هناك بعض الأسباب التي تكمن وراء عدم الوصول إلى قرار رشيد ، وهذه الأسباب متعددة في صورها ، ومتباينة في آثارها ، وبصفة عامة فإن الأسباب التي تعوق عملية اتخاذ القرار كما ذكرها درويش تدور حول إن مجموعة من الأسباب تتعلق بتكوين المشكلة محل القرار ، وإيضاحها ، وربطها بغيرها من المشاكل وتتعلق مجموعة أخرى بصانع القرار بصورة عامة ، ومتخذ القرار بصفة خاصة ، ومجموعة ثالثة تتعلق بمشاكل عملية صنع القرارات، وتتركز أساسا حول محور واحد هو مرحلة التوقع أو التنبؤ، وفي ضوء ذلك يرجع إحجام المدير عن اتخاذ القرارات إلى عدة أسباب من أهمها سوء فهم المدير للإدارة وهذا يؤدي إلى ضعف كفاءته وعدم مقدرته على الاختيار السليم بين البدائل ، وخوف المدير من اتخاذ القرار قد يكون ناتجا عن عدم وجود فلسفة معينة واضحة تقود عملية اتخاذ القرار ، أو صعوبة التنبؤ بالمستقبل ، أو أن يحمل القرار في مضمونه ما يتعارض مع عادات وتقاليد وقيما المجتمع وحداثة المدير في العمل وعدم وضوح النصوص والاختصاصات واللوائح والتعليمات بالنسبة له. وهناك العديد من العناصر المؤثرة في اتخاذ القرار منها : انبعاث بعض القرارات عن التقاليد ، أو الجهل ، أو الخيلاء ، وتكون مثل هذه القرارات أكثرا ضررا وأقل حكمة. وتوجد مجموعة من العوالم المتداخلة في عملية اتخاذ القرار ، وقد تكون هذه العوامل من داخل المدرسة أو من خارجها ، ويطلق عليها معوقات لأنها تعد حجر عثرة في طريق الاختيار الرشيد للبديل ، وهذه المعوقات لها جوانب وأبعاد كثيرة ، ويمكن التعرف عليها وتحديدها ، وقد بلورها مطر على أنها معوقات مفروضة بحكم الوقت المخصص لاتخاذ القرار ، وبحكم المعرفة المتاحة ، والموارد المتاحة وتوزيعها ، ودرجة الإجماع على القرار، والمطالب الوظيفية المتضاربة ، ثم هناك معوقات إدارية لصنع القرار التعليمي واتخاذه. إن أتحاذ القرارات في إطار المؤسسة التعليمية بدءا من تحديد المشكلة وجمع المعلومات ، والبحث عن الحلول البديلة ، واختيار البديل الأفضل ، وانتهاء بالتنفيذ والمتابعة ، ليس دائما بالعملية السهلة ، ذلك لأن المشكلات التي تواجه متخذي القرار ( المديرين) خلال هذه المراحل عديدة ومتشعبة ، منها ما يرتبط بالتكوين الذاتي لمتخذ القرار ، ومنها ما يرتبط بالمناخ المحيط به ، وعادات وتقاليد المجتمع ، وقد لخص عبد الحميد أهم هذه المشكلات التي تعوق عملية اتخذ القرارات المناسبة وهي : قصور البيانات والمعلومات والتردد ( عدم الحسم )، وضعف الثقة المتبادلة ، ووقت القرار، والجوانب النفسية والشخصية لمتخذ القرار وعدم المشاركة في اتخاذ القرار. إن اتخاذ القرارات عملية معقدة ومركبة ، وتتداخل فيها عوامل متعددة تعترض متخذ القرار ، وتصبح حواجز للقرار الرشيد ، وقد حددها الهواري على أنها عجز متخذ القرار عن تحديد المشكلة تحديدا واضحا ، أو عدم قدرته على التمييز بين المشكلة السطحية والمشكلة الحقيقية ، وعن الإلمام بجميع الحلول الممكنة للمشكلة ، وعن معرفة جميع النتائج المتوقعة لجميع الحلول ، وعن القيام بعملية تقييم مثالي للبدائل بسبب التزامه بارتباطات سابقة ، وأن الفرد محدود ، في اتخاذ القرارات ، بمهاراته وعاداته وانطباعاته الخارجة عن إرادته ، ومحدود أيضا بقيمه الفلسفية والاجتماعية والأخلاقية وبمعلوماته وخبرته عن الأشياء التي تتعلق بوظيفته وبقدرته على التمييز بين الحقيقة والقيمة