الدكتور مصطفى العبد الله الكفري إن تنمية الموارد البشرية في الوطن العربي يجب أن تكون تنمية مترابطة متكاملة في جوانبها الأساسية، كالسياسات السكانية، والخصائص الهيكلية للقوى العاملة، وسياسات التربية والإعداد والتدريب، وسياسات الاستخدام، على أن يتم ذلك كله في إطار الخطط الاقتصادية والاجتماعية الشاملة ومن خلال الأهداف الاستثمارية والإنتاجية،
وعند وضع أي إستراتيجية لتنمية الموارد البشرية يجب أن تتضمن:
- تحقيق التطور النوعي للقوى العاملة ورفع كفاءاتها ومهاراتها ( تنمية الموارد البشرية ورفع فعاليتها ) في شتى قطاعات النشاط الاقتصادي، بما ينسجم مع مستلزمات تحقيق التنمية الشاملة، وهذا يتطلب رفع إمكانيات التأهيل والتدريب وتوسع قاعدتها بحيث تشمل مختلف أصناف المهن ومستويات المهارة والاختصاص.
- تأهيل القوى العاملة لاستخدام التقدم التقني والثورة العلمية في عملية التنمية الشاملة وجعلها في مستوى يمكنها من الإسهام في تطوير التكنولوجيا وتوطينها وابتكارها.
- تحقيق التوازن في سوق القوى العاملة، تحقيق التوازن بين عرض القوى العاملة والطلب عليها بهدف التوصل إلى الاستخدام الأمثل لقوة العمل.
- مكافحة الأمية ونشر الثقافة العمالية بهدف النهوض بمستوى الموارد البشرية وتنميتها. إن وضع مثل هذه الاستراتيجية يتطلب توفير البيانات والمعلومات، وتحديد الاتجاهات المستقبلية للتنمية الشاملة، ووضع صيغة علمية وعملية لانتقال قوة العمل، ووضع الحلول للحد من هجرة العقول خارج الوطن العربي، ولابد من التأكيد على دور العمل العربي المشترك في مجال تنمية الموارد البشرية، سيما وأن جامعة الدول العربية والمؤسسات التابعة لها المؤتمرات العربية قد أوصت بذلك، فقد أقرت وثيقة العمل الاقتصادي القومي واستراتيجية العمل الاقتصادي المشترك في عام 2000 وبخاصة في قسم الأهداف وقسم البرامج، ضرورة الاهتمام بالموارد البشرية والقوى العاملة وتنميتها وأولتها اهتماماً كبيراً.
تمثل قضية الموارد البشرية ومالها من تأثير على التنمية الشاملة تحدياً بارزاً ينبغي أخذه بالاعتبار ومتغيراً جوهرياً في التخطيط لمستقبل التنمية الشاملة وهذا يتطلب تحقيق عدد من الشروط أهمها:
- تبني سياسة في تنمية الموارد البشرية واضحة المعالم والأهداف تنسجم مع السياسة العامة للدولة، وتتكامل مع خطتها التنموية، آخذة بعين الاعتبار الخصائص المميزة للمجتمع لتكون منطلقاً لأهداف تنمية الموارد البشرية على باعتبارها أحد المكونات الأساسية لعملية التنمية الشاملة بغية الارتقاء بنوعية الحياة للمواطن وتلبية الاحتياجات الآنية والمستقبلية للسكان.
- التنسيق والتكامل بين السياسات السكانية وسياسات الاستخدام والقوى العاملة وسياسات التعليم واستراتيجية التنمية، مع اشتراك مختلف الوزارات والمؤسسات والجمعيات الحكومية المعنية بتنمية الموارد البشرية وبرامجها الوطنية.
- وجود جهاز مؤسسي يتولى الإشراف على برامج تنمية الموارد البشرية في الدولة ويتابع تنفيذها وتقويمها، ويقم بالتنسيق بينها وبين جميع البرامج التنموية ذات الصلة بهدف رفع مستوى أدائها وتلافي التكرار والتعارض فيما بينهما.
- تطوير نظام التعليم والتأهيل والتدريب وتوفير الإطار المؤسسي ضماناً لاستمراره والتوسع في تطبيقه كبرنامج وطني مترابط مع غيره من البرامج الإنمائية للدولة.
