حالة واقعية نشرت بجريدة الشرق الأوسط عدد 9793

مقابلات التوظيف.. أسئلة عن العنقاء والخل الوفي بهدف التطفيش

المقابلات الشخصية بوابة الدخول لكثير من الوظائف، ولا بد لكل طالب وظيفة ان يجتازها مهما كانت مؤهلاته وخبراته قبل الانخراط في أي وظيفة، لا سيما في القطاع الخاص. فما هي معايير هذه المقابلات؟ وكيف تتم؟ وهل تحقق فعلاً الهدف المنشود منها؟ ام تحولت لأساليب «تطفيش» للمتقدمين للوظائف عبر اسئلة لا تخطر على البال؟

كريم هادي، حاصل على دبلوم محاسبة، تقدم لوظيفة تتعلق بتخصصه في مؤسسة تجارية وتم الاتصال به لأداء المقابلة فحضر بكامل أناقته، دخل المقابلة الشخصية غير أنه لم ينجح ـ وفق معايير الشركة ـ سألناه عن السبب، فأوضح ان الاسئلة التي طرحت عليه لم تكن ذات علاقة بتخصصه او الوظيفة التي تقدم لها، بل دارت حول قضايا اجتماعية مثل: ماهو رأيك بالطلاق او زواج المسيار او قيادة المرأة للسيارة، ولم يسأل عن تخصصه قط والنتيجة كانت الرسوب! ويشاطره الرأي برهان عماري، الذي تقدم لشغل وظيفة مندوب إعلامي، وهو حاصل على شهادات في تخصص الاعلام ومتابع للمشهد الإعلامي والثقافي، ومع هذا فشل في الاختبار لانه ضعيف المتابعة كما قيل له!. فقد سئل عن اسماء ادبية معينة وعرفها، لكن السائل كان يريد معلومات محددة، فقد سأله عن زياد ادريس، فأجاب بأنه رئيس تحرير مجلة المعرفة، ولانه لم يعرف ان اباه هو العلامة عبد الله إدريس، فقد اعتبر غير متابع. ويضيف: اكثر من ساعة استمرت المقابلة وكلما يطرح علي سؤال وأجيب عنه تكون الاجابة خاطئة، من وجهة نظر السائل، سيما ان الاسئلة تحتمل اكثر من اجابة، وكلها كانت صحيحة، لكن من وجهة نظره ليست كذلك، وهذا ما أصابني باحباط شديد، خاصة وانا اعرف امكانياتي وقدراتي الذاتية.

ويرى محمد حسامي، ان الكثير من المقابلات التي اجراها كانت شكلية، حيث تطرح اسئلة لا تخطر على البال، سواء كانت ثقافية او معرفية او تخصصية، وحتى حل الألغاز!، وقال انه يحمل المؤهل الثانوي مع دورات بالحاسب، وخاض غمار اكثر من 50 مقابلة وبالنهاية.. توظف من دون أي مقابلة روتينية مملة.

في الجانب الآخر، يبين أحمد حمود، مدير شؤون الموظفين بإحدى المؤسسات الوطنية، ان المقابلات الشخصية قبل التوظيف نظام متبع عالمياً، وان كان يستخدم بشكل سيئ أحيانا، غير أن ذلك لا يقلل من اهميته، والعبرة في اجرائه بشكل دقيق للتعرف على امكانيات الشخص وقدراته على اداء العمل المطلوب الذي يتقدم اليه ويشمل تفاصيل دقيقة قد لا تظهر رغم الشهادات العلمية والخبرات المختلفة.

ويعترف سامي إبراهيم، المسؤول عن التوظيف في مكتب الخدمات الادارية، بأن ثمة تجاوزات تحدث في المقابلات الشخصية، تعود الى طبيعة الشخص الذي يجري المقابلة، ويشير الى ان كثيرا من الشركات تفضل ان تتولى مكاتب توظيف متخصصة مهمة اختيار الموظفين الجدد واختبارهم، وحتى تقديم دورات مكثفة لهم قبل إلحاقهم بالعمل، لكن البعض، لا سيما أصحاب الأعمال الصغيرة الذين يفضلون تولي مهمة إجراء المقابلات بأنفسهم من دون أي معايير دقيقة أو علمية، ولهذا تكون شبيهة بالاختبار المدرسي، حيث يكون السائل متحفزاً للإيقاع بطالب الوظيفة والذي بدوره يدخل المقابلة خائفا «مرتبكا»، كما أن الكثير من المقابلات تجرى وفق أساليب قديمة تحكم على طريقة الجواب أو التعبير من دون إتاحة الفرصة للمتقدم لإثبات جدارته او خبراته، وذلك لعوامل عديدة، من بينها ضيق الوقت والرغبة المسبقة بنماذج معينة، ولهذا باتت المقابلات في نظر الكثيرين مجرد شكليات لا قيمة لها إمام المعرفة الشخصية والشهادات العلمية والخبرات المتنوعة.