اصبح اﻹقتصاد في العالم من أكبر المشاكل، واصبحت الشركات تتنافس في الكفاءة التشغيلية لتنجح، فليس بالضرورة أن تُنفق اﻷكثر لتنجح، إنما يجب أن تُنفق بطريقة موزونة حتى تستطيع تقديم مُنتج بسعر منافس. والكفاءة هي أن تقوم بتنفيذ مُهمة ما بأقل موارد، وهذا تعريف حسب ما فهمناه من الواقع.
من اﻷشياء التي تزيد التكلفة في اﻹنتاج، سواءً كان إنتاج برامج كمبيوتر، أو عتاد أوحتى إنتاج زراعي، أو تزيد تكلفة الخدمات المختلفة هي ضيق التخصص أو دقة التخصص، لتعريف ذلك نتخيل شركة لتركيب شبكات كمبيوتر، فإذا كان التخصصات لديها دقيقة فيكون لها محلل أو مستشار لمعرفة أي نوع من التشبيك تحتاجه تلك المؤسسة، ثم يكون على فريق توصيل الوصلات مهمة محددة لا تتعداها إلى توصيل تلك الوصلات في أجهزة الكمبيوتر، ثم فريق أو شخص لإختيار الراوترات، ثم آخر لتحديد مواصفات المخدمات، ثم فريق آخر لتثبيت نظام التشغيل، ثم فريق متخصص في البريد اﻹلكتروني. هذا مقابل شركة أخرى تقدم نفس الحل لكن بطريقة وموارد أقل، مثلاً لديها ثلاث أشخاص متعددي المواهب، حيث يمكن لأحدهم إختيار اﻷجهزة، توصيل الوصلات، تثبيت نظام التشغيل، ثم تهيئة مخدم البريد اﻹلكتروني، فبالطبع الشركة اﻷخيرة هي من تستطيع تقديم حل متيسر من ناحية مادية وحتى من ناحية الوقت فيُمكن أن يكون تنفيذهم لهذه الشبكة أسرع لعدم وجود البروغراطية في العمل.
ينطبق نفس الشيء في شركات البرمجة، حيث أصبح تطوير وتنفيذ نظام يحتاج لعدده من التخصصات، مثل تجهيز المخدمات، دراسة المتطلبات، تصميم الهيكل للنظام، تصميم واجهة ويب، برمجة خدمات ويب، وتصميم قاعدة بيانات، وحتى تدريب المستخدمين. فإذا كان كل فرد يستطيع تنفيذ تخصص واحد فقط فإن أي مشروع من هذا النوع تكون تكلفته من ناحية الموارد البشرية والموارد الزمنية كبير جداً، لذلك الشركات الصغيرة يُمكنها أن تستعين باﻷشخاص متعددي المواهب والذين يسطيعون تنفيذ مشروع كامل لوحدهم. حيث أن بعض المشاريع البرمجية يمكن تنفيذها مرة لجهة واحدة فقط، فهي بذلك لا تستحق عناء تشغيل فريق كامل من كل التخصصات فيه، فمن اﻷجدى واﻷوفر واﻷكثر كفاءة أن يكون اﻷفراد متداخلي ومتعددي التخصصات.
نفس الشيء يمكننا قوله على المؤسسات الخدمية والتجارية، مثلاً تخيل دورة بيع المواد الغذائية، مثلاً يقوم المزارع بزراعة المحصول، ثم يأتي آخر يحصد المحصول، وتأتي جهة أخرى لنقله إلى تُجار الجُملة، ثم جهة أخرى لنقلة إلى تجار التجزئة، وكل واحد من هؤلاء لديه نصيبه في الربح، فيتلقى المستهلك النهائي الخدمة أو المُنتج بقيمة عالية، مقارنة فيما لو توسعت تلك الجهات في تخصصاتها، مثلاً المزارع هو من يحصد، وتاجر الجُملة هو من يأتي ويحمل تلك البضاعة من المزارع مباشرة ويبيعها إلى تاجر التجزئة، فبذلك نكون قد قللنا عدد الطبقات التي يجب أن يكون لها هامش ربح.
اﻹداريين يُمكن أن تكون لديهم نظرة مختلفة، لكن تغيير أي شيء، والمعلومة أصبحت سهلة والتقنية سهّلت تنفيذ كثير من اﻷشياء، فلابد من أن نُغيير نظرتنا للتخصصات قليلاً وجعلها أكثر سعة.

المصدر:
مدونة أبو إياس