قد يطالعك هذا السؤال كلما قرأت قصه احد رواد الأعمال الناجحين تجد أن أغلبهم تركوا مقاعد الدراسة وتفرقوا بصوره كاملة لأداره مشاريعهم وشركاتهم الخاصة الشيء الذي أهلهم في فتره وجيزة إلي دفع مجتمعاتهم وحياتهم الشخصية نحو الأفضل , أولاً أود أنأشير هنا إلي أن الهدف من هذه المقال ليس اجترار قصص نجاح، فقط أسعي لتسليط الضوء علي شريحة من الطلاب الذين تتجدد معاناتهم بصوره يوميه مع المؤسسات التعليمية التي ينتسبون إليها سواء كانت علي مستوي الثانوية أو الجامعة، بعضهم ترك مقاعد الدراسة علي مضض لأنهم لم يجدوا ضالتهم في تلك المؤسسات، كما أسعي في هذا المقال للإجابة علي السؤال أعلاه " لماذا لا تروق الجامعة لرواد الإعمال ؟" ولماذا نفقدهم في المراحل التعليمية المختلفة ومن ناحية آخري أطمح إلي وضع حلول في المقال القادم إن شاءالله.

نعم أعرف أنها قضيه حساسة جداً. فقط فلنأخذ الآمر برويه, تتفق معي عزيزي القارئ أن الجامعة بأي حال من الأحوال لم تعد أهم مصادر تلقي المعرفة وهذا قد يتنافي مع اعتقاد كثير من قراء هذا المقال إذا لم تكن تعتقد ذلك إليك تجربه "ديفد كارب" مؤسس منصة تيمبلر الشهيرة كمثال الشاب في العشرينات من عمره لم يلتحق بالجامعة ولا ينوي ذلك تعلم البرمجة وهو في الحادية عشر من عمره صمم العديد من البرامج واحترف العمل في سن الرابعة عشر أكمل الثانوية بالمنزل و كما أشرت سابقاً لم يلتحق بالجامعة أسس شركته الخاصة من عمر مبكر وفي مرحله أخري أسس منصة (Tumbler) التي استحوذت عليها شركة ياهو في صفقه وصلت إلي 1.1مليار دولار و أستمر في إدارتها إلي الآن أي أنه الآن أحد المدراء في شركه ياهو. خلاصه القول أن المعرفة فقط هي التي تصنع الفارق، أظنك ألان فهمت ماذا أقصده علي وجه التحديد.

رغم حداثة التجربة في عالمنا العربي إلا أنها شهدت ميلاد شركات ومشاريع يمكن وصف أغلبها بأنها ناجحة رغم كل التحديات التي تواجهها، معظم هذه المشاريع تم تطويرها، إطلاقها و أصحابها لم يكملوا الجامعة ولا الثانوية حتى، حيث أنهم بدئوا حياتهم العملية في مرحله مبكرة من هنا اُحي هؤلاء الرائعين أين ما كانوا.
كما أود أن أشير هنا إلي أن هنالك كثير من التجارب الناجحة لشباب تلقوا تعليمهم فيأمريكا و أوروبا ونجحوا في تلك البلدان ولا أعتقد عزيزي القارئ أنك قد تتفاجئ بأعدادهم ومستوي تأثيرهم الكبير في تلك المجتمعات فقط هنا سأتناول تجارب الشباب في حدود وطننا العربي الكبير. إليك أهم العوامل :

المعرفة والمهارة، رواد الأعمال ما يميزهم من غيرهم امتلاكهم للمعرفة والمهارة في مجال محدد وتعطشهم الدائم لمعرفه كل ما هو جديد والإبداع في مجال تخصصهم الشيء الذي غالبا ما تعجز عنه تلك المؤسسات التي ينتمون إليها " تقديم المعرفة وتطوير مهاراتهم"، أعتقد أن هذا أكبر العوامل التي تدفع رواد الأعمال خارج الجامعة، لماذا أظل في قاعه الدرس ويمكن أن أقوم بالأفضل؟