وبين التفكير بطريقة منطقية وبطريقة ابتكارية وعنصر الوقت غالبا ما يسبب ضغطا على متخذ القرار. ومن ناحية أخرى فإن المشاكل والمعوقات الإدارية التي تعترض عملية اتخاذ القرار متعددة ومتنوعة ، ومن أهم هذه المعوقات كما أشار إليها كنعان، المركزية الشديدة وعدم التفويض ، والوضع التنظيمي للأجهزة الإدارية ، والبيروقراطية ، وتباين وتعقد الإجراءات، وعدم وفرة المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار ن والتخطيط غير السليم ، وقد أضاف كنعان معوقات بيئية أخرى تتمثل في المورثات الاجتماعية وما يرتبط بها من عادات وتقاليد ، وغموض وجمود اللوائح ، وعدم الاستفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي في مجال الإدارة ، وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك معوقات نابعة من وضع القيادات الإدارية مثل عدم توفر الكوادر القيادية ذات الكفاءة العالية ، وعدم سلامة طرق وأساليب اختيار القيادات الإدارية ، وكذلك عدم توفر الاستقرار الوظيفي والاطمئنان النفسي للقيادات الإدارية وعدم اهتمامها بالأسلوب الكمية لاتخاذ القرارات . وأشار كل من هيوز ويوين Hughes & Ubben إلى أن هناك ستة معوقات للقرار تحد من فاعليته وهي على النحو التالي : 1. التنظيم الخاطئ للمشكلات : فبعض المشكلات يمكن إعطاؤها أهمية ودراستها للوصول إلى حل لها ، بينما هناك مشكلات أكثر منها أهمية لم يتم بحثها ، والحل ينحصر في تحليل المشكلة ، هل هي سهلة وبسيطة أم أن لها العديد من العناصر المعقدة ، وإذا نظرنا إلى المشكلات الثانوية التابعة لها فينبغي التعرف على درجة أهميتها ومدى ضرورة حلها ، وهل تتطلب قرارا فوريا أم لا ، ويستطيع المدير والعاملون معه الاستفادة من ذلك في توفير الوقت لجمع المعلومات مع مراعاة عدم تأخير القضايا وإهمالها. 2. التسرع والخطأ في إصدار القرارات : وينتج ذلك عن اتخاذ قرارات هامة سريعة دون تفكير وروية نتيجة لعدم الاستفسار التام عن المشكلة أو الاستفسار الخاطئ عنها. 3.التفكير المزدوج : يقع كثير من المديرين في وضع القضايا التي يتخذون قرارا بشأنها في محيط ضيق لا يتعدى جانبها السلبي والايجابي وهذا خطأ في حد ذاته ، فقد تكون القرارات الصائبة خارج حدود هذه الدائرة الضيقة ، فكلما اتسع مدى اختيار الحلول زادت فرصة التوصل إلى أفضل القرارات. 4. القرار الوحيد الذي لا قرار دونه : وهو قرار فردي تعسفي يتخذه بعض المديرين ، وقد يكون خاطئا ، لأن الكثير من القرارات يتطلب مناقشات مستفيضة، والقرار الصائب يتم فيه جمع الآراء عن طريق تعريف المشكلة وتحديدها وجمع الحقائق حولها للتوصل إلى بدائل وحلول ، وثم اختيار الحل الأمثل واتخاذ القرار وفقا لذلك. 5. التقصير في عملية الاتصال : ينصب اهتمام المدير على اتخاذ قرارات من شأنها تيسير عمل المعلمين والمتعلمين وإنجازه بكفاءة وفاعليه ، والقرارات إذا كانت مبهمة وغير واضحة للجميع فإنها لا تحقق شيئا من الأهداف الرئيسية للمدرسة وتعتبر حدود العقلانية في اتخاذ القرار ذات قيمة في حد ذاتها ، ويوضح ذلك سيمونSimon فبالنظر إلى العقلانية وحدودها في موقع الفرد نفسه نجد أن لها ثلاثة حدود ، الأول أن يكون الشخص محدودا بمهاراته غير المقصودة وعاداته وانعكاسات ذاته ، والثاني أن يكون محدودا بقيمة ومفاهيمه الذاتية عن الهدف الذي قد يختلف عن قيم ومفاهيم المؤسسة التي يعمل بها ، والثالث أن يكون محدودا بمدى معرفته ومعلوماته ، بالإضافة إلى ذلك فإن هناك نظاما قيميا لمتخذ القرار ، يجب عدم إهماله ، فهذه القيم تعطي قدرا وقيمة للمشكلة ، وتحدد درجة وطبيعة القرار المتخذ حيالها. وهناك مجموعة من المعوقات التي يمكن أن تحد مدير المدرسة من اتخاذ قرار رشيد ، وفيما يلي أهم تلك المعوقات : 1. شخصية متخذ القرار : فمن المسلم به أن عملية اتخذ القرار يمكن أن تتأثر بالسلوك الشخصي لمتخذ القرار ذاته ، والذي يتأثر بدوره إما بمؤثرات خارجية أو مؤثرات داخلية كالضغوط النفسية ، واتجاهاته ، وقيمه ، وأفكاره ، وخبراته، وهذا الأمر يترتب عليه حدوث ثلاثة أنماط من السلوك هي : الإجهاد ن الحذر ، التسرع ، وهذه الأنماط تنعكس آثارها على الأفراد خلال قيامهم بعملية صنع القرار، فمنهم من يتعامل مع المشكلة بحذر وبطء فتتفاقم آثارها ، ومنهم من يتعامل معها بسرعة فلا يتمكن من الإحاطة بجزئياتها، والبعض الآخر يتعامل معها بتردد. 2. التردد و الخوف : وذلك لأن عملية اتخاذ القرار تتعلق بأمور تنفذ في المستقبل وتنشا عملية التردد نتيجة لعدم وضو الأهداف في ذهن متخذ القرار ، وهذا من شأنه جعل المستقبل يتسم بالغموض ، أن تنشأ من قلة خبرة متخذ القرار التي تجعله يعتقد أن قراره يجب أن يكون صحيحا مائة في المائة ، وقد تنشأ عملية التردد أيضا من عدم قدرة متخذ القرار على تحديد النتائج المتوقعة لكل بديل ، ومن ثم عدم ترتيبها حسب أولويتها. 3. توفير البيانات والمعلومات : إذا لم تتوفر البيانات والمعلومات المتعلقة بالمشكلة فإنها تمثل عائقا من معوقات اتخاذ القرار التي تواجه مدير المدرسة. 4. بيئة القرار : حتى يكون القرار رشيدا فإنه يجب أن يكون متسقا ومحققا لأهداف نوعين من البيئات وهما البيئة الخارجية المتمثلة في الظروف الاقتصادية و الاجتماعية والتكنولوجية ، والبيئة الداخلية المتمثلة في الهيكل التنظيمي الرسمي وغير الرسمي وتشمل الاتصالات والعلاقات الإنسانية ومن ثم نرى أنه من الضروري ألا يتم اتخاذ القرار بمعزل من القوى والنظم المؤثرة في المجتمع حتى لا تكون معوقا له. وتعتبر مشكلة البيانات والمعلومات أحد المعوقات التي تمنع متخذ القرار من التوصل إلى قرار رشيد ، وربما يرجع ذلك للأسباب التالية : 1. أن يكون القائمون على جمع وترتيب البيانات في المنظمة غير مؤهلين أصلاً للقيام بهذه العملية. 2. أن تتم عملية جمع البيانات ذاتها تحت ضغط ضيق الوقت ، فلا يراعي فيها الدقة المطلوبة . 3. أن يكون هناك اختلاف على الأسس التي ينبغي أن يبنى عليها جمع البيانات 4. أن يكون هناك عقبات أما انسياب البيانات والمعلومات من مصادر البيانات إلى متخذ القرار. والمعلومات أساس القرار لعدة أسباب من أهمها أنه لا يمكن أن تحدد المشكلة إلا بتوافر المعلومات الوافية عنها ، كما إن المعلومات تسهم في تحديد البدائل وتقييمها طبقا للنتائج المرتقبة في كل بديل . ويرى البعض أن من أهم الصعوبات التي تعترض عملية اتخاذ القرار ، عدم توافر المعلومات الجيدة المتجددة عن ظروف العمل وإمكاناته ، حيث تعتبر المعلومات بمثابة الدعامة الأساسية لاتخاذ القرارات ، ويرجع ذلك إلى المعلومات التي تفيد في تحديد المشكلة والبدائل وتقييمها طبقا للنتائج المرتقبة من كل بديل ، والتغذية الراجعة عن نتائج التنفيذ ضرورية لتقييم القرار واتخاذ إجراءات تصحيحه إذا لزم الأمر . ويعتبر التردد