انقضاء عقد العمل



إن عقد العمل - بحسب الاصل - يعد من العقود طويلة الاجل والملزمة لطرفيه، وعليه يكون قائما ومنتجا لآثاره النظامية بين طرفيه حتى ينقضي بأحد الاسباب النظامية لانتهائه والتي نص عليها نظام العمل السعودي ولوائحه، وعند النظر في تلك الاسباب نجد انها تنقسم الى ثلاثة انواع واقسام، النوع الاول اسباب عامة تنطبق على جميع عقود العمل سواء أكانت محددة المدة ام كانت غير محددة المدة، والثاني اسباب خاصة بانقضاء عقد العمل المحدد المدة، والثالث اسباب خاصة بانقضاء عقد العمل غير المحدد المدة، وسوف نتناول بالشرح والتفصيل تلك الانواع والحالات في السطور التالية. أولا- الاسباب العامة لانقضاء عقد العمل -سواء أكان العقد محدد المدة ام غير محدد المدة - والتي نصت عليها المادة (74) من نظام العمل - بعد التعديل الاخير لها -، والمادة (79) والمادتان (82 ،117)
وهذه الاسباب هى: التقايل، وبلوغ العامل السن النظامية للتقاعد، القوة القاهرة، اغلاق المنشأة نهائيا، انهاء النشاط الذى يعمل فيه العامل، العجز الكلى للعامل، وفاة العامل. وسوف نتناول بالشرح وبشيء من التفصيل تلك الحالات، فالتقايل هو اتفاق طرفي العقد على انهائه، ولكن يشترط ان تكون موافقة العامل - في هذه الحالة - كتابية (المادة 74/1 من نظام العمل)، اما اذا بلغ العامل السن النظامية للتقاعد وهى (60 سنة) للعاملين الذكور، و(55) سنة للعاملات الاناث، فإن ذلك يعد سببا من اسباب انقضاء عقد العمل بقوة النظام، الا انه يوجد على هذه الحالة ثلاثة استثناءات، أي يمتد العقد حتى بعد سن التقاعد او ينقضي عقد العمل قبل هذه السن، الاستثناء الاول هو اتفاق طرفي العقد على الاستمرار في العمل حتى بعد سن التقاعد، والاستثناء الثاني هو انه في العقود المحددة المدة يمتد العقد الى نهاية مدته حتى لو كان ذلك بعد بلوغ سن التقاعد للعامل او العاملة، والاستثناء الثالث هو في حالة تخفيض هذه السن في لائحة تنظيم العمل للمنشأة (المادة 74/4).
ومن الاسباب العامة كذلك القوة القاهرة فهي سبب لانقضاء العقود بصفة عامة - ومنها عقود العمل- طبقا للنظرية العامة للعقود، لان القاعدة العامة تنص على انه اذا استحال التنفيذ في العقود الملزمة للجانبين نتيجة القوة القاهرة فإن هذه الاستحالة تؤدى الى انقضاء العقد (المادة74/5).
ومن الامثلة على القوة القاهرة هو ترك العامل العمل نتيجة قيام السلطات المختصة بترحيل العامل او سجنه او سحب رخصة عمله، او صدور نظام جديد يمنع العامل من اكمال عقد عمله بتوطين وظيفته (مثل ما حدث من توطين لمهنة صيانة وبيع الجوالات في الآونة الاخيرة) او ما الى غير ذلك من اسباب.
والمثال على القوة القاهرة واستحالة التنفيذ ايضا، العجز الكلى عن اداء العمل، والذى يثبت بموجب شهادة طبية معتمدة من الجهات الصحية المخولة بذلك، او من الطبيب المختص الذى يعينه صاحب العمل (المادة 79) والمقصود بالعجز في هذه المادة هو العجز الكلى وليس العجز الجزئي، لان العجز الجزئي لا يعد سببا في انهاء العقد استنادا للمادة (29) من نظام العمل والتي تنص على الآتي (اذا اصيب أي عامل اصابة عمل نتج عنها نقص في قدراته المعتادة، لا يمنعه عن اداء أي عمل آخر غير عمله السابق، فإن على صاحب العمل الذى وقعت اصابة العامل بسبب العمل لديه، توظيفه في العمل المناسب بالأجر المحدد لهذا العمل، ولا يخل هذا بما يستحقه من تعويض عن اصابته)، ويتم تحديد نسبة العجز المستديم - كليا او جزئيا - تبعا لطبيعة العاهة الحاصلة، والحالة العامة للمصاب وعمره والمهنة التي يزاولها وملكاته الجسدية والعقلية وإمكانياته المهنية (المادة 34 من نظام التأمينات الاجتماعية).
