يتشدق به علماء الإدارة اليوم. ذكر الجريسي أنه في حثه عليه الصلاة و السلام على تنظيم الوقت و عدم إضاعته يقول: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله لرجل وهو يعظه (اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناءك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك) فقد لخص النبي في هذه الكلمات الموجزة البليغة ما تناوله الباحثون في علم الإدارة في كتب عدة فهو من جوامع الكلم إذ تحدث عن أهمية الوقت والمبادرة إلى استثماره واغتنام قوة الشباب وفرص الفراغ في العمل الصالح المثمر وحذر من خمس معوقات لاستثمار الأوقات كل ذلك في عبارات وجيزة لا تبلغ العشرين كلمة. و أورد الجريسي أيضاً في معرضه لقصة يوسف عليه السلام مع عزيز مصر و تأويل رؤياه, من أن ما فعله يوسف في تفسيره لرؤية الملك هو وضع خطة زمنية بإلهام من الله عز وجل لكسب الوقت في سنوات الرخاء بمضاعفة الإنتاج و تخزينه بأسلوب علمي للاستفادة منه في سنوات الجدب. أما تحديد الأهداف فيقول الله عز وجل﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدى أمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيِمٍ ﴾ فهنا تبرز أهمية تحديد الهدف. و التنظيم الهرمي و توزيع المهام فقد أشار إليها القرآن كما وضّح الجريسي قال الله تعالى﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ﴾, أي ليكون كلٌ مسخر لخدمة الآخر في ما يخصه. والرسول عليه الصلاة و السلام قد مارس التفويض حينما أرسل معاذ بن جبل إلى اليمن داعياً و أسامة بن زيد قائداً في غزوة مؤتة و الكثير من المهام التي كان عليه الصلاة و السلام يوكل إلى صحابته أدائها. يقول الدكتور الخضيري "لكم يدهشني ما وصل إليه حال المدير العربي رغم زخم رصيده من الأحداث التي مرّ بها, و من العبر و الحقائق المستمدة من التجارب الممتدة و رغم الحِكم و خلاصات التجارب و تحريض القيم الحميدة التي تركها له التراث العربي و الإسلامي الهائل و الذي يجد الباحث فيه مصدراً خصباً لتعاليم إدارة الوقت, من ذلك نصاً من كتاب طاهر بن الحسين لابنه عبد الله عندما ولاّه المأمون الرقة و مصر (و افرغ من يومك و لا تؤخره لغدك, و أكثر مباشرته بنفسك, فإن لغد أموراً و حوادث تنهيك عن عمل يومك الذي أخرّت, و أعلم أن اليوم الذي مضى ذهب بما فيه, فإذا أخرّت عمله أجتمع عليك عمل يومين, و إذا أمضيت لكل يوم عمله أرحت بذلك نفسك, و جمعت أمر سلطانك)".
مما سبق يتضح لنا أن وجود هدف أو أهداف في حياتنا، هو الذي يجعلنا نعرف على وجه التقريب ما العمل الذي سنعمله غدًا، كما أنه يساعد على أن نتحسس باستمرار الظروف والأوضاع المحيطة؛ مما يجعلنا في حالة دائمة من اليقظة، وفي حالة من الاقتدار على التكيف المطلوب. وكما أسلفنا أن الهدف هو المحصلة المرادة في نهاية أمر ما ، ومحصلة أي أمر تحدث سواء كان الشخص القائم بالأمر أو الذي وقع عليه الأمر مخطط له بوضع أهداف أم لا والفارق بين الأثنين والذي نود الأشارة إليه أن الذي لا يخطط يحدث له الأمر قدرا بلا تدخل منه أم المخطط فرؤيته الواضحة وهدفه المحدد يجعلانه يضع خطة زمنية لكل مرحلة من مراحل تحقيق الهدف مما يجله يوفر في وقته.
4. خطوات تحديد الهدف
• أسأل نفسك في بداية كل أمر لماذا أقوم به؟ ، وفي حالتنا هنا لماذا أريد أن أقرأ هذا الكتاب؟ (تحديد الأسباب والدوافع)
• أين أنا الآن ؟ أي قبل قراءة الكتاب ما حجم معلوماتي بالنسبة لمادة هذا الكتاب
• إلى أين أريد الذهاب؟ أي بعد قراءة الكتاب ما الذي أريد أن أستفيده من قراءة هذا الكتاب وما الذي سيعيده عليّ .
• كيفية تحقيق الهدف ؟ تحديد السبل والطرق المناسبة لقراءة الكتاب وكذلك الوقت المكان الملائمين للقراءة .
• تخيل التحديات وطريقة التعامل معها (مثل أن يقاطع عليك أحد قراءتك وتهيئة الجو المناسب)
• ( عندما تصل إلى الهدف الأفضل أن تحافظ عليه و تستمر عليه وتلتزم به) يجب أن تكون قراءتك مثمرة يتبعها عمل .
5. عظمة الإسلام والترغيب في تحديد الهدف
بعد ما تعرضنا لعملية تعريف الهدف وأهمية تحديده فيما سبق يجب علينا أن نتعرض لما منَّ الله علينا به من نعمة الإسلام والسبق المشهود للدين الحنيف في الترغيب في تحديد الهدف وجعل مسألة الثواب والعقاب مرتبطة بتحديد الهدف ، فكما نرى حدد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف :" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " نراه هنا صلوات الله وتسليماته عليه وكما يقول علماء اللغة يقصر الأعمال على حسب النية (الهدف) من وراء القيام بهذا العمل ولنكمل في روضة هذا الحديث الشريف حيث يقول صلى الله عليه وسلم : "فمن كانت هجرته لله ولرسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها وامرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" ولنلاحظ سويا أن العمل واحد (الهجرة) ولكن اختلف الهدف فاختلف الجزاء هذا لله وهذا إلى ما هاجر إليه فأنعم بامرئ يكون هدفه الأعلى دائما هو الله وأن يجعله سبحانه نصب عينيه في جميع أعماله ، اللهم اجعلنا منهم –ءامين- .