من المشكلات التي تواجه متخذ القرار ، وينشا هذا التردد عن أمور كثيرة من أهمها عدم القدرة على تحديد الأهداف التي يمكن أن تتحقق باتخاذ القرار ، الأمر الذي يجعل صورة الموقف متأرجحة في نظر متخذ القرار ، وعدم القدرة على تحديد النتائج المتوقعة لكل بديل من البدائل المتاحة ، وعدم القدرة على تقييم كل من المزايا والعيوب المتوقعة للبدائل المختلفة وظهور بدائل وتوقعات جديدة لم يتيسر دراستها في المرحلة الأخيرة من مراحل اتخاذ القرار ، ونقص خبرة متخذ القرار. وسوء الاتصال أحد المعوقات الهامة في اتخاذ القرار ، لأن عملية اتخاذ القرار تحتاج على شبكة اتصالات فعالة في المدرسة لجمع البيانات والمعلومات والحقائق التي تسند عليها مراحل هذه العملية ، وكذا توصيل القرار الصادر إلى من يعنيهم الأمر. ولقد أشار سيمون SIMON إلى أن عملية الاتصال ليست بالغة الأهمية للمنظمات الإدارية فحسب ، بل إن توافر أساليب معينة للاتصال تحدد بدرجة كبيرة الطريقة التي يمكن أن توزع بها فعاليات اتخاذ القرار داخل المنظمة ، كما إن إمكانية السماح لشخص ما باتخاذ قرار تعتمد على مدى توافر المعلومات التي يحتاجها من أجل اتخاذ قرار رشيد وتعتمد أيضا على الكيفية التي يتم بها إبلاغ القرار للأفراد الذين يتأثرون به ، ومن ثم فإن صعوبة أو سهولة عملية الاتصال ونوع المعلومات عامل مهم في جودة القرار. وقد أشار الكبيسي إلى أنه أهم معوقات اتخاذ القرار هي نقص المعلومات الكمية والكيفية وعدم دقتها وصحتها وحداثتها ، ونقص الأجهزة والأساليب الحديثة لحفظها وتنسيقها ، وفقدان التنسيق ، وقلة نظم الاتصال الفعالة مما يؤدي إلى بعثرة الجهود والجهل بالقرارات وعدم الاهتمام بعنصر الوقت ، وقلة أساليب الجدولة الزمنية والمتابعة الدورية للقرارات الصادرة والخوف من المسؤولية ، وتردد بعض متخذي القرارات من المواجهة الجزئية للمشكلات ، ولقد أوضح علاقي أن عوائق القرارات عوائق داخلية وخارجية ،أما العوائق الداخلية فهي تلك العوائق التي تحد من اختيار الحل المناسب وتتمثل في العوائق المالية والعوائق البشرية ، والعوائق الفنية ، أما العوائق الخارجية فيقصد بها المجتمع المحلي بالمؤسسة . من ذلك يمكن أن نخلص إلى أن هناك مجموعة من المعوقات التي تؤثر على فاعلية القرار المتخذ عن طريق المدير ، وقد اتفق معظم علماء الإدارة على أن هذه المعوقات تتمثل في شخصية متخذ القرار، وعدم توفر البيانات والإحصائيات اللازمة ، والاختلاف الواضح في إدراك المشكلات وتفسير البيانات ، وعدم وجود الأشخاص الأكفاء القادرين على جمعها وتحليلها. والتردد ( عدم الحسم) ، وضعف الثقة بين الرؤساء والمرؤوسين ، والتردد والتخوف من إصدار القرارات ، ووجود عوائق مالية كعدم توفر البنود اللازمة للصرف على المشكلة موضوع القرار ، وعدم توفر الوقت الكافي ( عدم ملاءمة توقيت القرار) وضعف عملية الاتصال ، وأثره على اتخاذ القرار ، ونقص الخبرة الفنية المدربة والقادرة على التنفيذ ، وفي ضوء العرض السابق لمعوقات اتخاذ القرار التي ساعدت الباحثين للوصول إلى أن هناك معوقات لها تأثيرها السلبي على اتخاذ القرار ، وتشمل (المعوقات الشخصية ، الإدارة ، المادية ، البشرية ، ذات الصلة بإدارة التعليم ، وذات الصلة بالمجتمع المحلي ) وقد تكون داخل المدرسة وخارجها ، كل هذه المعوقات تمثل حجر عثرة في طريق مدير المدرسة للوصول إلى قرار رشيد