ان بحث نواحي رسم السياسة لا يؤدي الى أية نتيجة ما لم تؤخذ معاني ومؤثرات ما يعرف بالاستراتيجية بعين الاعتبار ، فالسياسات لا ترسم دون قواعد ، وغالباً ما لا ينفرد بها المدير وحده .
وبعبارة اخرى تتخذ الخطط وترسم السياسات بحيث تكون مسايرة لرد فعل المضاربين، والزبائن واصحاب المصانع والموظفين والمديرين الثانويين، وآخرين داخل الشركة وخارجها ،وقد تكون سياسة الشركة واضحة ،وخططها جيدة التنظيم،ولكن الاستراتيجية تتطلب جعل تلك السياسات والخطط متجاوبة مع سياسات الآخرين وخططهم.

ولاقتباس تعبير من التعابير الحربية يمكننا استعمال كلمة "التكتيك" اي الخطوات المفصلة التي تكوّن الاستراتيجية ،ويمكن تطبيقها على تنظيم الاعمال ،فبعد ان تقاس حالة معينة ،وتشكل السياسة بحيث يمكن استيعاب ظروف تلك الحالة ،يبقى هناك اسلوب العمل التفصيلي لتنفيذ الاستراتيجية .
من المستطاع اعطاء امثلة عديدة للاستراتيجيات ، فقد تنتج احدى الشركات احدى الحاجيات التي هى في غني عن انتاجها وبيعها لو لم تكن تبغي قطع الطريق على احد المضاربين.
وقد دأب نائب رئيس شركة مسؤول عن الامور المالية عن اعلان رغبته على في الحصول على قروض من عدة مصارف كما تشدد المصرف المتعامل معه في شروط اعطاء القرض له ، وقد يتبنى احد المديرين استرتايجية زيادة اجور عماله الذين لا ينتمون الى اي اتحاد بسرعة وقبل اجراء مفاوضات لزيادة اجور الموظفين الآخرين مع اتحاد العمال .

قد يشجع احد الوسطاء بائعاً ما حتى يجذب اهتمام بائعين آخرين وبأسعار وشروط أنسب ،وقد يتجنب احد كبار المديرين ان يكون في الصورة لدى اجراء مفاوضات مع اتحادات العمال حتى يوشك المتفاوضون على الاتفاق ،وعندها يستغل قوة نفوذه في التدخل في اللحظة الاخيرة لجعل الاتفاق في صالح الشركة .
وقد يؤخر مدير آخر عامداً أية تنقلات وتغيرات في التنظيم الاداري حتى تصبح الحالة من الجدية بحيث يقبل مرؤسوه اي تغيير كان عدا الظروف الراهن ،والمدير الذي يعارض احد الامور التي يرغب رؤساؤه في تنفيذها، قد ينقل ليصبح مسؤولا عن تنفيذ تلك الامر بالذات ،او يعين رئيساً للجنة مهمتها اقتراح الحلول الافضل.

والامثلة المذكورة للتكيف االاستراتيجي للسياسات بقصد بلوغ الاهداف تبين لنا الطبيعة المرنة لاعداد وتنفيذ السياسة ،وقد تكون احدى السياسات او الاهداف الرئيسية واضحة المعالم كما هى الحال بالنسبة للسياسات التفصيلية، ولكن اعدادها امر لابد منه دائماً بالنظر إلى تأثيرها على السياسات الأخرى .

ورد فعل الاشخاص الذين تشملهم السياسات على ضوء وضعية معينة ، سواء كانت وضعية معروفة اومتوقعاً حدوثها ، تصبح اعتبارات الاستراتيجية وسيلة لتنفيذ السياسات ، ولما كان على اصحاب الاعمال التجارية التعامل مع البشر ،وحيث ان ردة فعل الناس انفسهم لا يستطاع معرفتها من قبل على الوجه الاكمل ، فقد اصبحت خطوات الاستراتيجية المقررة ، وايجاد مرونة في الخطط عناصر حيوية للتخطيط الفعال .