مقاومة التغيير المؤسسي
جمال السميطي تعد مقاومة التغيير تعبيراً ظاهرياً أو باطنياً لردود الفعل الرافضة للتغيير، وهي ظاهرة طبيعية شأنها شأن التغيير نفسه. مصادر مقاومة التغيير إما أن تكون مصادر مرتبطة بالشخصية مثل الخوف من المجهول وتفضيل الاستقرار والقلق والاضطراب في العلاقات والعادات والممارسات، وهناك مصادر مرتبطة بطريقة احداث التغيير مثل الوقت والموارد المتوفرة للتكيف واحترام الأفراد والمهارات ومصداقية عامل التغيير.
وهناك مصادر مرتبطة بالنظام الاجتماعي مثل الانسجام مع المبادئ (القناعات) وتماسك النظام الفوائد والحقوق والطبيعة المقدسة لأشياء معينة ورفض غير المألوف. وللتغلب على أسباب مقاومة التغيير يجب تحليل المعلومات المتعلقة بأسباب مقاومة التغيير، فشدة المقاومة مثلاً تكشف النقاب عن درجة تقبل التغيير وأين تكمن حساسية المرء عوامل شاملة أو آثار مهملة، وبصفة عامة يمكن التغلب على أسباب مقاومة التغيير
بما يلي: اعتراف الإدارة العليا بالمشكلة وبناء الثقة بين العاملين والإدارة العليا وتوسيع قاعدة المشاركة لإحداث التغيير وعدم طلب المستحيل (التأكد أن التغييرات المستهدفة معقولة وممكنة) وتقديم الحوافز من أجل التغيير واستخدام الدوافع الإنسانية مثل دوافع الإنجاز والتفوق والانتماء من أجل التغيير واختيار الوقت المناسب لتطبيق خطة التغيير.
وهناك العديد من العناصر التي يجب أخذها في الاعتبار لضمان نجاح الجهود المبذولة في التطبيق والتي تهدف إلى النجاح في التغيير مثل خلق رؤية عامة مشتركة في كل المؤسسة (دور الإدارة العليا) وإدارة عملية التغيير (دور المسؤول عن إحداث التغيير) وتحديد العلاقة بين المخططين والمنفذين وبناء وتوطيد العلاقات القوية الفعالة بين الفنيين والإداريين والتطبيق على مراحل والتدريب وتشجيع الأفكار الابتكارية والمحافظة على استمرارية جهود التغيير وتشجيع ودعم النتائج والتحفيز والمكافأة.
وتتأثر عملية التغيير بمستوى الموارد البشرية ومهاراتها وقناعاتها واستعدادها لعملية التغيير، وهي في ذات الوقت تؤثر في تنمية وتطوير مهارات هذه الموارد البشرية كجزء من عملية التغيير نفسها. إن عملية التغيير تنجح إذا اعتمدت إضافة إلى توفير التصميم المناسب والمؤسسة المناسبة على المشاركة الفعالة من قبل الفريق القادر على إدارة العملية بفعالية ومقدرة، وقيام هذا الفريق بعملية التقويم الذاتي، وإشراكه للعاملين،
وشرح الرؤية المتوقعة من عملية التغيير، لذا فإن تحديد الرؤية الواضحة والمفهومة للجميع توضح الهدف النهائي الذي تود المؤسسة الوصول إليه وتصبح هذه الرؤية هي الدليل الذي يهتدي به الجميع لتحقيق أهداف المؤسسة كما تعتبر القيم التي تؤمن بها المؤسسة للوصول إلى أهدافها بنجاح هامة جداً لأن القيم تمثل الرغبة الداخلية في التطوير وتحقيق الأهداف والسلاح القوي للتنفيذ.
ومن ناحية أخرى لا بد من وجود عملية متطورة لتحديد المهارات المطلوبة للوظائف الجديدة المصممة نتيجة عملية التغيير من خلال نظم اختيار وترقية تعكس هذه المهارات والكفاءات الجديدة وكذلك إعادة التفكير في نظم الترقيات الحالية، بحيث تعتمد الكفاءة والاستعداد والقدرة على التعلم كفريق معياراً للاختيار.
أضف إلى ما سبق العمل بروح الفريق، يقصد بذلك العمل في ظل فرق عمل تتحلى بالقدرة على الإدارة الذاتية، ويتصف هذا الفريق
بما يلي: (1) التمتع بروح عالية من المسؤولية في عرض وتحليل المشكلات واتخاذ القرار.
(2) وتحديد دور كل عضو في الفريق وتوقعاته من زملائه.
(3) وتشمل الفرق كافة الإدارات والأقسام.
(4) والذين يرتبطون بعمل يؤثر كل في الآخر والمهارات المتعددة للموظف حيث يتم إدماج بعض الوظائف والمهام مع بعضها البعض.
وعلى الموارد البشرية أن تضع الآلية المناسبة والفعالة لبناء القيادة الواعية وبصفات مميزة، إذ أن قناعة واستعداد القيادة يعتبران خطوة أساسية نحو التغيير، ولا بد من تعزيز القيادة والقدرة على بناء الثقة بين العاملين والشعور بالانتماء وتعزيز مفهوم الكل شريك فضلاً عن تقديم النصح للعاملين وتدريبهم وتنمية قدراتهم. إن التغييرات المطلوبة السابقة تترجم جميعاً إلى مسؤوليات جديدة ومهارات جديدة، ونظام فعال لإدارة وتقييم الأداء في المؤسسة.
الأمر الذي يساعد على ترجمة خطط التغيير إلى خطط عمل حقيقية وواقع عملي ومسؤوليات واضحة، لذلك فإنه من الضروري تغيير مفاهيم نظام تقييم الأداء القديم الذي يعتمد على موعد سنوي محدد لتقييم أداء العاملين والذي يتم بواسطة المدير الذي يعمل معهم مباشرة.
كما أنه في ظل التغيير حيث يقوم العاملون بالعمل مع مختلف المتخصصين وأعضاء فرق عمل مختلفة داخل وخارج المؤسسة، لابد أن تتم عملية التقييم من خلال مختلف المصادر، ويلعب المدير في ظل هذا الوضع الجديد دوراً أقل من دوره في الماضي لتقييم العاملين، فهو يساعدهم في فهم وترجمة ماهية تقييم الأداء، ولا بد في ظل هذا المنهج أن يؤكد نظام إدارة وتقييم الأداء الجديد على المهارات والسلوكيات وأنماط الإدارة.
من المهم إذن أن تقوم عملية التغيير بتعديل خلفيات الموارد البشرية، وتغيير الثقافات التنظيمية، وتلبية احتياجاتهم للمعارف والمهارات الجديدة، وتطوير إمكانياتهم والملكات القيادية لديهم، وكذلك تصميم خطط واضحة وجديدة وتطوير برامج تدريبية مطورة تعمل على تطوير أفكار المتدربين وتهيئتها لاستخدام طرق جديدة في التدريب مثل التعلم عن بعد.
وتسهيل الوصول إلى التكنولوجيا من خلال العملية التدريبية وتعزيز المسؤولية لدى العاملين من أجل القدرة على التطوير الذاتي، وتغيير سلوكيات الموارد البشرية في المؤسسة بما يتواءم مع المتغيرات الخارجية من حيث طرق العمل والاستراتيجيات المتبعة والممارسات والأنظمة الإدارية.
* نقلا عن جريدة "البيان" الاماراتية