عملية اتخاذ القرارات تعتبر عملية إدارية مركبة من حيث أنها تأخذ في الاعتبار بيئة اتخاذ القرار وكذلك التنبؤ بالمعوقات والمشكلات التي قد تحد من فعالية القرار الإداري . لذا يجب على متخذي القرار الأخذ في الاعتبار بالمشكلات التي قد تقابلهم وتحليلها والعمل على تجنبها أو حلها .

وأول خطوة في تحليل المشكلة هو تعريفها ، حيث تعرف المشكلات بشكل عام بأنها التباين بين الواقع الحالي والحالة المرغوبة . والاختلاف بينهما يسمى الانحراف وهو ما يجسم طبيعة المشكلة . ودور الإدارة هو تحليل الوضع الحالي والتعرف على مسببات الانحراف مما يمكنها من تجنبه في المستقبل أو التعامل معه وحل المشكلة . ويوجد متغيرين هامين في عملية تحليل المشكلات هما : الاتجاه الإنساني والخلفية الثقافية .

الاتجاه الإنساني يؤثر بدرجة كبيرة على عملية حل المشكلات من حيث المدخل للتعامل مع تلك المشكلات . على سبيل المثال يوجد المدخل التقليدي الذي يركز على تقليل عنصر المخاطرة مما يؤثر سلبا على الابتكار ، وعلى النقيض يوجد المدخل الابتكاري الذي يركز على عنصر الابتكار على حساب المخاطرة .

وتعتبر الخلفية الثقافية لمتخذي القرار من العوامل المحددة في تحليل المشكلات حيث تتباين القيم التي تفرزها الثقافة بين المجتمعات المختلفة .

1-1 أنواع المشكلات:

يمكن تصنيف المشكلات إلى ثلاث تقسيمات : مشكلات النظم ، والمشكلات الإنسانية ، والمشكلات الاقتصادية .

مشكلات النظم:

يشتمل هذا التقسيم على مجموعة المشكلات الناتجة عن سوء تصميم نظم العمل أو ناتجة عن عوامل خارجية تؤدي بالتالي إلي عدم فعالية نظم التشغيل . وتأخذ مشكلات النظم عدة صور منها ضعف نظم المعلومات ، وجود مشكلات وتعطيل في إجراءات العمل ، وضعف الرقابة على الجودة وكذلك وجود مشكلات في ظروف العمل . ومشكلات النظم بطبيعتها عملية ويمكن قياسها والتعرف عليها بسهولة مما يمكن محلل النظم من حل تلك المشكلاتبسهولة .

المشكلات الإنسانية :

ويشمل هذا التصنيف مشكلات عديدة حيث أنها تتعامل مع الجانب الإنساني المعقد وكذلك العلاقات الإنسانية ويمكن ملاحظة المشكلات الإنسانية التالية: ضعف الشعور بالانتماء ، مشكلات التحفيز ، الصراعات بين الأفراد ، ضعف التعاون والتنسيق ، ضعف الانضباط ، ظهور الشللية .

المشكلات الاقتصادية :

وتأخذ المشكلات الاقتصادية عدة صور ولها طابع غالب وهو المحددات المالية واستغلال الموارد الاقتصادية . وتشمل المشكلات الاقتصادية عدم كفاية المخصصات في الموازنة ، وزيادة مستوى المصروفات والتكاليف ، وضعف معدلات السيولة ، وأخيرا ضعف استغلال موارد المنظمة .

ويمكن للمشكلة أن تأخذ طبيعة مركبة من أكثر من نوع من المشكلات ، أي أن المشكلة بطبيعتها لها بعد إنساني وبعد اقتصادي ، أو ناتج عن خلل في نظام العمل .

2 – المدخل الابتكاري في تحليل وحل المشكلات :

يتلخص مفهوم المدخل الابتكاري في الخروج من القوالب الجامدة في التفكير ، والتركيز على إفراز أكبر عدد من الأفكار مما يزيد من احتمال وجود حلول فعالة .

والمدخل الابتكاري في تحليل وحل المشكلات يتكون من ثمانية خطوات متكاملة بحيث تؤدي في النهاية إلى تحليل المشكلة وحلها وبناء القرارات على أساس سليم .

2 –1 – 1 إدراك المشكلة

ظهور أعراض مرضية في مجال العمل يلفت نظر متخذي القرار ومحللي النظم على وجود خلل في مكان ما يستوجب التحليل وسرعة التلبية . أي أن الإدارة تبدأ آلية تحليل وحل المشكلات بناء على ظهور مظاهر خلل في النظام الإداري يستوجب الانتباه حيث أن تعريف المشكلة هو وجود انحراف عما هو مخطط . ومثلما تدرك الأم بوجود مشكلة لطفلها عند ظهور أعراض مرضية له مثل ارتفاع درجة الحرارة ، تدرك الإدارة أن بوادر مشكلة معينة ستلوح في الأفق فتبدأ بتحليلها والتعامل معها .

وأهمية الخطوة الأولى تكمن في أن عدم وجود آلية الإدراك المشكلة قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة تتمثل في عدم قدرة الإدارة على التعامل مع المشكلات المحيطة لأنها لم تستعد لها جيدا . وأبلغ مثال على أهمية تلك الخطوة في المجال العسكري هو وجود جهاز الرادار الذي يكتشف أي أهداف معادية ، وعدم وجوده يؤدي إلى عدم التمكن من التعامل مع الخطر الداهم .

