الإدارة المزاجية: بقلم د,مطيران
استشاري إدارة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات
كثيرا منكم سوف يستغرب من هذا المصطلح والبعض يجزم بأنه لا يوجد بالإدارة هذا المسمى إلا انه في الواقع العربي موجود وكل موظف عمل ولو بفترة وجيزة سوف يؤيد هذا المصطلح ( الإدارة المزاجية) التي هي مع الأسف بازدياد بشكل ملحوظ.
هذا المسمى يبدأ بالظهور عندما لا يوجد للمؤسسة نظام وسياسة واضحة ولوائح تنظيمية توضع من قبل فريق متخصص لعمل مسار جلي وواضح يتبعه العاملين (فيما بينهم المدير والرئيس) في أداء أعمالهم واتصالاتهم داخل المؤسسة وخارجها. الكل يؤمن بأن الإنسان بطبيعته متقلب المزاج, في يوما يكون سعيد و مسرور ويوما آخر يسوده الحزن و الاكتئاب , ومن البديهي عندما يكون الإنسان في حالة اكتأب وزعل فان قراراته ستنعكس بالسلبي على العاملين والمؤسسة بشكل عام (سوف تنعكس وتكون سيئة وتعود بالسلبية), والعكس صحيح إذا كان سعيد ومسرور فأنه يتصرف بشكل لطيفا وإيجابيا ينعكس بالإيجاب أيضا على العاملين والمؤسسة بشكل عام. فان المزاجية والنفسية تلعب دورا رئيسيا على البيئة المحيطة وبالتالي على اتخاذ القرارات وجميع المخرجات العامة للمؤسسة. لذلك يتحتم على المؤسسات وضع أسس ولوائح مدروسة على أسس ومعايير علمية تتبع من قبل العاملين في المؤسسة لتفادي المتقلبات النفسية للعنصر البشري, فوجود نظام وإجراءات تحدد سير العمل واتصالات العاملين فان العملية تتغير وتتحول من مزاجية إلى عقلانية وهذا هو المطلوب.
إسناد الأمر إلى غير أهله:
على ما اعتقد أن هناك عبارة ومقولة مألوفة عند كثير من الناس ألا وهي " الرجل المناسب في المكان المناسب" هذه المقولة منتشرة عند كثير من الناس وتستخدمها أغلبية الناس بشكل بديهي عند جميع الفئات والطبقات حتى الموظف الصغير والكبير على السواء, ولكن للآسف هذه مجرد شعارات تعود اللسان على نطقها. وللآسف إن قانون "مبدأ تكافئ الفرص" بين العاملين غير مفعل وغير مطبق.
هذه بعض التفسيرات الموجزة عن المسميات الدارجة والمسموعة والمألوفة عند كثيرا من الناس, ولكن ليس هذا صلب موضوع هذه المقالة, وإنما الموضوع الفعلي والمهم هو معالجة الأمور بالشكل الغير صحيح "بطريقة الخطاء", ",( الإدارة بالمزاج + إسناد الأمر إلى غير أهله = معالجة المشاكل بالفنون الخاطئة),والسبب يرجع إلى عدة عوامل كثيرة سوف نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر عاملا واحد, الذي نراه هو السبب الرئيسي في ذلك, ألا وهو استخدام أدوات غير مناسبة لمعالجة مشكلة معينة.
أدوات غير مناسبة لمعالجة مشكلة معينة
على المؤسسات متمثلة بالإدارة العليا وصانعي القرار أن يحسنوا اختيار الأدوات والأساليب المناسبة لمعالجة المشكلة التي تواجههم, فهل من المعقول عند القيام بتصليح مركبة (سيارة) استخدام أدوات ومعدات لدراجة نارية والعكس صحيح, لذلك لا بد من استعمال معدات صالحة وملائمة مع الحدث أو المشكلة المراد علاجها. السؤال الذي يطرح نفسه كيف تعرف انك لم تفلح في حل وعلاج المشكلة ( المؤشرات التي تبين لك بأنك لم تنجح بحل المشكلة). هناك أمثلة كثيرة على ذلك منها على سبيل المثال:
مثال 1- إدارة المرور
إدارة المرور في أي دولة عند معالجتها للحوادث والمخالفات, فقد تستخدم كافة الوسائل مثل (الكاميرات – تشديد العقوبات – ملاحقة المستهترين .....الخ) للحد من المشكلة والقضاء عليها ولكنها من المحتمل لم تفلح . لذلك لا بد من إعادة النظر بهذه الوسائل والنظر للمشكلة نفسها من جميع الزوايا واستخدام ما هو مناسبا لها.
