لقد وصل معظم الرؤساء التنفيذيين إلى هذا المنصب، في ظل ظروف صعبة وضغوط كبيرة. وبلا أي شك، فإن الحكم على مدى استحقاقهم للمنصب الذي يشغلونه، يكون وفقاً لجودة عملهم، التي تصنف وفق 3 معايير: المصداقية والكفاءة والاهتمام. ويجب على أي منهم، ألا تنقصه إحدى هذه المعايير، إن أراد قيادة شركته بفعالية. وهي كالآتي:
المصداقية
إن الرئيس التنفيذي الذي يفقد مصداقيته، لا يمكنه استعادتها على الإطلاق. وبكل بساطة، هل يصدق الموظفون أنك تخبرهم بالحقيقة؟ إن صدقوك، فهذا يعني أنك تتمتع بالمصداقية. وكي تحافظ على بقائها، يجب عليك قول الحقيقة كاملة طوال الوقت. فإن أخبرت موظفيك بالحقيقة في 90% من الوقت مثلاً، لن تكون النتيجة أفضل بكثير من فعل ذلك في 10% من الوقت أيضاً؛ فالأمر لا يتطلب سوى الكذب على الموظفين لمرات قليلة، حتى تفقد مصداقيتك لديهم تماماً. عندئذ، لن تقود شركتك بنجاح.
في الواقع، يبدأ العديد من الرؤساء التنفيذيين عملهم، وهم يملكون أفضل النوايا ويخططون ليكونوا صادقين مع موظفي المؤسسة جميعهم. فعندما تكون الأحوال جيدة إجمالاً في الشركة، يكون من السهل إخبار الجميع بنمو الأرباح والعائدات، أو بنجاح إحدى المبادرات، أو بكسب عميل جديد قد يغير مسار الشركة.
وفي حال لم تكن الأوضاع على ما يرام، يعمد بعض الرؤساء التنفيذيين إلى الصمت وعدم إخبار موظفيهم بحقيقة التحديات التي تمر بها الشركة. إن مثل هؤلاء لا يمكنهم تحمل مسؤولية قيادة الشركات في الأوقات الصعبة. ونتيجة لذلك، يتظاهرون بأن الشركة لا تواجه أي مصاعب، أملاً منهم بتحسن الأوضاع مع مرور الوقت. لكن، بعد أن تبدأ الشركة بتسريح العاملين لديها وتخفيض الأجور، بالرغم من ادعاء الرئيس التنفيذي بأن الأمور تسير على ما يرام، سيفقد مصداقيته تماماً، وسيصبح من المستحيل استعادتها مجدداً. وقد يكون الحل عندئذ باستبداله فقط.
الكفاءة
يعتقد الآخرون أنك تتمتع بالمصداقية وعدم الكفاءة في الوقت نفسه؛ فهم يؤمنون بصدقك، لكنهم يرون أنك تطلق أحكاماً خاطئة وغير مدروسة. فإن لم يثق الموظفون بحكمك سيكون تأثيرك على أدائهم ضعيفاً، وبالتالي سيتجاهلون قراراتك وأوامرك.
ولتكون على درجة عالية من الكفاءة، عليك أن تفهم نموذج أعمال الشركة– أي كيف يباع المنتج ويشترى- وأن تتعرف إلى كيفية صناعة منتجات الشركة أو توصيل خدماتها. كما يجب على الرئيس التنفيذي أن يظهر استعداده للتعلم والتأقلم، وإثبات قدرته على تحمل المسؤوليات التي تقع على عاتقه.
الاهتمام
يجب على الموظفين أن يؤمنوا بالرسالة ومرسلها في الوقت نفسه؛ فالتمتع بالكفاءة من دون العناية بمهمة ورؤية الشركة أو الموظفين، لن يساعد الرئيس التنفيذي على التقدم في عمله. والاهتمام يعني أن يجعل الرئيس التنفيذي شركته في قمة أولوياته دائماً، وأن يعدّها أكثر أهمية من مصالحه الشخصية. ومن المعلوم أن بناء الثقة مع الشركة يستغرق وقتاً طويلاً، في حين أن تدميرها يحتاج للحظة واحدة فقط. فالرئيس التنفيذي يخون ثقة مؤسسته، عندما يضع غاياته الشخصية فوق أهدافها ورؤيتها. عندئذ، لن يتمكن من حث الموظفين على الالتزام بغايات الشركة، والتضحية بمصالحهم الشخصية من أجلها.
إن أكثر ما يدمر الثقة بالرئيس التنفيذي، هو اعتقاده بأن قوانين الشركة المتعلقة بالأداء لا تنطبق عليه مثل باقي الموظفين. عندئذ، يفقدون ثقتهم به فوراً. مثل أن يملك مكتباً فخماً في جناح الإدارة التنفيذية، في حين أنهم يجلسون في مكاتب صغيرة. أو أن يعفي الرئيس التنفيذي نفسه من أي تغيير في السياسات، أو أن ينفق أموال المؤسسة لغايات غير مبررة. لذلك، فإن الرئيس التنفيذي الذي يفعل احدى هذه الأمور، لن يتمتع بالسلطة لإدارة شركته، وسيكون تأثيره على الموظفين ضعيفاً.
وهناك بعض القواعد البسيطة التي تجعلك تقنع الموظفين، بأنك تهتم بالشركة أكثر من اهتمامك بمصالحك الشخصية، منها: عليك أن تجعلهم يستفيدون من النجاح الذي حققته الشركة. وأن تتحمل مسؤولية الفشل مثل تحملك لمسؤولية النجاح. وأسوأ ما في الأمر أن يعزو الرئيس التنفيذي نجاحه إلى نفسه فقط؛ إذ يجب عليه أن يقدر جهودهم ويذكر فضلهم في نهاية المطاف، فالموظفون هم من يساعدون رئيسهم التنفيذي على تحقيق نجاحاته.
وبناء على ما سبق ذكره، فإن المصداقية والكفاءة والاهتمام، من الصفات التي ينبغي توافرها في الرئيس التنفيذي. كما أنه لن يتمكن من بلوغ أي هدف ما لم يمتلكها أولاً.
- See more at: 3