لتحقيق 3 في المائة من النمو السنوي، تحتاج شركة متخصصة في تصنيع السلع الاستهلاكية بحجم يُقدر بعشرة مليارات دولار إلى الاحتفاظ بخطوط ابتكارات تصل قيمتها إلى خمسة مليارات دولار. وهذه أرقام منذرة، نظراً إلى أن أغلب المديرين، يقللون من شأن القيمة التي يحتاجون إليها لخلق منتجات جديدة بعاملين أو ثلاثة.
فهل يعني ذلك أن على المديرين أن يسارعوا في إطلاق المزيد من المبادرات؟ لا، حيث أظهرت دراستنا لشركات السلع الاستهلاكية الرائدة حول العالم أن أنجح المبتكرين يقومون بفحص الأفكار الأولية بحذر، بحيث لا يتم تطوير سوى أفكار المنتجات ذات أعلى قدرة كامنة.
وواحدة من هذه الشركات هي كلوروكس – Clorox التي عملت على مدار خمسة أعوام على تناقص عدد مشاريعها المدرجة على قائمة التطوير بما يعادل 40 في المائة، ورفعت حجم القيمة الصافية لتلك المشاريع بما يعادل 50 في المائة. فكيف تمكنت الشركة من فعل ذلك؟ يعود جانب كبير من الأمر إلى بناء جهود الابتكار على قواعد الابتكار.
دعونا ننظر كيف قامت كلوروكس، وغيرها من شركات السلع الاستهلاكية المعبأة، أو كما يُصطلح اختصارها بـ CPGs، باستخدام قواعد الابتكار لخلق خط ابتكار أرشق، وأكثر إنتاجاً.
تطوير عدة منتجات من قاعدة واحدة:
إن استخدام قواعد الابتكار طريقة فعالة في حصر الاستثمار ضمن عدد أقل من الأفكار، بحيث يعود بأرباح كامنة أكبر. وفي أبسط أشكالها، تُعتبر قاعدة الابتكار عنصراً أساسياً، أو منتجاً أساسياً، أو أسلوب توصيل يُستخدم في تطوير عدة ابتكارات. ولطالما اُستخدمت قواعد الابتكار في صناعة السيارات، والتكنولوجيا المتقدمة، بهدف توفير حشد من المنتجات من الأجزاء الجوهرية نفسها. وبنت تويوتا مثلاً، سيارتها الرياضية، ماتريكس، داخل الإطار نفسه الذي استخدم لصنع سيارتها الصغيرة الشعبية جداً، كورولا.
وفي الآونة الأخيرة فقط، بدأت شركات السلع الاستهلاكية بتبنـّي قواعد الابتكار. ففي حين يشكل إطار سيارة أو نوع محرك جديد قاعدة لشركات تصنيع السيارات، تخدم بصيرة المستهلك بالاقتراحات الكامنة والمتعددة كقاعدة لشركات السلع الاستهلاكية المعبأة. وقد تتضمن الاقتراحات الضمنية فرصة جديدة لاستخدام المنتج، أو تكنولوجيا جديدة، أو صيغة تركيبية جديدة لصنعه، أو قناة جديدة لتوزيع المنتجات، أو نظام توصيل جديد، بحيث يجعل المنتجات أكثر جاذبية. فلنأخذ على سبيل المثال إدراك الحقيقة بأن المستهلكين المتميزين بنشاط مستمر يركزون على الملاءمة والراحة في الاستخدام، وأخذاً هذا بعين الاعتبار، استخدمت كلوروكس هذه البصيرة كقاعدة لتطوّر عدة منتجات تمتاز بقابلية الاستخدام المحمولة والملاءمة نفسها، بما فيها مناشف كلوروكس الورقية المعقمة - كلوروكس ديسإنفيكتينج وايبس، ومناشف أرمور أول المخصصة للسيارات، ومناشف فورميولار 409 للنوافذ.
تضاعف الفائدة
أصبحت قواعد الابتكار في الأعوام الأخيرة جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية المنتج في أبرز شركات السلع الاستهلاكية المعبأة، بالإضافة إلى كلوروكس. فجيليت مثلاً، ابتكرت برنامجاً عام 2003 تطلّب أي فريق يقترح مبدأً جديداً لتحديد قاعدة مبدأ التكرار. ومن المفترض أن تساعد القاعدة في تقدير حجم المبيعات لثلاثة أعوام في كل سوق، وأن تساعد كذلك في تحديد التكلفة، والربح، وأهداف الدخل الإجمالي.
وبمجرد أن تمكنت الشركة من مقارنة ومغايرة نقاط جذب القواعد المتعددة، يصبح الابتكار أكثر كفاءة، لأنه ليس من الضروري عندها تطوير منتج جديد من نقطة الصفر. وفي حالة كلوروكس، مهّد الاستثمار في مناشف كلوروكس المطهرة طريق البحث والتطوير لمناشف أرمور، ومناشف فورميولا 409 ، وسرّع تطوير وإطلاق كل من هذه المنتجات على التوالي. ولاحظنا أن شركات السلع الاستهلاكية المعبأة تعمل في العادة على تقليص الزمن التطويري بما يعادل 20 إلى 30 في المائة عن طريق استخدام قواعد الابتكار.