- زيادة المخصصات المالية في الميزانيات العامة لتمويل البرامج الوطنية لتنمية الموارد البشرية. كما لابد من الإشارة إلى دور عملية تنمية الموارد البشرية في بلورة ملامح التنمية الشاملة الملبية للاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للسكان نظراً لكونها إطاراً للتوعية بالقضايا المرتبطة أساساً بعملية التقدم. ولابد من التأكيد على التنسيق والتكامل بين السياسات السكانية وسياسات القوى العاملة وسياسات الاستخدام وسياسات التعليم واستراتيجية التنمية، من أجل أن تضطلع بدورها في تنمية الموارد البشرية وفي التنمية الشاملة، وهذا التكامل ما هو إلا أحد جوانب خطة تنمية الموارد البشرية التي لابد أن تكون شاملة، ولابد أن تكون مكوناتها متآزرة تسير بخطى متوازية متناسقة، وتلك هي مهمة التخطيط الشامل للتنمية وما وراءه من أهداف اقتصادية واجتماعية بعيدة المدى ومتوسطة المدى.
بناء على ما تقدم من الممكن تقديم بعض الاقتراحات التي من شأنها رفع فعالية الموارد البشرية للإسهام بشكل أكثر في عملية التنمية الشاملة، وتحقيق التوزيع الجيد للقوى العاملة، بشكل يتوافق مع متطلبات التنمية.
1. توسيع القدرة الاستيعابية للقطاع المنظم والمنتج وتسهيل الدخول إليه وإزالة العوائق.
2. خلق فرص عمل منتجة للإعداد المتوقع أن تدخل سوق العمل في المستقبل القريب ومحاربة التشغيل الهامشي والبطالة المقنعة.
3. تنظيم انتقال القوى العاملة بهدف حل مشكلة اختلال التوازن في سوق العمل.
4. ربط سياسة التخطيط الإنمائي مع سياسات تخطيط القوى العاملة.
5. إنشاء بنك معلومات ليقوم بتجميع البيانات حول أوضاع العمل والعمال وسوق العمل بهدف تنسيق التشغيل فيما بين المؤسسات، مع التأكيد على العناية بموضوع البيانات الخاصة بحجم العمالة ومؤشراتها الكمية النوعية والهيكلية. ولابد من التأكيد على عملية تخطيط القوى العاملة، تلك العملية المنظمة المستمرة التي يتم عن طريقها حصر وتقدير موارد المجتمع من القوى البشرية، ثم تصنيف هذه القوى لاستغلالها أو توجيهها أو توزيعها بين القطاعات الاقتصادية المختلفة بواسطة هيئة مركزية، ويجب أن يتم هذا وفقاً لخطة محددة وواضحة بقصد تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية محددة في أقصر وقت ممكن وبأقل تكلفة اجتماعية واقتصادية كما ويتضمن تخطيط القوى العاملة تحديد احتياجات المجتمع الأساسية في عملية التنمية الشاملة ـ كماً وكيفاً ـ وبخاصة في مجال التعليم والمعرفة والخبرة والتأهيل والتدريب وبيان أساليب تأمين هذه الاحتياجات بغية تحقيق الاستخدام الكامل والمنتج للقوى العاملة خلال فترة زمنية قادمة ومحددة. تظل عملية بناء الإنسان ( تنمية الموارد البشرية ورفع فعاليتها) عملية شاقة جداً تتطلب العديد من الجهود، ولا يمكن الاستفادة القصوى من الطاقات البشرية في الوطن العربي إلا من خلال بناء الإنسان عن طريق التعليم وتطوير مؤسساته وهذا يتضمن محاربة الأمية والقضاء عليها وتطوير ملكات النقد والتعبير والإبداع، إضافة إلى ذلك يحتاج بناء الإنسان إلى رفع المستوى الصحي وتأمين الوقاية والعلاج من الأمراض، توفير الغذاء الكامل. أي بصورة إجمالية تأمين الحاجيات الإنسانية الضرورية التي تحفظ كرامة الإنسان.