العلاقة مع المستثمرين
عندما تُفكر في شراء أسهم لشركة ما فإنك تدرس موقفها المالي من حيث المكسب والخسارة وغير ذلك. ولكن هل تؤثر ثقتك في اهتمام الشركة بأخلاقيات العمل على تقييمك لأسهمها؟ بالطبع نعم، لأن الشركة التي تتميز بأخلاقيات العمل ستكون قوائمها المالية دقيقة وصادقة وباتالي تستطيع الاعتماد عليها، أما الشركة التي تتميز بخداع الموردين أو العملاء أو الموظفين فلن تََتَوَرَّع عن خِداع المستثمرين بتقديم بيانات مالية كاذبة. وبالتالي فإن أخلاقيات العمل تؤثر على فرص جذب مستثمرين وهو ما يقلل من فرص توسع الشركة وإدخال منتجات جديدة أو دخول أسواق جديدة


العلاقة مع المنافسين
عندما تتمتع المؤسسة بسمعة طيبة من ناحية اخلاقيات التعامل فإنه يمكنها التعاون مع المنافسين فيما يُحقق مصلحة مشتركة. فعلى الرغم من التنافس فإن هناك الكثير من الأمور التي يمكن أن يتعاون فيها المنافسون بما يعود بالنفع على كل منهما. مثال ذلك أن تتحد عدة شركات لكي تشتري مادة خامة كجهة واحدة وهو ما يعطيهم جميعا فرصة الحصول على سعر أفضل وجودة أفضل أو شروط دفع ميسرة لأن حجم الشراء يكون أكبر بكثير مما لو اشترى كل منهم على حدة وبالتالي يكون المورد حريصا على تقديم بعض التنازلات. كذلك قد يتعاون المنافسون بتقديم خدماتهم لعملاء المنافسين الذين يستطيعون خدمتهم بتكلفة أقل من المنافسين مثل التعاون بين شركات الطيران لنقل عملائهم على خطوط طيرانهم المختلفة وهو ما يقلل التكلفة على شركات الطيران ويزيد من المرونة في توفر المواعيد المختلفة. كذلك قد تتعاون الشركات لمواجهة منافس كبيرأو لتطوير تكنولوجيا ما أو غير ذلك.
هذا التعاون مع المنافسين لا يمكن تحقيقه عندما تكون المؤسسة لا تتميز بالمحافظة على أخلاقيات العمل لأن المنافسين سيقابلون أي مبادرة للتعاون بالتوجُس والشك والحذر. وبالنالي تخسر تلك المؤسسة كل هذه الفرص للتعاون المفيد مع المنافسين

علاقة أخلاقيات العمل بسياسات الإدارة الحديثة
كما ترى فإن أخلاقيات العمل تساعد المؤسسة على اتباع أساليب الإدارة الحديثة والعكس صحيح. فالمؤسسة الأخلاقية تستطيع أن تطبق سياسات مثل Jusy In Time لأنها تستطيع التعاون مع الموردين لتوريد المواد الأولية في الوقت المناسب وتستطيع تكوين فرق عمل وتستطيع الاعتماد على المشغلين لضبط الجودة وتستطيع حل مشاكل المعدات وهكذا. كذلك فإنها تستطيع تطبيق سياسة Total Productive Maintenance أو الصيانة الإناتجية الشاملة لأن روح التعاون بين التشغيل والإنتاج ستكون متوفرة أصلا وسيكون بإمكانها تكوين مجموعات صغيرة لحل مشاكل المعدات وسيكون لدى المشغلين الحماس لتنظيف المعدات بانفسهم وهكذا. هذه المؤسسة تستطيع أن تكون لديها سرعة في اتخاذ القرار ومرونة عالية لأنها تستطيع الثقة في المرؤوسين وبالتالي لا تحتاج لأن يتم اعتماد القرار من سلسلة طويلة من المديرين. هذه المؤسسة تستطيع تشكيل فرق عمل لتطوير المنتجات أو الخدمات وتستطيع تكوين تحالفات استراتيجية Strategic Alliances مع الموردين والمنافسين. اتباع اخلاقيات العمل تساعد كذلك على دراسة المشاكل بالأساليب الحديثة وتطبيق نظم مثل Six Sigma لأنه يمكن الرجوع لبيانات تاريخية دقيقة وصادقة. أما المؤسسة التي لا تكترث بأخلاقيات العمل فإن كل تلك السياسات لايكون لها فرص نجاح كبيرة بها. فلا يمكن تطبيق أياً من أساليب التفكير الجماعي مثل عصف الذهن ولا يمكن تشكيل فرق عمل و لايمكن دراسة المشكلات بناء على بيانات صحيحة ولا يمكن الثقة في أحد……

إرساء أخلاقيات العمل في المؤسسة
اتباع الأخلاق هو أمر يجب أن يحرص عليه كل شخص ولكن إدارة المؤسسة لن تعتمد على مدى التزام العاملين بأخلاقيات العمل بناء على قناعاتهم الشخصية بل هي بحاجة لأن تُلزمَهم بذلك كجزء من مُتطلبات العمل. فكما أوضحت فإن عدم الالتزام بأخلاقيات العمل يؤثر على أداء المؤسسة وبالتالي فلابد لها من الحرص على تطبيقها. لذلك فإنه من الضروري تحديد ما هو أخلاقي وما هو غير أخلاقي في عُرف المؤسسة لكي يلتزم به الجميع. في غياب ذلك فإن كل موظف يكون له مقاييسه الشخصية والتي تختلف من شخص لآخر.
كذلك فإنه لا بد من التعامل بحزم مع كل إخلال بهذه الأخلاقيات. لابد أن يتم التعامل مع الكذب في التقارير وفي البيانات وفي التعامل بكل حزم. لابد أن تُعامل روح العداء والإيذاء بين العاملين بالجزاء الرادع. لا يمكن ترك كل موظف يتصرف حسب ما اعتاد عليه فلا يمكن ترك الموظفين يتبادلون الألفاظ البذيئة أو يَحِيكون المؤامرات لبعضهم. لا يمكن أن يتم التعامل مع من لا يحترم اخلاقيات العمل بتهاون فهذا يجعل الجميع يسلك نفس المسلك. لا يمكن أن تقبل أن يكون العاملين لهم مصالح متداخلة مع مصالحة المؤسسة. لا يمكن أن تقبل أن تكون روح العداء هي المنتشرة بين العاملين. لا يمكن أن تقبل أن يخدع موظفا عميلا أو موردا أو مُتقدم لوطيفة. لا يمكن ان تقبل إدارة المؤسسة أن يأخذ العاملين هدايا قيِّمة من الموردين أو العملاء. يجب أن يتم التعامل مع كل أمر يخص أخلاقيات العمل بكل شدة مهما كانت رتبة الشخص المخالف
الحِرص على أخلاقيات العمل هو أمرٌ أخلاقي وديني وإداري. مع الأسف فإن إهمالنا لأخلاقيات العمل يجعل العاملين لا يتعاونون والشركات لا تثق في بعضها والكل يبدأ بسوء الظن ولا يمكننا الاستفادة من خبرات بعضنا. أخلاقيات العمل ضرورة للتطور. لابد أن تكون لأخلاقيات العمل أولوية أكبر بين موظفينا ومُديرينا.