أنماط التغذية الراجعة (التقييم )

يذكر العلماء أصنافاً أو أنماطاً متعددة للتغذية الراجعة. ومن التصنيفات نذكر ما يلي:



التصنيف الأول:

التغذية الراجعة الخارجية والداخلية:

أ_ التغذية الراجعة الخارجية:

وتتمثل في تلك المعلومات أو الإشارات التي يقدمها مصدر خارجي: كالمعلم، أو المدرب، أو المجرّب، للمتعلم حول مدى نجاحه في أداء مهمة ما

ومستوى إنجاز هذه المهمة. وقد تُقدَّم التغذية الراجعة الخارجية على شكل كلام شفوي أو مكتوب، أو على هيئة إجراء أو عمل، أو على شكل انفعالات وتعبيرات عاطفية ظاهرة. ولعل الامتحانات والاختبارات ومختلف أشكال التقويم المعروفة هي أهم مصادر التغذية الراجعة الخارجية.



ب_ التغذية الراجعة الداخلية:

وهي تلك المعلومات التي يستخلصها المتعلم من خبراته وممارساته بصورة مباشرة. ويستدل من خلالها على مدى نجاحه أو إخفاقه في أداء العمل أو السلوك.

التصنيف الثاني:

التغذية الراجعة الحسية والمعلوماتية:

أ_ التغذية الراجعة الحسية (الإحساس الراجع):

وهي تلك المعلومات التي تمدنا بها الحواس المختلفة، والجهاز العصبي المركزي، والأجهزة الحسية الحركية.

على سبيل المثال: إذا طُلِبَ من طفل أن يكتب كلمة ما مكتوبة على السبورة، فإنه يباشر محاكاة النموذج المكتوب. فإذا تبين له أن هناك خطأ ما فإنه يعاود كتابة الكلمة من جديد في ضوء التغذية الراجعة الحسية. والطفل في هذه الحالة وأمثالها يتلقى عن طريق الجهاز البصري تغذية راجعة حسية، تمكِّنه من الحكم على مدى التطابق بين النموذج الذي يحققه والنموذج المرجعي، وهذا بدوره يؤدي إلى حدوث التصحيح أو التعزيز.

ب_ التغذية الراجعة المعلوماتية:

وهي التغذية الراجعة التي تأخذ شكل معلومات كمّيّة أو كيفيّة أو كلتيها معاً. وفي الغالب تأتي من مصدر خارجي. وتبدو أهمية هذا النوع من التغذية الراجعة في أداءات مثل التسديد على هدف معين. فإذا كرر الشخص القيام بمحاولات التسديد، دون أن يزوَّد بمعلومات حول دقة إصابات أو خطئها فإنه لا يحرز تقدماً يذكر في التسديد على هذا الهدف.

إن تقديم معلومات دقيقة وكافية عن التغذية الراجعة أمر ضروري لحدوث تقدم في التعلم، وإن فاعلية التغذية الراجعة المعلوماتية تزداد كلما كان لدى المتلقّي لها بنية معرفية مناسبة تمكِّنه من التمييز والحكم على صحة المعلومات المقدمة أو خطئها.



التصنيف الثالث:

التغذية الراجعة المباشرة وغير المباشرة:

أ_ التغذية الراجعة المباشرة:

وهي تلك المعلومات التي يقدمها أحد أطراف العملية الاتصالية أو التعليمية / التعلمية إلى الطرف الآخر مباشرة ودون أي وسيط عن نتائج أعماله.

ب_ التغذية الراجعة غير المباشرة:

وهي تلك المعلومات التي تُقدَّم بطريقة غير مباشرة وباستخدام وسائط مختلفة. كأن تُقدَّم عن طريق الرسائل والتقارير، أو عن طريق أشخاص آخرين، أو عن طريق التصميمات والإيحاءات أو عن طريق وسائل الإعلام.

إن بعض العلماء يفضلون التغذية الراجعة غير المباشرة في كثير من مواقف التعلم أو العمل، من أجل استبعاد تأثير الموقف ككل. وكذلك العامل الشخصي الخاص بكلا الطرفين. إلا أن غالبية العلماء يفضلون التغذية الراجعة المباشرة وبخاصة في التعليم والتعلم الصفي، ويرون أنها أكثر فاعلية من التغذية الراجعة غير المباشرة ولا سيما إذا توافرت عوامل الدقة والحرص والموضوعية من جانب من يقدِّمها.