2 – 2 تعريف المشكلة

علاج والتعامل مع الأعراض لا يؤدي إلى الشفاء التام ، لذا يجب أولا التعرف على هوية المشكلة ، أي سبب الأعراض . والأسلوب العلمي لذلك هو تشخيص المشكلة بتصنيفها أولا إلى التقسيمات السابق ذكرها للمشكلات (نظم ، اقتصادية ، وإنسانية ) . ومن هذا المنطلق يمكن تحديدها تحديدا دقيقا . على سبيل المثال فمشكلة سرعة دوران العمالة في منشأة ما يمكن إرجاعها إلى أنها 90% مشكلة اقتصادية بسبب ضعف المرتبات ، و10% إلى أنها مشكلة نظم من حيث سوء ظروف العمل .

2 – 3 جمع المعلومات والبيانات المرتبطة بالمشكلة

في هذه المرحلة يتم جمع جميع البيانات والمعلومات التي قد تساهم في تفهم جوانب المشكلة وإبعادها وفي نفس الوقت تساهم في حلها ولا تقتصر عملية جمع البيانات والمعلومات على مرحلة من المراحل بل تتم في جميع مراحل تحليل وحل المشكلات .

والأسئلة التالية تساعد في تحديد الجوانب الهامة من المعلومات والبيانات المرتبطة بالمشكلة :

· ما هي العناصر الأساسية التي تتكون منها المشكلة ؟

· أين تحدث المشكلة ؟

· لماذا تحدث المشكلة في هذا الموقع ؟

· متى تحدث المشكلة ؟

· كيف تحدث المشكلة ؟

· لماذا تحدث المشكلة بهذه الكيفية وهذا التوقيت ؟

· لمن تحدث هذه المشكلة ؟

· لماذا تحدث المشكلة لهذا الشخص بالذات ؟

2 – 4 تحليل المعلومات

يتم في هذه المرحلة تكامل المعلومات التي جمعها في الخطوة السابقة وذلك لوضعها في إطار متكامل يوضح الموقف بصورة شاملة . ويشمل ذلك اختبار كل عامل من العوامل على حدة وكذلك علاقته بالمتغيرات الأخرى فيالمشكلة ، ويشمل كذلك العلاقات والتفاعلات بين العمليات . ويلي ذلك مقارنة المشكلة بالمواقف الأخرى ، وأخيرا تصنيف وتسجيل توالي أحداث المشكلة.

وتحليل المشكلة يتطلب الإجابة على الأسئلة التالية :

· ما هي العناصر التي يمكن التحكم فيها في المشكلة والتي لا يمكن التحكم فيها ؟

· من يمكنه المساعدة في حل تلك المشكلة ؟

· ما هي آراء واقتراحات الزملاء والمرؤوسين لحل تلك المشكلة ؟

· ما هي آراء واقتراحات الرؤساء لحل تلك المشكلة ؟

· ما مدى تأثير وتداعيات تلك المشكلة ؟

2 – 5 تحديد بدائل حل المشكلات

تعرف هذه المرحلة بأنها المخزون الابتكاري لعملية حل المشكلات ، حيث أنها تختص بإفراز أكبر عدد للأفكار مما يؤدي إلى تعظيم احتمالات الوصول إلى الحل الأمثل . وسيتم التعرض بالتفصيل إلى أسلوبين من أساليب تعظيم الابتكار في الجزء الثالث وهما أسلوب " تعصيف الذهن" Brainstorming وكذلك "الجماعات الاسمية" Nominal Group Technique

2-6 اختيار البديل الأمثل

في هذه المرحلة يتم مقارنة البدائل من حيث مزايا وعيوب كل بديل على حدة وذلك في ضوء الوزن النسبي لكل من المزايا والعيوب وفيما يلي قائمة بمواصفات البديل الأمثل :

· ينتج من تطبيقه مستوى أعلى من الإنتاجية .

· يساعد على تخفيض تكاليف التشغيل .

· تسانده الإدارة العليا .

· شارك فريق العمل في إعداده .

· يوفر في الوقت .

· يحقق الهدف من تطبيقه .

· بسيط في التطبيق وسهل في الفهم .

2 – 7 تطبيق البديل

الطريق الوحيد لمعرفة درجة فعالية البديل والمحك الوحيد له هو وضعه موضع التنفيذ الفعلي . ويشمل التطبيق كل التعديلات الضرورية في الوظائف الإدارية من إعادة التخطيط والتنظيم وكذلك كل الإجراءات والمتغيراتالتنفيذية . وللتطبيق الفعال يجب وجود خطة تنفيذية تفصيلية لتنفيذ دقائق العمل بفاعلية . والخطة التنفيذية يجب أن تشمل ما يلي :

· تحديد مراحل التنفيذ والخطوات في كل مرحلة بالتوالي .

· تحديد توقيتات تنفيذ الخطوات والمراحل عن طريق Milestone Chart

· تحديد من سيقوم بتنفيذ كل خطوة من الخطوات

· تحديد من سيراقب على التنفيذ .

2 – 8 تقييم التنفيذ

تعتمد مرحلة التنفيذ على المعلومات المرتدة عن التنفيذ في الجوانب التالية ؟

· هل أنتج العاملين الكميات المطلوبة في التوقيتات المتوقعة ؟

· هل أنتج العاملين بالكيف المطلوب في التوقيتات المتوقعة ؟

· هل تم تطبيق مقاييس العمل بأسلوب سليم ؟

· هل تم خفض تكاليف تنفيذ المهام ؟

· هل تم رفع مستوى الروح المعنوية ؟

وتمتد عملية التقييم لتشمل الجوانب التالية :

· درجة تحقيق أهداف المنشأة .

· التقييم الذاتي للأداء

· التداعيات الغير متوقعة لتنفيذ البدائل .

بعد تجميع المجموعتين من العوامل للوصول إلى رؤية شاملة لتقييم البديل . في حالة وجود مراجعة منتظمة . أما في حالة وجود تقييم سلبي ، يتم الرجوع إلى الخطوة الأولى .