اتخاذ قرارات أذكى
في التجربة التي خضناها، لاحظنا أن الشركات التي لا تبني خطوط ابتكار مرتكزة على قواعد، تميل إلى التسيب في اتخاذ القرار، والأسوأ من هذا أنها تشهد تناقصاً في العوائد. فعلى سبيل المثال فيما يتعلق بإحدى شركات السلع الاستهلاكية، سنتحدث عن شركة كاريكو، حيث كان يتنافس لديها 600 مشروع على الموارد. واتسمت العملية الأولية للشركة في تحديد المشاريع ذات أعلى قدرة كامنة، بضعفها، حيث كان من المفترض عن طريقها التخلص من مشاريع القدرة الكامنة المتدنية.
وكنتيجة لذلك، بذلت الشركة جهوداً أكبر وأكبر على الخط الروتيني نفسه العامل على تقليص العوائد. وفي المقابل، لو تم العمل على تجميع بعض هذه المشاريع في عناقيد لقاعدة الابتكار بالقدرات الكامنة المرتفعة، لأصبحت متطلبات الاستثمار أكثر وضوحاً، ولتمكن الفريق من التركيز على المشاريع التي كان من الممكن فعلاً أن تحقق فرقاً في مجال النشاط العملي.
والتركيز على القواعد لا يوقف بالضرورة روّاد الابتكار عن استكشاف فرص أخرى، ولكنه يزيد العقبات التي ينبغي على تلك الأفكار أن تزيلها. ومن المفترض أن تقدّم الأفكار الواعدة غير المتصلة بالقاعدة فرصاً اقتصادية تتطابق مع قيمة القدرة الكامنة الإجمالية للقاعدة الواعدة.
وبتطوير منتجات جديدة على قواعد تقدّم ميزة التكرار، يمكن لروّاد الابتكار، في أي مجال من مجالات الصناعة، تركيز المزيد من الموارد المتاحة لهم على أفكار بأعلى قدرات كامنة، ومواصلة الدعم الاقتصادي الذي يحوّل الأفكار الجديدة إلى منتجات ناجحة.
إطار جانبي
نهج إدارة الابتكار في كلوروكس
للمضي قدماً في عملية الفحص الأولي المزوّد من قبل القواعد، حددت كلوروكس منذ بضعة أعوام بدقة أي أنواع الابتكار لكل من مجالات العمل المتعددة لديها، بما فيها الأسماء المألوفة مثل أرمور أول، والفحم النباتي كينجزفورد، ومعقم فراش القطط فريش ستيب، يمكن أن يستمر. وحددت الشركة أولاً ثلاثة أنواع من الابتكار:
الرد السريع: تكلفة متدنية، وحجم مجازفة متدن، يعملان على الحفاظ على حصتها في السوق.
نمو مركزي: تكلفة متوسطة، وحجم مجازفة متوسط، يعملان على توسعة حدود السوق.
تغيير اللعبة: تكلفة أعلى، ومجازفة أعلى، تشكلان اختراقاً.
وعندها خصصت كل من مجالات العمل لديها لواحدة من الأصناف الاستثمارية الثلاثة التالية:
ـ. الكفاءة: تحقيق أحسن ما يمكن مما يتوافر لديها، واستثمار هامشي فقط للمحافظة على حصة السوق، وليس توسعتها.
ـ الاستدامة: الحفاظ على المركز السوقي، والنمو السنوي.
ـ الاستثمار: ابتكار منتجات جديدة ومتطورة للغاية.
وكان يُسمح لكل مجالات العمل باتباع نوع ابتكارات الرد السريع. وفي العادة، تُعتبر تلك توسعة في الخطوط لإعاقة تحركات المنافسين. وكان ابتكار رائحة جديدة بنكهة البرتقال لمنتج فورميولا 409 خطوة مماثلة لما سبق تم التعريف بها حين طرح المنافسون منظفات برائحة البرتقال، مثل أورانج جلو.
ويمكن لمجالات العمل المُدرجة على قائمتي "الاستدامة" و"الاستثمار" فقط السعي وراء ابتكارات النمو المركزي. ومن أمثلة حركة النمو المركزي ابتكار منتج الفحم النباتي، كينجزفورد، لأخاديد نار ثابتة، مرتكز على تقنية جديدة تسمح للفحم بالاشتعال بشكل أسرع، وطهي الطعام بصورة متساوية. وهناك منتج آخر هو معقم فراش القطط، فريش ستيب الممزوج بالكربون لامتصاص الروائح.
وبينما كان نوع ابتكار تغيير اللعبة متاحاً فقط لمجالات عمل "الاستثمار"، كان أحد ابتكارات تغيير اللعبة الذي طرحته العلامة التجارية المميزة كلوروكس خلال الأعوام الأخيرة يتضمن عصا تنظيف المرحاض، كلوروكس تويليت واند، والمناشف الورقية المعقمة، كلوروكس ديسإنفيكتينج وايبس.
وكلا هذين المنتجين يكلف في تطويره أكثر من تكلفة منتجات نوعي الردّ السريع، أو النمو المركزي، ولكنهما يجديان أكثر أيضاً.
وباستخدام هذه الأنواع ترادفاًَ مع قواعد الابتكار، عمل هذا النهج على تقليص عدد المنتجات المدرجة على قائمة التطوير بما يعادل 40 في المائة، ورفع حجم القيمة الصافية لخطوط الابتكار في كلوروكس بما يعادل 50 في المائة. وما يؤخذ بعين الاعتبار لهذه النتائج المذهلة لدى دراسة نهج إدارة الابتكار هذه أنها قضت على المشاريع التي لم تقدم قدرة كامنة كافية نسبةً إلى تكلفتها، بينما كان تركيز أهم عمل "استثماري" لكلوروكس على أكبر الفرص.