مقال المشكلات في المشكلات
اشتكى أحد عملاء شركة سيارات أمريكية من أن عطلا يصيب سيارته عند عودته من رحلته لشراء آيس كريم من نوع معين ....!! وطبعا تعجب المسؤولون بالشركة في قسم الصيانة من السبب المزعوم على حد قول العميل !! وظنوا أنه مجنون بداية أو حتى على الأقل يفتعل المشكلة للحصول على دعم الشركة لإصلاح العطل مجانا لأن السبب الذي يذكره غريبا فهو ليس فقط يقول آيس كريم بل ومن نوع معين (حاجة تجنن ) بل ويزيد أيضا أنه في طريق رجوعه وليس ذهابه ... فعلا أمر عجيب ....(ويجنن أكثر وأكثر) ولكن كانت المفاجأة بعد ذهب إليه مبعوث الشركة وشاركه في رحلة الذهاب والإياب لشراء الآيس كريم وبعدها واكتشف الحل حيث انه في حالة ذهاب الرجل لشراء الآيس كريم من النوع الذي تحدث فيه المشكلة لا يبرد المحرك بالدرجة الكافية في حين انه يبرد في حالة شرائه الأنواع الأخرى فاكتشفت الشركة أن المشكلة كانت فرصة لاكتشاف عيب في المحرك وأخذوا درسا مستفادا في ضرورة تحليل أي مشكلة أو تحد حتى يتم التوصل إلى السبب الأساس فيها Root Cause ثم البدء في علاجه وتلافيه مستقبلا.
كثير منا بمجرد أن تطل عليه مشكلة من المشكلات برأسها تخيم عليه أجواء نفسية وعقلية قد يختل فيها التوازن وتضيع معها البديهيات ويتم اعتبار كل موقف على أنه مشكلة ومعضلة يصعب حلها أو لابد من استجماع كل قوانا لمواجهتها.... ثم تحملنا من تعب الأعصاب ما لا نطيق ....وتتآكل معها علاقات وتضيع معها أوقات.... وتتبدد فيها جهود .... وأحيانا بلا فائدة أو مردود...
ونحن شئنا أم أبينا تشترك فينا مجموعة من المصادر في تكوين منظومة القيم والمعايير والأدوات التي نتعامل بها مع الآخرين ونحكم بها على الأشياء ونواجه بها التحديات ونعالج بها المشكلات ومعظمنا لا يقيم هذه الأدوات من حيث جودتها وصحتها لذا كان موضوعنا والسؤال الهام هل هناك مشكلات في المشكلات لأنه قد لا تكون المشكلات في حد ذاتها هي المشكلات ولكن قد تكون واحدة مما يلي:-
فقد يكون الموقف تحديا يحتاج لمزيد من المهارات لمواجهتها وقد تكون فرصة لتحقيق منافع وفوائد معينة لم تكن تظهر في حالة عدم وجودها بل قد تتطور إلى حد الفرصة الذهبية التي يصعب الحصول عليها مرة أخرى في ظل ظروف أخرى وهنا يتحول التهديد إلى فرصة والمشكلة إلى مكسب
إذا اخطأ الطبيب في توصيف المشكلة وتعريفها بالتالي ستحدث مجموعة من الأخطاء المتتابعة تنتهي بعدم العلاج بل وقد تحدث متوالية هندسية من سوء النتائج التابعة لذلك ومن هنا فان أخطانا في تحديد المشكلة ومكمن الخلل وتوصيفه فسيصعب التعامل معها وحلها
- طريقة وأسلوب الحل للمشكلة
وقد تكون المشكلة تأتي من الطريقة الوحيدة أو الأسلوب الروتيني الذي ننتهجه في التوصل إلى الحلول ولأن طبيعة التحديات متغيرة ومتجددة بالتالي تستلزم طرقا مختلفة واستراتيجيات متعددة للتوصل إلى الحلول
وأيضا قد تكون المشكلة في عدم التوصل لمجموعة من السيناريوهات أو بدائل للحل واختزال الحلول في حل واحد بل وقد يعتبره البعض هو الأمثل دوما وليس الأنسب.
والخلاصة انه ينبغي قبل أن نتعامل مع المشكلة من منظور انها مشكلة أن نعيد النظر في الموقف قبل أن نعتبره مشكلة ونقيم أدوات وطرق الحل المستخدمة وعند الحل نستخدم أكثر من طريقة ونبدل الاستراتيجيات طالما أردنا حلولا أفضل وأنجع تقلل من آثار المشكلات وتمنع حدوثها مستقبلا ونبتعد دوما عن مربع إدمان الطوارئ وسياسة إطفاء الحرائق Fire Fighting ونعتبر مما مضى فطالما بقيت نفس طريقة التفكير والحل سنظل نحصل على نفس النتائج .
د.أسامة أبو العلا
مدرب دولي في الإبداع والتطويرالشخصي و الاداري
- مدرب مدربين