انتهت القمة العالمية للمناخ والبيئة في "كوبنهاجن"دون التوصل إلى اتفاق، وبلغة العامة هذا يعني أن العالم ما زال "راكب راسه"، أي أنه في حالة عناد مع الذات، وبالتالي يتجه نحو النهاية. فقبل عام تقريبًا شاهدت محاضرة للدكتور " ستيفن بترانك" عدَّد فيها عشرة أسباب منطقية قد تؤدي إلى نهاية العالم، ولم يكن مفاجئًا أن نرى اليوم خمسة – على الأقل - من هذه الأسباب تتحقق على أرض الواقع.
المشكلة الكبرى التي تواجهنا اليوم هي مشكلة انهيار السلوك وهي أخطر من انهيار البنوك، فالبنوك تجد من يغطي عجزها، أو تندمج مع بنوك أخرى وهذه مشكلات سهلة تتولى أمرها شركات المحاسبة الكبرى. أما السلوك السلبي الذي يدمر العالم فلا أحد يستطيع تقديره حسابيًا، لأنه فعل داخلي يدمر النفس ويخل بالتوازن الروحي ويلغي كل منطقيات العقل.
هناك خمسة أسباب علمية يمكن للإنسان أن يتحكم فيها، وتشمل: فقدان الإنسان للرغبة في الحياة بسبب الطمع وتفاقم الضغوط النفسية (أي "جنون البشر")، وانهيار منظومة التوازن البيئي الكوني، والأمراض الناتجة عن كوارث وأخطاء بيولوجية وإن كانت غير مقصودة، والحروب الصغيرة التي تدمر العالم ببطء دون أن يشعر المنتصرون، والأوبئة المعدية التي لا تنفك تتوالى، ومنها: "جنون البقر" و "أنفلونزا الطيور والخنازير" وأخيرًا، "أنفلونزا الماعز".
وقد نتساءل: ما دمنا نملك العلم والتكنولوجيا والأرقام والمنطق والاقتصاد والاتصال، فلماذا لا يوقف العالم انهياره الذاتي؟ والإجابة تكمن في السبب الأول، وهو افتقاد الرغبة في الحياة. فالمجنون لا يدرك أنه فقد عقله حتى لو أدخلناه مصحة نفسية. ومعظم الساسة لا يدركون أنهم مجرمون أو ظالمون أو أغبياء، بل يصفون كل من يتهمهم بهذه الصفات.
فما هو المنطق الذي يجعل السياسيين يحولون بين المؤسسات المفلسة وبين إشهار إفلاسها؟ المنطق الاقتصادي يقضي بإشهار إفلاس البنوك والشركات المفلسة، لكن السياسيين يرفضون ذلك. وكل مبادئ الاقتصاد تنص على أن مشكلات الديون والاقتراض لا يمكن أن تحل بالمزيد من الديون والاقتراض. والمنطق الفلسفي وحتى المنطق السياسي يطلب من الإمبراطوريات التي بدأت بالسقوط بأن تفتح مظلاتها وتنقذ نفسها من الارتطام، بدلاً من إرسال المزيد من الجنود إلى المزيد من الحروب.
انفض سامر مؤتمر "كوبنهاجن" وازداد العالم تشرذمًا وجنونًا، ولهذا أسبابه المنطقية. فكما يرى الدكتور "أماراتيا سن" في كتابه "فكرة العدالة"، فإنه من المستحيل أن ندرك منطق العدالة باعتبارها مسألة نسبية فقط. فهي مسألة فردية ومؤسسية ومجتمعية وكونية. والذي يؤدي إلى نفيها وتغييبها هو الفرد والمؤسسة والمجتمع والدولة والعولمة. فالفرد الذي يستهلك ضعف ما يحتاج، ويحاول ويواصل صعود سلالم الطبقية الاقتصادية والاجتماعية على حساب الآخر، يساهم في إلغاء نسبية العدالة لأنه أيضًا يدمر نفسه.
وعلى هذا يمكننا أن نقيس السلوك الطبقي لحكومات الدول النامية، فالعالم يدمر نفسه لأن السياسيين في تلك الدول يصرخون من ظلم وقسوة الدول العظمى، وهم يمارسون نفس السلوك التدميري للذات والعالم ولكن على نطاق أضيق. فهم يحرمون شعوبهم من السعادة حين يغذونهم اقتصاديًا وماديًا، ويحرمونهم سياسيًا وديمقراطيًا وثقافيًا وفنيًا وفكريًا. فما يرفضونه عالميًا، يمارسونه داخليًا. وبمنطق العدالة المقارنة – كما يرى الدكتور "سن" – فإن الشركات الكبرى والصغرى، والأفراد أيضًا يفعلون نفس الشيء.
