الاستراتيجية باطارها العام الذي تسترشد به المنظمة في توجهها وفي تحديد صورتها للمستقبل وفي اتخاذ القرارات في مستوياتها الادارية واقسامها المختلفة ، هي خطة تحقيق التكامل بين اهداف المنظمة الرئيسية وسياساتها وتتابع اجراءاتها ضمن الكل الموحد والشامل.



وتؤكد الادارة الإستراتيجية حاجتها الى الافق الواسع من المعلومات من داخل المنظمة وخارجها تسمح باتخاذ القرارات الرئيسية وتوجيه القرارات الاخرى، وتعتبر هذه المعلومات المصدر المهم لعملية التخطيط الاستراتيجي وباتت تؤثر مباشرة على اداء المنظمات وقد عرفت تلك المعلومات في ادبيات الاستراتيجية بالمعلومات الاستراتيجية.



ويقصد بالمعلومات الاستراتيجية بانها تلك المعلومات التي تدعم الادارة عند القيام بالتخطيط الاستراتيجي وتسهل عملية تحديد الاهداف واختيار البدائل الممكنة . وتتصف المعلومات الاستراتيجية بخصائص وسمات معينة لا بد من توافرها لتجعلها ملائمة للاستخدامات المختلفة ، كأن تكون واضحة ودقيقة حتى يمكن فهمها وتقويمها بسهولة ، كما يجب ان يكون توقيتها مناسبا. وهناك صعوبات في الحصول على المعلومات التي تتميز بكل تلك الصفات في الوقت نفسه من نظم المعلومات الادارية التقليدية ، وهكذا اقتضت الحاجة لتجاوز المشكلة وتقديم استجابة لحاجة الاستراتيجية وادارتها للمعلومات، وذلك عن طريق تطوير بطاقة الاداء المتوازن لتكون نموذجا معلوماتيا خاصا يغذي الاستراتيجية بالمعلومات التي تسهم في ادارتها وتوضح الطريق الانجح في توجهاتها للمستقبل، وتقديم مقاييس لتقويم تأثير الابعاد المتعددة على الاستراتيجية.



إن تطوير البطاقة يتطلب بالاضافة الى المنظورات الاربعة السابقة وجود اداة اتصال منطقية تربط كل من الاستراتيجيات المختلفة للمنظمة بعملياتها والنظم التي تساعد في انجاز تلك الاستراتيجيات تسمى هذه الاداة "بخارطة الاستراتيجية" وظيفتها تقديم خطط واضحة للعاملين في مختلف المستويات التنظيمية في المنظمة لرؤية كيف تربط الاعمال التي يقومون بها مع كل اهداف المنظمة ليتمكنوا من ان يعملوا بشكل منسق وباتجاه تحقيق الاهداف المرغوبة للمنظمة. وتطبيق بطاقة الأداء المتوازن واستخدامها بشكل صحيح يسهل من عملية الابتعاد عن الأساليب التقليدية لقياس الأداء مثل مقارنة الموازنة المالية مع الأرقام الفعلية، والتي لا يغفلها مفهوم بطاقة الأداء المتوازن ولكنه يجعلها عنصراً من عناصر القياس العام[1].



إن التوجه القياسي المؤسسي للمقاييس غير المالية يعتبر مدخلا جديدا لبناء الأداء الاستراتيجي الشامل للمنظمة، ولغرض احداث تطوير على بطاقة الاداء المتوازن نحو الاتجاه الاستراتيجي يمكن عمل موأمة بين الخارطة الاستراتيجية والمنظورات الاربعة للبطاقة على اساس فلسفة رؤية المنظمة التي تترجم بصيغة مجموعة استرتيجيات ، ابتدا من الاستراتيجية المالية التي تستهدف زيادة قيمة حملة الاسهم وانتهاءا باستراتيجية التعلم والنمو التي تستهدف زيادة قدرة العاملين في المنظمة . وفيما يلي عرض لهذه الاستراتيجيات :



1-الاستراتيجية المالية



لتحقيق الاستراتيجية المالية تعتمد المنظمات استراتيجيتين اساسييتين هما:



A – استراتيجية النمو في الايرادات: تتحقق عن طريق انجاهين ، يمثل الاتجاه الاول في ايجاد قنوات جديدة لخلق الايرادات كأن يكون كسب زبائن جدد او تقديم منتجات جديدة. اما الاتجاه الثاني فيركز على زيادة قيمة الزبائن الحاليين عن طريق زيادة رضاهم وتعميق العلاقات بينهم.



B- الاستراتيجية الانتاجية: هي الاخرى تشمل على استراتجيتين وهما:



الاولى؛ استراتيجية تحسين هيكل التكاليف والتي تعرف ب (استراتيجية الكلفة الاقل ) وهي تهدف كسب المنظمة ميزة تنافسية عن طريق خفض كلفة المنتجات الى اكبر قدر ممكن مقارنة بكلفة المنتجات المنافسة مع المحافظة على الجودة.



الثانية؛ هي استراتيجية استخدام الموجودات والتي تهدف الى بيان الية الاستفادة من الموجودات المتاحة للمنظمة بالشكل الذي يزيد من كفائتها اذ ان المنظمة تصبح ذات كفاءة عالية حينما يقوم باستثمار مواردها المتاحة من موارد بشرية ومادية ومالية وتكنلوجية بشكل اكثر رشدا في المجالات التي تعطي اكبر المردودات ، لذا فان نجاح المنظمة في انجاز هذه الاستراتيجية غالبا ما يؤشر بنسبة المخرجات الى المدخلات.



2-استراتيجية العملاء .



