من المؤكد أن المرتب الشهري هو العنصر الرئيس الذي يساهم في تحديد وجهة طالب العمل. ومن المؤكد أيضا أن البعض من الموظفين تندم على طلبه لراتب معين حين توظيفه ظنا منه أن كان بوسعه رفع ذلك الراتب لو طلب. وعلى الجهة الأخرى فإن الندم أيضا طال بعض طالبي العمل حينما بالغ في المرتب الشهري الذي يريده وتفاجأ بعد ذلك باعتذار المنظمة عن توظيفه.
وأنت تحاول الحصول على وظيفة احرص على التعرف على بعض التقنيات والمهارات التي تساعدك على مجادلة محاوريك فيما يخص المرتب الذي تطلبه. وتذكر دائما أن تكون صريحا بالمفاوضات كما هي صراحة المنظمات فيها.

وكثيرا ما تقع بعض المشاهد الذي يندم بها طالب العمل إما بعدم الحصول على الوظيفة أو بالحصول عليها لكن بمرتب يعتقد انه متدنٍ. ولعلك تقدر الآن مدى الصعوبة التي تكتنف عمليات التفاوض على الأجر أثناء أو بعد مقابلات التوظيف الشخصية.
وفي هذا الصدد تقدم السيدة إيلين ليفيت، رئيس فريق الموارد البشرية بأحد أبرز مواقع الإنترنت المتخصصة في تقديم الاستشارات والمعلومات الوظيفية، عدداً من النصائح الهامة. تقول ليفيت حول صحة أن محاوري الشركة يتقدمون دائماً بعرض رواتب متدنية في حين يتقدم الباحثون عن عمل دائماً بطلبات أعلى تقول ان ذلك ليس دائماً! فهناك العديد من الشركات التي تنتهج سياسة دفع رواتب أعلى من المتوسط السائد في السوق (وذلك لجذب أفضل الكفاءات البشرية المتاحة والاحتفاظ بهم وتحفيزهم)، وهناك في الوقت نفسه العديد من الباحثين عن وظائف الذين لا يتمتعون بثقة كبيرة في أنفسهم وقدراتهم أو الذين لا يرغبون في خسارة الوظائف التي يتقدمون لشغلها لأي سبب كان (وهم في الغالب من يعانون ظروفاً مادية صعبة عند تاريخ المقابلة).
وعن الخطوات التي يجب على طالب العمل القيام بها قبل الرد على أي سؤال متعلق بالأجر أو الراتب الذي يتوقع أو يطلب الحصول عليه، تشير ليفيت إلى أنه على طالب العمل أن يكون مستعداً بشكل جيد وألا يتفاجأ عند سماع السؤال المتعلق بالراتب المتوقع. وتحديداً، فإنه يجب عليه قبل أي شيء أن:
- يتعرف على متوسطات الأجور التي تدفعها الشركات الأخرى (المشابهة والمحيطة) للموظفين الذين يؤدون نفس المهام التي سيؤديها هو إن نال الوظيفة.
- يتعرف على متوسط الأجور الذي تدفعه الشركة التي هو بصدد التوظف فيها وعلى سياسة الأجور الإجمالية التي تطبقها الشركة وسواء أكانت أعلى من متوسط السوق أو أدنى منه أو في مستواه بالضبط.
- يتعرف على البدائل الأخرى المحتملة أو المفتوحة أمامه في حالة عدم فوزه بتلك الوظيفة.
- يتعرف على حزمة التعويضات المتكاملة التي قد يحصل عليها من الشركة، فأمور مثل الإجازات المدفوعة الأجر والرحلات المجانية والتأمين الصحي الشامل والمواصلات المجانية ودوريات العمل المرنة وما إلى ذلك هي كلها من عناصر التعويض التي لا تقل أهمية عن الراتب النقدي الذي قد يحصل عليه في النهاية.
- يتعرف بالتفصيل على طبيعة العمل الذي سيؤديه إن فاز بالوظيفة ومدى صعوبته وخطورته.
- يتسم بدرجة عالية من المرونة والتفهم. فأصحاب العمل مستعدون في أغلب الأحيان لتعويض الموظفين في المستقبل عن أي ظلم ربما يكونون قد أوقعوه عليهم في الماضي. وليتذكر صاحب العمل أن المثل الفرنسي يقول: "صاحب العمل لا ينسى أي شيء أبداً".
وحول إلى أي مدى يمكن اعتبار الامتيازات العينية (مثل المواصلات المجانية والتأمين الصحي الشامل) تعويضاً ملائماً عن أجر متدن، تقول ليفيت أن طالب العمل وحده الذي يستطيع أن يقرر إلى أي مدى هو في الوقت الراهن بحاجة ماسة إلى المال. ولكن هناك قاعدة ذهبية عليه أن يضعها في ذهنه وهي : أن الوظائف الأفضل والأكثر جاذبية، وخاصة بالنسبة للموظفين الخبراء، هي الأكثر تركيزاً على الجوانب العينية منها على الراتب، وذلك لأن مستويات الأجور المقررة لمثل تلك الوظائف تكون مرتفعة أصلاً وبالتالي فإن أي زيادة إضافية في الأجر لن تكون مغرية بقدر ما ستكون الامتيازات العينية مغرية. وعلاوة على ذلك، فإن الزيادات في الأجر تخضع دائماً للضرائب ذات المعدلات المتصاعدة، على عكس المزايا العينية.
أما عن مبالغة طالب العمل في قيمة الأجر الذي يحصل عليه في وظيفته السابقة (التي جاء منها) فهو أمر غير جيد كما تشير فيليت لذلك وتضيف "تأكد أن محاورك لديه العديد من الأساليب التي يستطيع التأكد بها إن آجلاً أو عاجلاً من عدم صحة كلامك، وحينئذ قد تفقد كل شيء".
وتبقى عملية التفاوض على تحديد الأجر المناسب هي عملية ليست بالسهولة ولا بالصعوبة التي يتصورها معظم الناس، وإنما هي ببساطة عملية بوسع طالب العمل فيها تحقيق نجاح كبير إن كان مستعداً لخوضها استعداداً جيداً. ويبقى التأكيد على أن العبرة في نجاح أو فشل طالب العمل في نيل الوظيفة التي يحلم بها، تتعلق أولاً وأخيراً بمهاراته ومؤهلاته وقدراته وخبراته، فإن كان واثقاً من تحليله بمستويات عالية ومتميزة في كل تلك المجالات، فيمكن أن نجزم بأن نجاحه في اجتياز اختبار التفاوض على الراتب سيكون أمراً مفروغاً منه، فالسلعة الجيدة هي خير دعاية عن نفسها.