فهم يتخذون القرارات الخاطئة بشأن مستقبلهم حين يأخذون أكثر مما يعطون، وحين يعميهم سعيهم إلى المكانة الأعلى، فيعيشون حالة سقوط دائم، حاملين صخرة "سيزيف" على كواهلهم أينما حلوا، وحيثما رحلوا. فطبقًا للأسطورة الإغريقية، فقد ظل "سيزيف" يحاول صعود الجبل وهو يحمل صخرة أكبر منه على ظهره، وكلما اقترب من القمة، تعب أكثر فتسقط الصخرة وتتدحرج إلى القاع، فيعود أدراجه ويحملها من جديد.
سبق وأن كتبت عن مبادرة غير "سيزيفية"؛ أي مبادرة إنسانية، حيث يمكننا أن ننقذ العالم بمجرد أن نكتفي بوجبتين يوميًا بدلاً من ثلاث وجبات. وعندما بدأت أمارس ذلك، فقدت 4 كيلوغرامات من وزني، وتحسنت صحتي وأدائي في العمل. وإذ كنت أحمل 3 موبايلات فكان منطقيًا أن أتخلص من اثنين فورًا. وكنت قد اتخذت قرارًا "سيزيفيًا" غبيًا بشراء سيارة "مرسيدس" مؤخرًا، ثم تراجعت عن الفكرة إلى منطق العقل والقلب الإنساني، فليس من الحكمة أو من احترام الذات أن تنهى عن خلق سيئ، وتأتي بما هو أسوأ منه.
فلتبدأ بنفسك وتُحملها مسؤولية خراب العالم، فالمشكلة تبدأ وتنتهي في إدارتك لذاتك، أي في السلوك، لا في حسابات ولا في إدارات البنوك، ولا في الفوائد المترتبة على الصكوك.
فسلوكنا الاقتصادي وجشعنا، والذي تغذيه ثورة إعلامية وتسويقية أكثر جشعًا، يؤكد أن إصلاح المجتمع يبدأ بإصلاح الفرد، وأن صلاح العالم لا يمكن أن يتحقق دون صلاح المجتمعات.
المحرر [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]
تحية طيبة من ITCC
يسعدني عرض دوراتنا في مجال البنوك - المصارف الإسلامية
الإئتمان - خدمة العملاء و الإحصاء و المحاسبة
وذلك في مايو - يونيو - يوليو 2013
عروض خاصة و مزايا تدريبية - لمعلومات... (مشاركات: 0)
انهيار السلوك أخطر من انهيار البنوك
انتهت القمة العالمية للمناخ والبيئة في "كوبنهاجن"دون التوصل إلى اتفاق، وبلغة العامة هذا يعني أن العالم ما زال "راكب راسه"، أي أنه في حالة عناد مع الذات،... (مشاركات: 0)
مركز سنيريا لتدريب وتاهيل الكوادر البشرية
السادة / المحترمين
كل عام والامتين العربية والاسلامية بسلام وازدهار وندعوكم للمشاركة معنا بدورة :
الاتجاهات الحديثة في المعاملات المحاسبية في... (مشاركات: 0)
برنامج تدريبي يؤهلك لاجتياز امتحان الجزء الأول من شهادة المحاسب الاداري المعتمد CMA وفقاً للمنهج المعتمد الخاص بمعهد المحاسبين الاداريين الامريكية الذي يتناول موضوعات التخطيط المالى والأداء والتحليل.
دبلوم تدريبي يهدف الى تأهيل المشاركين للعمل في وظيفة مسئول جودة في المصانع، حيث يؤهلك هذا البرنامج التدريبي المتميز للالمام بمتطلبات الجودة في العمليات الصناعية والانتاجية، وبناء المعلومات المعرفية لديك حول مقومات البنية التحتية للجودة بالمصانع والوحدات الانتاجية.
برنامج تدريبي يساعدك على فهم فلسفة ادارة التميز المؤسسى والمتطلبات الرئيسية لها وفهم النماذج الاوروبية والامريكية واليابانية لادارة التميز فى المؤسسات الرياضية والإلمام بمعايير التميز وكذلك جودة الخدمات فى المؤسسات الرياضية والقيادة الرشيدة والابداع الادارى والابتكار وسيتعرف على استخدام بطاقة الاداء المتوزان ( BSCE) بالمؤسسات الرياضية والالمام بمفهوم الريادة المؤسسية والاستراتيجية فى المؤسسات الرياضية والتعرف على التطبيقات و الممارسات العملية فى ادارة التميز فى المؤسسات الرياضية .
برنامج يتناول تنمية وتحسين المهارات السلوكية والقيادية للأفراد الراغبين في الحصول على مناصب أعلى مثل التخطيط الاستراتيجي والتفاوض والاقناع والتأثير وحل المشكلات واتخاذ القرارات وتدريب المرؤوسين وتوجيههم والتفويض الناجح وبناء وادارة فرق العمل
برنامج تدريبي يعلمك تحليل البيانات باستخدام الذكاء الاصطناعي و Excel-Power BI وانشاء التقارير الديناميكية و توضيح كيفية ربط وتكامل البيانات بين Excel و Power BI لتحليل شامل