ان استرتيجية المنظمة في تعاملها مع الزبائن تتجه نحو القيمة المقترحة للزبائن التي تعد بمثابة معيار ثنائي لتقيم كل من العلاقات مع الزبائن وجودة المنتجات والخدمات، فالقيمة المقترحة هي ليست وسيلة لتميز نفسها عن المنافسين الاخرين وتحافظ على زبائنها الحاليين وكسب زبائن جدد وانما هي بالاضافة الى ذلك تعد من العوامل الحاسمة التي تساعد المنظمة في تحسين وتطوير عملياتها الداخلية.



والاهداف الاستراتيجية في هذا المنظور تعتمد بشكل اساسي على تقنيات تحليل ربحية العملاء التي تدعم بناء استراتيجية ناجحة للمنظمة والتي بدورها تهدف الى مايلي:



1- تحليل مستوى الربحية المتحققة من تعامل المنظمة مع مجاميع وشرائح مختلفة من الزبائن



2- محاولة التاثير على سلوكيات الزبائن غير المربحين وجعلهم مربحين للمنظمة



3- اعداد وترتيب نسب مئوية للزبائن المتعاملين مع المنظمة على وفق مستوى الربحية منهم مقارنة مع حجم المبيعات المقدمة لهم.



3- استراتيجية العمليات الداخلية



ان الانشطة الحاسمة في اداء منظور العمليات الداخلية ، يمكن ان تبوب في اربعة مستويات عالية من العمليات وهي



1- خلق التفوق والتميز عن طريق الابداع والتطوير مثل ايجاد منتجات جديدة وكسب زبائن جدد.



2- زيادة قيمة الزبائن عن طريق عمليات ادارة الزبون التي تتضمن تعميق العلاقات مع الزبائن الحاليين.



3- تحقيق التفوق التشغيلي وذلك من خلال تحسين العمليات التشغيلية الهادفة الى تحقيق نوعية عالية وقليلة الكلفة وخفض زمن دورة العمليات الداخلية



4- العمل على ان تصبح المنظمة عضو جديد في المجتمع من خلال توطيد علاقات حقيقية ومؤثرة مع اصحاب المصالح الخارجيين.



ان نجاح المنظمة في انجاز تلك العمليات الاربعة يعني نجاح استراتيجية العمليات الاربعة في المساهمة بتحقيق الاهداف المالية.



4- استرتيجية التعلم والنمو .



منظور التعلم والنمو الذي يتضمن تعريف بالمهارات المطلوبة والتكنلوجيا والثقافة التنظيمية من خلاله يتم وضع استراتيجية التعلم للمنظمة التي تعد حجر الاساس لزيادة الخبرات والمهارات التنظيمية بالشكل الذي يؤدي الى انجاز العمليات الداخلية بفاعلية وتحقيق القيمة المقترحة للزبائن ومن ثم بلوغ الاهداف المالية.



والعلاقة السببية في بطاقة القياس المتوازن تتأتى من أن أي استراتيجية هي وضع فرضيات حول السبب والنتيجة, وعلاقات السبب بالنتيجة يمكن أن تظهر على شكل سلسلة عبارات مثلاً الربط بين تحسين تدريب مستخدمي المبيعات وبين الأرباح المرتفعة يمكن أن تظهر بسلسلة من الفرضيات وتبين البنية الصحيحة لبطاقة التصويب بدقة استراتيجية وحدات العمل من خلال سلسلة علاقات السبب بالنتيجة ونظام القياس يجعل الفرضيات بين الأهداف والقياس في المحاور والقياس في المحاور المختلفة واضحة .



وبعد أن حددنا العناصر والبنود المكونة للاستراتيجية. يمكننا أن ننطلق الي دراسة الانماط المختلفة من الاستراتيجيات كما توجد في الواقع الفعلي. فلا توجد مؤسستان تتبنيان نفس النمط من الاستراتيجية. بل تختلف المؤسسات بشكل عجيب في المزيج الذي تعتمدة من العناصر والبنود المكونة للاستراتيجية. بحيث تختلف المؤسسات في أستراتيجياتها كما يختلف التوقيع والبصمة من شخص إلي أخر. كما أن هناك الكثير من الاختلاف إن لم يكن التضارب. في كثير من الاقسام بخصوص الاهداف الاستراتيجية . وهذا هو المصدر الأساسي لفشل تطبيق الاستراتيجية.



وبدراسة الحالات الأساسية والنموذجية في نجاج الاستراتيجية نلاحظ وجود أختلاف كبير في مزيج العناصر والبنود في كل حالة. فهناك حالة شركة ( أي بي أم ) وحالة شركة ( جنرال اليكتريك ) : وحالة شركة ( هوني ويل ) , وبين هذه الحالات أختلافات كبيرة. مما يجعل من المستحيل الوصول إلي نوع أو نمط عام في مجال الاستراتيجية. لكننا لا حظنا – كما ذكرنا في أحد كتبنا السابقة – أن سبب فشل الأستراتيجيات في 70% من الحالات ليس فشل الاستراتيجية نفسها. بل فشل تنفيذها. فليست هناك أستراتيجية فاشلة. لأن ما يفشل هو التطبيق والتنفيذ وليس الاستراتيجية: الاستراتيجية منطق. والمنطق لا يفشل. بل هو ينجح أذا كان كاملأ ومتكاملا. ويفشل أن ظل ناقصأ وقاصرأ .



عندما درس ما يقرب من 200 شركة عالمية في الفترة 1988 – 1998 وجدنا 10% فقط منها نجحت في الالتزام بأستراتيجيتها وتطبيقها. بينما فشلت البقية الباقية في التطبيق لا في الاستراتيجية. فلا أحد يضع أستراتيجية خاطئة. كل ما هناك أنه يفشل في رصد كل المؤشرات أو تتبع كل مجال من المجالات الأساسية الاربعة او يهمل تأثير أحد الاطراف الاعتبارية الأربعة.