مثال2- إجراءات التأمين في الدول المتقدمة:
بالدول المتقدمة و المتحضرة مثل أمريكا على سبيل المثال, عند القيام بالتأمين على السيارة فإن شركة التأمين لا تطلب من السائق أوراق أو إثباتات كما هو الحال بالدول العالم الثالث , و إنما تملي عليه بعض الأسئلة البسيطة مثل ( كم مرة حصلت على مخالفة مرورية – هل أنت متزوج ولك أولاد – كم المسافة التي تقطعها خلال اليوم الواحد .......الخ) فإذا أدلى السائق بمعلومات غير صحيحة مثلا فسوف يكون هو الخاسر, لانه في حالة حدوث حادث أثناء هذه الفترة ( فترة التأمين) فان وثيقة التأمين تعتبر ملغية وغير سارية المفعول بسبب المعلومات الخاطئة التي أدلى بها السائق اثنا عملية التأمين. لذلك فإن السائق يضطر بالإدلاء بمعلومات صحيحة رغبة منه وبحرص شديد على صحة البيانات, وبدون تقديم رزمة من الإثباتات والأوراق التي لا تودي من بعيد ولا قريب.
إن إدارة المعرفة لها من الفوائد التي تجعل الإدارة تتفادى مثل هذه العيوب, علاوة على أنها تركز على إدارة العمل بأسلوب ذكي و متطور وتركز أيضا على الإنتاجية ومخرجات العمل وليست على الجهد المبذول, و من فوائد إدارة المعرفة ما يلي:
1. ألفة ورضاء العميل (المراجع) إلى ابعد ما يمكن.
2. تقديم خدمة جيدة للعملاء.
3. تحسين صنع واتخاذ القرار.
4. تطوير الابتكار للوصول إلى الأدوات المناسبة والملائمة لحل المشاكل الحالية وابتكار وسائل وخدمات جديدة وتحسينها.
5. تقليل ازدواجية الجهد والوقت والمال.
6. تبسيط الإجراءات وذلك بحذف العمليات الغير ضرورية للتركيز على صميم العمل.
7. الرضاء الوظيفي عند العاملين.
إدارة المعرفة تجعل القيادة العليا وصانعي القرار قادرا على كيفية استغلال موارد المنظمة المتاحة بالشكل الصحيح وبالوقت المناسب مستخدمة الحكمة والذكاء (Smart) في التطبيق وبدون عناء وجهد كبير, وهناك مثال على التصرف بشكل ذكائي .
يذكر بان هناك مصنعان لصناعة الصابون (صابون لليد) في اليابان, فقد اشتكى كثيرا من العملاء بان عند شراءهم مجموعة من الصابون يجدون في بعض الأحيان أن بعض هذه العلب من الصابون فارغة بدون صابونه.
وقام مدير المصنع الأول بعمل الطوارئ وذلك بتوظيف عاملين لمراقبة خط صناعة الصابون لحذف علب الصابون الفارغة وللقضاء عليها. وفي الواقع قلت الشكاوي بهذا الخصوص ولكن للأسف مازالت المشكلة قائمة.
أما مدير المصنع الثاني قام بعلاج المشكلة بأسلوب سهل وبسيط وذلك بشراء مروحة هواء (بنكه) ووضعها أمام خط صناعة الصابون وحدد لها سرعة معينة قادرة على إيقاع العلب (الكراتين) الفارغة, وفعلا قضى على المشكلة تماما بهذا الأسلوب السهل والبسيط مستخدما الدهاء والذكاء في ذلك.
نستنتج من ذلك بان مدير المصنع الأول قام بمعالجة المشكلة بشكل تقليدي ذو تكلفة باهظة وجهد وبنتيجة شبة سلبية. أما المدير في المصنع الثاني قام بتصرف بدهاء وذكاء وبأقل تكلفة وجهد. إدارة المعرفة تستوعب هذه الأمور وتستفيد منها وتحث على اخذ العبر من التجارب السابقة إذ إنها لا تتجاهل الأحداث السلبية حتى تتفاداها في المستقبل وتأخذ الأحداث الإيجابية لتستفيد منها في إنجاز الأعمال والمهام في المستقبل. . ولا بد من إدراك أن: إدارة المعرفة تركز على عمل الشيء الصحيح بدلا من الشيء الذي تعمله صحيح".