التعليم النظري، أسلوب التعليم المتبع بصوره عامه يميل لطرح المعرفة والمعلومة قي قالب نظري وحتي تلك التي يتم فيها وضع برنامج تطبيقي مصاحب يكون في الغالب إما بسيط أو بعيد عن الواقع، وهذا بدون شك يثير حفيظة هؤلاء الشباب وغالباً ما يعبرون عنه بصورة مباشره. ما الفائدة من حفظ كل هذه المقررات؟

قيمه المحتوي، الانفتاح المعرفي وثوره تقنيه المعلومات وضعت هذه المؤسسات في تحدي كبير ودائم لتحديث مناهجها الشيء الذي لا يحدث غالباً وقد لا تتخيل عزيزي القارئ أن بعض هذه المناهج يعود لسبعينات وثمانينيات القرن الماضي يدرس اليوم، ببساطه كيف يمكن أن نعتمد عليها في إحداث التغيير المنشود تجاه مجتمعاتنا، رواد الأعمال لديهم مواقف جريئة وحازمه جداً في التعامل مع هذا المحتوي. لماذا أهتم بمنهج متخلف؟



هيئة التدريس، كلنا علي علم بعظم الدور الرسالي للمعلم في نهضة وتقدم الأمم، باختصار هنا أود أن أشير إلي شريحة من المدرسين غير مهتمة بطريقه ومنهج تفكير طلابهم إذا كانت خارج البرنامج المطروح والأفكار التي تذخر بها عقولهم ورغبتهم في طرح قضايا مجتمعهم وإيجاد حلول جادة لها. دورهم يتمثل فقط في إرهاق كاهل الطلاب بفروض سطحيه وبسيطة غير مفيدة في الغالب من واقع انشغالهم بعدد كبير من الطلاب وفي بعض الأحيان يرجع إلي ضعف تفكيرهم ومستواهم الأكاديمي ناهيك عن تحفيز الطلاب أو مساعدتهم وغالباً ما يكونوا أول العقبات التي يصطدم بها رواد الأعمال والتي تسرع احتمال تركهم للجامعة. لماذا لا يرغب الأستاذ في مساعدتي؟



عامل الوقت, يعاني معظم رواد الأعمال في الجامعة من أزمة حقيقة مع الزمن لأنهم في الغالب يعملون بصورة فرديه أو في إطار فريق عمل ضيق يضم ثلاث أو أربعة أعضاء في أفضل الحالات عليهم إنجاز قائمه طويلة من المهام، الجامعةبالنسبة لهم بند يستهلك وقت كبير بدون فائدة لذلك عندما يتم ترتيب أولوياتهم تكونالجامعة في زيل هذه القائمة. ببساطه لماذا أهدر كل هذا الوقت و أنا في أمس الحاجة إليه ؟

الانفصال عن المجتمع، كعرب ومسلمين نعتز بالعديد من المؤسسات الأكاديمية التي كان لها دور طليعي وريادي في حياتنا السياسية، الفكرية والاقتصادية بل شمل تأثيرها العالم بآسره، جامعة القيروان علي سبيل والتي يرجع تاريخ تأسيسها للعام 670 حسب التقويم الميلادي. واقع كثير من المؤسسات التعليمية تقلص دورها بصورة واضحة ومخيفه جداً في تنميه مجتمعاتها وتطوير حياه الفرد حيث أصبحت تلعب دور هامشي أو لا يذكر في بعض الأحيان من ناحية آخري بالنسبة لرواد الأعمال مهما كان حجم المشاريع التي يعملونعليها أو نوع الخدمة التي يقدمونها تظل تنميه الفرد والمجتمع القيمة الأساسية لهذهالمشاريع. ما هي أهداف هذه الجامعات ومديالتزامها وتأثيرها تجاه مجتمعنا؟