والمعتمد في ذلك هو جدول دليل نسب العجز المستديم الصادر بموجب قرار مجلس ادارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية رقم (746) وتاريخ 9/ 7 /1422هـ والمعدل بقرار المجلس برقم (800) وتاريخ 28 /2 /1424هـ، والمعدل بقرار وزير العمل رقم (160/تأمينات) بتاريخ 7/ 3 /1430هـ ويعد ايضا مرض العامل مرضا لمدة طويلة سببا - عاما- لانقضاء عقد العمل، لأنه يعد من الاسباب القاهرة التي تؤدى الى استحالة التنفيذ، الا ان مدد المرض الطويل الذى يعطى الحق لصاحب العمل في فسخ عقد العامل استنادا له، فهو الذى حددته المادة (117) من نظام العمل، والتي تنص على الآتي (يكون للعامل الذى يثبت مرضه الحق في اجازة مرضية بأجر كامل عن الثلاثين يوما الاولى، وبثلاثة ارباع الاجر عن الستين يوما التالية، ودون اجر للثلاثين يوما التي تلى ذلك خلال السنة الواحدة، سواء أكانت هذه الاجازات متصلة او متقطعة، ويقصد بالسنة الواحدة: السنة التي تبدأ من تاريخ اول اجازة مرضية). واستناداً للمادة (82) من نظام العمل يجوز للعامل ان يصل اجازاته السنوية بالإجازة المرضية حيث نصت على الآتي (لا يجوز لصاحب العمل انهاء خدمة العامل بسبب المرض قبل استنفاد المدد المحددة للاجازة المنصوص عليها في هذا النظام، وللعامل الحق في وصل اجازته السنوية بالمرضية). ويتضح من خلال هاتين المادتين النظاميتين انه لا يجوز لصاحب العمل انهاء خدمات العامل للمرض الا بعد مرور مدة - او مدد - تزيد على (120) يوما متصلة او متقطعة خلال السنة الواحدة والتي تبدأ من اول اجازة مرضية، بالإضافة الى وصل ذلك بالإجازة السنوية، اذا وجدت واستحقت.
ومن الأسباب التي تجيز فسخ العقد ايضا وفاة العامل، وهذا ما نصت عليه صراحة المادة (79) من نظام العمل (لا ينقضي عقد العمل بوفاة صاحب العمل، ما لم تكن شخصيته قد روعيت عند ابرام العقد ولكنه ينتهى دائما بوفاة العامل) لان ذلك يعد من القوة القاهرة التي تؤدى الى استحالة تنفيذ العقد.
وقد اضاف المنظم ثلاث حالات جديدة - للمادة (74) بعد تعديلها- لم يكن منصوصا عليها سابقا، تجيز فسخ وانهاء عقد العمل وهى: الاولى حالة الاغلاق النهائي للمنشأة المادة (74/6) ويجب في هذه الحالة ان يكون الاغلاق نهائيا وليس مؤقتا، لان الاغلاق المؤقت يوقف العقد فقط ولا ينهيه، فالذي ينهيه فقط هو الاغلاق النهائي.
ويجب ايضا ان يكون الاغلاق راجعا الى قوة قاهرة او سبب اجنبي لا يد لصاحب العمل فيه، اما الاغلاق الاختياري من قبل صاحب العمل، دون وجود قوة قاهرة او سبب اجنبي فلا يجيز فسخ العقد، والمثال على ذلك رغبة صاحب العمل اعتزال التجارة، او بسبب سوء الاحوال المالية للمنشأة، فاذا فسخ صاحب العمل العقد استنادا لتلك الامثلة فإنه يكون فسخا غير مشروع يستوجب التعويض لأنه تم بالإرادة المنفردة وسواء أكان العقد محدد المدة ام غير محدد المدة.
والحالة الثانية وهى انهاء النشاط الذى يعمل فيه العامل ما لم يتفق على غير ذلك (المادة 74/7) ومن امثلة ذلك الافلاس، والحالة الثالثة وهى أي حالة ينص عليها نظام آخر (المادة 74/8). وجميع الحالات المذكورة اعلاه تجيز فسخ وانهاء عقد العمل سواء أكان محددا أم غير محدد المدة، مع استحقاق العامل لمكافأة نهاية الخدمة والاشعار. بالإضافة الى الحالات المنصوص عليها في المادة (80) والتي تعطى لصاحب العمل فسخ العقد سواء محددا او غير محدد المدة، مع حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة، والاشعار والتعويض. والحالات المنصوص عليها في المادة (81) والتي تعطى للعامل حق فسخ العقد - سواء أكان محددا ام لا - مع احتفاظه بكامل حقوقه النظامية.


منقووول