الإطار النظري
التخطيط الاستراتيجي
تعددت تعريفات التخطيط الاستراتيجي سواء في ميدان الإدارة بصفة عامة أو في ميدان الإدارة التعليمية بصفة خاصة، فهناك من ينظر إليه باعتباره عملية إدارية تهدف إلى تغيير وتحويل نظام العمل في المؤسسات بطريقة تحقق الكفاية والفاعلية، وهناك من يعتبر التخطيط الاستراتيجي مجرد فلسفة تحدد طريقة ومنهاج حل المشكلات الإدارية في النظم المختلفة.
يعرف ستينر (Steiner 1979) التخطيط الاستراتيجي من خلال أربعة مرتكزات تمثل الإطار الذي يتحرك داخله ذلك المصطلح وهي:
1- مستقبلية القرارات:
حيث يتجه التخطيط الاستراتيجي إلى تحديد مواطن القوة والضعف التي ينطوي عليها المستقبل، والإفادة من الفرص المتاحة وتحاشي المخاطر، وبالتالي فإن التخطيط الاستراتيجي هنا يعني تصميماً أو نموذجا للمستقبل المرغوب وتحديدا للوسائل المؤدية إليه.
2- التخطيط كعملية:
التخطيط الاستراتيجي عبارة عن عملية تبدأ بصياغة الأهداف فالاستراتيجيات والسياسات ثم الخطط لا سيما التفصيلية أو الإجرائية المؤدية إلى تنفيذ الاستراتيجية وبصورة يتحقق من خلالها الأهداف المرسومة. وبالتالي فإنه يمثل عملية يتبلور من خلالها وبتحديد مسبق نوع الجهد التخطيطي المطلوب وزمنه وآلية تنفيذه والجهة المنفذة وكيفية معالجة النتائج، مما يعني أنها عملية تسير على أسس واضحة، وفي نفس الوقت تتصف بالاستمرارية للسيطرة على التغيرات التي تطرأ في البيئة.
3- التخطيط كفلسفة:
يمثل التخطيط الاستراتيجي اتجاهاً وأسلوباً للحياة، من خلال التركيز على الأداء المستند إلى الدراسة والتنبؤ بالمستقبل، وكذلك على استمرارية عملية التخطيط وعدم استنادها فقط على مجموعة من الإجراءات والأساليب.
4- التخطيط كبناء:
يسعى التخطيط الاستراتيجي إلى محاولة الربط بين أربعة أنواع رئيسية من المكونات هي: الخطط الاستراتيجية، والبرامج متوسطة المدى، والميزانيات قصيرة المدى، والخطط الإجرائية بغية انصهار التكامل بينها في صورة قرارات آنية.
أما تريجو وزيمرمان (Tregoe & Zimmerman 1980) فتناولان التخطيط الاستراتيجي من حيث دوره فيعرفانه بأنه تلك الوسائل التي تمكن المنظمة من الإجابة على كل الأسئلة المتعلقة بماذا وكيف؟ ومن ثم فالتخطيط الاتراتيجي هو عبارة عن رؤية لوظيفة التنظيم في المستقبل، ويوفر هذا التخطيط إطاراً من شأنه توجيه الخيارات التي تحدد مستقبل واتجاه تنظيم معين.
ويرى مارتن بترسن (M. Petreson 1980) أن التخطيط الاستراتيجي هو عملية مدركة تتمكن من خلالها المؤسسة من إدراك وتحديد وضعها الحالي والمستقبلي والمتوقع، ثم تنمي أو تطور بعد ذلك الاستراتيجيات، والسياسات، والإجراءات بغية اختيار وتنفيذ إحداها أو بعض منها. والمستهدف من التخطيط الاستراتيجي التعليمي هنا هو تعزيز عملية التكيف والانسجام بين المؤسسة التعليمية والبيئة التي تتميز بطابع التغير، وذلك من خلال تطوير نموذج قابل للتعديل، يمكن تطبيقه بغية تحقيق مستقبل المؤسسة التعليمية وكذلك وضع استراتيجيات تسهل تحقيق ذلك التكيف والانسجام.
أما وارن جروف (Warren Groff 19883) فيعرف التخطيط الاستراتيجي التعليمي بأنه عملية قوامها الملائمة بين نتائج تقييم البيئة الخارجية للمؤسسة التعليمية وبين موارد البيئة الداخلية لهذه المؤسسة، بحيث تساعد هذه العملية المؤسسة على الاستفادة من نقاط القوة والسيطرة على نقاط الضعف، والإفادة من الفرص المتاحة والحد من المخاطر.
وهكذا نجد أن التخطيط الاستراتيجي هو جهد منظم يهدف إلى اتخاذ قرارات أساسية وإجراءات تحدد ماهية المؤسسة، وماذا تفعل؟ ولماذا تفعل ذلك ؟ من خلال التركيز نحو المستقبل. والتخطيط الاستراتيجي هو عملية استراتيجية لأنه يتضمن التهيؤ لأفضل الطرق استجابة للظروف البيئية المحيطة بالمؤسسة، بغض النظر عن معرفة أو عدم معرفة هذه الظروف مسبقاً، وأن تكون استراتيجياً يعنى أن تكون أهداف المؤسسة واضحة وكذلك مصادرها، وأن تكون واعياً للبيئة الديناميكية. فالتخطيط الاستراتيجي يتضمن تحديداً متعمداً للأهداف ( اختيار المستقبل المرغوب) وتطوير أسلوب لتحقيق هذه الأهداف.
كما يعد التخطيط الاستراتيجي عملية منظمة لأنه يتضمن ترتيب محدد ونمط يتم التركيز عليه وعلى فاعليته، فالعملية تثير مجموعة من الأسئلة المتتابعة تساعد المخططين على اختيار الفرضيات وجمع ودمج المعلومات حول المستقبل والتنبؤ بالبيئة المستقبلية التي ستعمل فيها المؤسسة. وبالتالي فإن العملية عبارة عن مجموعة من القرارات حول ماذا ستفعل؟ لماذا نفعل ذلك؟ وكيف نفعل ذلك؟
وحيث إننا لا يمكن أن نفعل كل شئ نريده، فالتخطيط الاستراتيجي يتضمن أن بعض القرارات والإجراءات أكثر أهمية من الأخرى وجانب كبير من الاستراتيجية يقع في إطار صنع القرارات حول ما هي القرارات والإجراءات الأكثر أهمية لنجاح المؤسسة في تحقيق أهدافها.
والتخطيط الاستراتيجي هو جهد عقلي منظم يهدف إلي استثمار كل الطرق والأساليب والموارد المتاحة من أجل تحقيق الأهداف المرجوة. ويتضمن التخطيط الاستراتيجي تحديد أهداف أو غايات المؤسسة، وبناء الاستراتيجية اللازمة لتحقيق هذه الأهداف والغايات، وتطوير مجموعة من الخطط الشاملة لدمج وتنسيق الأنشطة. إنه يهتم بالنواتج (ما الذي يجب فعله ؟) والوسائل (كيف يمكن فعله ؟).