الطموح، تعلم عزيزي القارئ أن قطاع كبير من اقتصاد بلداننا في وطننا العربي يعاني الأمرين الشيء الذي أوجد بيئة طيبة للمتقاعسين عن تأدية واجبهم حيث أصبح الفشل يعلق علي شماعة الإمكانيات بكل بساطه وأصبحت الفرص ضيقه جداً، من هنا في أفضل الحالات أصبح دور الجامعة يتمثل في إعداد موظفين لهم قدره علي المنافسة و لأكن هذا لا ينطبق علي الكل، مثلاً نصيحة بهذا الشكل لن تكون مقبولة لأي منهم "أجتهد أكثر، أدرس بجد ستتخرج إن شاء الله بمرتبه شرف تؤهل للحصول علي وظيفة هذا لو كنت محظوظ". بطبيعة الحال لا يفكر رواد الأعمال بهذه الطريقة رغم معرفتهم ومستواهم الفكري المتقدم الوظيفة لا ترضي طموحهم أبداً. تفكيرهم ينصب في اتجاه هل سأجد الشركاء وفريق العمل المناسبين لهذا المشروع ، ماذا سأكون بعد التخرج؟

الروتين، هنا أحد أهم العوامل التي لا يجب تجاهلها ويتمثل في تكرار نفس البرنامج اليومي من محاضرات، مذاكره واجبات في إطار غير مقنع أو محفز علي الإطلاق مع العلم أن رواد الإعمال يحظون بحياة مثيره في الغالب مفعمة بكل ما هو جديد من أفكار مشاريع تحديات بصورة دائمة فشل،نجاح هذا إلي جانب قدرتهم علي التفكير والتخطيط علي المدى البعيد. ما الجدوى من الاستمرار في برنامج ممل؟

الشغف، كل ما يحتاجه رواد الأعمال ببساطه غير موجود في الجامعة الشيء الذي يؤدي إلي فقدان رقبتهم في الاستمرار وفي أفضل الحالات إنجازهم لفروض غير معنيين بها ولا مقتنعين حتى. لماذا أستمر في برنامج غير مفيد أو مقنع؟

تغيير العالم، هذه تركتها كأخر نقطه لأنه في الغالب يشترك فيها معظم رواد الأعمال إن لم يكن كلهم الاعتقاد بان منتجاتهم ومشاريعهم قادرة علي تغيير العالم ووضع معايير جديدة ومنناحية أخري ينظرون للجامعة علي أنها تحد من طموحهم وتوجل أحلامهم في إطلاق مشاريعهم الخاصة. هل سيكون لدي فرصه لتغيير العالم إذا قدر لي الاستمرار في الجامعة؟

"بأي حال من الأحوال هنا لا أحرض علي ترك الجامعة أو المدرسة وليس بالضرورة إذا كنت رائد أعمال أن تترك الدراسة لتكون ناجح كما لا ألقي كل اللوم علي تلك المؤسسات كلنا يعرف أن هناك جامعات وكليات تهتم كثيراً بما تقدمه لطلابها وتكون حريصة جداً علي نجاحهم لأكن السواد الأعظم مجرد هراء"

كما أشرت سابقاً أن الهدف من هذا المقال هو تسليط الضوء علي شريحة من خيره أبناء الوطن يمتلكون من الفكر والمعرفة ما يؤهلهم لقياده مجمعاتهم شخصياً أراهن عليهم كثيراً. هذه هي المشكلة ببساطه في النقاط أعلاه الشيء الذي يقودنا لطرح مبادرة ووضع حلول ستكون في المقال القادم إن شاء الله . كيف نكشف رواد الأعمال من سن الخامسة وكيف نساعدهم علي النجاح؟

في الختام إذا أعجبك مقالي المتواضع هذا أسالك دعواتك الكريمة وإن لم يكن كذلك فلك العُتبى حتى ترضي وأطمع أن لا تبالغ في اللوم بارك الله لي ولكم والله الموفق.