أشار خبير إداري دولي الى أن نسبة الشركات الخليجية التي استطاعت بناء نظام إداري متكامل من حيث تبنيها لمفاهيم الجودة الشاملة وتفويض السلطات وإعادة الهيكلة وإدارة الوقت وتنظيم وتدفق الأعمال لا تتجاوز ال 3بالمائة في منطقة الشرق الأوسط. وشدد الدكتور علي شراب، المؤسس والمدير العام لشركة فرسان الحياة المتخصصة في توفير حلول الاستشارات الإدارية للشركات في الشرق الأوسط، أنه في ضوء التطورات التكنولوجية والإدارية المتسارعة، فإن الشركات العربية لا تزال تعاني الكثير من أسباب ومظاهر التردي الإداري وعدم القدرة على المنافسة الدولية.
وقال الدكتور علي شراب: "قطعت الشركات العربية شوطاً كبيراً في مجال تبني مبادىء المشروعية والشفافية وبناء وتطوير هيئات وأجهزة الرقابة الإدارية، غير أنها لا تزال مقصرة في حل مشكلاتها الإدارية الحقيقية والتي تتمثل ببناء ثقافة جديدة في أنظمتها الإدارية تعمل على تعزيز التحصيل المعرفي في صفوف المستويات الإدارية المختلفة وتعميم مبدأ المشاركة المعلوماتية ونقل الخبرات بين كبار المديرين التنفيذيين في الشركة الواحدة". وتعاني الشركات العربية من نقص أعداد الشخصيات القيادية القادرة على احداث التغيير المأمول في الأنظمة الإدارية. فالشخصيات القيادية الإدارية القادرة على تفعيل الطاقات الكامنة لمواردها البشرية والتأثير على إبداعاتهم بشكل إيجابي أعدادها قليلة على صعيد الوطن العربي بأكمله وفقاً للدكتور شراب.
وأضاف الدكتور علي شراب: "تفتقد الشركات العربية حالياً لعناصر الابتكار والتجدد في عملياتها اليومية وتخطيطها الإستراتيحي. فالإدارة الصائبة هي التي تحرك الأفكار الإبداعية من خلال تحويل النظريات والمبادىء الى أفعال وتطبيقات. وشهد قطاع الاعمال العربي نماذج مشرفة لشخصيات قيادية إدارية كانت قادرة على استشعار فرص أعمال كبيرة ليس فقط في الدول العربية بل أيضاً في العالم بأسره. وتمكنت هذه القيادات برغم المعوقات من احداث نقطة تحول في مسار شركاتها ومؤسساتها".
وأشاد الدكتور شراب بسلسلة المبادرات التي تم إطلاقها في الوطن العربي لتطوير الإدارة العربية. ونوه الدكتور شراب برؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في تطوير الإدارة العربية والارتقاء بالممارسات الإدارية والمهنية في المؤسسات العربية. وحث الدكتور شراب المؤسسات الحكومية والشركات العربية على تطوير الإدارة العربية الحكومية وتعزيز ثقافة التميز الحكومي في المنطقة العربية وفقا لأرقى المعايير العالمية، وبما يساهم في نشر وتطبيق مفاهيم التميز والإدارة الحديثة والإبداع والجودة وتعميم أفضل الممارسات في الإدارة العربية. وأضاف الدكتور علي شراب: "من أبرز المعضلات التي تواجه الإدارة العربية هي عدم قدرة المديرين العرب ومتخذي القرار على تحويل النظريات إلى تطبيق فعلي والمهارات المكتوبة إلى ممارسة واقعية". وأضاف الدكتور شراب: "شملت لائحة المديرين التنفيذيين الخاصة بأكبر مئة شركة حسب تصنيف Fortunes على تسعة من الذين أتوا من دول آسيوية وعربية، مما يشير بأن العالم العربي يضخ العقول الإدارية للعالم المتقدم ويفشل في الاحتفاظ بها لنفسه. وفي الوقت عينه، يتم الاستعانة بعقول أجنبية لإدارة المشاريع الكبيرة التي يتم إطلاقها في المنطقة. ونجحت شركات عربية من الانطلاق نحو العالمية وابراز نفسها كلاعب أساس في المعادلة الدولية، ولكن الخطر المحدق هنا بأن هذه الشركات تعتمد بشكل كلي على المديرين الأجانب دون إيلاء عمليات تدريب المديرين المحليين العناية اللازمة". ومن الميزات الرئيسة لكبار المديرين العرب هو أنهم بمعظمهم ينتمون الى الفئات الشابة عكس أوروبا التي تتراوح أعمار المديرين التنفيذيين فيها بين 40و 60عاماً. ومع ثورة الإنترنت، أصبحت عمليات قنص المديرين الجيدين عملية سهلة جداً، مما يدق ناقوس الخطر بأهمية الحفاظ على ثورتنا من المديرين الجيدين.
وأظهرت دراسة جديدة قامت بها Standard & Poorصs للائحة أفضل 500شركة حسب تصنيفها بأن أكثر من نصف إيرادات هذه الشركات سيأتي من الأسواق الخارجية خلال العام المقبل. ويشير هذا الأمر على الانتعاش الاقتصادي الذي يشهده سوق الشرق الأوسط، حيث أن أهم العوائق التي تواجه هذا الاقتصاد هو ندرة المديرين وليس أي عامل مادي آخر.
وتواجه التنمية في البلدان العربية تحديات محورية تتطلب تعزيز الإدارة بمختلف اتجاهاتها من آليات وأطر وموارد بشرية ومادية مناسبة. والتحدي الأبرز الذي تواجهه الإدارة العربية في العام 2008يتمثل بتعزيز جهوزية المديرين المحليين لاظهار قدراتهم الكامنة وتأهيلهم للعب دور فعال في إدارة عمليات هذه الشركات الدولية.
وأكد الدكتور شراب على أهمية تحديث الإدارة من خلال التخلي عن الأنماط التقليدية في العمل والانطلاق نحو الممارسات الإبداعية التي توفرها واكتساب خصائص متقدمة عن تحقق الريادة والقدرة على التنافس. وأضاف الدكتور شراب: "على الشركات الخليجية في ضوء الطفرة الاقتصادية الحالية أن تنتقل من موقع رد الفعل الناتج عن التوسع الذي تشهده هذه الشركات إلى موقع الفعل الريادي بغية تحقيق التوسع الدولي. وسينتج عن ذلك تأهيل جيل جديد من المديرين التنفيذيين قادرين على ممارسات الأدوار المطلوبة منهم لتعزيز من مكانة الشركات التي يعملون فيها على الخارطة الدولية".