العاملون الذين يتعرضون لضغوط عمل شديدة عرضة لكثير من الآثار السلبية التي تتركها تلك الضغوط، عندما لا يستطيعون تحمل تلك الضغوط العالية أو التعامل معها بطريقة إيجابية وإن تباينت الاستجابة من فرد لآخر. وهذه الآثار هي سبب الاهتمام بضغوط العمل من قبل المنظمات، لاسيما إذا كانت ذات أوجه سلبية تؤثر على سلوك العاملين داخل المؤسسات، وتكلف خسائر مالية طائلة تحسب على المؤسسات من ضياع ساعات العمل وأيامه، إضافة إلى الجهد الذي ينفق في معالجة الأمراض الناجمة عنه. ومن أهم الآثار التي يحدثها ضغط العمل على الفرد ما يلي:

§ التأثيرات الصحية:
كثيرة هي الدراسات التي تربط بين ضغوط العمل والمشكلات الصحية تؤكد على أن الضغوط تؤدي إلى تضخم عضلة القلب وبالتالي إلى أمراض القلب والشرايين. ولقد أوضحت أحدى الدراسات أن الأفراد الذين تحصلوا على مراتب عالية من الغضب من اختبار عادي للشخصية معرضون بنحو خمس مرات إلى الموت بسبب الإصابة بنوبة قلبية أكثر من نظرائهم الذين هم أقل غضباً.
كما ذكرت إحدى الدراسات أيضاً أنه على المدى الطويل فإن استمرار تعرض الفرد لضغوط العمل يمكن أن يؤدي إلى أمراض القرحة، والتهاب المفاصل، وتلف الكبد، وسرطان الرئة، ومختلف أمراض القلب.
كما أن البعض حاول أن يثبت وجود علاقة بين ضغوط العمل والأمراض العقلية، والعديد من الأمراض لأن الضغوط تضعف جهاز المناعة لدى الإنسان، وتقلل من قدرته على مقاومة الأمراض، والتعب بدون جهد يذكر، وارتفاع الحرارة أو انخفاضها .
أما فيما يتعلق بالمشكلات النفسية التي تسببها الضغوط فهي على سبيل المثال الاكتئاب، والقلق، والإحباط، والملل، والتوتر العصبي.

§ التأثيرات السلوكية:
عندما تتجاوز الضغوط مستوياتها العادية تترجم إلى العديد من ردود الأفعال السلوكية التي يتخذها الفرد ضد نفسه أو منظمته التي يعمل بها والتي تتمثل في الغياب غير المبرر عن العمل، والنزعة العدوانية، والتخريب، والإرهاق، والإفراط في الأكل، أو اللجوء إلى التدخين أو الإدمان، بوصفها نمطاً من أنماط ردود الأفعال السلوكية تجاه ضغوط العمل.

§ التأثيرات التنظيمية:
يتضح مما سبق أن ثمة علاقة وثيقة بين ضغوط العمل والآثار الصحية والسلوكية التي قد تطرأ على الفرد بسببها، والمتضرر من هذه الآثار ليس الفرد فقط، بل تمتد بدورها لتشمل المنظمة التي يوجد بها الفرد، حيث ينبثق من تفاعل الجانب الصحي والسلوكي لأفرادها الذين يمثلون حجر الزاوية في أي منظمة العديد من المخرجات التي تؤثر على القيم التنظيمية وإستراتيجيتها التنفيذية التي تتحكم في مسيرتها.

فإذا لم تعر المؤسسات ضغوط العمل الاهتمام الكافي فسوف يكلفها ذلك بالتأكيد كثيراً من الخسائر التي تنتج بسبب الآتي:
ü قلة الاستفادة من الخبرات والقدرات المتوافرة في العمل بشكل جيد.
ü ضعف مبادرة العاملين وابتكارهم لأساليب حديثة تساعد في تحسين العمل وأدائه بشكل أفضل.
ü إعاقة قدرات العاملين على التصرف المستقل في إنجاز الأعمال؛ والقدرة على تحمل مهام المسؤوليات خاصة ما يحتاج منها إلى قرارات.
ü تبديد وقت العمل وعدم استثماره في إنجاز الأعمال بالسرعة والدقة المطلوبتين لعدم انتظام العاملين بالدوام الرسمي، وقلة تركيزهم.
ü هدر الإمكانات المادية المتاحة وعدم الاستفادة منها بشكل جيد في تنفيذ المهام الموكلة للعاملين.
ü تعقد العلاقات بين الرؤساء والمرؤوسين وبين الزملاء فيما بينهم أو بين العاملين والمستفيدين من الأعمال التي تقدم خدمات مباشرة للجمهور.

الجدير بالذكر أنه من الممكن أيضاً أن يكون لضغوط العمل المنخفضة آثار سلبية على المنظمة توازي آثار ارتفاع الضغوط فيها، حيث تؤدي الضغوط المنخفضة إلى انعدام النشاط لدى العاملين والدافعية المحركة لإشباع حاجاتهم وتحسين مستوى أدائهم. وأيضاً لا بد من توضيح أن هناك مستويات ضغوط معينة تعمل بوصفها مثيرات للأداء الجيد.