التصنيف الرابع:

التغذية الراجعة الفورية والمؤجلة:

أ _ التغذية الراجعة الفورية:

وهي تلك التي تعقب السلوك أو الأداء مباشرة، وتزود المتعلم بالمعلومات أو التوجيهات أو الإرشادات أو الإيحاءات اللازمة لتعزيز العمل، أو تعديله، أو تصحيحه. وقد شدد العلماء وعلى رأسهم "سكنر"، على أهمية هذا النوع من التغذية الراجعة وحيويته. وهذا ما أكدته أبحاث "آمونز" حول أن أداء المتعلم يقلّ ويتدهور إذا ما حجبت التغذية الراجعة الفورية أو تم تأجير تقديمها لفترة قصيرة (15 ثانية) بعد انتهاء الاستجابة. وقد يعود سبب ذلك إلى أن التغذية الراجعة التي تقدم في غير أوانها نتيجة للتأجيل تقلل من حماس المتعلم وتشعره بالإحباط ولا تحول في الوقت نفسه دون ارتكابه للأخطاء التي كان قد وقع فيها من قبل، إضافة إلى أنها لا تساعد على التقدم في التعلم.

ب_ التغذية الراجعة المؤجلة:

وهي تلك المعلومات التي يزوَّد بها المتعلم بعد مرور فترة من الزمن على قيامه بالعمل أو تنفيذه الأداء. وقد تطول هذه الفترة أوتقصر.

إن هذا النوع من التغذية الراجعة ( المؤجلة ) يكون أكثر فاعلية من التغذية الراجعة الفورية في المهمات التعليمية الصعبة والمعقدة، لأنها تتيح فرصة كافية للتفكير، والقيام بالتحليلات والتركيبات والمقارنات، واختبار البدائل المختلفة، مما يسمح للمتعلم باكتشاف الجزء الأكبر من أخطائه وتصحيحها بنفسه، وهذا يعزز الثقة بالنفس وينمي القدرة على التعلم الذاتي لدى المتعلمين.

التصنيف الخامس:

التغذية الراجعة الإجمالية والعملياتية:

أ _ التغذية الراجعة الإجمالية:

وهي تلك المعلومات التي ينقلها طرف إلى طرف آخر، استناداً إلى الحصيلة النهائية، أو الناتج الإجمالي للأداء أو العمل الذي قام به بعد قياسه وتقويمه. مثل التغذية الراجعة التي يُصدرها المعلم إثر تصحيحه لمسألة رياضية كان قد حلها الطالب في ضوء الجواب النهائي.

ب_ التغذية الراجعة العملياتية:

يتضمن هذا النمط التغذية الراجعة معلومات تتعلق بمسار العمل ومراحله وخطواته وعملياته، وكيفية تسلسلها وانتظامها في ضوء محاكاة دقيقة وموثوق بها. مثال ذلك: المعلومات التي يقدمها المعلم إلى المتعلم حول طريقة أو طرائق حل مسألة ما وخطوات هذا الحل والعمليات التي تتألف منها.

وعلى ذلك يجب أن تحمل التغذية الراجعة معلومات لا عن صحة النتيجة النهائية أو خطئها فقط، وإنما يجب أن توفر معلومات تتيح إمكان مراقبة مسار العملية، وتَتبُّع أفعال المتعلم وكيفية انتظامها.

التصنيف السادس:

التغذية الراجعة الإعلامية والتصحيحية :

أ_ التغذية الراجعة الإعلامية:

يتخذ هذا النوع من التغذية الراجعة شكل معلومات تتضمن تقويماً إجمالياً للسلوك أو الأداء. أي أن المتعلم يعرف نتائج أفعاله لكن دون أن تتوافر له المسوغات والبراهين الضرورية التي أدت إلى إطلاق هذا الحكم أو ذاك. لكن التعلم في جوهره هو عملية بناء وتكوين وفق قواعد ومبادئ وخطط محكمة، وخطوة خطوة، ومعلومة إثر معلومة تنتظم فيما بينها وفق منطق محدد لتؤلف السلوك أو الأداء. فالقول على سبيل المثال إن هذا الأداء صحيح أو خاطئ غير كاف لتيسير التعلم وضمان تقدمه نظراً لتنوع الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الجواب الصحيح أو الخاطئ.

ب_ التغذية الراجعة التصحيحية:

وهي تلك المعلومات التي تقدم للمتعلم إثر وقوعه في الخطأ، بقصد مساعدته على تصحيح أدائه، وتصويب استجاباته. والمقصود هنا هو اطلاع المتعلم الذي ارتكب الخطأ على نموذج السلوك البديل برمته وبكل تفاصيله وجزئياته، ولا سيما تقديم تفسيرات وتعليلات وبراهين حول هذا الإجراء أو ذاك أو هذه العملية أو الخطوة أو تلك. ولا شك أن التغذية الراجعة التصحيحية وفق هذه النظرة تقوم بوظيفتها العلاجية السريعة, وتؤلف في حال انتظامها وتكاملها مع خبرة الفرد أساساً مناسباً لتجنب الوقوع في الأخطاء أو معاودة الوقوع في الأخطاء نفسها التي سبق أن وقع فيها.



المرجع : منصور, علي: التعلم ونظرياته. مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية, منشورات جامعة تشرين, اللاذقية, 1421هـ-2001م.