لم يعد العالم قرية صغيرة فيما يخص تكنولوجيا المعلومات السفر فقط، فعلى المستوى الاقتصادي أصبح العالم قرية صغيرة جدًا ومتشابكة وتتأثر بالأحدث بشكل مباشر، وذلك بعد دخول الشركات المتعددة والمتعدية الجنسيات كل دول العالم، وكذلك التشابك المصرفي بين بنوك العالم، فلم تعد المسافة هي مقياس التأثر خاصة في الجانب الاقتصادي، والأزمة المالية بـ 2008 خير دليل على ذلك.

لاشك أن الأزمة الطاحنه الدائرة في اليونان خاصة، والاتحاد الأروبي بشكل عام، سيكون لها آثار وخيمة جدًا على الاقتصاد العالمي اذا ما اتنهت بإعلان إفلاس اليونان، بالرغم أن العالم العربي بعيد في الظاهر عن اليونان ألا ان اقتصاد العرب لن يكون بعيد عن الآثار السلبيه التي وعلى الأقل ستمر على أموال الخليج في أوربا وكذلك سعر النفط الذي يتأثر سريعًا بمثل هذه التوترات الأقتصادية.

فدول الخليج خاصة والوطن العربي بشكل عام، لن يكون بمعزل عن نزيف الخسائر الذي سيشهده العالم في حال أعلنت اليونان إفلاسها وقررت الخروج من الاتحاد الأوروبي أو قرر الأوروبيون طردها، حيث سيكون الأثر الأول متعلق بالبورصات سواء عن طريق الخسائر التي سيتكبها المستثمرين العرب في البورصات العربية، أو سحب المستثمرين الأجانب استثماراتها الموجوده في بورصات العرب لتغطية خسائرهم في أوروبا.

فيما تعد صناديق الاستثمارات السيادية الخليجية لكل من "أبوظبي والسعودية والكويت" وهي من بين أكبر صناديق الاستثمارات السيادية في العالم، ستكون الأكثر تأثر بهذه الأزمة، حيث من المتوقع أن تتكبد خسائر بالملايين أو المليارات حاصل لا محالة، فبحسب الخبراء فإن خسائر الاستثمارات السيادية لكل من الإمارات والسعودية والكويت لن تتوقف على التعرض المباشر لديون اليونان، وإنما تتوسع إلى خسائر ستتكبدها هذه الصناديق بسبب الهبوط الكبير الذي ستشهده أسواق الأسهم والسندات في العالم.

وبالتأكيد لن تنجوا البنوك والشركات الاستثمارية العربية ، من الخسائر في حال إعلان اليونان رسميا الإفلاس، فحسب تقارير صحفية فإن "البنك العربي" ومقره الأردن هو أكبر الدائنين العرب لليونان، وذلك من بين البنوك وشركات الاستثمار العربية الدائنة.

ويتوقع مصرفيون أنه على مستوى الدول العربية ستكون الإمارات الأكثر عرضه للخسائر، تليها السعودية، وذلك بسبب الارتباط القوى بين بنوك البلدين مع اليونان، وبالنبسة لباقي الدول العربية كمصر وغيرها من الدول النامية، من المتوقع ان تتأثر البورصة على الاقل.

وفيما يخص النفط المصدر الأساسي لدول الخليج، فمن المتوقع أن تتعرض أسعار النفط إلى هبوط حاد مما سيضر بشكل مباشر إيرادات الخليج، هوت أسعار النفط بأكثر من ثلاثة دولارات للبرميل الواحد خلال الأيام القليلة الماضية، أي إن إيرادات السعودية على سبيل المثال تراجعت بواقع 30 مليون دولار يوميا، وفي حال استمر السعر على حاله، فهذا يعني أن المملكة تفقد 11 مليار دولار سنويا، عبر تراجع عائدات النفط فقط، بالإضافة إلى الأمارات والكويت.

فيما يخص اليونان فبحسب الخبير الاقتصادي مصطفي عبد السلام العد التنازلي لإفلاس اليونان وطردها من منطقة اليورو وعملته الموحدة بدأ ، وما حدث أمس الأحد يدعم هذا الاحتمال وبقوة، فقد تدافع اليونانيون نحو سحب ودائعهم من البنوك التجارية، وباتت البلاد مهددة بفوضى مالية وانهيار قطاعها المصرفي عقب نفاد السيولة منه وعدم قدرة البنوك على تلبية احتياجات عملائها من عمليات سحب وقروض.

وأضاف الخبير خلال مقال له نشر اليوم أنه بدأ القلق ينتشر بين المستثمرين سواء المحللين أو الأجانب، ومع غموض الوضع المالي والاقتصادي للبلاد زاد التوتر بين الأفراد العاديين الذين يخشون علي تحويشة العمر، أو أن تمسهم الاجراءات التقشفية في حال تطبيقها من الحكومة للخروج من المأزق الحالي.