تغيرت النظرة إلى العنصر البشري مؤخراً واحتل المكانة التي كان ينبغي أن يكون عليها، فقد تم الاعتراف بأنه أهم مورد من بين موارد المنظمة، كما أصبحت البرامج الإدارية الحديثة تولي اهتماماً أكبر بهذا المورد والتي من بينها برامج إدارة الجودة ومثال ذلك المنظمة العالمية للمعايير والتي أصدرت معايير وشهادات خاصة بإدارة جودة المستخدمين وتسعى حالياً لتطوير وتحسين هذه المعايير بالإضافة إلى إدارة الجودة الشاملة والتي تعتبر جودة العنصر البشري الركيزة الأساسية لها. غير أن تحقيق مستوى جودة عال للعنصر البشري يتطلب وجود قواعد تسيير الموارد البشرية ذات جودة عالية، وحسب تجارب بعض المنظمات فإنه على إدارة الموارد البشرية تبني هذه المجموعة من القواعد أو الإجراءات:
- وضع الأهداف المسطرة بوضوح مع توضيح الأنظمة المتبعة.
- الاستماع لشكاوى وانتقادات العاملين وكذا اقتراحاتهم وأخذها بعين الاعتبار.
- جذب الأفراد نحو أدوار أكبر من المكلفين بها.
- اليقظة المستمرة لمتابعة أساليب وطرق التطوير الإنساني الحالية والتنبؤ بتلك التي يمكن أن تظهر في المستقبل.
- منح وقت معين للأفراد للقيام بالمهام الموكلة إليهم وإعلامهم بأوقات التدخل للإطلاع على النتائج المتوصل إليها.
بالإضافة إلى قواعد التسيير فإن نجاح إدارة الجودة الشاملة يتطلب ما يلي:
- التغيير الثقافي: يعتبر التغيير الثقافي عامل أساسي ومساعد لنجاح إدارة الجودة الشاملة فهو يجنبها الاصطدام بالسلوكات السلبية للأفراد والمتمثلة في ارتفاع معدّل دوران العمل، الغيابات والتأخير إلى غير ذلك وكل هذه السلوكات تندرج في إطار ما يسمى مقاومة الأفراد وهي أهم العراقيل التي تواجهها برامج إدارة التغيير بما فيها إدارة الجودة الشاملة.
ويساهم التغيير الثقافي في تجنب المقاومة من خلال تغير اتجاهات وقيم وإدراك الأفراد وفهمهم للمستجدات الطارئة في المنظمة، إذ أنه على المسؤولين توضيح كل ما يتعلق بإدارة الجودة الشاملة للعاملين من مفاهيم ومبادئ وخصوصاً الأهداف والنتائج الإيجابية التي ستعود على المنظمة وعليهم أيضا، فهذه العملية سوف تقلل من درجة تخوفهم وتساعد على تقبلهم للمنهجية الجديدة، كما سيخلق تطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة جوا آخراً في المنظمة يسوده ارتفاع الروح المعنوية لدى الأفراد وروح التعاون والعمل الجماعي والشعور بالانتماء والولاء للمنظمة. وهذا الوضع هو نتيجة لاهتمام إدارة الجودة الشاملة بالأفراد ونلمس ذلك من خلال مبادئها التي تركز على ما يلي:
- مشاركة العاملين في عملية اتخاذ القرارات وهذا سيشعرهم بالاهتمام وبأنهم جزء أساسي في المنظمة وأن مصالحهم مشتركة.
- العمل في فريق أو العمل الجماعي وهذا ما سيخلق روح التعاون بين الأفراد ويساهم في تنويع الأفكار وظهور أفكار جديدة.
- التدريب والذي ترمي من خلاله إلى بلوغ نتائج عديدة هي:
 يعتبر التدريب وسيلة من الوسائل الإدارية لتغيير سلوكات وقيم الأفراد وبالتالي فهو يساهم في التغيير الثقافي.
 تأهيل وتدريب العنصر البشري على تطبيق المنهجية الجديدة.
 يساهم التدريب في تحقيق مبدأ آخر من مبادئ إدارة الجودة الشاملة وهو التحسين المستمر.
- الإبداع: تحرص إدارة الجودة الشاملة على الانتقال من التفكير العادي البسيط إلى التفكير الابتكاري والإبداعي، حيث أن الجودة والإبداع يمثلان قطبين هامين لتحقيق رضا العملاء وخصوصا العملاء الخارجيين وكسبهم والاحتفاظ بهم للتمكن من النجاح والاستمرار وسط الظروف الصعبة واشتداد المنافسة.
والإبداع هو نتيجة أفكار ومجهودات وقدرات الأفراد ولهذا تركز إدارة الجودة الشاملة على تحفيز الأفراد ومساعدتهم على الابتكار والإبداع وذلك من خلال تزويدهم بالتدريبات اللازمة وكذلك توفير الجو المناسب لذلك، يمنحهم فرصاً للقيام بالتجارب وتجسيد أفكارهم وتوفير الإمكانيات اللازمة.
- تبني منظومة حوافز تجمع بين الحوافز المادية والمعنوية في آن واحد تساهم في تخفيض حدّة المقاومة وتقبل المنهجية الجديدة، بالإضافة إلى مساهمتها في تشجيع الأفراد على العمل أكثر وأحسن وخصوصاً تحفيزهم على الابتكار والإبداع.
- أما فيما يخص عملية الاختيار والتعيين فإن إدارة الجودة الشاملة تقوم على تعيين الفرد المناسب في المنصب الذي يتناسب مع قدراته ومؤهلاته وخبراته وميولاته وهذا يعني أن اختيار الفرد يتم حسب هذه الخصائص التي تجمع بين المقدرة والرغبة.
النتيجة هي أن الجودة الشاملة تنبع من الأفراد. ومن الأمور الهامة جدا في إدارة الجودة الشاملة نجد: الإبداع، المرونة، فريق العمل، المشاركة، التحسينات المستمرة والقيادة، وبدون عاملين أكفاء، ومهارات وأنماط إدارة وقيم مشتركة لن تحقق الجودة الشاملة الفوائد المرجوة منها.